
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
علـى سفح ذاك انتل من جانب الحمى
لـه جـدثٌ فـي الأرض قد طاول السما
مطـلٌّ علـى البحـرِ المحيط وقد حوى
أجَـلَّ مـن البحـر المحيـط وأعظمـا
يحييـه نـورُ الشـمس فـي كـل مطلعٍ
ويبكـي عليـه الصـبحُ دمعاً معندما
ويحنــو عليـه الليـلُ وهـو مـروَّعٌ
فيُطلــع أقمــاراً عليــه وأنجمـا
أحــاطت بـه الأشـجارُ وهـي كأنهـا
حزانــي لــديه شــاكيات تألُّمــا
تمــد إليــه الظــلَّ يعبـسُ وجهـهُ
إذا مـا شـعاعٌ فـي الغصـون تبسما
وتؤنســها نــدباً وشــجواً حمـائمٌ
هواتـف فـوق الغصـن تعقـد مأتمـا
يمــر بــه الغـادي فيسـكب دمعـةً
ويطــرق حزنــاً ضــارعاً مترحمــا
يســيرُ ومـا بيـن الجوانـح نزعـةً
إلـى اليـأس تـذكي دفَّـتيه تضـرما
علـى والـدٍ لـم يخلـق اللَـه مثله
بميتتــه أشــقى يتــامى وإيمــا
أبـي كنـت تنسـي اليتـمُ كـلَّ ميتَّمٍ
بموتـــكَ أضــحى مرتيــن ميتمــا
توســعتَ فـي العـروف حـتى ملكتـه
وحيــداً فلمــا رحــتَ راح مقسـما
وكنـت كـبيرَ العقلِ والقلبِ والنهى
وكنــتَ الأبــرَّ المسـتحبَّ المفخمـا
وكنـت طهـورَ النفسِ والدين والحجى
وكنــتَ الأَبــيَّ الأريحــيَّ الميممـا
شـمائلُ يرويهـا النسـيم وقـد سرى
عليلاً علـى القـبر الكريـم مسـلما
أبـي لـو تراني واهي الروح باهتاً
أجـــرر جســماً خاويــاً متهــدما
يقطـعُ قلـبي الـداء والـداءُ قاتلٌ
إذا ثــار أصــلى واسـتبدَّ وحطَّمـا
أروح وصـــدري مفعـــمٌ بهمـــومه
وأغـدوا وقلـبي بالمصـائب أُفعمـا
نعـم لـو ترانـي ينفثُ الصدرُ روحَهُ
رأيــتَ إذن هــولاً ويأســاً تجسـما
فليتـك لمـا مُـتَّ متنـا معـاً لكـي
نـرى الـترب أجراً والنهاية مغنما
غــدت لــك روحٌ ف السـماءِ أمينـةً
وجسـمك في الدنيا إلى الأرض أسلما
وإنــي علــى هــذا وتلــك مولَّـةٌ
فـويلي من الدنيا وويلي من السما
لقـد أرسـلوا رسـماً إلـيَّ أرى بـه
جمالــك ميتــاً بــالردى متلثمـا
أطــافَ بـه أحبابُنـا تبعـثُ الأسـى
لــواحظُهم حــولَ المفــارق حوَّمـا
رايتُهــم لا يمســك الصــدرُ قلبَـه
عليــكَ وجومــاً مـن أسـى وتأَلُّمـا
ومنشـورة الشـعر الـتي طـار لبها
شـعاعاً وقـد صـار الفـراق محتمـا
غـدت تسـتجير المـوتَ والموتُ جائر
وأنــت مهيـبُ الصـمت لـن تتكلمـا
أبـي أيـن مـا كنـا عليـه فـإنني
أرى اليوم عمري حالك اللون مظلما
ولســتُ أرى صـبحاً ولسـتُ أرى دجـى
ولكـن أرى شـيئاً مـن الليل أقتما
تكـاثر فيـه الهـولُ والويلُ ضارباً
عليــه شــحوباً بــالخطوب مخيمـا
تطــايرت الأشــباحُ حــولاً عيونهـا
بــه مثــل نيـران تقـاذف مرتمـى
ترجــرج قلـبُ الجـو والجـو أربـد
أسـالت علـى أكنـافه نارُهـا دمـا
لعمــرك لــم يُمـنَ امـرؤٌ بمصـائب
أشــد مــن اللائي عرفــت وأعظمـا
إلا وقفــة يــا قـبر تطفـئُ لوعـةً
وتســعدُ هـذا المسـتميتَ الميتمـا
أُذيــب ســوادَ المقلــتين تفجعـاً
وأَســقي الـثرى حـتى يحـنَّ ترحمـا
وأســأَله عــن والـدي كيـف حـاله
وقــد أنزلـوه فيـه ضـيفاً مكرمـا
وأســأَله رفقــاً ولطفــاً بضــيفه
وحقــاً لــه أن لا يُضــاع ويهضـما
أيــا قـبره فـي كـل يـوم وليلـةٍ
عليــك إلــه العـرش صـلى وسـلما
خليل بن إبراهيم بن عبد الخالق شيبوب.شاعر من أدباء الكتاب، من طائفة الروم الأرثوذكس.سوري الأصل، ولد بالاذقية، واشتهر وتوفي بالإسكندرية.له (الفجر الأول-ط) وهو الجزء الأول من ديوان شعره.له: (المعجم القضائي - ط) عربي فرنسي، و(عبد الرحمن الجبرتي - ط) رسالة، و(قبس من الشرق-ط) مقتطفات من شعر تاغور وغيره.