
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
الأَحْوَصُ هوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عاصِمٍ الأَنْصاريُّ، مِنْ بَني ضُبَيعَةَ، لُقِّبَ الْأَحْوَصَ لِضيقٍ فِي مُؤَخَّرِ عَيْنَيهِ، وَكَانَ مِنْ سُكّانِ المَدينَةِ، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ العَصْرِ الأُمَويِّ، وَكَانَ شَاعِراً مُجِيداً فِي الغَزَلِ والْهِجاءِ والْفَخْرِ، عَدَّهُ ابْنُ سَلامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِنْ شُعَراءِ الطَّبَقَةِ السّادِسَةِ الإِسلاميِّينَ، وَكَانَ حَمّادُ الرّاويَةِ يُقَدِّمُهُ فِي الْنَّسِيبِ عَلَى شُعَراءِ زَمَنِهِ، وَقَدْ وَفَدَ عَلَى الوَليدِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ فَأَكْرَمُهُ ثُمَّ بَلَغَهُ عَنْهُ مَا ساءَهُ مِنْ سيرَتِهِ فَرَدَّهُ إِلَى المَدينَةِ وَأَمَرَ بِجِلْدِهِ، وَنَفْيَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ المَدينَةِ وَرَفْضَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ أَنْ يُعيدَهُ فِي عَهْدِهِ فَبَقِيَ مَنْفِيّاً حَتَّى وَفاةِ عُمَرَ، ثُمَّ أُطْلِقَ فِي عَهْدِ يَزيدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ وَقَدمَ دِمَشْقَ، تُوُفِّيَ نَحْوَ عَامِ 105 لِلْهِجْرَةِ.
الأَخْطَلُ هُوَ غِياثُ بنُ غَوثٍ، مِن بَنِي تَغلبَ، شاعِرٌ مِنْ فُحولِ الشُّعراءِ الأُمويِّينَ، وقد اتُّفِقَ عَلى أنَّهُ والفرزدقَ وجريراً فِي الطَّبقةِ الأُولى مِنَ الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، نَشأَ في بادِيَةِ الجَزيرةِ الفُراتيَّةِ فِي العِراقِ، وظلَّ هُوَ وقومُهُ على النّصرانيَّةِ ولمْ يَدْخُلوا الإِسلامَ، وقد امْتازَ شِعرُهُ بِالصَّقلِ والتّشْذِيبِ مِن غَيرِ تَكَلُّفٍ، وَشُبِّهَ بِالنَّابِغَةِ الذُّبيانيِّ لِصِحَّةِ شِعرِهِ، وَكانَ الأخطلُ مُقرَّباً مِن خُلفاءِ بَنِي أُميَّةَ وأَكْثَرَ مِنْ مَدْحِهم وهجاءِ أعدائِهم، توفيَ فِي حُدودِ سَنَةِ 90 لِلْهِجْرَةِ.
عُبَيد بن حُصين بن معاوية بن جندل، النميري، أبو جندل.من فحول الشعراء المحدثين، كان من جلّة قومه، ولقب بالراعي لكثرة وصفه الإبل وكان بنو نمير أهل بيتٍ وسؤدد.وقيل: كان راعَي إبلٍ من أهل بادية البصرة.عاصر جريراً والفرزدق وكان يفضّل الفرزدق فهجاه جرير هجاءاً مُرّاً وهو من أصحاب الملحمات.وسماه بعض الرواة حصين بن معاوية.
جريرُ بنُ عطيَّةَ الكَلبِيُّ اليَربُوعِيِّ التّميميُّ، ويُكَنَّى أَبا حَزْرَةَ، وهو شاعِرٌ أُمَوِي مُقدَّمٌ مُكثِرٌ مُجيدٌ، يُعدُّ فِي الطّبقةِ الأُولى مِن الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، وُلِدَ فِي اليَمامةِ ونَشأَ فِيها وانْتقلَ إِلى البَصرَةِ، واتَّصَلَ بِالخُلفاءِ الأُمَوِيِّينَ وَوُلاتِهِم، وكانَ يُهاجِي شُعراءَ زَمانِهِ ولمْ يَثبُتْ أَمامَهُ إِلَّا الفَرزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقد قَدَّمَهُ بعضُ النُّقادِ والرُّواةُ على الفَرزدقِ والأَخطَلِ وذُكِرَ أنَّ أَهلَ الْبَادِيَةِ وَالشُّعرَاءِ بِشِعْرِ جريرٍ أَعجَبُ، وأَنَّهُ يُحْسِنُ ضُروباً مِنَ الشِّعرِ لا يُحسِنُها الفَرَزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقدْ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ 110 لِلهِجْرَةِ.
عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك، من بني عامر بن لؤي، ابن قيس الرقيات.شاعر قريش في العصر الأموي. كان مقيماً في المدينة.خرج مع مصعب بن الزبير على عبد الملك بن مروان، ثم انصرف إلى الكوفة بعد مقتل ابني الزبير (مصعب وعبد الله) فأقام سنة وقصد الشام فلجأ إلى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فسأل عبد الملك في أمره، فأمّنه، فأقام إلى أن توفي.أكثر شعره الغزل والنسيب، وله مدح وفخر. ولقب بابن قيس الرقيات لأنه كان يتغزل بثلاث نسوة، اسم كل واحدة منهن رقية
وجمع أبو الفرج الأصفهاني أخباره في ذيل بيتين هما من الأصوات المائة المختارة قال:صوت من المائة المختارة من رواية جحظة عن أصحابهأمسـى الشـباب مودعـاً محمـودا والشـيب مؤتنـف المحـل جديـداوتغيـر الـبيض الأوانـس بعدما حملتهــن مواثقــاً وعهــوداثم نسب الغناء وساق نسب يزيد وأخباره قال: وكان يلقب مودقاً، سمي بذلك لحسن وجهه وحسن شعره وحلاوة حديثه، فكانوا يقولون: إنه إذا جلس بين النساء ودقهن.وأول أخباره تولعه بفتاة من بني جرم تسمى وحشية، انظر قصتها معه في صفحة البيتين:فـإن شـئت يـا مياد زرنا وزرتمولم ننفس الدنيا على من يصيبهاأيــذهب ميــادٌ بألبـاب نسـوتي ونســوة ميــادٍ صـحيحٌ قلوبهـاوهي قصة طريفة يمكن إخراجها في مسلسل من مسلسلات الباديةونقل أبو الفرج أخبار يزيد مع بني سدة عن راوية اسمه أبو عثمان سعيد بن طارق، ولم أعثر على ذكر له في غير هذه الصفحة من الأغاني.وانظر في هذه الموسوعة ديوان حكيم بن أبي الخلاف السدري
عُمَرُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ أَبِي رَبِيعةَ، مِنْ بَنِي مَخزُومٍ إِحدَى بُطونِ قَبيلَةِ قُريشٍ، يُكنّى أَبا الخَطَّابِ، وُلِدَ فِي اللَّيلَةِ الّتِي تُوفِّيَ فِيها عُمرُ بنُ الخطّابِ رضيَ الله عنهُ فَسُمِّيَ باسْمِهِ، وهُوَ أَشْهَرُ شُعراءِ عَصْرِهِ فِي الغَزَلِ والنَّسِيبِ، وهُوَ مَنْ جَعلَ العَرَبَ تُقرُّ لِقُرَيشٍ بِالشِّعْرِ ولا تُنازِعُها فِيهِ، وجُلُّ شِعرِهِ فِي الغَزَلِ والتّشبيبِ بِالنِّساءِ، وقدْ نفاهُ عُمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ إلى دُهلك حينَ رُفِعَ إليهِ أَنَّهُ يَتَعرَّضُ لِلنّساءِ الحَواجِّ ويُشبِّبُ بِهِنَّ، وقدْ عاشَ ثَمانينَ سنةً، فَتكَ مِنْها أَربَعِينَ سَنَةً، ونَسكَ أَرْبَعِينَ سنةً، فَقدْ تابَ وترَكَ قَولَ الشِّعرِ، ثُمّ غَزا فِي البَحرِ فاحْتَرَقَتْ السَّفينةُ بِهِ وبِمَنْ مَعَهُ، فَماتَ فِيها غَرقاً. وكانَتْ وفَاتُهُ حَوالَي سَنةِ 93 لِلْهِجْرَةِ.
الفَرَزْدَقُ هُوَ هَمَّامُ بْنُ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ المُجَاشِعِيُّ التَّمِيمِيُّ، لُقِّبَ بِالفَرَزْدَقِ لِجَهَامَةِ وَجْهِهِ وَغِلَظِهِ، وَهُوَ مِنْ اشْهَرِ الشُّعَرَاءِ الْأُمَوِيِّينَ، وَعَدَّهُ ابْنُ سَلَّامٍ مِنْ شُعَرَاءِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى الإِسْلَامِيِّينَ، وَكَانَ الفَرَزْدَقُ مِنْ بَيْتِ شَرَفٍ وَسِيَادَةٍ في قومِهِ فَكَانَ شَدِيد الفَخْرِ بِهُمْ وَكَانَ لِسَانَهُمْ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ وَالْوُلَاةِ، وَلَهُ مَعَ جَرِيرٍ وَالاخْطَلِ اهَاجٍ مَشْهُورَةٌ عُرِفَتْ بِالنَّقَائِضِ، وَكَانَ مُتَقَلِّبًا فِي وَلَائِهِ السِّيَاسِيِّ وتَعَرَّضَ لِلسّجْنِ وَالمُلَاحَقَةِ مِنْ قِبَلِ عَدَدٍ مِنْ الوُلَاةِ، وَقَدْ عُمِّرَ حَتَّى خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَاتَ سَنَةَ 110 لِلْهِجْرَةِ.
جَميلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، أَحَدُ بَنِي عُذْرَةٍ مِنْ قُضاعَةَ، كَانَتْ مَنازِلُهُمْ فِي وَادِي القُرَى قُرْبَ المَدينَةِ المُنَوَّرَةِ، وَجَميلٌ شاعِرٌ إِسْلاميٌّ فَصِيحٌ مُقَدَّمٌ، كَانَ راوِيَةَ هُدْبَةَ بْنِ الخَشْرَمِ، وَكَانَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ راوِيَةَ جَمِيلٍ، وَهُوَ مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريِّينَ، وَمِن عُشّاقِ العَرَبِ الَّذِينَ تَيَّمَهُمْ الحُبُّ، وَصاحِبَتُهُ بُثَيْنَةُ هِيَ مِنْ بَناتِ قَوْمِهِ وَأَغْلَبُ شِعْرِهِ فِيهَا، وَلَمْ يَمْنَعْهُ زَواجُها بِغيرِهِ فَبَقِيَ يُلاحِقُها حَتَّى شَكَاه قَوْمُها إِلَى السُّلْطانِ فَأَهْدَرَ دَمَهُ، ثُمَّ رَحَلَ إِلَى اليَمَنِ، وَبَعْدَهَا قَصَدَ مِصْرَ وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مَرْوانَ فَأَكْرَمَهُ، فَأَقَامَ قَلِيلاً فِيها ثُمَّ مَاتَ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ حَوَالَيْ سَنَةِ 82 لِلْهِجْرَةِ.
مَجْنونُ لَيْلَى مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريينَ فِي العَصْرِ الأُمَويِّ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وُجودِهِ فَقِيلَ هوَ اسْمٌ مُسْتَعَارٌ لَا حَقيقَةَ لَهُ، وَتَعَدَّدَتْ الْآرَاءُ فِي اسْمِهِ كَذَلِكَ وَأَشْهَرُها أَنَّهُ قَيْسُ بْنُ الْمُلَوَّحِ بْنُ مُزاحِمٍ، مِنْ بَني عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، لُقِّبَ بِمَجْنونِ بَني عامِرٍ، وَيَغْلُبُ عَلَيْهِ لَقَبُ مَجْنُونِ لَيْلَى، ولَيلَى هي محبوبتُهُ اَلَّتِي عَشِقَها وَرَفْضَ أَهْلُها تَزْويجَها لَهُ، فَهَامَ عَلَى وَجْهِهِ يُنْشِدُ الأَشْعارَ وَيَأْنَسُ بِالْوُحُوشِ، فَكانَ يُرَى فِي نَجْدٍ وَحِيناً فِي الحِجَازِ حِيناً فِي الشّامِ، إِلَى أَنْ وُجِدَ مُلْقىً بَيْنَ أَحْجارِ إِحْدَى الأَوْدِيَةِ وَهُوَ مَيِّتٌ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةِ 68 لِلْهِجْرَةِ.
قيسُ بنُ ذَرِيح الليثيِّ، مِنْ بَنِي عبدِ مَناةَ بنِ كِنانةَ، شاعِرٌ مِنْ عُشّاقِ العَرَبِ المَشهورِينَ، وصاحِبَتُهُ لُبْنَى بنتُ الحُبابِ الكَعْبِيَّةِ الَتِي اشْتُهِرَ بِها، كانَ مِنْ سُكّانِ المَدِينةِ، وَقيلَ هُوَ رَضِيعُ الْحُسينِ بنِ عليِّ بنِ أَبِي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنْهُما أَرْضَعَتْهُ أُمُّ قَيسٍ. وقَدْ تَزَوَّجَ قَيسٌ مِنْ لُبْنَى بَعْدَ أَنْ عَشِقَها ثُمَّ طَلَقَها بعدَ أنْ أَجْبَرَهُ أَهْلُهُ عَلَى طَلاقِها، فَنَدِمَ عَلَى ذَلكَ وساءَتْ حَالُهُ وَلَهُ مَعها قِصَصٌ وأَخْبَارٌ عَدِيدَةٌ، وَشِعْرُهُ عالِي الطّبقَةِ فِي التَشْبِيبِ وَوَصْف الشّوقِ والْحَنِينِ، تُوفِّيَ نَحوَ سَنَةِ 68 لِلْهِجْرَةِ.
هوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عاصِمِ بْنِ ثابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُصَيمَةَ بْنِ النُّعْمانِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ ضُبَيعَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ مالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مالِكِ بْنِ الأَوْسِ. وَيُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ. وَقدْ غَلَبَ عَلَيْهِ لَقَبُ الأَحْوَصِ لِحَوَصٍ فِي عَيْنَيهِ وَهُوَ ضِيقٌ فِي مُؤَخَّرِ العَيْنَيْنِ.
وَهُوَ مِنْ بَني ضُبيعَةَ الَّذِينَ كَانَ يُقالُ لَهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ بَنُو كِسَرِ الذَّهَبِ، وَجَدُّهُ عاصِمٌ شَهِدَ بَدْراً وَقُتِلَ يَوْمَ الرَّجِيعِ وَهُوَ حَمِيُّ الدَّبْرِ، الَّذِي حَمَتْهُ النَّحْلُ، وَلَهُ حَديثٌ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي (الاشْتِقاق). والصَّحابيُّ حَنْظَلَةُ الغَسِيلُ هوَ خَالُ عاصِمِ بْنِ ثابِتٍ جَدِّ الأَحْوَصِ، يَقُولُ الأَحْوَصُ مُفْتَخِراً بِهِمَا:
فَخَــرَتْ وانْتَمَـتْ فَقُلْـتُ ذَرِينِـي لَيــسَ جَهْــلٌ أَتَيتِــهِ بِبَــدِيعِ
فَأَنا ابنُ الَّذِي حَمَتْ لَحْمَهُ الدَّبْـ ــرُ قَتِيـلِ اللِّحيـانِ يَومَ الرَّجِيعِ
غَسَّلَتْ خــالِيَ المَلائِكَــةُ الأَبْـ ــرارُ مَيْتـاً طُـوبَى لَـهُ مِنْ صَرِيعِ
وَأُمُّ الْأَحْوَصِ هِيَ أُثَيْلَةَ بِنتُ عُمَيرِ بنِ مَخْشِيّ، ويُذْكَرُ أَنّ الأحوصَ تَزَوَّجَ امْرأَةً مِنْ تَميمٍ، ومِنْ أولادِهِ المذكورينَ أَوسُ بن الأَحوصِ.
وَلَدَ الأَحْوَصُ الأَنْصاريُّ فِي قُبَاءٍ قُرْبَ المَدينَةِ المُنَوَّرَةِ وَفِيهَا نَشَأَ، وَلَا يُعْرَفُ الكَثيرُ عَنْ نَشْأَتِهِ غَيْرَ أَنَّهُ نَشَأَ فِي بِيئَةٍ مِنْ اللَّهْوِ وَالْمُجونِ، فَقَدْ كَانَتْ المَدينَةُ فِي عَصْرِهِ مَهْداً لِلْغِنَاءِ وَتَعُجُّ بِالْمَغنّينِ والْمُغَنّياتِ كَمَعْبَدٍ وَسّائِب خاثِر وَجَميلَة وَعَزَّةَ المَيْلاء وَسَلّامَةَ القَسِّ وغَيرِهم. وَقَدْ اشْتُهِرَتْ أَشْعارُ الأَحْوَصِ عِنْدَهم، وَكَانَ الأَحْوَصُ كَثيرَ التَّرَدُّدِ عَلَى مَنازِلِهِمْ كَمَنْزِلٍ جَميلَةَ وَعَقيلَةَ، وَتُرْوَى لَهُ العَديدُ مِنَ القِصَصِ والأَخْبارِ مَعهم فِي تِلْكَ الفَتْرَةِ كَعَقيلَةِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا بَعْدَ أَنْ جَفَتْهُ وَلَمْ تَأْذَنْ لِه بِالدُّخُولِ عَلَيْهَا:
ضَنَّتْ عَقِيلَــةُ لَمّـا جِئْتُ بِـالزّادِ وَآثَـرَتْ حاجَـةَ الثَّاوِي عَلَى الْغادِي
فَقُلْـتُ واللَّـهِ لَـولا أَنْ تَقُـولَ لَـهُ قَـدْ بـاحَ بِالسِّرِّ أَعْـدائِي وَحُسّادِي
قُلْنــا لِمَنْزِلِهـا حُيِّيـتَ مِـنْ طَلَـلٍ وَلِلْعَقِيـــقِ أَلا حُيِّيــتَ مِـنْ وادِي
وَقد تَعَلَّقَ الأَحْوَصُ بِسَلّامَةَ القَسِّ وَأَحَبِّهَا، وَعُدَّ الأَحْوَصُ وَسَلّامَةُ مِنَ العُشّاقِ، وَهِيَ اَلَّتِي يَقُولُ فِيهَا:
أَسـلامُ هَـل لِمُتَيَّـمٍ تَنويـلُ أَم هَلْ صَرَمْتِ وَغالَ وُدَّكِ غُولُ
لا تَصْـرِفِي عَنِّـي دَلالَـكِ إِنَّهُ حَسـَنٌ لَـدَيَّ وَإِنْ بَخِلْتِ جَمِيلُ
أَزَعَمْـتِ أَنَّ صَبابَتِي أُكْذُوبَةٌ يَوْمـاً وَأَنَّ زِيـارَتِي تَعْلِيلُ
وَمَدْحَ الأَحْوَصِ بَني أُمَيَّةَ وَوَفَدَ عَلَى خُلَفائِهِمْ، وَيَكَادُ يَقْتَصِرُ مَدْحُهُ عَلَيْهُمْ، يَقُولُ فِيهم:
وَإِنِّــي لأَســتَحييكُمُ أَن يَقـودَني إِلى غَيرِكُم مِن سائِرِ الناسِ مَطمَعُ
وَأَن أجتَـدي لِلنَفـعِ غَيـرَكَ مِنهُمُ وَأَنــتَ إِمــامٌ لِلبَريّــةِ مَقنَـعُ
وَمِمَّنْ مَدَحَهُمْ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مَرْوانَ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى الوَليدِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ فَأَجْزَلَ لَهُ العَطاء، ثُمَّ مَدْحَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ وَهُوَ والٍ عَلَى المَدينَةِ، وَحِينَ وَلِيُّ الخِلافَةَ سُلَيْمانُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ وَلَّى عَلَى المَدينَةِ أَبَا بَكْرِ بْنَ حَزْمٍ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَحْوَصِ عَداوَةٌ، فَأَخَذَهُ وَعَذَّبَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ سَلّامٍ فِي طَبَقاتِهِ أَنَّ الأَحْوَصَ كَانَ يُشَبِّبُ بِنِساءِ أَهْلِ المَدينَةِ فَتَأَذّوا بِهِ فَشَكاه قَوْمُهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ سُلَيْمانَ بْنَ عَبْدِ المَلِكِ فَكَتَبَ إِلَى عامِلِهِ بِالْمَدِينَةِ أَنْ يَضْرِبَهُ مِئَةَ سَوْطٍ وَيُقِيمُهُ عَلَى البُلُسِ لِلنَّاسِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي كتابِ (الْمُؤْتَلِفِ وَاَلْمُخْتَلِفِ مِنْ أَسْماءِ الشُّعَراءِ) لِلْآمِدِيِّ أنَّ الوَليدَ بْنَ عَبْدِ المَلِكِ هوَ مِنْ أَمْرِ عامِلَهُ عَلَى المَدينَةِ بِعِقابِ الأَحْوَصِ وَذَلِكَ أَنَّ الأَحْوَصَ كَانَ يُرَاوِدُ غِلْمانَهُ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَأَرْسَلَ بِهِ إِلَى المَدينَةِ وَأَمَرَ أَنْ يَجْلِدَهُ مِئَةً وَيَصُبُّ عَلَيْهُ زَيْتاً وَيُقيمُهُ عَلَى البُلُسِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِ. فَقَالَ وَهُوَ عَلَى البُلُسِ:
ما مِنْ مُصِيبَةِ نَكْبَةٍ أُمْنَى بِها إِلّا تُعَظِّمُنِــي وَتَرْفَــعُ شـانِي
وَتَـزُولُ حِيـنَ تَزُولُ عَنْ مُتَخَمِّطٍ تُخْشـَى بَـوادِرُهُ عَلَـى الْأَقْرانِ
إِنِّي إِذا خَفِيَ اللِّئامُ رَأَيْتَنِي كَالشَّمْسِ لا تَخْفَـى بِكُـلِّ مَكانِ
إِنِّـي عَلـى ما قَد تَرَونَ مُحَسَّدٌ أُنْمِـي عَلَى البَغْضاءِ والشَّنْآنِ
ثُمَّ نَفِيَ الأَحْوَصُ إِلَى إِحْدَى قُرَى اليَمَنِ تُسَمَّى (دهك) كَانَ بَنُو أُمَيَّةَ يَنْفُونَ إِلَيْهَا مِنْ يَسْخَطُونَ عَلَيْهِ، وَبَقِيَ هُنَاكَ فِي عَهْدِ سُلَيْمانَ، وَرَفْضَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ أَنْ يُعيدَهُ بَعْدَ أَنْ شَفَعَ لَهُ رِجالٌ مِنَ الأَنْصارِ، وَيُرْوَى أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ مِنْ الَّذِي يَقُولُ:
فَمَا هوَ إِلَّا أَنْ أَرَاهَا فُجَاءَةً فَأُبْهَتُ حَتَّى مَا أَكَادُ أُجِيبُ
قَالُوا الأَحْوَصُ، قَالَ فَمَن الَّذِي يَقُولُ:
أَدُورُ وَلَوْلَا أَنْ أَرَى أُمَّ جَعْفَرٍ بِأَبْياتِكُمْ مَا دُرْتُ حَيْثُ أَدُورُ
قَالُوا الأَحْوَصُ قَالَ فَمَن الَّذِي يَقُولُ:
سَيُلْقَى لَهَا فِي القَلْبِ فِي مُضْمَرِ الْحَشا سَريرَةُ حُبٍّ حِينَ تُبْلَى السَّرائِرُ
قَالُوا الأَحْوَصَ قَالَ إِنَّهُ يَوْمَئِذٍ عَنْهَا لَمَشْغولٌ، واللَّهُ اَلَا أَرُدُّهُ مَا كَانَ لِي سُلْطانٌ فَمَكَثَ هُنَاكَ بَقيَّةُ وِلايَةِ عُمَرَ.
ثُمَّ أُطْلِقَ الأَحْوَصُ مِنْ مَنْفَاهُ فِي عَهْدِ يَزيدِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ، وَقَدْ قَدمَ الأَحْوَصُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى يَزيدَ وَلَهُ مَعَهُ أَخْبارٌ، مِنْهَا أَنَّ يَزيدَ بْنَ عَبْدِ المَلِكِ كَانَ قَدْ أَمَرَ الفَرَزْدَقَ وَكُثَيِّراً وَالْأَحْوَصَ بِهِجاءِ يَزيدَ بْنِ المُهَلَّبِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، فَاسْتَعْفَاهُ الفَرَزْدَقُ وَكُثَيِّرٌ وَهَجاهم الأَحْوَصُ، فَلَمَّا بَعَثَ بِهِ يَزيدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ إِلَى الجَرّاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الحَكَميِّ وَهو بِأَذربيجانَ وَقَدْ كَانَ بَلَغَ الجَرّاحَ هِجاءُ الأَحْوَصِ بَنِي المُهَلَّبِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ بَزِقٍّ مِنْ خَمْرٍ فَأُدْخِلَ مَنْزِلَ الأَحْوَصِ ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ خَيْلاً فَدَخَلُوا مَنْزِلَهُ فَصَبّوا الخَمْرَ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ أَخْرَجُوهُ عَلَى رُؤُوسِ النَّاسِ وَأَتَوْا بِهِ الجَرّاحَ، فَأَمَرَ بِهِ فَحَلَقَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَضَرَبَهُ الحَدَّ يَتَراوَحُهُ الرِّجالُ، وَهُوَ يَقُولُ لَيْسَ هَكَذا تُضْرَبُ الحُدودُ، فَجَعَلَ الجَرّاحِ يَقُولُ صَدَقْتَ أَجَلْ وَلَكِنْ لَما تَعْلَمُ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى يَزيدَ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ بِاَلَّذي كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فَأَغْضَى لَهُ عَلَيْهَا.
وَكَانَتْ أَشْعارُ الأَحْوَصِ مِمَّا يَنتقيهِ المُغَنُّونَ، ذَكَرَ ابْنُ سَلّامٍ أَنَّ حبابَةَ جاريَةَ يَزيدَ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ اختارت أبياتاً مِنْ شِعْرِ الأَحْوَصِ لِما أَرَادَتْ أَنْ تَسْتَبْقيَ يزيدَ مَعَهَا حِينَ نَصَحَهُ أَخُوه مَسْلَمَةُ اَنْ يَخْرُجُ لِلنَّاسِ وَيَسْتَقْبِلَ وَفُودَ النّاسِ اَلَّذِينَ يَقِفُونَ بِبَابِهِ، فَمِمَّا غَنَتْهُ قَوْلُ الأَحْوَصِ:
أَلا لا تَلُمـــهُ اليَــوم أَن يَتبَلَّــدا فَقَــد غُلِــبَ المَحْــزُونُ أَنْ يَتَجَلَّـدا
إذا أَنْتَ لَمْ تَعْشَقْ وَلَمْ تَدْرِ مَا الْهَوى فَكُـنْ حَجَـراً مِـنْ يـابِسِ الصَّخْرِ جَلْمَدا
فَمَــا الْعَيـشُ إِلَّا مـا تَلَـذُّ وَتَشْـتَهِي وَإِنْ لامَ فِيــهِ ذُو الشَّنانِ وَفَنَّــدا
فَلَمَّا غَنَتْهُ حبابَةُ هَذَا الصَّوْتِ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ مَسْلَمَةَ، صَدَقْتِ واللَّهُ لَا أُطيعُهُمْ أَبَداً.
وَمِن صِفاتِ الأَحْوَصِ أَنَّهُ كَانَ أَحْمَرَ دَميماً قَصِيراً أَعْرَجَ، وَكَانَ شَدِيدَ الْهِجاءِ هَجَا قَوْمَهُ فَمَلَأَهُمْ شَرّاً فَلَمْ يَبْقَ لَهُ مِنْهُمْ صَديقٌ، وَمِن قِصَصِ هِجائِهِ مَا وَرَدَ فِي (الكامِل) لِلْمُبَرِّدِ أَنَّ الأَحْوَصَ هَجَا سَعْدَ بْنَ مُصْعَبٍ بِقَوْلِهِ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ القَوْمَ لَيْلَةَ جَمْعِهِمْ بَغُوهُ فَأَلْفُوهُ لَدَى شَرِّ مَرْكَبِ
فَمَا يَبْتَغِي بِالشَّرِّ لا دَرّ دَرُّهُ وَفِي بَيْتِهِ مِثْلُ الْغَزَالِ الْمُرَبَّبِ
فَلَمَّا خَلا بِهِ سعدٌ أَمَرَ بِهِ فَأُوثِقَ، وَأَرَادَ ضَرْبَهُ، فَقَالَ لَهُ الأَحْوَصُ: دَعْنِي، فَلَا واللَّهِ لَا أَهْجُو زُبَيرِيَّاً أَبَداً فَحَلَّهُ.
وَعُرِفَ الأَحْوَصُ بِمُجُونِهِ وَأَنَّهُ كَانَ يَشْبِّبُ بِنِساءِ المَدِينَةِ، وَمِن اللَّوَاتِي شَبَّبَ بِهِنَّ فِي شِعْرِهِ امْرَأَةٌ تُسَمَّى أُمَّ جَعْفَرٍ وَفِيهَا يَقُولُ:
أَدُورُ وَلَوْلَا أَنْ أَرَى أُمَّ جَعْفَرٍ بِأَبْياتِكُمْ مَا دُرْتُ حَيْثُ أَدُورُ
وَكَانَ لِأُمُّ جَعْفَرٍ أَخٌ يُقالُ لَهُ أَيْمَنُ، فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ ابْنَ حَزْمٍ الأَنْصاريَّ وَهُوَ وَالِي اَلْمَدينَةِ ، فَبَعَثَ ابْنُ حَزْمٍ إِلَى الأَحْوَصِ فَأَتَاه، وَكَانَ ابْنُ حَزْمٍ يُبْغِضُهُ، فَأَنْكَرَ الأحوصُ ما وقعَ منهُ، فَقَالَ ابن حَزْمٍ لَهُما: قَدْ اشْتَبَهَ عَليَّ أَمْرُكُما، وَلَكِنِّي أَدْفَعُ إِلَى كُلِّ واحِدٍ مِنْكُمَا سَوْطًا، ثُمَّ اجْتَلِدا، وَكَانَ الأَحْوَصُ قَصِيراً نَحيفاً، وَكَانَ أَيْمَنُ طَوِيلًا ضَخْماً جَلداً، فَغَلَبَ أَيْمَنُ الأَحْوَصَ فَضَرَبَهُ حَتَّى صَرَعَهُ، فَلَمَّا رَأَى الأَحْوَصُ تَحَامُلَ ابْنِ حَزْمٍ عَلَيْهِ، امْتَدَحَ الوَلِيدَ ثُمَّ شَخَصَ إِلَيْهِ إِلَى الشّامِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَأَنْشَدَهُ:
لا تـَـأْوِيَنَّ لِحَزْمِــيٍّ رَأَيْــتَ بِـهِ ضُرّاً وَلَو طُرِحَ الحَزْميُّ فِي النَّارِ
النَاخِسِــينَ بِمَـرْوانٍ بِـذِي خُشُبٍ والمُقْحِمِينَ عَلى عُثمانَ فِي الدَّارِ
قَالَ لَهُ: صَدَقْتَ واللَّهِ، لَقَدْ كُنَّا غَفِلنا عَنْ حَزْمٍ وَآلِ حَزْمٍ. ثُمَّ عَزَلهُ الوَليدُ وَأَخَذَ أَمْوالَهُ.
تُوفِّيَ الأَحْوَصُ الأَنصارِيُّ فِي حُدودِ سَنةِ 105 لِلهِجْرَةِ فِي خِلافَةِ يَزيدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، وقالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي ماتَ فِيهِ:
يا بِشْرُ يا رُبَّ مَحْزُونٍ بِمَصْرَعِنا وَشـامِتٍ جَـذِلٍ مـا مَسَّهُ الْحَزَنُ
وَما شَماتُ امْرِئٍ إِنْ ماتَ صاحِبُهُ وَقَـدْ يَـرَى أَنَّهُ بِالْمَوتِ مُرْتَهَنُ
يـا بِشرُ هُبِّي فَإِنَّ النَّومَ أَرَّقَهُ نـأْيٌ مُشِتٌّ وَأَرْضٌ غَيرُها الْوَطَنُ
أَلا قِفْ بِرَسْمِ الدَّارِ واسْتَنطِقِ الرَّسْما فَقَـدْ هـاجَ أَحْزانِـي وَذَكَّرَنِـي نُعْمـا
قالَ: بَلَى، قالَ: واللهِ لا أَهْجُو شاعِراً هذا شِعْرُهُ، فاشْتَرى ابنُ بَشِيرٍ أَنْفَسَ مِن الهَدِيَّةِ الأُولى وقَدمَ بِها عَلى جَريرٍ، فاسْتجارَهُ فأَجارَهُ، ثُمَّ قالَ لَهُ: ما فَعلَ ابنُ عَمِّكَ الأَحوصُ بنُ مُحمَّدٍ؟ قالَ: هُوَ صاحِبِي الَّذي هَجانِي، قَالَ: أَلَيْسَ القائِلُ:
تَمَشَّى بِشَتْمِي فِي أَكارِيسِ مالِكٍ يُشِيدُ بِهِ كَالكَلْبِ إِذْ يَنْبُحُ النَّجْما
قالَ: بَلى، قَالَ: وَاللهِ لا أهْجُو شاعِراً هذا شِعْرُهُ، فاشْتَرى أَكْثَرَ مِنَ الهَدِيَّتِينِ وَأَهْداها إِلى الْأَحْوَصِ وَصالَحَهُ.
عدَّهُ ابنُ سلّامٍ مِنْ شُعراءِ الطّبقةِ السّادِسَةِ مِن طَبقاتِ الإِسْلامِيِّينَ، فَكانَ فِي طَبقةِ عَبدِ اللهِ بنِ قَيسِ الرُّقَيّاتِ وجَميلِ بنِ مَعْمرٍ ونُصَيب. وعلّق أبو الفرج على ذلك فقال: والأَحْوصُ لولا ما وضع فيهِ نفسَهُ مِنْ دنيءِ الأخلاقِ والأَفعالِ أشدُّ تَقَدُّماً مِنْهُم عندَ جَماعةِ أَهلِ الْحِجازِ وَأكْثرِ الرُّوَاةِ، وهُو أَسْمحُ طبْعاً وأَسْهلُ كلاماً وأَصَحُّ مَعنىً مِنهم، ولِشِعْرِهِ رَونَقٌ وديباجَةٌ صافيَةٌ وحَلاوةٌ وعُذوبَةُ أَلْفَاظٍ لَيستْ لِواحِدٍ مِنْهُم. وكانَ قَليلَ المُروءَةِ والدِّينِ هَجّاءً للنّاسِ، مأْبُوناً فِيما يُروَى عَنْهُ.
ذكَرَ ابنُ قُتيبةَ فِي (الشِّعر والشُّعراء) أبياتاً مِمّا يُستَحْسَنُ مِنْ شِعْرِ الأَحْوَصِ ومِنْها قَولُهُ:
أَلَا لا تَلُمْـــهُ الْيَــومَ أَنْ يَتَبَلَّــدا فَقَــدْ غُلِــبَ الْمَحْــزُونُ أَنْ يَتَجَلَّـدا
فَمَــا الْعَيـشُ إِلَّا مـا تَلَـذُّ وَتَشْـتَهِي وَإِنْ لامَ فِيــهِ ذُو الشَّنانِ وَفَنَّــدا
(أبو الفرجِ الأصفهانيّ/ الأَغاني).
(الآمِدِيُّ/ المُؤتلِفُ والمُختلِفُ في أَسماءِ الشُّعراء)