
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تـركــتني هــا هــنا بـين الـعذاب
و مــضت يـا طـول حزنـي و اكتئابي
تـركـــتني لـلــشقا وحـــدي هــنا
و اســتراحت وحــدها بــين الــتراب
حـيــــث لا جـــــور و لا بــــغي و لا
ذرّة تـنــبي و تـنــبي بـالـخراب
حــيـــث لا سـيـــف و لا قـنــبلة
حــــيث لا حــــرب و لا لـــمع حـــراب
حـيــــث لا قـيـــد و لا ســــوط و لا
ظـالـــم يـطـــغى و مــظلوم يــحابي
خـلّــفتني أذكـــر الـصـفو كـما
يـذكـــر الـشـــيخ خـــيالات الـــشباب
و نـــأت عـنّــي و شــوقي حـولها
يـــنشد الماضــي و بــي أوّاه مـا بـي
و دعـاهــا حـاصــد الــعمر إلــى
حــيث أدعــوها فــتعيا عــن جـوابي
حـيــث أدعـوهــا فـــلا يــسمعني
غــير صــمت الــقبر و القفـر اليبـاب
مـوتــها كـــان مـصــابي كـلّـه
و حـيـــاتي بـــعدها فـــوق مـــصابي
أيـــن مـنّي ظـلّها الـحاني و قـد
ذهـبـــت عـــنّي إلـــى غــير إيــاب
سـحـــبت أيّـامـــها الــجرحى عــلى
لـفــحة الــبيد و أشــواك الـهضاب
ومـــضت فـــي طـــرق الــعمر فــمن
مـــسلك صـــعب إلــى دنــيا صــعاب
وانــتهت حــيث انــتهى الــشوط بها
فـاطــمأنّت تــحت أســتار الــغياب
آه " يـــا أمّـي " و أشـواك الأسـى
تــلهب الأوجــاع فــي قــلبي المـذاب
فـيـــك ودّعـــت شــبابي و الــصبا
وانـــطوت خـــلفي حـــلاوات التصـابي
كـيـــف أنـســـاك و ذكـــراك عــلى
سـفــر أيّــامي كــتاب فــي كـتاب
إنّ ذكـــــراك ورائــــي و عـلــى
وجـــهتي حـــيث مـــجيئي و ذهـــابي
كــــم تـذكّــرت يـديــك وهـمــا
فـــي يــدي أو فــي طعـامي و شـرابي
كــــــان يـضـــنيك نـحـــولي و إذا
مـسّــني الـبــرد فـزنــداك ثـيابي
و إذا أبـكـانــي الـجـوع و لــم
تــملكي شــيئا ســوى الــوعد الكـذّاب
هـدهــدت كـفــاك رأســـي مــثلما
هـدهـــد الــفجر ريــاحين الــرّوابي
كـــم هـدتــني يــدم الـسمرا إلـى
حقلنـا فـي الغـول فـي قاع الرحاب
و إلـــى الــوادي إلـى الـظلّ إلـى
حـــيث يـــلقي الــروض أنفـاس الملاب
و سـواقــي الـنــهر تــلقي لـحنها
ذائــبا كــاللطف فــي حـلو الـعتاب
كــــم تـمــنّينا و كـــم دلّـلـتني
تــحت صـمت اللّيـل و الشـهب الخوابي
كـــم بـكــت عـيــناك لــمّا رأتــا
بــصري يــطفا و يطـوي فـي الحجـاب
و تـذكّـــــرت مـصـــــيري و الــــجوى
بـين جـنبيك جـراح فـي الـتهاب
هـــا أنـــا يــا أمّــي الـيوم فـتى
طـائــر الـصــيت بــعيد الــشهاب
أمــــلأ الـتـــاريخ لـحـــنا وصــدى
و تـغــني فــي ربـا الـخلد ربـابي
فـــاسمعي يـــا أمّ صــوتي وارقــصي
مــن وراء الـقبر كـالحورا الـكعاب
هـــا أنـــا يـا أمّ أرثـيك و فـي
شــجو هــذا الشـعر شـجوي و انتحـابي
عبدالله صالح حسن الشحف البردّوني: شاعر يمني، من كبار شعراء العرب في النصف الثاني من القرن العشرين مولده في البردّون من قرى ذمارعام 1929 م وأصيب بالجدري في السادسة من عمره ففقد بصره، وتلقى تعليمه الأولي في مدارس ذمار ثم انتقل إلى صنعاء حيث أكمل دراسته في دار العلوم وتخرج فيها عام 1953م. فعُين أستاذا للآداب العربية في المدرسة ذاتها ... وعمل مشرفاً عن برامج الإذاعة اليمنية.وسجن بسبب مناوأته سياسة الإمام أحمد حميد الدين. وانحيازه لما عرف بثورة الدستور عام 1948وأصدر عشرة دواوين شعرية، وكتبا منها: "رحلة في الشعر قديمه وحديثه" و"فنون الأدب الشعبي في اليمن" و"الثقافة الشعبية: تجارب وأقاويل يمنية" و"اليمن الجمهوري" و"من أول قصيدة إلى آخر طلقة، دراسة في شعر الزبيري وحياته". و"الثقافة والثورة" و"أشتات"وتوفي صباح يوم الاثنين 30 أغسطس 1999م أثناء سفره للعلاج في الأردن