
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
دَهَــمَ الـوَرى نبـأٌ عظيـمٌ مُـؤلِمُ
أَضــحَى لـهُ فـي كـلِّ نـادٍ مـأتَمُ
حـالَت بِـهِ الأَكـوَانُ فَهـيَ حوالِـكٌ
وَاللَيــلُ أَليَـلُ والنَهـارُ مُسـَهَّمُ
وَالأرضُ ثَكلَــى والســَماءُ مَريضـَةٌ
هَــذِي تَســُحُّ دَمــاً وهَـذِي تُـرزِمُ
يـا بَـدرُ مَـن أَنباكَ أَنَّ أَخَاكَ قَد
أَخنَــى عليــهِ يَــومُهُ المُتَحَتِّـمُ
حتَّــى غــدَوتَ مُحَــادِداً لِفراقِـهِ
وَمِـن الكسـوفِ عليـكَ ثـوبٌ أَسـحَمُ
أجهلـتَ أم نُسـِّيتَ مِـن فَرطِ الجَوى
أَنَّ الحِـدادَ علـى الرِجـالِ مُحَـرَّمُ
واهـاً لَـهُ مِـن حـادِثٍ جَلَـلٍ دَهـى
خطــبٌ تكـادُ لـهُ الجِبـالُ تَحَطَّـمُ
نَهَشـَت بِـهِ سـُودُ الرُقُـومِ قُلُوبَنا
فكأنَّمــا فــي كــلِّ رقـمٍ أَرقَـمُ
ظلنـا حيَـارى والعُيـونُ تَسُحُّ وال
أَفــوَاهُ خُــرسٌ والقلــوبُ تَكلَّـمُ
وفَشـا النِـزاعُ مِن التَأَسِّي والأَسى
كــلٌّ يُرِيــدُ هُــوَ الـذي يَتَقَـدَّمُ
والــدَمعُ فــي أَجفــانِهِ مُتَحَيِّـرٌ
وَالشـَرعُ يَقضـي بِـالَّتي هِـيَ أَقوَمُ
وَإِذا الأَسـى لم يُجدِ شَيئاً فَالعَزَا
بــالحُرِّ أَحــرى والتَأَسـِّي أَحـزَمُ
ســلِّم أُمُــورَكَ لِلمُهَيمِــنِ كلَّهـا
فَـاللَهُ يفعَـلُ مـا يَشـاءُ وَيَحكُـمُ
للّـهِ أَن يَقضـِي بِما شا في الوَرى
وَعَلـى الوَرى الصَبرُ الجَمِيلُ مُحَتَّمُ
لا تَجزَعَــنَّ فليــسَ يُـدرِكُ فائِتـاً
جَــزَعٌ وَلا تَبقــى بــإِنسٍ أَنعُــمُ
مـاذا عَسى يَقضِي المُصابُ مِنَ الأَسى
الخَطــبُ أَكـبرُ والمُصـِيبَةُ أَعظَـمُ
لِلّــهِ أَبيــضُ مفــردٌ فـي حُسـنه
مِنّـا أُصـِيبَ بـهِ السـَوادُ الأَعظَـمُ
عَلَــمٌ بِبَطـن الأَرض أَصـبحَ مُضـمَراً
فَســَما وَمِثلُــكَ بالإِشـارةِ يَفهَـمُ
حَــبرٌ بــهِ حَسـُنَ الزَمـانُ لِأَهلِـهِ
فكــأَنَّهُ فـي الـدَهرِ ثَغـرٌ يَبسـمُ
سـَهلُ اللِقـا طَلـقُ المُحَيّـا إِنَّما
أَدَبـاً عَلـى الأَبنـاءِ قَـد يَستَهجِمُ
سـَلبَ العقـولَ بحُسـنِ خُلـقٍ بـاهِرٍ
وَجَميــلِ خَلــقٍ والمَحاسـِنُ أَسـهُمُ
عمَّــت فواضــلُهُ وأَقنَــعَ فَضــلُهُ
فَبكـــى عَلَيــهِ مُقَنَّــعٌ ومُعَمَّــمُ
فبِكــلِّ جارِحَــةٍ عَلَيــهِ جِراحَــةٌ
وبكــلِّ عَيــنٍ فيــهِ عَيـنٌ تَسـجُمُ
قـالُوا وقـد سـَالَت عَلى وَجَنَاتِهِم
حُمُــرُ الــدُمُوعِ كَـأَنَّهُنَّ العنـدَمُ
لا يسـلمُ الشـَرَفُ الرفيعُ من الأَذى
حـتى يُـرَاقُ عَلـى جَـوانِبِه الـدَمُ
تَبكــي عَلَيــهِ مَــدَارِسٌ وَمَسـَاجِدٌ
ومجـــالسٌ بِمـــدَامِعٍ لا تُفهَـــمُ
فَـالمِنبَرُ الشـَرعِيُّ فيهِ قَد انبَرى
وَجـداً يَنُـوحُ أَسـىً عَلَيـهِ وَيَلطـمُ
شـينا بقَـاهُ ورَبُّـهُ اختَارَ اللِقا
واللَــهُ مِنّــا بالمَصـالحِ أَعلَـمُ
أَنِسـَت بمقـدَمِهِ القُبُـورُ وأَوحَشـَت
مِنـهُ القُصـُورُ بـل الصُدُورُ الهُيَّمُ
أَضـحَى عَلـى الأَشـهَادِ يُنشـَرُ فَضلُهُ
وَوِدَادُهُ بيــنَ الجَوانــحِ يُختَــمُ
أَهـوَى بَقَـاهُ وهـوَ فـي عَيني وَفي
ســَمعِي وَقَلــبي واللِسـَانُ مُخَيِّـمُ
فــإِذا نَظَــرتُ فَشَخصــُهُ مُتَخَيَّــلٌ
وإِذا أَصـــَختُ فَصـــَوتُهُ مُتَــوَهَّمُ
وإِذا صـــَمتُّ فَحُســـنُهُ مُتَصـــَوَّرٌ
وإِذا نَطَقـــتُ فَـــذِكرُهُ مُتَقَــدِّمُ
لا عـارَ أَن فَلَّـت شـَبَاهُ يَدُ الرَدى
فَالرُمــحُ يُكسـَرُ وَالمُهَنَّـدُ يُثلَـمُ
لم يَخلُ في ذا الدَارِ خَلقٌ مِن بِلىً
حتّــى اشـتَكى قمرانهـا وَالأَنجُـمُ
مــا هَـذِهِ الأَرواحُ فـي أَشـبَاحِها
إِلّا وَدَائعُ فـــي غَـــدٍ سَتُســـَلَّمُ
وإِذا أَتـى المَرءُ الحِمَامُ فَما لَهُ
مُتَــــأخرٌ عنــــهُ وَلا مُتَقَـــدَّمُ
وَالنــاسُ ســَفرٌ والزَمـان مَطِيَّـةٌ
وَالعُمــرُ بِيــدٌ وَالقُبـورُ مُخَيَّـمُ
هَـذا قُصـارى مَبلـغِ الـدُنيا فكُن
يَقِظــاً ولا يَغــرُركَ مِنهـا مَبسـَمُ
وَالعمــرُ ثـوبٌ وَالصـِفاتُ رقـومُهُ
فـاختَر بـأَيّ الوصـفِ ثَوبَـكَ ترقُمُ
والعُمـرُ رأسُ المـالِ فاحفَظهُ فَما
قَـد ضـاعَ مِـن عُمرِ الفَتى لا يُغرَمُ
جَـدَّ الزَمـانُ وأَنـتَ بعـدُ لَهـازِلٌ
لاهٍ يُغِيــرُ بِــكَ الزَمـانُ وَيُتهِـمُ
واعمَـل لِنَفسـِكَ صـَالِحاً تُجـزَى بِهِ
يَـومَ الحِسـَابِ فـإِنَّ عُمـرَكَ مَوسـِمُ
واجعَل مِنَ العِلمِ الشَريفِ المُرتَضَى
علمــاً يَــدُلُّكَ أَنَّ دَهــرَكَ مُظلِـمُ
أَطِــعِ الإِلــهَ وَلا تُضــِع أَحكـامَهُ
إِنَّ المُطيـعَ علـى المُضـيعِ مُقَـدَّمُ
يـا أَيُّهـا الشـَيخُ المصـدَّعُ قَلبُهُ
اللَــهُ يمنَحُــكَ العَـزاءَ وَيُعظِـمُ
وَيمُـدُّ فـي أَنفـاسِ عُمـرِكَ لِلـوَرى
فــإِذا وُجِـدتَ فليـسَ شـَيءٌ يُعـدَمُ
حاشــا لِمِثلِـكَ أَن يُـرى مُتَخَشـِّعاً
لِمُلِمَّـــةٍ أَو يَعتريـــكَ تَظَلُّـــمُ
إِن كـانَ قد جَلَّ المُصَابُ عَنِ العَزَا
فمِـنَ الأَسـى والحُـزنِ قَـدرُكَ أَفخَمُ
فلئِن بَكَيـــتَ فرحمــةٌ ورِعايــةٌ
ولئِن صـــَبرتَ فحِســـبةٌ وَتكــرُّمُ
مَلأت محبَّتُـــكَ القلــوبَ فإِنَّمــا
تَبكــي بأحــداقِ الأَنَـامِ وتَسـجُمُ
وَلأَنــتَ بَحــرٌ نحـنُ مِنـكَ جَـدَاوِلٌ
مُــدَّت وبــدرٌ نَحـنُ حولَـكَ أَنجُـمُ
إِن كـانَ لـي أَصـلٌ كرِيـمٌ قد ذَوى
فلَقـد نَمَـا لـي مِنـكَ أَصـلٌ أَكرَمُ
أَبـتي ليَهنِـكَ أَن غَـدَوتَ مُجـاوِراً
رَبّــاً كريمــاً جــارُهُ لا يُهضــَمُ
عجبــاً تُسـَقِّيكَ الغُيـوثَ مَحـاجِرِي
وَضــَمائِري لِلِقــاكَ هِيــمٌ حُــوَّمُ
إِنّــي لتأخُــذُني لِــذِكرِكَ رَعشـَةٌ
حتّــى تَكــاد مَفاصــِلِي تَتَقَصــَّمُ
مَـن لـي بِمسـكٍ مِـن ثَـرَاكَ أَشـُمُّهُ
أَو نَفحــةٍ مــن عَرفــهِ تتَنَســَّمُ
كــلُّ الثَـرى لمـا نَزَلـتَ بـأَذرُعٍ
مِنـــهُ حَبِيــبٌ لِلفُــؤادِ مُعَظَّــمُ
صــَعبٌ عَلَــيَّ وَقَـد حَـوَاكَ بـأَنني
أَمشــي عليــهِ أَو يَطَــاهُ مِنسـَمُ
لَـولا إِمـامُ هُـدىً أَضاءَ بهِ المَلا
ومَشــايِخٌ بالمكرمُــاتِ تَعَمَّمُــوا
نــادَيتُ كــلُّ الأَرضِ بَعـدَكَ بَلقَـعٌ
وَالعَيــشُ مُــرٌّ والبَقــاءُ مُـذَمَّمُ
فَســَقَى ضـَرِيحَكَ وابِـلٌ مِـن رَحمَـةٍ
برضــاً وغفــرانٍ وعفــوٍ يَســجُمُ
قَـد كـانَ لـي أَمـلٌ طَويـلٌ فيكَ ل
كِـن حَـلَّ آمـالي القَضـَاءُ المُبرَمُ
لكِــنَّ لـي فـي اللَـهِ جـلَّ جَلالُـهُ
أَمــلٌ قَــويُّ الحَبــلِ لا يَتَصــَرَّمُ
يـا رَبِّ إِنَّ الأَمـرَ جـلَّ كَمـا تـرَى
وَالصــَبرُ قـلَّ وَأَنـتَ مِنّـا أَرحَـمُ
أَفرِغ عَلَى قلبي الحَزينِ مِنَ الجَوى
صــَبراً جَميلاً فَهـوَ نِعـمَ المَرهَـمُ
وارزُقنِـيَ العِلـمَ الشـَريفَ فـإِنَّهُ
لِصـُعُودِ أُفـقِ المَجـدِ نِعـمَ السُلَّمُ
وقِنـي وعِـترتِيَ الخُطـوبَ وأَولِنـا
رِزقــاً حلالاً واســِعاً يــا مُنعِـمُ
وأَقِـل عِثَـاري واعـفُ عَنِّي واحيِنِي
عُمــراً طَــويلاً بِالسـَعادَةِ يُختَـمُ
وَصـَلاةُ رَبِّـي وَالسـَلامُ عَلـى الرِّضا
والآلِ مــا بَــرقٌ بَــدا يَتنَســَّمُ
عبد العزيز بن عبد اللطيف بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل مبارك.ولد في مدينة الأحساء، ونشأ بين أسرته وأهله مولعاً بالعلم والأدب ومكارم الأخلاق.قرأ القرآن والفقه والحديث والتفسير، وأخذ النحو وعلوم العربية.كانت حصيلته الشعرية كبيرة، حيث كان يهبط عليه الشعر متى أراد.وقد تنقل بين البحرين وعمان والهند.