
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أيــا أيُّهـا العشـّاق للمَحضـَرِ الأعلـى
عيــدونا بوَصـلِكُم فلكُـم فينـا وَصـلا
فهــذا قــت النهـوض للمقـام الأسـنى
فلِلــهِ الحمــدُ حيــثُ كنـا لـه أهلا
دعانــا داعــيُّ اللَــهِ قبـلَ وجودِنـا
ولمـا كـان الوجـود سـمعنا لـهُ قولا
فحــنَّ حمــامُ الوصـلِ مـن بعـدِ فصـلهِ
فصــِرنا علــى جمـعٍ تـاللَهِ ولا حـولا
فنحــنُ ملــوكُ الأرضِ مــن حيـث قربُـهُ
بــذَلنا نفوســاً فـي حبَّـهِ ثـمَّ الأهلا
فكُنّـا في ضوء الشمس والغيرُ في الدجى
لنـــا بصــَرٌ حديــدٌ حيثُمــا تجلّــى
ولنـا مـن نـور الحـقِّ نـورٌ علـى نورٍ
يهـدي اللَـهُ لنورِ الولي من كان أهلا
ولا تعجَـبِ مـن هـذا وقـد كـان قبلَنـا
هـداةٌ علـى التحقيـق فـي الأمم الأولى
تُزكوامـا بيـن القـوم لم يُسمَع قولُهُم
وقــد مـرَّت الأيـامُ والنـاسُ فـي غفلا
وبعــد وفــاةِ الشــيخ يظهـر كمثلـهِ
فهــذي ســُنَّةُ اللَــهِ جــرت فلا بـدلا
فــإن فاتــكَ الوصــولُ عنــدَ حيـاتهِ
فـالفَوتُ فـذاك الفـوتُ صح بعد النقلا
فشــمِّر عـن سـاق الجـد وانهـض لأمـرهِ
وخُــذ عنـهُ علومـاً رخيصـة وقـد تغلا
وذلـــكَ مشـــهودٌ لــدي كــلِّ عــارفٍ
فمَـن كـان ذا عقـلٍ فليسـتنجدِ العقلا
ويَقُـل فـاتَ الزمـانُ عنّـي يـا حسـرَتي
ويَنهـــض تجــدِ الحــقَّ حقّــاً إن جلا
ويَقــل أنــا الغريــقُ لالـي ولا معـي
وليسـتنجدِ أربـاب الوصول إلى الوصلا
فهــمُ إلــى الظمــآن أولــى بشـربهِ
لهُــم فيّــاضُ الرحمــنِ وشـرّابٌ يحلـى
ومــن لــم يغـنِ المريـدَ أوَّل نظرَتـهِ
فهُـو فـي قيـد الجهـلِ حاط بهِ الجهلا
فلا شـــيخَ إلّا مـــن يجـــودُ بســـرِّهِ
حريـصٌ علـى المريـد مـن نفسـه أولـى
ويرفــعُ عنــهُ حجبــاً كــانت لقلبـهِ
منيعــاً عـن الوصـول للمقـام الأعلـى
ويــدخُل حضـرةَ اللَـهِ مـن بعـدِ فصـلهِ
ويَــرى ظهــورَ الحــقِّ أينمــا تـولّى
ويفنــى عــنِ العــالمِ طُــرّاً بأسـرهِ
فلا ناصـــِراتُ الطَــرف يُهــوى ولا خلّا
فهــذا تــاللَهِ شــيخٌ ليــس كمثلــه
فهـوَ فريـدٌ العصـرِ واحـد فـي الجملا
فهــو النجــم اثـاقب إن رُمـتَ قربَـهُ
وإن نفســُكَ عــزت فهــو منهـا أغلـى
كســـاهُ رســول اللَــهِ ثــوبَ خلافــةٍ
تخلــى بـذاك الثـوب بعـدَ مـا تخلّـى
وكفـــى هـــوَ الــوارِبُ لســرِّ ربِّــهِ
صــفيُّ نقــيُّ القلــبِ بالحُســن تحلـى
أخــذ عــن الرســول علمـاً كفـى بـهِ
أنـهُ علـمُ البـاطنِ فـي القلـبِ تـدلّى
علـمٌ كـان مكتومـاً عـن الخلـقِ جملـةً
وبــرٌّ كــان مصـوناً بـاللفظِ لا يُتلـى
عزيــزٌ حــوى عزيــزاً حـلِّ فـي قلبـهِ
وللَـــهِ العـــزُّ والرســول وللــوُلا
هــم بــدلٌ للرُســُل فــي كــلِّ أمــةٍ
قـاموا بـدعوةِ الحقِّ نابوا عن الرُسلا
وضـحوا معنـى السـبيل للحـقِّ وقـاموا
شـهوداً علـى التوحيـد كما قام الأولى
هنيئاً لهـم مـن قـومٍ قـد جـادَ ربُّهُـم
عليهـــم بقربـــهِ وبالرضــى تجلّــى
هـمُ القـوم لا يشـقى جليسـهُم قد قالا
نـبيُّهُم فـي الصـحيح صـحَّ مـا قد قالا
هــمُ العُــروةُ الـوثقى بهـم فتمسـَّكَن
هـم أمـان أهـلِ الأرضِ في الخلا والملا
لهُــم قلــوبٌ تـرى مـالا يـرى غيرهـا
أيقـاظٌ وإن نـاموا ففـي نـومهِم وصلا
تـاللَهِ نـومُ العـارف يُغنـي عـن ذكرهِ
فكيـــفَ بصـــلاةِ العــارف إذا صــلّى
يكــونُ بســقفِ العــرشِ حالــةَ قربـهِ
واقفـاً مـع الإلـهِ يـا لهـا مـن حالا
حالـةٌ لـو حـال الحـالُ بينـي وبينَها
لقلــتُ هــذا محـالٌ والحـالُ لا يحلـى
فكُنّــا كمــا كنّــا ولا زِلنـا وعـدنا
علــى حضـرةِ التوحيـد كـأوَّل الـوهلا
حــبيبٌ قــد تجلــى علينــا بنــورهِ
فَنِلنـا مـن ذاك النـور حظّـاً وإن جلّا
وقـد بـدا نـورُ الشـمس في قمر الدجى
فكنـتُ منهـا فرعـاً وكـانت منّـي أصلا
وقــد خمــر الغــرام منّــا عقولنـا
كأنَّنــا فــي خبــل وليـسَ بنـا خبلا
ترانـا بيـن الأنـام لسـنا كمـا تـرى
تـــاللَهِ لفـــوق أرواحنـــا تجلــى
لنـا مـن عقـل العقـول عقـلٌ فيـا لهُ
جــوهرٌ فريـدُ الحسـن يـا حبَّـذا عقلا
لا يعقِــل مـا سـوى اللَـهِ جـلَّ ثنـاؤهُ
فهــذا هــو العقـال يعقـل ولـو قلّا
هنيئاً لكُــم مــن قــوم خصـَّكُم ربُّكُـم
واصـــطنعكُم لِنَفســـهِ صـــنعَه مُكملا
خصــَّكُم بكَشـف الصـون عـن نـور وجهـه
فهــل يعــادلُ الشــكر كلّاً قُلــتُ فلا
ألا فـاعملوا شـكراً لمـن جـادَ بالـذي
أعــزَّ مــن العزيــز وبــالعزّ أولـى
ألا فـتيهوا فخـراً علـى العرشِ والثرى
فـأنتُم عبيـدُ اللَـهِ أمـا الغيـرُ فلا
تحــيَ بكـمُ أجسـامُ حـالَت فـي رمسـها
ممزَّقــــة كــــانت رُفاتــــاً ونُخلا
كــأنكم روحُ اللَــهِ خلــت فـي آدمـا
مثـلَ مـا لمريـمَ مـن نفـخ جبرَ اثيلا
ألا فارقصــوا وجــداً وتيهــا وطربـاً
وجـرّوا ذيـولَ العـزِّ كُنتُـم لهـا أهلا
كلامُكُـــم مـــا أحلاهُ يُصــغى لصــيتهِ
كـــأنَّهُ تســبيحٌ مــن الملاءِ الاعلــى
كــأنه ســحرُ اللَــهِ للقلــبِ جــاذبٌ
واللَــهُ يُحِــقُّ الحــق والباطـلُ يفلا
حــوَيتُم عــزّاً نعــم وقــدراً وسـطوة
فعِزُّكـــــم عــــزٌّ ودولتكُــــم دولا
مـــدَحتُكُم كلا بـــل نَمــدَح مــادِحَكُم
لأنكــمُ أهــل والمــدح فيكُــم حلــى
ســلامُ اللَـهِ عنكُـم مـا قـال قـائلُكُم
جـزى اللَـهُ مـن ان داعياً إلى المولى
وإن كُنــتُ عبــدكُم عبيــداً لعبــدكُم
فلـى فـي ذاك فخـرٌ وعـزٌّ بيـنَ الـولا
مُحبكُــم حــب اللَــهِ مـن حيـثُ حبِّكُـم
لأنكُـــم بــابُ اللَــهِ جــلَّ وتعــالى
فهَـل لـكَ يـا هـذا نصـيبٌ مـن ذوقِهـم
فــإن كنــت مثلهُـم نعـم فلـكَ صـولا
وإن لـم تجِـد لـدَيكَ شـيئا ممّـا لهُـم
فأنصـف مـن نفسـِك وهـذا الوصـف يتلى
فهَــل طــويت الأكــوان عنــك بنظـرة
وهــل شــاهدت الرحمـن حيثُمـا تجلّـى
وهَــل اِفنَيــت الأنــامَ عنــكَ بلَمحَـةٍ
وهـل تهـت عـن الكل والعلوي والسُفلا
وهــل طُفــتَ بـالأكوانِ مـن كـلِّ جـانبٍ
وهـل طـافَ بـك الكـونُ وانـت لهُ قبلا
وهــل زالَــت الحجُــبُ عنــكَ تكرُّمــاً
وهــل رُفِــع الـرداءُ وزالـتِ السـدلا
وقيـــلَ لـــك أدن فهـــذا جمالُنــا
مرحبـــاً فتمتِّـــع بــك أهلا وســهلا
وهــل دعــاك الــداعي فقُمــت لأمـرهِ
وكنــت أديــب السـير وخلعـت النعلا
وحــاطَ بــكَ التعظيـم مـن كـل جـانبٍ
ولمــا صــحَّ الوصــولُ ملـتَ لـهُ ميلا
وهــل صــُنتَ ســر اللَـهِ بعـدَ ظهـورهِ
وكنــت أمينـاً عنـهُ هـل لبسـت الحلا
فهــذا بعــضُ الـذي يـدلُّ عـن قربِكـا
وإلّا ثــم أســرار لا تفشـى فـي الملا
فــإن صــح هـذا الوصـفُ عنـدكَ حبَّـذا
وإلّا أنـت البعيـدُ مـن حضـرةِ المـولى
نـحَّ عـن علـم القـوم لسـت مـن أهلـهِ
لا تقـرَب مـال اليـتيم ذاك نفسُ البلا
كبُــرَ مقــتُ الإلــه يـا خيبَـةَ الـذي
جعــل زُخــرف القـول يسـتبدِل الفِعلا
وهـل ينفَـعُ التشـديقُ بـالقول والثنا
وهـل ينفَـعُ الـتزويقُ مـن شفاء العلا
وهــل ينفــعُ المريـضَ مـا سـوى طبِّـه
وهــل يســرُّ الغريـب شـيءٌ دونَ الأهلا
فــإن لفّقــت الأقـوال تحكـي كقـولهِم
فهـذا شـهدُ الزنبـور أين عسلُ النحلا
فيـا ليـتَ شـعري ما الجميلُ وما الذي
دعـــاهُ لهـــذا الــزور بــه تحمّلا
فيــا لـهُ مـن أحمـق قـد ضـاع عمـرهُ
يــرومُ جــذبَ النجــوم بيـدهِ الشـلّا
فلــو صــدق الإلــه أحســن مـن أنَّـهُ
ضــيع مــن العُمــر حظَّـهُ فـي الجُملا
ليَعمَـل بمـا علِـم كي يرث ما لم يعلَم
بهـذا جـاء الحـديُث عـن النـبي يُتلى
وليــأت بيــوت اللَـهِ مـن نحوبابهـا
وليجنَــح عـن الكـذبِ لا يحسـبهُ سـهلا
ألا يخشــى رب العــرش يــوم لقــائهِ
حيـث يـدَّعي الوصـولَ والحـال لا وصـلا
ألا تتقـــى الرحمــن صــونا لعرضــه
ويحفــظ نــور الإيمــان لئلا تــرحلا
ألا يخــافُ الإلــه مــن كــان قــولهُ
يشـيرُ إلـى التحقيـق والمقـامِ الأعلى
تسـمَع لسـاناً يتلـو مـا ليسَ في قلبهِ
كــأنَّهُ ذو علــمٍ أحــاط بمــا قـالا
يقـــولُ إن العـــارف فــوقَ مقــالهِ
فهــوَ مــع الإلــه فــي الخلا والملا
ممــوَّه عنــدَ العــوام يـدعى كمِثلـهِ
وهــو عنــد الخــواص مرتَكَـبُ الـزلّا
ولــولا كشــفُ الألـه ينـبي عـن حـالهِ
لكُنّــا مــن حسـنِ الظـنِّ نحسـبهُ أهلا
ولــولا ســترُ الإلــه نخشــى لهتكــهِ
لصــرّختُ باســمهم تفصــيلاً لا إجمـالا
فهــل طــالبُ الإلــه يرضــى ببُعــدهِ
حشــاهُ وإنَّمــا يحتـاجُ إلـى الوصـلا
مريــدُ المعنــى لـهُ سـمةٌ فـي وجهـهِ
ونـــورٌ علــى الجــبين ضــاء فتلالا
قريبـــاً أديبـــاً ذا حيــاءٍ وثقــةٍ
صــفوحاً عــن العُــذال معتـبر الخلّا
لــهُ همَّــةٌ تســمو علــى كـلّ لِّهمَّـةٍ
فلا شــيء يمنعـهُ والـوعر يـرى سـهلا
ولا لـــهُ وطـــرٌ مـــن دون مرامـــهِ
فلا يهفــو لأهــل كمــا لا يـرى عـذلا
ولــهُ وصــفٌ جميــلٌ يكفـي فـي وصـفهِ
أنـهُ مريـدُ الحـق يـا حبَّـذا النـزلا
فمـــن كـــان مريــداً فهــذي إرادةٌ
يجعلهــا نصــب عينَيــهِ ثــمَّ يتخلّـى
مـن كـل وصـفٍ مـذموم يفهـمُ مـن نفسه
وبعـــد تخلّيـــهِ بالضـــدِّ يتحلّـــى
يكــونُ عبــداً للّــهِ فــي كـلِّ حالـةٍ
آتيــــاً بفرضـــهِ ومعتبِـــرَ النفلا
حتّــى يكــونَ الحــقُّ ســمعَهُ وبصــرَه
لسـاناً ونُطقـاً واليـدَينِ كـذا الرجلا
يمُــت قبــل أن يمــوتَ يحيــى بربـه
ومـا كـان بعـدَ الموتِ ذاك هو النقلا
ويُحاســِب نفســه بنفســهِ قبــلَ مــا
ويَكُــن نــائِب الحــقّ بنفســهِ أولـى
وليــرَ وجــودَ الحــقِّ قبــل وجــودهِ
وبعـــدَ وجـــودهِ وحيثُمـــا تـــولّى
كــان اللَــهُ وحــدهُ ولا شــيءَ معــهُ
وهـــو كمـــا كـــان آخـــراً وأولّا
فأينمـــا رأيـــت رأيـــتَ وجـــودهُ
ففــي مطلـقِ التوحيـد ليـس فيـه إلّا
فكيــفَ بــذاتِ اللَــهِ يحصـُرها حـاجبٌ
فمـا ثـمِّ مـن حجـاب سـوى النور تجلّى
وليـــس لــك هــذا إلّا بصــحبة مــن
لـــهُ مقــامٌ يســمو وقــدرٌ مبجلــى
فـإن صـادفت الـداعي محقّـاً فـي زعمهِ
مشـيراً إلـى التحقيـق والمقام الأعلى
فإيــاك الاهمـال مـا فحـص عـن قـولهِ
وسـلهُ عـن الوصـول هـل يعكـس الوصلا
فـــإن أشــارَ بالبعــد ذاك لبُعــده
وإن أشــار بــالقرب فــاعتبرهُ أهلا
يوضــح لــك الســبيل للحــقِّ قاصـداً
بـــذلك وجــهَ اللَــهِ جــلّ وتعــالى
وينهــض بـك فـي الحـال عنـد لقـائه
ويضـع لـك قدماً في السير إلى المولى
فبتشـــخيص الحــروف تحظــى بفضــله
إلـى أن تـرى الحـروف في الأفاق تجلى
وليــس لهــا ظهــورٌ إلّا فــي قلبكـا
وبتمَكُّــــنِ الإســـمِ ترتحِـــلُ الغَفلا
فعظِّمَـــنِّ الحـــروف بقـــدر وســعكا
وارسـمها علـى الجميـع علويّـاً وسُفلا
وبعــد تشــخيص الإســم ترقـى بنـورهِ
إلـى أن تفنـى الأكـوان عنـكَ وتـزولا
لكــنِّ بــأمر الشــيخ تفنـى فلا بكـا
فهـــوَ دليــلٌ اللَــهِ فاتخــذهُ كفلا
يُخرجـك مـن ضـيق السـجون إلـى الفضا
إلــى فضـاءِ الفضـا إلـى أوَّلِ الأولـى
إلـى أن تـرى العـالم لا شيء في ذاته
أقـلَّ مـنَ القليـل فـي تعظيـم المولى
فـإن بـرزَ التعظيـمُ تفنـى فـي عينَيهِ
لأنـك لـم تكـن شـيء مـن أوَّل الـوهلا
فلــم تـدرِ مـن أنـتَ فكُنـت ولا أنتـا
فتبقــى بلا أنــتَ لا قــوى ولا حــولا
بعــدَ فنــائكَ ترتقــي إلــى البقـا
إلـى بقـاءِ البقـا إلـى منتهى العُلا
لا فــي شــهودِ الحــق تنـزل ركابُنـا
فيــا خيبــةَ الـذي عـن هـذا يتسـلّى
ضــيع عمــراً عزيــزاً مـن غيـر علّـة
وقـــف دون عـــزِّهِ كـــأن بــه نكلا
مــا ذاك إلّا الـوَهم يخشـى مـن دفعـهِ
ولـو كـان ذاحـزم يعـوج عـن النـدلا
وليَنهـض فـي طلـب الحـق قبـلَ فـواتهِ
وهــل طــالبُ الإلــه يعتمـدُ الكسـلا
فمــن حقّــق المقصـود جـدّ فـي طلبـهِ
ولــو كـان مـن أجلـه يقتحـمُ القتلا
فمـا أحلـى شـربَ القـوم نخـبر بطعمهِ
فلسـتُ أعنـي خمـراً ولسـت أعنـي عسلا
شـرابٌ قـديمٌ النعـت نعجـزٌ عـن وصـفه
وكــلُّ واصــف الحســن عـن وصـفهِ كلا
كأســهُ مــن جنسـهِ يسـاعدُ فـي شـربه
وهــل كأســهُ يكفـي دونـهُ قلـتُ بلـى
عجبــتُ لهــذا الكــأس يسـقى بنفسـهِ
يطـوفُ علـى العُشـّاق هـذا فيـه خصـلا
ومــن نعتــه ســحرٌ رســم فـي طرفـهِ
مــن نظــر ختمـهُ تخلّـى عـن الصـولا
ومــن عجــب إنّــي مــا بحــتُ بسـرِّهِ
ولــو ســقيَ غيـري مـا صـامَ ولا صـلا
ولـــو نظــرَ الإمــام نــورَ جمــالهِ
لســـجدَ إليـــه بـــدلا عــن القِبلا
ولــو شــمَّت العلّامُ فـي الـدرس نشـرهُ
لطاشــَت عــن التـدريس حـالاً بلا مهلا
ولـو شـاهد السـاعي سـناؤُ لمـا سـعى
ولا طــــاف بــــالعتيق ولا قبِّلا قبلا
نعــم يــأمر بالتقبيــل كلّاً لرُكنــهِ
حيـثُ يـرى معـن القصـد من نفسهِ يجلى
وكيــفَ يطيــقُ الصـبر مـن كـان ظنُّـه
أنـــهُ خســـيسُ القــدرِ صــارَ مبجَّلا
نعــم يبــوحُ فخــراً وتيهــا وطربـاً
وعــزّاً وغرامــاً فرحــاً أعنـى جـذلا
وليـــسَ فيـــه حــرٌّ ولا هــوَ بــاردٌ
وليـسَ فيـه نـزفٌ بـالمعنى نعني فشلا
رقيـقٌ دقيـق النعـت نعجـزُ عـن وصـفهِ
وليــسَ واصــفِ الحسـنِ عـن وصـفِه كلّا
نقطـةٌ منـه نكفـي مـن كان تحت الثرى
ومـا كان فوق الفوق إلى منتهى العلا
لهــم نقطــةٌ مــالَت مــن رقِّ زجاجـةٍ
خمـــس عقــول الخلــق حــالت بهــم
تراهُــم مــا تـرى سـكارى فـي حبِّهِـم
وكــلٌّ لــه معشــوق ولا كنــزا معطلا
ولــولا جمــال الحــق فـي كـل صـورة
لمــا بلـيَ قيـسٌ بالشـوق إلـى ليلـى
ولا عشـــقَ العشـــّاقُ حســـنَ مليحــةٍ
ولا مـــالتِ الحســان جــرَّت الــذبلا
ولــولا جمـالُ الحـقِّ يظهـر فـي صـُنعهِ
رأيـــت جمـــل الحســنِ كــأنهُ دُملا
وفــي الــدمل جمــال بـديهٌ لغيركـا
فــذلك معشــوقُ الـذبابِ كـذا النملا
فلا مظهـــرٌ فـــي الكــون إلّا وســرُّهُ
معشــوقٌ لغيــره ولــو حبِّـةُ الـرُملا
فلا غــرو أنهُــم ســكارى فــي حُبِّــهِ
قصــــدُّهُم قصـــدٌ وفصـــلهُم وصـــلا
خمرهُــم كــأس الحــبِّ قبــل وجـودهم
فهــذا بــه جــدُّ وذاك هــوى هــزلا
وهـــذا بـــه عشــقٌ وليــس بعاشــقٍ
وهــذا يــروم الســيروالرجل محتجلا
وهــذا ضــعيفُ النفــسِ يرثـى لحـالهِ
والآخر باكي العين ينعنى نعيي الثكلى
والآخــر عظيــمُ القـدر يعجَـب بحـالهِ
وهــذا جميــدُ الفكــر كــأنهُ حـزلا
وهــذا مالــكُ القــوم تــاه بنصـرهِ
والنــاسُ لــهُ طــوعٌ بقُربــه محتفلا
وهــذا وهــيُّ الحــزك كـل بشـر بهـا
والأخـر قـويُّ البطـش لـه فيهـا صـولا
وهــذا شــهيُّ القـرب غـاب عـن قربـه
كــأنَّ بــه فصــلا والحالــةُ لا فصـلا
فكــلُّ عبيــد اللَـهِ غـابوا فـي حبِّـه
فليـــس لهُــم قصــدٌ ســواهُ ولا ميلا
إلا مــن حيــثُ الظـروف ضـاق نطـاقهُم
لمّـا لاحظـوا فـي الكـون لطفـاً تشكّلا
تــأوّهوا أســفاً علـى مـا كـان لهُـم
قبـل دخـول الأرواح أعنـي ذا الهيكلا
نــاداهُم داعــي القــربِ إنـيَ معكُـم
فأينمــا تولّــوا فثــمَّ نـوري يجلـى
فـإني واحـدُ الـذاتِ فـي الكـل ظـاهرُ
وهـــل ظهـــر غيـــري فكلا ثــمّ كلا
جعلــت حجــاب الخلــق للحـق سـاتراً
وفــي الخلــق أســرارٌ بديهَـةٌ منهلا
فمـن جهـل عينـي فـي غينـي قـل أيني
وإنــي ولا أينــي والــبينونه لا فلا
تقــل نقطـة الزيـن للرّيـنِ وانظـروا
فمـا الشـين إلّا الزينُ بالنقطة يُكملّا
فحــيّ علــى جمــع القـديم فهـلَ لـهُ
نقيــضٌ فحاشــاهُ قــد كــان ولا زالا
فكُنــتُ مطلــقَ الــذاتِ غيــرَ محيَّــزٍ
مكــاني إنـي منـيِّ والعلـم بـه جهلا
وليــسَ لفــوقِ الفـوقِ فـوقٌ ولا غايَـة
وليــسَ لنحــت التحـت تحـتٌ ولا سـُفلا
وإنّــي غميــضُ الكُنــهِ كنــزٌ مطلسـَمٌ
ولا منتهــى عرضــاً ولا منتهــى طـولا
ظهــرت فــي ذا البطـون قبـل ظهـورهِ
ســألتُ عــن نفسـيَ بنفسـي قـال بلـى
فهــل للســوى ظهـورٌ يمكـنُ فـي حقِّـه
فهــال ثــم مــالَ وصــال ثـمّ قـالا
فــإنّي واحــدُ الــذاتِ شــيءٌ مفــرّدٌ
فلا يمكـــن تحييــزي لشــيءٍ وإن قلّا
وهــل لــي فســحةٌ تكـونُ إلـى غيـري
وهـــل يكـــونُ الفـــراغُ كلّا ولا ولا
فــإنّي بـاطنُ الكنـه مـن حيـثُ عينـهِ
وإنّــي ظــاهرُ النعــت جملـه مفصـّلا
ولا وجهــــةٌ إلا وإنّــــي مولّيهــــا
وهـل للسـوى وجـودو هـل من نعتي خلا
فـذاتي ذاتُ الوجـود كـانت كمـا تـرى
تعظيمــي غيـر محـدود بكقـدر خـردَلا
فــأين يظهــرُ الخلــقُ والحـقُّ واسـعٌ
وأيــنَ يكــونُ الغيــر والكـلُّ ممتلا
فـالجمعُ عيـنُ التفريـق مـن حيثُ أصلهُ
والخلــقُ عيــنُ التحقيـق حـقٌّ مـؤولا
فــأوّل تأويــلَ القـربِ تحظـى بقربـه
فمــا ثـمّ مـن حلـول محـالٌ ومـا حلّا
فنــزّه ذات الإلــه عــن مــس غيرهـا
فليــس لهــا حامــل ولا عليهـا حملا
بطَنـت فـي ذا الظهـور بـدت فـي عينهِ
جعلَـــت لعزِّهـــا حجبـــاً تتـــوالى
وإيّـــاكَ والحجـــابَ ترضــى بهتكــه
فتلــك حــدود اللَـهِ حصـناً واقفـالا
ومــن فشــى ســر اللَـهِ بـاء بغضـبه
ومـــن كتـــم الأســرار كــان مبجّلا
ألا فــي كتمــان الســر فضـلٌ وهيبـةٌ
وفخــرٌ وتعظيــمٌ وعــزٌّ بيــن الـولا
وكفــي بخيــر الخلـق حيـث أتـى بـه
مــن اللَــه مكتومــاً وكنــزاً معطّلا
يكفيكُـــم فخـــراً وعـــزاً وشـــرفاً
ســُقيتُم مــن الرســول عـذبا ومنهلا
رمــوا بــدين الحـقِّ وانصـروا شـرعَهُ
وكونــوا كمــا يهــواهُ قـولاَ ومفعلا
هــل لهــذا الرســول قــدرٌ يُسـاويهِ
وهَــل لــه مــن شـبيهِ حاشـا فلا فلا
فريـــدُ الحســـنِ حــوى فــي نفســه
مــا حـوت عبـاد اللَـه نـبيٌّ ومرسـلا
بحـــــرٌ جــــامعٌ كــــلٌّ كمــــوجهِ
وهــو نــورٌ لامـعٌ مـن حضـرةِ المـولى
يــا هــذا الرســول جــاوزت مـدحنا
فكـلُّ مـا يحـوي الوصـفُ أنت منهُ اغلا
أن نــــور الحـــق أنـــت مظهـــره
مـــا ودعــك الإلــه كلا ومــا قلــى
رب ســــلِّم ثــــمَّ بـــارك وعظِّمـــا
ومجِّــد ثــمَّ فخِّــم وصــل كـل الصـلا
أعلــم ربــي بمــا حــل فـي الحشـا
لـك الأمـر تصـريفاً وحكمـا ثـم نصـلا
تحفظــــه حفظـــا يليـــقُ بحـــالهِ
وتقبَــل منــه عـذراً فـأنتَ بـه أولا
مــن بــاهى الإلــه بــهِ كـلّ الـورى
مـــا غــرَّد طــائرٌ وصــال وصلصــلا
أحمد بن مصطفى العلوي الجزائري.فقيه متصوف. مولده ووفاته في مستغانم (Mostaganem) بالجزائر، له ديوان شعر - ط.وله: (المنح القدسية - ط) تصوف، و(لباب العلم في تفسير سورة والنجم - ط) و(مبادئ التأييد - ط) في الفقه و التوحيد، و(ديوان - ط) من نظمه، و(الأبحاث العلوية في الفلسفة الإسلامية - ط).