
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بَكَيـت لِتَغريـد الحَمـائم في الفَجر
وَبــرَّح بـي وَجـدي وزايلنـي صـَبري
وَمِلــتُ كَمـا مـالَ النَزيـف كَأَنَّمـا
سـَقاني حَنين الوَرق كَأساً مِن الخَمر
وَسـارَ بِمـا أَيقيـنَ لـي مِـن تَجَلُدي
نَسـيم بَريّـا الظـاعِنين أَنـي يَسري
خُــذي جَســَداً بِأَريـح يَحكيـك رِقَـةً
فَلاقـي بِـهِ قَلباً مَع المَركب في أَسرِ
أَيـا جسـميَ البـالي تَجَسَمت مِن ضَناً
وَيـا كَيـدي الحَـرا تَكـونتِ مِن جَمر
بَرانـي الأَسـى وَالحُـزنُ بَعدَ رَحيلُهُم
فَلـم يتَرُكـا منـي سـِوى عِبرة تَجري
غَـدوا يَسـتحنون المطـيَّ عَلى السَرى
فَهَـل فـي جُمود الدَمع للصَب مِن عُذر
وَبــانوا وَجِسـمي فيـهِ بَعـضُ بَقيـةٍ
فَلـم يَبـقَ مِنـهُ مـا يُصـَوَّر في فكر
تَنـازَع روحـي لِلخُـروج يَـد النَـوى
فَتَحبِسـُها عَنـهُ الأَمـاني فـي نَحـري
أَعلــل قَلـبي بِـالمُنى أَن سـَنَلتَقي
وَأَحسـبها كَـالآل يَلمَـع فـي القَفـر
سـَفَكتُم دَمـي عَمـداً وَلَـم تَنحَرِجـوا
وَعـــاقبتُموني بِـــالمَنون بِلا وَزر
لَقَـد رَقَّ لـي مـا تَجَرَعـت مِـن أَسـىً
فُـؤاد عَـذولي وَهُـوَ أَقسى مِن الصَخر
ســُهادٌ وَســقمٌ وَاِشــتِياقٌ وَلَوعَــةٌ
وَصــُبحٌ بِلا ضــوء وَلَيــلٌ بِلا فَجــر
وَدَمــعٌ بِلا جفــن وَعَيــنٌ بِلا كَــرى
وَقَلـــبٌ بِلا أنــسٍ وَســِرٌّ بِلا ســتر
وَكَـــم قــائِلٍ جَهلاً نســلَّ بِغَيــرِهِ
وَلا تَجــرِ ذِكــراهُ بِســرٍّ وَلا جَهــر
وَكَيـفَ تَـرى يَنسـى العَليـل شـِفاؤُهُ
وَلَيـسَ سـلوّ الأَلـف مِـن خُلُـق الحَـرّ
وَهَـل يَمنَـع الظَمـآن طالَ بِهِ الظَما
مِـن أَن يَتمنى بارد الماءِ في السر
أَلا فَــأدِر ذِكــراهٌ صــِرفاً فَـإِنَّني
أَغيـب بِـهِ عَـن حالة الصَحو وَالسُكرِ
أُحِــب نُمــوّ الوَجــد فيـهِ صـَبابَةً
وَإِن كانَ يَفضي بي إِلى البُؤس وَالضَر
فَلـو ثـمَّ وَجـدٌ فَـوقَ وَجـدي لَعاشـِقٍ
تَمنيتُــهُ أَن يَســتَحيل إِلـى صـَدري
وَلَـم أَنـسَ إِذ أَحيـا قَتيـل صـُدوده
وَقَـد زارَ مِـن خَوف الوُشاةِ عَلى زَعر
وَقَرطــس أَحشــائي بِأَســهُم لِحظِــهِ
رَمـاني بِهـا عَمداً عِن النَظَر الشَذر
فَعــاطيتُهُ كَــأس العِتــاب مَشـوبَةً
بِـدَمع حَكـى مِـن فَيضـِهِ زَخرة البَحر
وَأَخجَلتُـــهُ حَتّـــى تَلهـــب خَــدهُ
تَلهـب أَحشـائي مِـن الصـَد وَالَهَجـر
وَرضــت بِهــا أَخلاقُــهُ وَهِـيَ صـَعبَةٌ
فَلانَـت وَأَهـوى مِـن قُطـوب إِلـى بَشَر
وَحيـــاً يُمســـك عطَّرتـــهُ أَكُفُــهُ
وَأَنفاسـُهُ أَذكـى مِـن المسك وَالعُطر
وَبِتنـا نُـدير الأُنس وَاللَيل قَد سَجا
وَقَـد غَربـت شَمس المُدامَة في البَدر
وَحَليــت بِاليــاقوت فضــة نَحــرِهِ
وَجيـد الـدُجا حـالَ بِـأَنجُمِهِ الزُهر
يُخالســني روحــي بِســحر جُفــونِهِ
فَأَقضـي بِـهِ وَجـداً وَاحيـاً وَلا أَدري
يَقـول وَقَـد أَوهـى النُعـاس جُفـونَهُ
وَأَغمَـد سـَيف اللَحـظ مِنـهُ عَلى قسر
أُريـدُ نُعيـد الأُنـس قُلـت لَـهُ مَـتى
فَيَــوم تَلاقَينــا أَبيـع بِـهِ عُمـري
فَقـالَ وَبَـدر اللَيـل لِلغَرب قَد هَوى
وَجِفنُ الدُجا يَبكي مِن الهَجر بِالقَطر
إِذا اِمتَلَأَت مِـن دَمـع هَـذا ثُغور ذا
فَقُلـتُ لَـهُ مـاذا فَأومى إِلى البَدر
وَأَغفـــى وَاســتار الظَلام تَكشــفت
قَليلاً وَقَـد كـادَ الصـَباحُ بِنا يَغري
سـَقيت السـَحاب الجون يا زَمَناً مَضى
وَلَـم يَبـقَ مِنـهُ لِلمشوق سِوى الذكر
أَحبتنـا لَـم يَبـقَ صـَبر وَلَـو بَقـي
لَنـا بَعـدَكُم صـَبر لَكـانَ مِن الغَدر
طوبنـا بِسـاط الأُنـس وَاللَهو بَعدَكُم
وَهَـذا بِسـاط الحُزن وَالدَمع في نَشر
عَسـى تـبرد الأَحشاء مِن حَرقة الجَوى
دُموع الأَسى وَالشَوق إِن لَم تَكُن تَبري
تَناســيتُمونا بَعــدَ أُنــس وَأُلفـة
أَحـب إِلـى الجاني مِن الأَمن وَالنَصر
أَتـاحَ لَنـا تَفريقنـا الدَهر غادِراً
وَلا غُـرو أَنَّ الغَـدر مِـن شِيَم الدَهر
فَيــا قَلـب صـَبراً لِلقَضـا وَتَـوكلاً
فَلَيـسَ لِغَيـر اللَـهِ شـَيءٌ مِـن الأَمرِ
أحمد بن حسين باشا بن مصطفى بن حسين بن محمد بن كيوان.شاعر، من أهل دمشق مولداً ووفاةً أقام في مصر وقرأ على علمائها كما قرأ على علماء دمشق.وكانت فيه سويداء تنفره من معاشرة الناس.(وبنو كيوان بدمشق طائفة خرج منها أمراء وأعيان وأجناد ونسبتهم إلى كيوان بن عبد الله أحد كبراء أجناد الشام كان في الأصل مملوكاً لرضوان باشا نائب غزة ثم صار من الجند الشامي).له (ديوان شعر - ط).