
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ذُو الرُّمَّةِ هُوَ غَيلانُ بنُ عُقْبَةَ العَدَوِيِّ، وُلِدَ فِي بادِيةِ نَجْدٍ وكانَ يَحْضُرُ إِلى اليَمامَةِ والبَصْرَةِ. كانَ شَدِيدَ القِصَرِ دَمِيماً يَضْرِبُ لَونُهُ إِلى السَّوادِ، وَهُوَ مِنْ فُحُولِ الشُّعراءِ فِي العَصْرِ الأُمَوِيِّ، عدَّهُ ابنُ سلَّامٍ فِي طَبقاتِهِ مِنْ شُعراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ الإِسْلامِيِّينَ، قالَ عَنْهُ أَبُو عَمْرِو بنُ العَلاءِ: فُتِحَ الشِّعرُ بامْرِئِ القَيسِ وخُتِمَ بِذِي الرُّمَّةِ. وقَدْ امْتازَ فِي شِعْرِهِ بِإِجادَةِ التَّشْبِيهِ، وَهُوَ مِنْ عُشَّاقِ العَرَبِ كانَ يُشبِّبُ بِمَيَّةَ المِنْقَرِيَّةِ واشْتُهِرَ بِها، تُوفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 117 لِلهجْرَةِ.
الأَخْطَلُ هُوَ غِياثُ بنُ غَوثٍ، مِن بَنِي تَغلبَ، شاعِرٌ مِنْ فُحولِ الشُّعراءِ الأُمويِّينَ، وقد اتُّفِقَ عَلى أنَّهُ والفرزدقَ وجريراً فِي الطَّبقةِ الأُولى مِنَ الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، نَشأَ في بادِيَةِ الجَزيرةِ الفُراتيَّةِ فِي العِراقِ، وظلَّ هُوَ وقومُهُ على النّصرانيَّةِ ولمْ يَدْخُلوا الإِسلامَ، وقد امْتازَ شِعرُهُ بِالصَّقلِ والتّشْذِيبِ مِن غَيرِ تَكَلُّفٍ، وَشُبِّهَ بِالنَّابِغَةِ الذُّبيانيِّ لِصِحَّةِ شِعرِهِ، وَكانَ الأخطلُ مُقرَّباً مِن خُلفاءِ بَنِي أُميَّةَ وأَكْثَرَ مِنْ مَدْحِهم وهجاءِ أعدائِهم، توفيَ فِي حُدودِ سَنَةِ 90 لِلْهِجْرَةِ.
عُبَيد بن حُصين بن معاوية بن جندل، النميري، أبو جندل.من فحول الشعراء المحدثين، كان من جلّة قومه، ولقب بالراعي لكثرة وصفه الإبل وكان بنو نمير أهل بيتٍ وسؤدد.وقيل: كان راعَي إبلٍ من أهل بادية البصرة.عاصر جريراً والفرزدق وكان يفضّل الفرزدق فهجاه جرير هجاءاً مُرّاً وهو من أصحاب الملحمات.وسماه بعض الرواة حصين بن معاوية.
جريرُ بنُ عطيَّةَ الكَلبِيُّ اليَربُوعِيِّ التّميميُّ، ويُكَنَّى أَبا حَزْرَةَ، وهو شاعِرٌ أُمَوِي مُقدَّمٌ مُكثِرٌ مُجيدٌ، يُعدُّ فِي الطّبقةِ الأُولى مِن الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، وُلِدَ فِي اليَمامةِ ونَشأَ فِيها وانْتقلَ إِلى البَصرَةِ، واتَّصَلَ بِالخُلفاءِ الأُمَوِيِّينَ وَوُلاتِهِم، وكانَ يُهاجِي شُعراءَ زَمانِهِ ولمْ يَثبُتْ أَمامَهُ إِلَّا الفَرزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقد قَدَّمَهُ بعضُ النُّقادِ والرُّواةُ على الفَرزدقِ والأَخطَلِ وذُكِرَ أنَّ أَهلَ الْبَادِيَةِ وَالشُّعرَاءِ بِشِعْرِ جريرٍ أَعجَبُ، وأَنَّهُ يُحْسِنُ ضُروباً مِنَ الشِّعرِ لا يُحسِنُها الفَرَزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقدْ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ 110 لِلهِجْرَةِ.
عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك، من بني عامر بن لؤي، ابن قيس الرقيات.شاعر قريش في العصر الأموي. كان مقيماً في المدينة.خرج مع مصعب بن الزبير على عبد الملك بن مروان، ثم انصرف إلى الكوفة بعد مقتل ابني الزبير (مصعب وعبد الله) فأقام سنة وقصد الشام فلجأ إلى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فسأل عبد الملك في أمره، فأمّنه، فأقام إلى أن توفي.أكثر شعره الغزل والنسيب، وله مدح وفخر. ولقب بابن قيس الرقيات لأنه كان يتغزل بثلاث نسوة، اسم كل واحدة منهن رقية
وجمع أبو الفرج الأصفهاني أخباره في ذيل بيتين هما من الأصوات المائة المختارة قال:صوت من المائة المختارة من رواية جحظة عن أصحابهأمسـى الشـباب مودعـاً محمـودا والشـيب مؤتنـف المحـل جديـداوتغيـر الـبيض الأوانـس بعدما حملتهــن مواثقــاً وعهــوداثم نسب الغناء وساق نسب يزيد وأخباره قال: وكان يلقب مودقاً، سمي بذلك لحسن وجهه وحسن شعره وحلاوة حديثه، فكانوا يقولون: إنه إذا جلس بين النساء ودقهن.وأول أخباره تولعه بفتاة من بني جرم تسمى وحشية، انظر قصتها معه في صفحة البيتين:فـإن شـئت يـا مياد زرنا وزرتمولم ننفس الدنيا على من يصيبهاأيــذهب ميــادٌ بألبـاب نسـوتي ونســوة ميــادٍ صـحيحٌ قلوبهـاوهي قصة طريفة يمكن إخراجها في مسلسل من مسلسلات الباديةونقل أبو الفرج أخبار يزيد مع بني سدة عن راوية اسمه أبو عثمان سعيد بن طارق، ولم أعثر على ذكر له في غير هذه الصفحة من الأغاني.وانظر في هذه الموسوعة ديوان حكيم بن أبي الخلاف السدري
عُمَرُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ أَبِي رَبِيعةَ، مِنْ بَنِي مَخزُومٍ إِحدَى بُطونِ قَبيلَةِ قُريشٍ، يُكنّى أَبا الخَطَّابِ، وُلِدَ فِي اللَّيلَةِ الّتِي تُوفِّيَ فِيها عُمرُ بنُ الخطّابِ رضيَ الله عنهُ فَسُمِّيَ باسْمِهِ، وهُوَ أَشْهَرُ شُعراءِ عَصْرِهِ فِي الغَزَلِ والنَّسِيبِ، وهُوَ مَنْ جَعلَ العَرَبَ تُقرُّ لِقُرَيشٍ بِالشِّعْرِ ولا تُنازِعُها فِيهِ، وجُلُّ شِعرِهِ فِي الغَزَلِ والتّشبيبِ بِالنِّساءِ، وقدْ نفاهُ عُمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ إلى دُهلك حينَ رُفِعَ إليهِ أَنَّهُ يَتَعرَّضُ لِلنّساءِ الحَواجِّ ويُشبِّبُ بِهِنَّ، وقدْ عاشَ ثَمانينَ سنةً، فَتكَ مِنْها أَربَعِينَ سَنَةً، ونَسكَ أَرْبَعِينَ سنةً، فَقدْ تابَ وترَكَ قَولَ الشِّعرِ، ثُمّ غَزا فِي البَحرِ فاحْتَرَقَتْ السَّفينةُ بِهِ وبِمَنْ مَعَهُ، فَماتَ فِيها غَرقاً. وكانَتْ وفَاتُهُ حَوالَي سَنةِ 93 لِلْهِجْرَةِ.
الفَرَزْدَقُ هُوَ هَمَّامُ بْنُ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ المُجَاشِعِيُّ التَّمِيمِيُّ، لُقِّبَ بِالفَرَزْدَقِ لِجَهَامَةِ وَجْهِهِ وَغِلَظِهِ، وَهُوَ مِنْ اشْهَرِ الشُّعَرَاءِ الْأُمَوِيِّينَ، وَعَدَّهُ ابْنُ سَلَّامٍ مِنْ شُعَرَاءِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى الإِسْلَامِيِّينَ، وَكَانَ الفَرَزْدَقُ مِنْ بَيْتِ شَرَفٍ وَسِيَادَةٍ في قومِهِ فَكَانَ شَدِيد الفَخْرِ بِهُمْ وَكَانَ لِسَانَهُمْ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ وَالْوُلَاةِ، وَلَهُ مَعَ جَرِيرٍ وَالاخْطَلِ اهَاجٍ مَشْهُورَةٌ عُرِفَتْ بِالنَّقَائِضِ، وَكَانَ مُتَقَلِّبًا فِي وَلَائِهِ السِّيَاسِيِّ وتَعَرَّضَ لِلسّجْنِ وَالمُلَاحَقَةِ مِنْ قِبَلِ عَدَدٍ مِنْ الوُلَاةِ، وَقَدْ عُمِّرَ حَتَّى خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَاتَ سَنَةَ 110 لِلْهِجْرَةِ.
جَميلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، أَحَدُ بَنِي عُذْرَةٍ مِنْ قُضاعَةَ، كَانَتْ مَنازِلُهُمْ فِي وَادِي القُرَى قُرْبَ المَدينَةِ المُنَوَّرَةِ، وَجَميلٌ شاعِرٌ إِسْلاميٌّ فَصِيحٌ مُقَدَّمٌ، كَانَ راوِيَةَ هُدْبَةَ بْنِ الخَشْرَمِ، وَكَانَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ راوِيَةَ جَمِيلٍ، وَهُوَ مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريِّينَ، وَمِن عُشّاقِ العَرَبِ الَّذِينَ تَيَّمَهُمْ الحُبُّ، وَصاحِبَتُهُ بُثَيْنَةُ هِيَ مِنْ بَناتِ قَوْمِهِ وَأَغْلَبُ شِعْرِهِ فِيهَا، وَلَمْ يَمْنَعْهُ زَواجُها بِغيرِهِ فَبَقِيَ يُلاحِقُها حَتَّى شَكَاه قَوْمُها إِلَى السُّلْطانِ فَأَهْدَرَ دَمَهُ، ثُمَّ رَحَلَ إِلَى اليَمَنِ، وَبَعْدَهَا قَصَدَ مِصْرَ وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مَرْوانَ فَأَكْرَمَهُ، فَأَقَامَ قَلِيلاً فِيها ثُمَّ مَاتَ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ حَوَالَيْ سَنَةِ 82 لِلْهِجْرَةِ.
مَجْنونُ لَيْلَى مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريينَ فِي العَصْرِ الأُمَويِّ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وُجودِهِ فَقِيلَ هوَ اسْمٌ مُسْتَعَارٌ لَا حَقيقَةَ لَهُ، وَتَعَدَّدَتْ الْآرَاءُ فِي اسْمِهِ كَذَلِكَ وَأَشْهَرُها أَنَّهُ قَيْسُ بْنُ الْمُلَوَّحِ بْنُ مُزاحِمٍ، مِنْ بَني عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، لُقِّبَ بِمَجْنونِ بَني عامِرٍ، وَيَغْلُبُ عَلَيْهِ لَقَبُ مَجْنُونِ لَيْلَى، ولَيلَى هي محبوبتُهُ اَلَّتِي عَشِقَها وَرَفْضَ أَهْلُها تَزْويجَها لَهُ، فَهَامَ عَلَى وَجْهِهِ يُنْشِدُ الأَشْعارَ وَيَأْنَسُ بِالْوُحُوشِ، فَكانَ يُرَى فِي نَجْدٍ وَحِيناً فِي الحِجَازِ حِيناً فِي الشّامِ، إِلَى أَنْ وُجِدَ مُلْقىً بَيْنَ أَحْجارِ إِحْدَى الأَوْدِيَةِ وَهُوَ مَيِّتٌ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةِ 68 لِلْهِجْرَةِ.
قيسُ بنُ ذَرِيح الليثيِّ، مِنْ بَنِي عبدِ مَناةَ بنِ كِنانةَ، شاعِرٌ مِنْ عُشّاقِ العَرَبِ المَشهورِينَ، وصاحِبَتُهُ لُبْنَى بنتُ الحُبابِ الكَعْبِيَّةِ الَتِي اشْتُهِرَ بِها، كانَ مِنْ سُكّانِ المَدِينةِ، وَقيلَ هُوَ رَضِيعُ الْحُسينِ بنِ عليِّ بنِ أَبِي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنْهُما أَرْضَعَتْهُ أُمُّ قَيسٍ. وقَدْ تَزَوَّجَ قَيسٌ مِنْ لُبْنَى بَعْدَ أَنْ عَشِقَها ثُمَّ طَلَقَها بعدَ أنْ أَجْبَرَهُ أَهْلُهُ عَلَى طَلاقِها، فَنَدِمَ عَلَى ذَلكَ وساءَتْ حَالُهُ وَلَهُ مَعها قِصَصٌ وأَخْبَارٌ عَدِيدَةٌ، وَشِعْرُهُ عالِي الطّبقَةِ فِي التَشْبِيبِ وَوَصْف الشّوقِ والْحَنِينِ، تُوفِّيَ نَحوَ سَنَةِ 68 لِلْهِجْرَةِ.
هُوَ غيلَانُ بْنُ عُقبَةَ بنِ بَهيشِ بنِ مَسْعُودِ بنِ حَارِثَةَ بنِ عَمْرِو بنِ رَبِيعَةَ بنِ سَاعِدَةَ بنِ كَعْبِ بنِ عَوْفِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ رَبيعَةَ بنِ ملكانَ بنِ عَدِيِّ بنِ عَبِدِ مَنَاةَ بنِ أُدِّ بنِ طابِخَةَ بنِ إِلياسَ بنِ مُضَرَ. وَيُكَنَّى أَبا الحارِثِ.
وإنّما سُمِّيَ ذا الرُّمَّةِ بِقَولِهِ فِي الوَتَدِ:
لَمْ يُبْقِ مِنها أَبَدَ الأَبِيدِ =غيرَ ثَلاثٍ باقِياتٍ سودِ#
وَغَيرَ مَرْضُوخِ الْقَفا مَوْتُودِ أَشْعَثَ باقِي رُمَّةِ التَّقْلِيدِ
والرُّمَة هِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الحَبْلِ، وقِيلَ لَقَّبَتْهُ بِذلكَ صاحِبَتُهُ مَيَّةُ حِينَ اسْتَسْقاها وَكانَ عَلَى عاتِقِةِ رُمَّةٌ، فَقالَتْ لَهُ: اشْربْ يا ذا الرُّمَّةِ.
ويَنْتَمِي ذُو الرُّمَّةِ إِلى فَرْعٍ مِنْ فُروعُ الرِّبابِ، وقَبائِلُ الرِّباب هِيَ: عَدِيٌّ، وَتَمِيمٌ، وَثَوْرٌ، وَعُكْلٌ، وَسُمِّيَتْ الرَّبابَ لِأَنَّهُمْ تَحالَفُوا فَوَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ فِي حِفْنَةٍ فِيها رُبٌّ وهو عُصارة التَّمرِ المَطبوخَةِ.
وأُمُّ ذِي الرُّمَّةِ امرأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقالُ لَها طيبةُ، وإِخْوَتُهُ هُمْ هِشامٌ وأَوْفَى ومَسْعُودٌ.
وُلِدَ ذُو الرُّمَّةِ فِي بادِيَةِ الدَّهْناءِ إِلى الجَنُوبِ الشَّرقِيِّ مِنْ نَجْدٍ حَوالَي سَنَةِ 77 لِلْهِجْرَةِ فِي عَهْدِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَروانَ، وقَدْ نَشأَ فِي البادِيَةِ فانْعَكَسَ ذَلكَ عَلى فَصاحَةِ لِسانِهِ وَجَودَةِ شِعْرِهِ. ويَبْدُو أنَّهُ فَقَدَ أَباهُ وَهُوَ صَغِيرُ السِّنِّ فَقد ذكرَ أُبُو الفَرجِ فِي (الأَغانِي) أنَّ هِشاماً أَخا ذِي الرُّمَّةِ هُوَ مَنْ رَبّاهُ. وكانَ ذُو الرُّمَّةِ كَثِيراً ما يَأْتِي الحَضَرَ فَيُقِيمُ بِالكُوفَةِ والبَصْرَةِ وكانَ طُفَيلِيّاً. وهُناكَ مَدَحَ عَدداً مِنَ الوُلاةِ والأُمراءِ مِنْهُم عَبدُ المَلِكِ بنُ بِشْرِ بنِ مَروانَ وهِلالُ بنِ أَحوزَ المازِنِيُّ وعُمرُ بنُ هُبيرةَ وبِلالُ بنُ أَبِي بُردَةَ.
وذُو الرُّمّةِ مِنْ عُشّاقِ العَرَبِ -كما ذَكَرَ ابنُ قُتيبةَ- وصَاحِبَتُهُ مَيَّةُ مِنْ بَنِي مِنْقَرٍ، ويُروَى أنَّ أَوَّلَ لِقائِهِ بِها حِينَ مَرَّ بِأَهْلِها وَهُو خارِجٌ يَبْغِي إِبلاً لَهُ فاسْتَسْقاهُم، فلمّا رأَى مَيَّاً عَشِقَها وظلَّ يَهِيمُ بِها عِشرينَ عاماً حتَّى بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْ غَيْرِهِ، وَكَانَتْ مَيَّةُ عِنْدَ ابْنِ عَمٍّ لَهَا يُقَالُ لَهُ عَاصِمُ فِيهِ يَقُولُ ذُو الرُّمَّةِ:
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ يَمُوتَنَّ عَاصِمٌ وَلَمْ تَشْتَعِبْنِي لِلْمَنايا شَعُوبُها
وَكَانَ ذُو الرُّمَّةِ أَيْضاً يُنْسبُ بِخَرقاءَ إِحْدَى نسَاءِ بَنِي عَامِرِ بنِ رَبيعَةَ وَكَانَتْ تَحلُّ فَلجة ويَمُرُّ بهَا الْحاجُّ فَتقعدَ لَهُم وَتُحَدِّثَهُم وَتُهادِيهِم، وكانَ ذُو الرُّمَّةِ يَقولُ فِيها:
تَمامُ الْحَجِّ أَنْ تَقِفَ المَطايا عَلى خَرقاءَ وَاضِعَةِ اللِّثامِ
وقدْ وقَعَ هِجاءٌ بَينَ ذِي الرُّمَّةِ وبَينَ هِشام ٍالمرئِيِّ، وَكَانَ ذُو الرُّمَّةِ مُستَعْلِياً هِشاماً حَتَّى لَقِيَ جريرٌ هِشاماً فَقَالَ غَلَبكَ العَبْدُ يَعْنِي ذَا الرُّمَّةِ، قَالَ فَمَا أَصْنَعُ يَا أَبَا حزرةَ وَأَنا راجِزٌ وَهُوَ يقْصدُ وَالرَّجَزُ لَا يَقُومُ لِلْقَصِيدِ فِي الهِجاءِ فَلَو رَفَدْتَنِي، فَقَالَ لَهُ جريرٌ لِتُهمتِهِ ذَا الرُّمَّةِ وميلِهِ إِلَى الفَرَزْدَقِ قُلْ لَهُ:
غَضِبت لِرَهْطٍ مِنْ عَدِيٍّ تَشَمَّسُوا وَفِي أَيِّ يَوْمٍ لَمْ تُشَمَّسْ رِحَالُهَا
ولمّا بلغتْ الأبياتُ ذَا الرُّمَّةِ قَالَ: وَاللهِ مَا هَذَا بِكَلَامِ هِشَامٍ وَلكنَّهُ كَلَامُ ابْنُ الأَتانِ، وذكرَ ابنُ سلَّامٍ فِي طَبقاتِهِ: وَكَانَ هَوَى ذِي الرُّمَّةِ مَعَ الفَرَزْدَقِ عَلَى جَرِيرٍ وَذَلِكَ لما كَانَ بَينَ جريرٍ وَابْنِ لَجأٍ التَّيْمِيِّ، وتَيمٌ وعَدِيٌّ أَخَوانِ مِنَ الرِّبَابِ وعُكْلٌ أَخُوهُم. وَوردَ فِي (الأَغانِي) أنَّ ذا الرُّمَّةِ راجعَ جَريراً واسْتَبْرَأَ مِنَ المَيلِ لِلفَرَزْدَقِ فَساعَدَهُ جريرٌ بِأَبياتٍ يَهْجُو بِها هِشاماً فَغَلَبَهُ ذُو الرُّمَّةِ بِها.
تُوفِّيَ ذُو الرُّمَّةِ فِي حُدودِ الأَربَعينَ مِنْ عُمرهِ، ذَكرَ ابنُ سلَّامٍ أنَّ ذا الرُّمَّةِ كانَ يَقُولُ بَلغْتُ نِصفَ عُمرِ الْهَرمِ وَأَنا ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَمْ يَبْقَ ذُو الرُّمَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا قَلِيلاً لِأَنَّهُ مَاتَ شَابّاً، وذَكَرَ أنَّهُ مَاتَ وَهُوَ يُرِيدُ هِشاماً وَقَالَ فِي طَرِيقِهِ ذَلِكَ:
بِلَادٌ بهَا أَهْلُونَ لَسْتُ ابْنَ أَهْلِهَا وَأُخْرَى بِهَا أَهْلُونَ لَيْسَ لَهَا أَهْلُ
وذكرَ ابنُ قُتَيبةَ فِي (الشّعر والشُّعراء) أنّه لمّا حَضَرَتْهُ الوفاةُ بِالبادِيةِ قالَ: أَنا ابنُ نِصفِ الهَرَمِ، أَيْ: أَنا ابنُ أَرْبَعِينَ، وقالَ:
يا قابِضَ الرُّوحِ مِنْ نَفْسِي إِذا احْتضرتْ وَغافِرَ الذَّنْبِ زَحْزِحْنِي عَنِ النَّارِ
وَقَدْ تُوفِّيَ قَبْلَهُ أَخُوهُ أَوْفَى، فلمّا ماتَ قالَ أَخُوهُ مَسعودٌ (وقِيلَ هِشامٌ) يَرثِيه:
تَعَزَّيْتُ عَنْ أَوْفَى بِغَيلانَ بَعْدَهُ عَزاءً وَجَفْنُ الْعَينِ مَلآنُ مُتْرَعُ
وَلَمْ يُنْسِنِي أَوْفَى الْمُصِيباتِ بَعْدَهُ وَلَكِنَّ نَكْءَ الْقَرْحِ بِالقَرْحِ أَوجَعُ
جَعلَهُ ابنُ سلَّامٍ مِنْ شُعراءِ الطبقةِ الثّانِيةِ الإِسلامِيِّينَ، فَجَمَعَهُ مَعَ البَعِيثِ والقطامِيِّ وكُثيِّرٍ، وأَشارَ ابنُ سَلَّامٍ إِلى تَميُّزِ ذِي الرُّمَّةِ فِي التّشبِيهِ وأنَّهُ يُعدُّ أَحْسَنَ الإِسلاميّينَ فِي التّشبيهِ فَقالَ: كَانَ عُلَمَاؤُنَا يَقُولُونَ أَحْسَنُ الْجَاهِلِيَّةِ تَشْبِيهاً امْرُؤُ الْقَيْسِ وَأَحْسَنُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ تَشْبِيها ذُو الرُّمَّةِ.
وردَ في طَبقاتِ ابنِ سلَّامٍ أنَّ ذا الرُّمَّةِ شاعِرٌ مُحْسِنٌ، ورُغْمَ أنَّهُ تأخَّرَ عنْ مَنزلةِ جَريرٍ والفَرَزْدَقِ إِلَّا أَنَّهُ يُساوِيهِما فِي بعضِ شِعْرِهِ.
كان ذُو الرُّمَّةِ راويةَ راعِي الْإِبِلِ وَلمْ يَكُنْ لَهُ حَظٌّ فِي الهِجاءِ وَكَانَ مُغَلَّباً.
قال عنه أَبُو عَمْرو بنُ الْعَلَاءِ: إِنَّمَا شِعْرُهُ نقط عَروسٍ يَضْمَحِلُّ عَنْ قَلِيلٍ، وأَبْعارُ ظِباءٍ لَهَا مَشمٌّ فِي أوَّلِ شَمِّها ثمَّ تَعُودُ إِلَى أَرْوَاحِ البَعْرِ.
وَردَ فِي طَبقاتِ ابنِ سلّامٍ أنَّ الفَرَزْدَقَ مَرَّ بِذِي الرُّمَّةِ وَهُوَ يُنشِدُ: (أَمَنْزِلَتَي مَيٍّ سَلامٌ عَلَيْكُمَا / ٍهَلِ الأَزْمُنُ اللّائِي مَضَينَ رَواجِعُ)، فَوقفَ حَتَّى فرغَ مِنْهَا فَقَالَ كَيفَ تَرى يَا أَبَا فِراسٍ، قَالَ: أَرَى خيراً، قَالَ فَمَالِي لَا أُعَدُّ فِي الفُحولِ، قَالَ يَمْنَعُكَ عَن ذَلِكَ صِفَةُ الصَّحَارِي وأبْعارُ الْإِبِلِ وَولّى الفَرزْدَقُ وَهُوَ يُنْشِدُ: (وَدَوِّيَّةً لَوْ ذُو الرُّمَيْمَةِ رَامَها وَصَيْدَحُ / أَوْدَى ذُو الرَّمِيمِ وَصَيْدَحُ)، وقدْ وردَ فِي الطّبقاتِ أَنَّ الفرزدقَ أخذَ بعضَ أَبياتٍ مِنْ ذي الرُّمَّةِ وجَعَلَها فِي قَصِيدَةٍ لَهُ.
ذَكَر ابنُ قُتيبةَ فِي (الشِّعر والشُّعراء) أنَّ ذا الرُّمَّةِ كانَ كَثيرَ الأَخْذِ مِن غَيرِهِ، وذَكرَ أنَّهُ أَخَذَ أبياتاً عَنْ رُؤْبَةَ، وأَشارَ ابنُ قُتيبةَ أنَّ ذا الرُّمّةِ كانَ أَحْسَنَ النّاسِ تَشبيها، وإِنَّما وَضَعهُ عِنْدَهُم أنَّهُ كانَ لا يُجِيدُ المَدْحَ ولا الهِجاءَ.
قالَ الكُمَيتُ حِينَ سَمِعَ قَولَ ذِي الرُّمَّةِ:
أَعاذِلُ قَدْ أَكْثَرْتَ مِنْ قَولِ قائِلٍ وَعَيبٌ عَلَى ذِي الوُدِّ لَومُ العَواذِلِ
هذا واللّهِ مُلْهَمٌ، وَما عِلْمُ بَدَوِيٍّ بِدقائِقِ الفِطْنَةِ وَذَخائِرِ كَنْزِ العَقْلِ المُعدِّ لِذَوِي الأَلْبابِ، أَحْسَنَ ثُمَّ أَحْسَنَ.
(ابنُ سلَّامٍ الجُمحيّ/ طبقات فحول الشعراء).
(اِبْنُ قُتَيْبَةَ/ الشِّعْرُ وَالشُّعَراءُ).
(أَبُو الفرجِ الأصفهانيّ/ الأَغانِي).
(أَبُو الفرجِ الأصفهانيّ/ الأَغانِي).
(أَبُو الفرجِ الأصفهانيّ/ الأَغانِي