
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا نفـسُ مالـك والانيـن
تتــــألَّمين وتُـــؤلمين
عــذَّبتِ قلــبي بـالحَنين
وكَتَمتِــهِ مــا تقصــُدين
قـد نـامَ أربـابُ الغرام
وتَــدَثَّروا لُحــفَ السـَّلام
وأبيـتِ يـا نفـسُ المَنام
أفــأنتِ وحــدَكِ تشـعُرين
الليــلُ مـرَّ علـى سـواك
أفمـا دهـاهم مـا دَهـاك
فلــم التمـرُّدُ والعِـراك
مـا سـُورُ جسـمي بالمَتين
أطلقـــتِ نَوحَـــك للظلام
إيَّــاكِ يَســمَعكِ الأنــام
فيَظُــنَّ زَفرَتــك النِّيـام
بـوقَ النُشـورِ ليـوم دِين
يا نفس ما لك في اضطِراب
كفريســةٍ بيــن الـذئاب
هلا رجَعـــتِ إلىالصــواب
وبــدلتِ رَيبَـكِ بـاليقين
أحمامــةٌ بيــن الريـاح
قـد ساقها القدرُ المُتاح
فابتـلَّ بـالمطر الجَنـاح
يـا نفـسُ مـا لكِ ترجُفين
أوَمـا لحُزنِـكِ مـن بَـراح
حــتى ولـو أزِفَ الصـَّباح
يـا ليـت سـرِّك لـي مُباح
فـأعي صـَدى مـا قد تَعِين
أســَبَتكِ أرواحُ القَتــام
فأرَتـكِ مـا خلـفَ اللِّثام
فطمِعـتِ فـي مـا لا يـرام
يـا نفـسُ كـم ذا تَطمَحين
أصـعِدتِ فـي رَكـبِ النُّزوع
حـتى وصـلتِ إلـى الرُّبوع
فأتــاكِ أمــرٌ بـالرُّجوع
أعلــى هُبوطــكِ تأسـَفين
أم شـاقَك الـذِّكرُ القديم
ذكـرُ الحِمـى قبلَ السَديم
فـوقَفتِ فـي سـِجن الأدِيـم
نحــو الحِمــى تتلفَّـتين
أَأَضـعتِ فِكـراً في الفَضاء
فتبعتــه فــوقَ الهَـواء
فنـأى وغلغـلَ فـي العَلاء
فرَجَعــتِ ثَكلــى تَنـدُبين
أسـلكتِ فـي قُطـر الخَيال
دَربـاً يقـودُ إلى المُحال
فحطَطــتِ رَحلــكِ عنـد آل
يَمتـــصُّ رِيَّ الصـــادرين
فنســـيتِ قصــدك والطِّلاب
ووقَفــتِ يـذهِلُك السـَّراب
وهرَقــتِ فضــلاتِ الوِطـاب
طمعــاً بمــاءٍ تــأمُلِين
حــتى إذا اشــتدَّ الأوام
والآلُ أســفر عــن رُكـام
غيَّبــتِ رأســك كالنَّعـام
فـي رمـل قلـبي تَحفريـن
أعشـِقتِ مثلَـكِ في السماء
اختـاً تَحِـنُّ الـى اللقاء
فجلَسـتِ فـي سـجنِ الرَّجاء
نحــوَ الأعــالي تَنظُرِيـن
لــوحتِ باليـد والـرِّداء
لتَــراكِ لكــن لا رَجــاء
لـم تـدرِ أنـك فـي كِساء
قـد حِيـك مـن مـاءٍ وطِين
أَتحــولُ دونكمــا حَيـاه
لـو كـان يبلوهـا الإلـه
لبكــى علـى بشـَرٍ بَـراه
رَحمـاً يُصـارعُها الجنِيـن
يـا نفـسُ أنت لك الخُلود
ومَصــِيرُ جســمي للحــود
ســَيَعيثُ عينَـك فيـه دود
فــدعى لـه مـا تَنخرِيـن
يا نفس هل لك في الفِصال
فالجسـمُ أعيـاه الوِصـال
حمَّلتِــه ثقــلَ الجِبــال
ورَذَلتِــــه لا تَحفِلِيـــن
عطــشٌ وجــوعٌ واشــتياق
اســفٌ وحــزنٌ واحــتراق
يـا ويـحَ عيشـي هل تُطاق
نَزَعــاتُ نَفــسٍ لا تِلِيــن
والقلـبُ وا أسـفي عليـه
كالطِفـلِ يَبسـط لـي يَدَيه
هلا مــدَدتِ يــداً اليــه
كالأمَّهــاتِ إلـى البنيـن
غـــذَّيته مُــرَّ الفِطــام
وحرمتـــه ذَوقَ الغَــرام
وصــنعتِ شــيخاً مـن غُلام
يَحبـو علـى بـابِ السِّنِين
فَغَــدا كَحَفَّــار القُبـور
يَئِدُ العَواطـفَ في الصُّدور
ويَــبيتُ يَهتِـفُ بـالثُّبور
يَشــكو اليــك وَتشـمتِين
أعمــى تُطـاعِنه الشـُّجون
وجراحــهُ صــارت عُيــون
وبهـا يـرى سـُبلَ المَنُون
فيســير سـَيرَ الظـافرين
حـتى اذا اقـتربَ المُراد
تُطلـــى رُؤاه بالســَّواد
ويعــود مكفوفــاً يُقـاد
برَنيــن عُكَّــازِ الحَنيـن
يتلمَّــسُ النـورَ البعيـد
بأنامـلِ الفِكـر الشـريد
ويسـيلُ مـن فَمِـه النَشيد
سـَيلَ الـدِماء من الطَعِين
أرأيــتَ بيـتَ العَنكَبـوت
وذُبابـــةً فيــه تَمــوت
رقَصـت علـى نغَـمِ السُكوت
ألَمـاً فلـم يُغـنِ الطَنِين
فكـذاك فـي شـرَكِ الرَجاء
قلـبي يلـذُّ لـه الغِنـاء
مـا ذاكَ شـَدواً بـل رثاء
يبكـي بـه الأمَـلُ الدَفين
يـا نفـسُ إن حُـمَّ القَضـا
ورَجَعـتِ أنـت إلـى السما
وعلــى قميصـك مـن دِمـا
قلــبي فمــاذا تصـنعين
ضــحَّيتِ قلــبي للوُصــول
وهرَعــت تبغيـن المثُـول
فـاذا دُعيـتِ الى الدُخول
فبـــأيِّ عيــنٍ تَــدخُلين
نسيب بن أسعد عريضة.شاعر أديب، من مؤسسي (الرابطة القلمية) في المهجر الأميركي.ولد في حمص، وتعلم بها، ثم بالمدرسة الروسية بالناصرة، وهاجر إلى نيويورك (سنة 1905) فأنشأ مجلة (الفنون) سنة 1913 وأغلقها ثم أعادها، وأضاع في سبيلها ما يملك.وعمل في التجارة، ثم تولى تحرير (مرآة الغرب) الجريدة اليومية، فجريدة (الهدى) وتوفى في مدينة بروكلن.له: (الأرواح الحائرة - ط) ديوان شعره، و(أسرار البلاط الروسي - ط) قصة مترجمة، و(ديك الجن الحمصي - ط) قصة نشرها في (مجموعة الرابطة القلمية).