
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جــاءَت تَثنَّـى مِشـيَةَ المُتَبَختِـرِ
فجلَـت لنـا ضَوءَ الصَباحِ المُسفِرِ
تمشـي فتَعثَـرُ فـي الذَّيُولِ لأنَّها
نَشـوانةٌ مِـن خمـرِ فيها السُّكَّرِي
وتجُـرُّ مـن حُلَـلِ الحريرِ مَطارِفاً
مـن أصـفَرٍ فـي أحمَـرٍ فـي أخضَرِ
فكأنَّمــا أخـذَ السـحابُ لِقَوسـِهِ
مـن شـكلها عكسـاً بَدِيعَ المنظَرِ
بَـرَزَت كبَـدرٍ فـوقَ غُصـنٍ في نَقاً
تحـتَ الـدُّجى يَرنُـو بِمُقلَةِ أَحوَرِ
وتَلَفَّتــت عـن جِيـدِ ظَـبيٍ نـافِرٍ
وتَبَســَّمَت عـن لُؤلُـؤٍ فـي كَـوثَرِ
وَعَطَـت وَماسـَت فـي غَلائِلِ حُسـنِها
فَســَطَت عَلَــيَّ بــأَبيَضٍ وبأَسـمَرِ
مـا إن رأَينـا أو سَمِعنا قبلَها
بقَضــِيبِ تُفّــاحٍ بِبَــدرٍ مُثمِــرِ
مـا خـامَرَت طِيبـاً أوانَ مَجِيئِها
ويفُـوحُ منهـا فـوقَ نفحِ العَنبَرِ
علمَـت بـأني فـي هَواهـا مُغـرَمٌ
مُغــرىً أَســِيرُ صــَبابةٍ وَتَـذَكُّرِ
فَرَثَـت لِمُضـناها وجـادَت باللِّقا
مِــن غيـرِ مِيعـادٍ ولـم تَتَـأَخَّرِ
مـا ضـَرَّهَا لو أنَّها انتَسَبَت فقد
نــالَت مِـنَ الآدابِ أكـرمَ عُنصـُرِ
وَأَتَــت تُحَيِّينِــي فـأحيَت مَيِّتـاً
بالوَجــدِ إِلا أَنَّــهُ لــم يُقبَـرِ
لـم يَـدرِ أَيـنَ فـؤادُه حتّى بَدا
مِـن خَـدِّها الـوردِيِّ خـالٌ عَنبَرِي
لِلَّــهِ يــومٌ مُفــرَدٌ فـي حُسـنِهِ
جَمَــع الإِلـهُ بـهِ جمـالَ الأعصـُرِ
بـاتَت يَميـنُ اليُمـنِ تَسقيني به
كـأسَ المُنى وَالدَّهرُ بي لم يَشعُرِ
طـابَ الصَّبُوحُ فقُم بعَيشِكَ فاسقِني
يَمَنِيَّــةً مــن حِصـرمٍ لـم تُعصـَرِ
بُنّـــاً تُســمَّى قهــوةً لكنهــا
تُـزرِي بهـا عندَ اللَّبيبِ وَتَزدَرِي
لا تنـزلُ الأحـزانُ فـي سـاحاتِها
صــَهبَاءَ إِلا أَنَّهــا لــم تُحظَـرِ
كـم جَيـشِ هـمٍّ قـد أقَامَ بِمُهجَتي
حملَـت عَلَيـهِ مِـنَ السُّرُورِ بعَسكَرِ
قُلِيَـت فَعَرَّقَهـا الحَيـا فَتَقَنَّعَـت
مِـن تِبرِهـا بِخمَـارِ وَشـيٍ أصـفَرِ
قُلِيَـت وَحَاشـاها القِلَـى لمزيَّـةٍ
بالامتحـانِ تُريـكَ فَضـلَ الجَـوهَرِ
جــالَ الحَبَـابُ بِمائِهـا فكـأنَّهُ
قِطَـعُ الزُّمُـرُّدِ فـي عَقِيـقٍ أحمَـرِ
قُـم فاسـقِنيها بـالكَبيرِ وغنِّني
فَعَســاكَ تُــبردُ غلَّـتي وَتَسـَعُّرِي
فَطَالَمــا أَمسـَت دُمـوعي خمرَتِـي
وتزفُّــرِي أضــحَى تَغَنِّـي مِزهَـرِي
واهـاً لِقلـبي مـن تَجَنِّـي شـادِنٍ
مُتَجَبِّـــرٍ فــي حُكمِــهِ مُتكبِّــرِ
مُتَعَــــزِّزٍ مُتَمَنِّــــعٍ مُتَرفِّـــعٍ
مُتَــــوَحِّشٍ مُتَشــــَرِّدٍ مُتَنَفِّـــرِ
لـم يُـوفِ دَينـي وهـوَ مُثرٍ قادِرٌ
والظُّلـمُ كـلُّ الظُّلمِ مَطلُ المُوسِرِ
مَه يا عَذولُ فقَد طَعِمتُ مِنَ الهَوى
مـا لَـم تَذُق ونظَرتُ ما لَم تَنظُرِ
مَـن لـي بكَتـمِ غرامِـهِ وَجَوانِحي
تَـروي صـحيحَ حديثِ شَوقي المُضمَرِ
فَجَــوانِحي عَـن واقـدٍ وأَضـالِعي
عَـن هاشـمٍ ومَحـاجِرِي عـن جعفَـرِ
بِـاللَّهِ هـاكَ ثِيـابَ نُسـكي عَلَّني
مـن شـَرِّ لَومِـكَ أَسـتريحُ وَتَسترِي
فـالعُمرُ غصـنٌ والشـبيبةُ مـاؤُهُ
وزُهــورُهُ وَلَــعٌ جميـلُ المَخبَـرِ
والمَـرءُ رَبـعٌ والعلـومُ رَبيعُـهُ
وثمــارُهُ عمــلٌ بحُســنِ تَبَصــُّرِ
وأَرى المَعـالي كـالنُّجومِ عزيزةً
لكِنَّمـا عبـدُ العزيـزِ المُشـتَرِي
أَلقَـت لـه عـوصُ العلومِ قِيادَها
قبـلَ الفِطـامِ وإِنَّـهُ لَبِـذا حَرِي
لَو سارَ في مِضمارِهِ العَلَمُ السُّرى
عَلِمَ الوَرى يا صاحِ أيُّهما السَّرِي
إن كـانَ فـي عَـدِّ السِّنينَ تأخَّرت
أيَّــامُه فَســَناهُ لــم يتــأخَّرِ
قَـد فـاقَ فـي حفـظٍ وفَهمٍ مِثلَما
قـد فـاقَ فـي خَلـقٍ وخُلـقٍ أزهَرِ
بـل لـو جَـرى معـهُ جريـرٌ جُهدَهُ
يومـاً لَقـالَ الناسُ ما هَذا جَرِي
ومَـتى يخُطُّ فَما ابنُ مُقلَة كاتباً
وَمـتى يقُـل أَبدى صِحَاحَ الجَوهَرِي
يــا ماجِــداً أهـدَى إلـيَّ لآلِئاً
مَنضــُودَةً مــن نظمِـهِ المُتَخَيَّـرِ
يـا للعجـائبِ كيـفَ نظَّمهـا بِلا
ســِلكٍ وتثقيــبٍ ولــم تتنَثَّــرِ
فلئِن غَـدَت فـي طِرسـِها دُرّاً عَلى
صــَدَفٍ فيُمنــاهُ كخمســَةِ أَبحُـرِ
نظــمٌ كســاني حُلَّـةً مـن سـُؤدَدِ
تَبلـى اللَّيـالي وهـيَ لم تَتَغَيَّرِ
سَقياً لِرَبعِ الكُوتِ كَم قد حازَ من
حَــبرٍ بــأنواعِ النَّـدى مُتَفَجِّـرِ
مـا الكُـوتُ إِلا رَوضـَةٌ قد أثمرت
بِبُــدُورِ تِـمٍّ فضـلُها لـم يُنكَـرِ
تَـاللَّهِ أَفتـأُ ناشـِراً مِن ذِكركُم
شـيئاً يَطيـبُ بـهِ حـديثُ السـُّمَّرِ
ولَقَـد سـَمَوتَ إِلـى العَلاءِ بِهمَّـةٍ
أَقـدامُها مِـن فـوقِ هـامِ الأَنسُرِ
وَرَشـَفتَ راحَ الفخـرِ غيـرَ مُحَـرَّمٍ
وَقنَصـتَ صـَيدَ المجـدِ غيـرَ مُنَفّرِ
وَرَعَيـتَ رَوضَ العِلـمِ غيـرَ مُزاحمٍ
وَوَردتَ حــوضَ البِـرِّ غيـرَ مُكَـدَّرِ
كَـم فاضـِلٍ فيـهِ العيونُ تَنَافَسَت
لكِــن بحيـثُ إِليكُـم لـم تَنظُـرِ
فإِليـكَ مِـن أَبكـارِ فِكـرِي غادةً
مــن عَسـجَدٍ صـِيغَت وَمِسـكٍ أَذفَـرِ
قَـد ضـاعَ منها نشرُ ذكرِ جمالِكُم
لكنَّــهُ مـا ضـاعَ عنـدَ المُبصـِرِ
يـا ربِّ صـلِّ عَلـى الذي قِدماً به
نظـمُ الرِّسـالةِ تَمَّ وارحَم واغفِرِ
عبد العزيز بن عبد اللطيف بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل مبارك.ولد في مدينة الأحساء، ونشأ بين أسرته وأهله مولعاً بالعلم والأدب ومكارم الأخلاق.قرأ القرآن والفقه والحديث والتفسير، وأخذ النحو وعلوم العربية.كانت حصيلته الشعرية كبيرة، حيث كان يهبط عليه الشعر متى أراد.وقد تنقل بين البحرين وعمان والهند.