
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
حَيّــا نَســيمُكَ حَتّـى كـادَ يُحيينـي
يـا تـونِسَ الأُنسِ يا خَضرا المَيادينِ
ســَرى عَليلاً وَوافــى بالسـَلام إِلـى
مُضـنىً بِحُبِّـك نـائي الـدارِ مَغبـونٍ
فَجَـدَّ بـي الشَوقُ واِستَولى عَلى جَلدي
وَصــِرتُ أَخفيـهِ حَتّـى كـادَ يُخفينـي
وَبِــتُّ فــي حُـرَقٍ وَالطَـرفُ فـي أَرقٍ
وَالنَـومُ أَعصـيهِ أَحيانـاً وَيَعصـيني
سـَقى رُبـى تـونِسَ الخَضـرا وَساكِنَها
سـُحبٌ مـنَ السـَعدِ تُرضـيهِم وَتُرضيني
وَلا أَذاقَنـــي الرَحمــانُ فُرقَتَهــا
فَبُعــدُها مــوجِبٌ ضــَعفي وَتَـوهيني
رَبــعُ الأَمـاني وَمـأوى كُـلّ ذي أَدَبٍ
وَمَســكَنٌ لِلمَهــا وَالخُــردِ العيـنِ
مَنشــا شـَبابي وَأَترابـي وَمُرضـِعَتي
ثَـديُ السـُرورِ الَّـذي لا زالَ يُرويني
قُـم يـا نَـديمي نُباكِر رَوضَها سَحَراً
فالسـَعدُ نـادى بِنا مِن بابِ سضعدون
أَهـدى الرَبيـعُ لَنـا ظَرفـاً وَتَكرِمَةً
شــَميمَ أَنفاســِهِ ضــِمنَ الرَيـاحينِ
أَمــا تَـرى أَعيُـنَ الأَزهـارِ شاخِصـَةً
لِلَّهــوِ وَالأُنــسِ وَالأَفـراحِ تَـدعوني
ســاعِد أَخـاكَ إِلـىَ أَريانَـةٍ فَبِهـا
رَوضٌ تَوَشــــّى بـــوَردي وَنســـرينِ
واِغنَـم بِهـا نَفَـسَ الأَزهـارِ مُصطَحِباً
مِـن خَمـرَةٍ عُتِّقَـت فـي دَيـرِ عَبـدونِ
وَمِـل لِشـُطرانَة عِنـدَ الغَبـوقِ وَقِـف
واشرَطِ بِها ما تَشا يأتيك في الحينِ
وَجَعفَـــرٍ لا ذوَت أَغصـــانُهُ وَســَقَت
ثُغــورَ أَزهــارِهِ بِنــتُ الزراجيـنِ
ظِــلّ ظَليــلٌ وَمــاءٌ كالسـّلاف عَلـى
رَجــعِ النَــواعيرِ رَبّـاتِ التَلاحيـنِ
واِرتَــد لِنَفســِكَ فـي رَوّادَ مَنزِلَـةً
واِخلَـع عِـذَارَكَ فيهـا خَلـعَ مـأمونِ
واِحمـل إِلـى شاطىء المَرسى وَقُبَّتها
خَمــراً مُشَعشــَعَةً مِـن خَمـر بَـرزونٍ
وَواصـِلِ القَصـفَ وارفُـل فـي مَلابسـه
واِترِع بِها الكأسَ واِشرَبها وأسقيني
وَســَرّحِ الطَــرفَ مُرتاحـاً وَمُبتَهِجـاً
فـي خُضـرَةِ البَحرِ أَو خُضرِ البَساتينِ
وَالغيـد تَمـرَحُ وَالغُـزلانُ تَسـبَحُ ما
فـي البَـرِّ ضَبّ وَلا في البَحرِ مِن نون
تُلفـي العَـذول عَـذيراً فـي خلاعَتها
إِذ حُسـنُها نـابَ عَـن نَصـَبِ البَراهِنِ
وَاِسـلُك إِلـى جَبَـلِ البـاجي وَتُربَتهِ
وَاســأل هُنـاكَ عَطـاءٌ غَيـرَ مَمنـونٍ
حَتّـى إِذا مـا بَلَغـتَ الحَـدّ مِن طَرَبٍ
وَأَبـتَ لِلجـدّ بَعـدَ اللَهـوِ وَالليـنِ
فاِسـرِع إِلـىَ حَلـقِ واديها وَشمهُ تَرَ
مــا خَلَّـدَتهُ يَـدُ الشـم العَرانيـنِ
تَـرى بِـهِ الفُلـكَ بـالأَبراجِ مُحدقَـة
مِثــلَ البَيـادِقِ طـافَت بـالفَرازينِ
تَزَيَّنَـــت بِصــُنوفٍ مِــن مَــدافِعَها
ســودٍ فَــواغِر أَمثــالَ الثَعـابينِ
وَاِسـأل أَبـا لحيَةٍ ذاكَ المُجاهِدَ عَن
أَفعــالِهِ فــي أَعــاديهِ المَلاعيـن
وَادخُل إِلى القِشلَةِ الكُبرى فَإِنَّ بِها
جُنــداً مَفـاخرُهُم بالمَـدحِ تُغرينـي
أُسـدُ العَسـاكِرِ في غَيلِ السِلاحِ جَثوا
لِنَصــرِ سـُلطانهم وَالقُطـرِ وَالـدينِ
فـي سـورَةِ الصـفِّ مِـن أَحوالهم مَثَلٌ
لا زالَ ســَعدُهُم فــي حَــرزِ ياسـينِ
واِركُـض إِلى قشلَةِ المُركاضِ تُلفِ بِها
قَومــاً كِرامــاً عَلـى غُـرٍّ مَيـامينِ
تَحكـي قَواضـِبُهُم لَمـعَ البُـروقِ دُجىً
بِكُــلِّ عَضــبٍ بِمـاء النَصـرِ مَسـنون
وَفـي فَنـا قشـلَةِ القَنديلِ أسدُ شَرى
قَـد تـاجَروا اللَهَ تَجراً غَيرَ مَغبونِ
الحَــزمُ وَالصـَبرُ وَالإِذعـانُ دأبُهُـمُ
فـي حُسـنِ سـَمتٍ بعـز النَصـرِ مَقرون
وَإِن وَصـَلتَ إِلـى قَصـرِ الخِلافَـةِ قُـل
حُيِّيــتَ حُييـتَ يـا مـأوى السـَلاطينِ
يـا قُبَّـةَ العَدلِ يا دارَ الإِمارَة يا
مَلجــا لِكُـلِّ غَريـبِ الـدارِ مَسـكينِ
لا زِلــتَ تَخلُــدُ فــي عـز وَمَكرُمَـةٍ
لســادَة المصـرِ أَربـابِ الـدواوينِ
فَيــا مَنــازِلَ ذي فتــكٍ وَذي نُسـُك
وَيـــا مَعــالِمَ تَلحيــنٍ وَتــأذينِ
أَنـتِ المُنـازِلُ حَقـاً لا مَنـازِلُ مَـن
يَقـولُ يـا نَسـمَةً مِـن نَحـوِ داريـن
مـا شـادَ ذِكـرَكَ قَبلي مَن يَقولُ بِها
بـاكر سـُعودَكَ لَيـسَ الـوَقتُ بالدون
حَـذَوتُ حَـذوَ أَبـي العَبّـاسِ أَحمَدَ في
نَســـيمُ تــونس حَيّــاي وَيُحيينــي
فَخـري وَذُخـري وَأستاذي الشَهيرِ ومن
وَجـدي بِـهِ فـي تَجـاويف الشـَرايينِ
مُثنـي الـوِزارَةِ مِـن سـَيفٍ وَمِن قَلَمٍ
وَمَنصـــِبٌ غَيــر مُحتــاجٍ لِتَــبيينِ
يَـدومُ فـي العَـز فَـذّا لاَبسـاً أَبَداً
ســَعادَةً مِـن إِلَـهِ الكـافِ وَالنـونِ
محمد الباجي بن أبي بكر عبد الله بن محمد المسعود البكري التبرسقي التونسي أبو عبد الله.مؤرخ، من كتاب تونس وشيوخها، مولده ووفاته فيها، تقدم لخطة الكتابة على عهد الباي حسين باشا.ثم ارتقى إلى رياسة القسم الثاني من الوزارة الكبرى (حسب اصطلاح أهل تونس). وكان له اشتغال بالأدب والشعر.وله كتاب (الخلاصة النقية في أمراء إفريقية - ط)، و(عقد الفرائد في تذييل الخلافة وفوائد الرائد - ط)، و(ديوان شعر)، و(المنجي من المرض الفرنجي).