
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
إلـه الـورى أيـن المواعيـد والذكرُ
ظمئنـا وعـن أبياتنـا انقطـع القطرُ
لقـد شـاخ هـذا الكـونُ وانهـدَّ أسـُّهُ
كأَنــا بـه الأمـواتُ وهـو لنـا قـبر
تنكـــرتِ الشـــمسُ الإلهــيُّ نورهــا
وقــد أصـبحت صـفراً أشـعتها الحمـر
وبـدر الـدجى قـد كـاد يخفـي ضياءه
علينـا فهـل مـن شـرنا غضـب البـدر
فلا مبســمٌ يجلــو عــن القلـب غمَّـه
ولا نظــر يهــتز مــن سـحره الصـدر
ولا نســيمٌ فــي بـدرها طيـب الشـذا
ولا شــفقٌ مــن نـوره انـدفق التـبر
ولا أُصــُلٌ فــي خيطهــا لمــع بـارق
تنيـــر منــار الطــوق أنجمــه در
بلــى ارتجفــت أمُّ النجـوم وأجفلـت
ولا كـــــوكبٌ إلا ملامحــــه كــــدر
يســير إلـى البحـر الخضـم ليرتمـي
بـــه فيـــواريه ويبتلــعُ البحــر
إلــه الـورى هـل نظـرةٌ مـن عنايـةٍ
يُـرَدُّ بهـا عـن كوننـا النظـرُ الشزر
ألـم تـرَ أن اللـؤم والغـش والخنـا
تنــاهت وقـد مـات التعفـفُ والطهـر
عبــادُك فــي تيهـاءِ كونـك سـافروا
فــأين ضــياءٌ يســتنير بـه السـَفر
تمشــت ســمومُ المخزيــات بجســمهم
فلا قلــب إلّا ملــءُ أوداجــه الغـدر
أقلهـــم جاهـــاً تكـــاثر فضـــله
وليـــس قليلاً مـــن فضــائله كــثر
وأصـــبح شــر النــاس فعلاً أجَلُّهــم
مقامــاً كــأنَّ العــزَّ يصـحبه الشـر
ومــا النــاس إلا ذو جحــودٍ ومـؤمنٌ
فللجاحــد النعمــى وللمـؤمنِ الضـر
رأيـــتُ نســـاءً كالصــباح صــباحةً
تـــرفُّ عليهــن البشاشــةُ والبشــر
مشـــينَ خفافـــاً لاهيـــاتٍ كأنمــا
يشـقُّ عمـودَ الليـل في المشرق الفجر
ومســـنَ بِقــدِّ الخيزرانــة ناعمــاً
ورحـــنَ بثغـــر الأقحوانــة يفــتر
وغــازلن فتيــانَ الحمــى بنــواعس
ترقــرقَ فـي أجفانهـا الحـبُّ ولسـحر
لقــد كــنَّ للقلــبِ المقطـعِ بلسـماً
ويســراً لـذي عـدم إذا ذهـب اليسـر
مــررنَ كمــا مــرَّ النسـيمُ مهينمـاً
ونمـــن فلا عـــرفٌ هنــاك ولا نكــر
ذهبــنَ ولــم يشــفَق عليهــنَّ قـانصٌ
مــن المــوت قــحٌ لا ينهنهــهُ زجـر
فمــا هــذه الأجســامُ يخفـق قلبُهـا
ومــا هــذه الأرواح والخلــقُ الغـرُّ
وأبصــرتُ أبطــالَ الحــروبِ كــأنهم
مـن الطـود بأسـاً لا يروعهـمُ الـذعر
إذا ضــربوا بالســيف طـاحت ممالـكٌ
وإن أغمـدوا لـم يأمن السهلُ والوعر
وإن نظروا شزراً فما البرق في الدجى
وإن حــدَّقوا راعــت عيـونهم الحمـر
ولكنهــم مــالوا ســريعاً وجُنـدلوا
كمـا انحـط صخرٌ أو كما انحدر النسر
إلا أنهـــم جـــاءوا وأنهـــم رأوا
وأنهـــم ذاقـــوا وأنهـــم مــرّوا
ولـم يبـق مـن حسـنٍ ومـن قـوةٍ ومـن
ذكــاءٍ ســوى شــيءٍ يــردده الـذكر
وومـا فهمـوا معنى الذي أبصروا كما
تزيـغ عيـونُ الشـرب أثقلهـا السـكر
فقـــام أنـــاسٌ يطلبــون بثــأرهم
وهـل لهـم فـي الغيب عند القضا ثأر
أغـــاروا بمرخــي العنــانِ مطهــمٍ
مـن العقـل لكـن عيبـه الشكل والأسر
فلاســفةٌ فــي البحــث لجـوا وأنمـا
رأوا لججـاً فـي البحـث ليس لها سبَر
أرادوا مــن الأكــوان كشــف غـوامض
محصــنة كــالبكر يحضــنها الخــدر
ومـا برحـت فـي الجسم والروح عندهم
أقاويــل مـن تسـطيرها نضـب الحـبر
فلمــــا رأوا للجســــم حلّاً لأنـــه
تواصـل أوصـال نبـا العقـل فاغتروا
وأَلـووا علـى الـروح الحرون عنانهم
ولكــن كبـا فـي شـوطه بهـم المهـر
وآخـــر أمـــر أنكروهـــا لأنهـــم
عيـوا وبحكـم الطبـع قد أُنكر الحشر
هـي الروح مجموع القوى في اعتقادهم
مـتى يتلاشـى الجسـم يودي بها الكسر
وأنـــك مجمـــوعُ العناصــر كلهــا
فـأنت الهـوى والأرض والمـاءُ والجمر
ونحــــن قطيـــعٌ ســـاردٌ متقطـــعٌ
كمــا شـردت فـي الـدوِّ سـائمة ضـمر
نعــم هكــذا قـالوا وهـذي علـومهم
لهــا كــل يـوم فـي صـحائفهم نشـر
فمالــك عنهـم سـاعةَ الـذود صـامتاً
وعنـد تلافـي الخطـب هـل يحمد الصبر
وأعظــم مـا بـي أننـي لسـت فاهمـاً
لصــمتك معنــى عنـده يكشـف العسـر
فمـا اسـمك يـا رب السـموات قل لهم
ومـن أنـت يـا مـن دونه أُسدل الستر
ومــن دونــه ســبعٌ طبــاقٌ ودونهـا
بـــروجٌ وأفلاكٌ يحاربهـــا الفكـــر
وقــل لهــم أعــدى عــدو ابـن آدمٍ
هـي الـروح إن لـم تستقم فهو الخُسر
لعــل لهــم روحــاً لعـل لهـم نهـىً
لعــل لهــم قــولاً يصـحُّ بـه العـذر
وإلا فبـــدد شـــملَم وإلـــى مــتى
بهـــم وبهاتيــك الأضــاليل تغــتر
بكفــــك أرواح العبـــاد تعلقـــت
كمـا حملـت أثمارَهـا الأغصـنُ النضـر
أمـط عـن محيـا الكـون عجمـةَ جهلـه
وأَعربـــه حــتى لا يظــل بــه ســر
أَبِــن للــذي يرنــو إليــك بمقلـةٍ
يسـيل علـى الخـدين مـن مائهـا نهر
وقـل مـا الـذي قبـل الحياة وبعدها
ومــن أي نســجٍ ســاحرٍ نسـج العمـر
أحقــاً كتــاب ذلــك الكــون كلــه
وكــلٌّ لــه مــا بيـن أوراقـه سـطر
وهــل عيشــنا تشـكيل أحـرف سـطرنا
فهـــذا لــه نصــب وذاك لــه جــر
وذاك ســــكون مســــتديم تضــــمه
عليـه صـروفُ الـدهر والمحـنُ الغـبر
كــان بنــي حــوّاءَ الفــاظُ منشــئٍ
فعَليتُهـــم نظـــمٌ وســوقَتهم نــثر
هـل النـاس والأفلاك والصـبح والـدجى
وهـل صـبوة الإنسـان والجـاه والفخر
ســـوى معضـــلات أن تــوخيتُ حلهــا
وردتُ وبــي أمــر وعُــدتُ وبـي أمـر
وأدركنــــي شـــكٌّ بأنـــك كـــائنٌ
وهمــت بــوادٍ مــن معـارجه الكفـر
ولكـــن إيمانـــاً بقلــبي موطــداً
يــردُّ جمـاحَ الفكـر أن جمـح الفكـر
ألا حبــذا العبــد الـذي أنـت ربـه
ومــا العبـد مـن والاك لكنـه الحـر
وطــوبى لمــن يرضــيك فعلاً فيقتنـي
رضــاك لــه كنــزاً وأنـت لـه ذخـر
كمــا امتـاز تومـا اسـطفان تورعـاً
فميَّزتَــهُ بــالعلم وهــو لــه أجـر
أَتومــا وفضــل اللَــه عنـدك واضـحٌ
علمــت فعلَّمنــا ومنــا لـك الشـكر
خليل بن إبراهيم بن عبد الخالق شيبوب.شاعر من أدباء الكتاب، من طائفة الروم الأرثوذكس.سوري الأصل، ولد بالاذقية، واشتهر وتوفي بالإسكندرية.له (الفجر الأول-ط) وهو الجزء الأول من ديوان شعره.له: (المعجم القضائي - ط) عربي فرنسي، و(عبد الرحمن الجبرتي - ط) رسالة، و(قبس من الشرق-ط) مقتطفات من شعر تاغور وغيره.