
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بَيـنَ النَسـيمِ وَبَيـنَ المـاءِ أَسـرارُ
راحَــت تَبــوحُ بِهـا لِلنـاسِ أَشـعارُ
إِذ بَينَمـا النيـلُ يَوماً نائِماً تَعِبا
يَجـــري بِـــأَحلامِهِ لِلبَحــرِ تَيّــارُ
نَشــوانَ يَــذكُرُ أَفراحــاً عَرائِسـُها
عَيــنٌ لَــهُ قِــدماً تُهــدَى وَأَبكـارُ
مَــرَّ النَســيمُ بِــهِ صـُبحاً فَـأَيقَظَهُ
وَلِلطُيــــورِ تَســــابيحٌ وَأَذكـــارُ
وَالــوَقتُ قُبلَــةُ صــَبٍّ ثَغـرَ فاتِنَـةٍ
وَلَيــسَ إِلّا عُيــون الزَهــرِ أَبصــارُ
وَالشــَمسُ أَعجَـبُ مـا راعَتـكَ بازِغَـةً
كَأَنَّهــا فــي يَـدِ المِسـكينِ دينـارُ
قـالَ النَسيمُ أَفِق يا نيلُ ما اِكتَحَلَت
بِـالغَمضِ عَيـنٌ لَهـا في المَجدِ أَوطارُ
هــاكَ الغَزالَـةُ قَـد أَلقَـت أَشـِعَّتَها
عَلــى النَـدى تَحتَسـي مِنـهُ وَتَشـتارُ
فَقُــم وَاِرضــَع سـُهولاً أَنـتَ والِـدُها
فَنَــومُ مُرضــِعَةٍ عَــن طِفلِهــا عـارُ
فَأَجفَــلَ النيــلُ مِـن أَحلامِـهِ وَجَـرى
جَـريَ الجَـوادِ لَـهُ مِـن مِصـرَ مِضـمارُ
وَصـــَفَّقَت نَفَحـــاتُ الصــُبحِ لُجَّتَــهُ
فَالريــحُ تَعــزِفُ وَالأَمــواجُ أَوتـارُ
يــا حُسـنَه وَهـوَ يَجـري فـي أَعِنَّتِـهِ
وَحَــولَهُ مِلــءُ عَيـنِ الخَصـبِ أَشـجارُ
يـا لَيـتَ شـِعري هَـل مِصـر لَهـا شَبَهٌ
بَيــنَ المَمالِـكِ أَو كَالنيـلِ أَنهـارُ
بَــل لا يَقــومُ بِفَــذٍّ مِـن مَحاسـِنِها
مِمالِــكٌ تَنظِــمُ الــدُنيا وَأَقطــارُ
كَـم سـورَةٍ فـي كِتـابِ اللَـهِ مُحكَمَـةٍ
لِمِصـــرَ أَثناءهــا ذِكــرٌ وَأَخبــارُ
ذَرنـي أَرى مـا أَرى إِنّـي أَرى شـَجَناً
داراً تَشــوقُ وَمــا بِالــدارِ دَيّـارُ
وَأُمَّــةً فــي رُبــوعِ النيـلِ جامِـدَةً
وَفَوقَهــا رُكـنُ صـَرحِ المَجـدِ يَنهـارُ
أَم كَيــفَ يَنفَعُنــا مَشـيٌ عَلـى مَهَـلِ
وَالناسُ مِن فَوقِنا في الجَوِّ قَد طاروا
وَيـا اِبـنَ مِصـرٍ رُبـوعُ النيلِ عاطِلَةٌ
مِــن حَليِهـا وَحُلـى الأَمصـارِ أَسـفارُ
مَــدّوا إِلـى العِلـمِ أَقلامـاً تُعَرِّبُـهُ
عَـن أَهلِهِ عَدَلوا في القَصدِ أَم جاروا
دَع الخُمـــورَ وَلا تَنــزِل بِســاحَتِها
فَلَيـــسَ يَهــديكَ لِلعَليــاءِ خَمّــارُ
وَلا تُطِــع كُــلَّ ذي كَــأسٍ يُغازِلُهــا
فَـــإِنَّهُ جاهِـــلٌ بِالســـوءِ أَمّــارُ
رَبُّـوا النِسـاءَ فَما في الجَهلِ مَفخَرَةٌ
يَـدعو إِلَيهـا سـَفيهُ الحِلـمِ مِهـذارُ
هَبهــا لَنــا جـارَةً لَيسـَت بِوالِـدَةٍ
أَلَيـسَ فـي الجَهـلِ يُؤذي جارَهُ الجارُ
وَكَيــفَ نَرضــى لَهُـنَّ الجَهـل مَنزِلَـةً
وَهُــنَّ حَــولَ حِمــى الأَوطـانِ أَسـوارُ
مَـن يُلبِـسَ الطِفلَ روحَ الحَزمِ مِن صِغَرٍ
حَتّـى يُـرى وَهـوَ ماضـي العَزمِ مِغوارُ
دَعنــي أَقُــصُّ عَلَيهِــم ذِكـرَ والِـدَةٍ
مَضـى عَلـى قَولِهـا المَـأثورِ أَعمـارُ
أَسـماءُ إِذ جـاءَ عَبـدُ اللَـهِ يَسأَلُها
وَقَـد تَحامـاهُ فـي الهَيجـاءِ أَنصـارُ
أُمــاهُ جَيشــي وَأَشــبالي وَحاشـِيَتي
قَــد سـَلَّموا لِلعِـدا وَالـدَهرُ غَـدّارُ
وَالقَـومُ لـي شـَرَطوا سـُؤلي مُصـالَحَة
فَهَــل أُسـَلِّمُ أَم فـي القَتـلِ إِعـذارُ
قــالَت أَلَســتَ عَلــى حَـقٍّ تُقـارِعُهُم
فَـاِدفَع عَـنِ الحَـقِّ لا تُثنيـكَ أَخطـارُ
هُـم خَيَّـروا بَيـنَ عَيـشٍ لا بَهـاءَ لَـهُ
وَبَيــنَ قَتــلٍ وَأَنـتَ القَتـلُ تَختـارُ
مـا هَـذِهِ الـدِرعُ فَاِنزَعها وَكُن رَجُلاً
يـا اِبـنَ الزُبَيـرِ كَفـى يُمناكَ بَتّارُ
فَمـــاتَ مَيتَـــةَ مِقــدامٍ شــَجاعَتُهُ
لَهــا عَلـى الـدَهرِ إِعظـامٌ وَإِكبـارُ
كَتِلـكَ كـانَ بَنـاتُ الشـَرقِ يَـوم لَـهُ
فــي جَنَّــةِ المَجـدِ أَزهـارٌ وَأَثمـارُ
وَاليَـومَ بُشـرى لِأَهـلِ الشـَرقِ أَحمِلُها
بَـدا لَهـا مِـن خُـدودِ الغيـدِ أَنوارُ
سـَل مَـيَّ أَو سـَل هُـدى عَنها وَغَيرهما
مــا لاحَ فـي ظُلُمـاتِ الجَهـلِ أَقمـارُ
محمد توفيق بن أحمد بن علي العسيري العباسي.شاعر مصري ولد في زاوية المصلوب من قرى بني سويف بمصر الوسطى وتعلم بها ثم في القاهرة. وتخرج ضابطاً فترقى في الجيش المصري إلى مرتبة يوز باشي واستقال فعاد إلى قريته يمارس الزراعة والتجارة إلى أن توفي.نسبته إلى قبيلة العسيرات النازل قسم منها بمصر العليا ويقال أن هذه القبيلة تنتمي إلى العباس بن عبد المطلب.ويصف نفسه بالنفور من معاشرة الناس إلا ممن تجمعه به ضرورة عمله أو من يطرق بيته من الأضياف.في شعره رقة وجودة أورد صاحب شعراء العصر مختارات منه في إحدى عشرة صفحة ويقول عبد الحليم حلمي الشاعر المصري في نعته:شاعر جاهلي إسلامي حضري بدوي جمع بين سلاسة العبارة وحسن الديباجة له (ديوان التوفيق -ط) الجزء الأول منه.