
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تَضــَاحَكَتْ أَنْ رَأَتْ شــَيْباً تَفَرَّعَنِـي
كَأَنَّهــا أَبْصــَرَتْ بَعْــضَ الْأَعَـاجِيبِ
مِــنْ نِسـْوَةٍ لِبَنِـي لَيْـثٍ وَجِيرَتِهِـمْ
بَرَّحْـنَ بِـالْعَيْنِ مِـنْ حُسـْنٍ وَمِنْ طِيبِ
فَقُلْـــتُ إِنَّ الحَوَارِيَّــاتِ مَعْطَبَــةٌ
إِذَا تَفَتَّلْــنَ مِــنْ تَحْـتِ الْجَلَابِيـبِ
يَـدْنُونَ بِـالْقَوْلِ وَالْأَحْشـَاءُ نائِيَـةٌ
كَـدَأْبِ ذِي الصـِّعْنِ مِـنْ نَأْيٍ وَتَقْرِيبِ
وَبِالْأَمَــانِيِّ حَتَّــى يَخْتَلِبْــنَ بِهـا
مَـنْ كَـانَ يُحْسـَبُ مِنَّـا غَيْـرَ مَخْلُوبِ
يَـأْبَى إِذَا قُلْـتُ أَنْسـَى ذِكْرَ غَانِيَةٍ
قَلْـبٌ يَحِـنُّ إِلَـى الْبِيـضِ الرَّعَابِيبِ
أَنْـتِ الْهَـوَى لَوْ تُوَاتِينا زِيارَتُكُمْ
أَوْ كَـانَ وَلْيُـكِ عَنَّـا غَيْـرَ مَحْجُـوبِ
يَـا أَيُّهـا الرَّاكِـبُ الْمُزْجِي مَطِيَّتُهُ
يُرِيــدُ مَجْمَــعَ حَاجــاتِ الْأَرَاكِيـبِ
إِذا أَتَيْـتَ أَمِيـرَ الْمُـؤْمِنِينَ فَقُـلْ
بِالنُّصـْحِ وَالْعِلْـمِ قَـوْلاً غَيْرَ مَكْذُوبِ
أَمَّـا الْعِـراقُ فَقَـدْ أَعْطَتْكَ طَاعَتَها
وَعَــادَ يَعْمُــرُ مِنْهـا كُـلُّ تَخْرِيـبِ
أَرْضٌ رَمَيْــتَ إِلَيْهــا وَهْـيَ فَاسـِدَةٌ
بِصــَارِمٍ مِـنْ سـُيُوفِ اللـهِ مَشـْبُوبِ
لَا يَغْمِــدُ الســَّيْفَ إِلَّا مَـا يُجَـرِّدَهُ
عَلَـى قَفَـا مُحْـرِمٍ بِالسـُّوقِ مَصـْلُوبِ
مُجَاهِــدٍ لِعُــدَاةِ اللــهِ مُحْتَســِبٍ
جِهَــادَهُمْ بِضــِرابٍ غَيْــرَ تَــذْبِيبِ
إِذَا الْحُـرُوبُ بَـدَتْ أَنْيَابُهـا خَرَجَتْ
سـَاقا شـِهابٍ عَلَـى الْأَعْـدَاءِ مَصْبُوبِ
فَـــالْأَرْضُ لِلَّــهِ وَلَّاهــا خَلِيفَتَــهُ
وَصـَاحِبُ اللـهِ فِيهـا غَيْـرُ مَغْلُـوبِ
بَعْـدَ الْفَسَادِ الَّذي قَدْ كَانَ قامَ بِهِ
كَــذَّابُ مَكَّــةَ مِــنْ مَكْـرٍ وَتَخْرِيـبِ
رَامُـوا الْخِلَافَـةَ فـي غَدْرٍ فَأَخْطَأَهُمْ
مِنْهـا صـُدُورٌ وَفَـازُوا بِـالْعَرَاقِيبِ
كَـانُوا كَسـَالِئَةٍ حَمْقَـاءَ إِذْ حَقَنَـتْ
ســِلَاءَها فــي أَدِيـمٍ غَيْـرِ مَرْبُـوبِ
وَالنَّـاسُ فـي فِتْنَةٍ عَمْيَاءَ قَدْ تَرَكَتْ
أَشــْرَافَهُمْ بَيْــنَ مَقْتُـولٍ وَمَحْـرُوبِ
دَعَــوْا لِيَسـْتَخْلِفَ الرَّحْمَـنُ خَيْرَهُـمُ
وَاللــهُ يَسـْمَعُ دَعْـوَى كُـلِّ مَكْـرُوبِ
فَـانْقَضَّ مِثْـلَ عَتِيـقِ الطَّيْـرِ تَتْبَعُهُ
مَسـَاعِرُ الْحَـرْبِ مِـنْ مُـرْدٍ وَمِنْ شِيبِ
لَا يَعْلِـفُ الْخَيْـلَ مَشـْدُوداً رَحَائِلُها
فِــي مَنْــزِلٍ بِنَهـارٍ غَيْـرَ تَـأْوِيبِ
تَغْـدُو الْجِيـادُ وَيَغْدُو وَهْوَ في قَتَمٍ
مِــنْ وَقْـعِ مُنْعَلَـةٍ تُزْجَـى وَمَجْنُـوبِ
قِيـدَتْ لَـهُ مِـنْ قُصُورِ الشَّامِ ضُمَّرُها
يَطْلُبْــنَ شــَرْقِيَّ أَرْضٍ بَعْـدَ تَغْرِيـبِ
حَتَّـى أَنَـاخَ مَكَـانَ الضـَّيْفِ مُغْتَصِباً
فِـي مُكْفَهِرَّيْـنِ مِثْلَـيْ حَـرَّةِ اللُّـوبِ
وَقَــدْ رَأَى مُصـْعَبٌ فِـي سـَاطِعٍ سـَبِطٍ
مِنْهــا ســَوَابِقَ غَــارَاتٍ أَطَـانِيبِ
يَــوْمَ تَرَكْــنَ لِإِبْرَاهِيــمَ عَافِيَــةً
مِــنَ النُّسـُورِ وُقُوعـاً وَالْيَعَـاقِيبِ
كَـأَنَّ طَيْـراً مِـنَ الرَّايـاتِ فَـوْقَهُمُ
فِـي قَـاتِمٍ لَيْطُهـا حُمْـرُ الْأَنَـابِيبِ
أَشــْطَانَ مَـوْتٍ تَرَاهـا كُلَّمـا وَرَدَتْ
حُمْـراً إِذَا رُفِعَـتْ مِـنْ بَعْـدِ تَصْوِيبِ
يَتْبَعْـنَ مَنْصـُورَةً تَـرْوَى إِذا لَقِيَـتْ
بِقَــانِئٍ مِــنْ دَمِ الْأَجْـوَافِ مَغْصـُوبِ
فَأَصـْبَحَ اللـهُ وَلَّـى الْأَمْـرَ خَيْرَهُـمُ
بَعْــدَ اخْتِلَافٍ وَصــَدْعٍ غَيْـرِ مَشـْعُوبِ
تُـرَاثَ عُثْمَـانَ كَـانُوا الْأَوْلِياءَ لَهُ
سـِرْبالَ مُلْـكٍ عَلَيْهِـمْ غَيْـرَ مَسـْلُوبِ
يَحْمِـي إِذَا لَبِسـُوا الْمَـاذِيُّ مُلْكَهُمُ
مِثْــلَ الْقُـرُومِ تَسـَامَى لِلْمَصـاعِيبِ
قَـوْمٌ أَبُوهُمْ أَبُو الْعَاصِي أَجَادَ بِهِمْ
قَـــرْمٌ نَجِيــبٌ لِحُــرَّابٍ مَنَــاجِيبِ
قَوْمٌ أُثِيبُوا عَلَى الْإِحْسَانِ إِذْ مَلَكُوا
وَمِـنْ يَـدِ اللـهِ يُرْجَـى كُـلُّ تَثْوِيبِ
فَلَـوْ رَأَيْـتَ إِلَى قَوْمِي إِذا انْفَرَجَتْ
عَـنْ سـابِقٍ وَهْـوَ يَجْـرِي غَيْرِ مَسْبُوبِ
أَغَــرَّ يُعْـرَفُ دُونَ الْخَيْـلِ مُشـْتَرِفاً
كَــالْغَيْثِ يَحْفِـشُ أَطْـرَافَ الشـَّآبِيبِ
كَـادَ الْفُـؤَادُ تَطِيـرُ الطَّائِراتُ بِهِ
مِـنَ الْمَخافَـةِ إِذْ قَـالَ ابْـنُ أَيُّوبِ
فِـي الدَّارِ إِنَّكَ إِنْ تُحْدِثْ فَقَدْ وَجَبَتْ
فِيـكَ الْعُقُوبَـةُ مِـنْ قَطْـعٍ وَتَعْـذِيبِ
فِــي مَحْبَـسٍ يَتَـرَدَّى فِيـهِ ذُو رِيَـبٍ
يُخْشـَى عَلَـيَّ شـَدِيدِ الْهَـوْلِ مَرْهُـوبِ
فَقُلْــتُ هَــلْ يَنْفَعَنِّـي إِنْ حَضـَرْتُكُمُ
بِطَاعَـــةٍ وَفُــؤَادٍ مِنْــكَ مَرْعُــوبِ
مَـا تَنْـهَ عَنْـهُ فَـإِنِّي لَسـْتُ قَارِبَهُ
وَمَـا نَهَـى مِـنْ حَلِيـمٍ مِثْـلُ تَجْرِيبِ
وَمَــا يَفُوتُــكَ شـَيْءٌ أَنْـتَ طَـالِبُهُ
وَمَــا مَنَعْــتَ فَشـَيْءٌ غَيْـرُ مَقْـرُوبِ
الفَرَزْدَقُ هُوَ هَمَّامُ بْنُ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ المُجَاشِعِيُّ التَّمِيمِيُّ، لُقِّبَ بِالفَرَزْدَقِ لِجَهَامَةِ وَجْهِهِ وَغِلَظِهِ، وَهُوَ مِنْ اشْهَرِ الشُّعَرَاءِ الْأُمَوِيِّينَ، وَعَدَّهُ ابْنُ سَلَّامٍ مِنْ شُعَرَاءِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى الإِسْلَامِيِّينَ، وَكَانَ الفَرَزْدَقُ مِنْ بَيْتِ شَرَفٍ وَسِيَادَةٍ في قومِهِ فَكَانَ شَدِيد الفَخْرِ بِهُمْ وَكَانَ لِسَانَهُمْ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ وَالْوُلَاةِ، وَلَهُ مَعَ جَرِيرٍ وَالاخْطَلِ اهَاجٍ مَشْهُورَةٌ عُرِفَتْ بِالنَّقَائِضِ، وَكَانَ مُتَقَلِّبًا فِي وَلَائِهِ السِّيَاسِيِّ وتَعَرَّضَ لِلسّجْنِ وَالمُلَاحَقَةِ مِنْ قِبَلِ عَدَدٍ مِنْ الوُلَاةِ، وَقَدْ عُمِّرَ حَتَّى خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَاتَ سَنَةَ 110 لِلْهِجْرَةِ.