
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تبســم فــي ليــل الشـباب مشـيب
فأصــبح بــرد الهـم وهـو قشـيب
وأنكـرت مـا قـد كنتمـا تعرفانه
وقـد يحضـر الرشـد الفـتي ويغيب
ومـن شـارف الخمسـين عامـاً فإنه
وإن عـاش بنـي الأهـل فهـو غريـب
ومـا أبقـت الـدنيا علينا وإنما
ســهام المنايــا مخطــئ ومصـيب
علــى أن أنفــاس الحيـاة شـهية
وأرواحنــا تغنــى بهــا وتـذوب
تجرعنــا الأيــام كأســاً مريـرة
وظاهرهــا يحلــو لنــا ويطيــب
ونــزري عليهــا جاهـدين بألسـن
تخالفهـــا بالاعتقـــاد قلـــوب
كــأن عقــول الخلـق سـرب حمـام
تحــوم علــى أحواضــها وتلــوب
وكـم ضـاع تدبير الفتى وهو حازم
ومــالت بــه الآمـال وهـو لـبيب
وكــم غــره منهـا سـراب بقيعـة
تصــدقه العينــان وهــو كــذوب
ومـن عـاش في ظل القناعة لم يبل
جفـــاه عــدو أو جفــاه حــبيب
خليلــي قــولا لليــالي نيابــة
ومــازال خـل المـرء عنـه ينـوب
تغيـر بعـد الصالح العيش فاغتدت
محاســـن أيـــامي وهــن عيــوب
رضـيت رضـى المغلوب عن أخذ ثأره
ولــي غضـب فـي النائبـات أديـب
دعـوتكم أن تصـفوا مـن نفوسـكم
فهــل منكـم عنـد الـدعاء مجيـب
وإلا فمـا عنـدي سـوى الصبر قدرة
ألا إن صـــبر الصــابرين قريــب
وغيضـت مـن زهـر الـدموع طوالعاً
لهـا فـي غـروب المقلـتين غـروب
أيجــدب خـدي مـن ربيـع مـدامعي
وربعــي مــن نعمـى يـديه خصـيب
وتـذهب عنـي لوعـة الحـزن والأسى
ولــي جيئة فــي رزقــه وذهــوب
وأقصـرت مـن نـدبي لـه كـل ساعة
وفــي كبـدي الحـرى عليـه نـدوب
أينسـى وفـي العينيـن صـورة وجه
ه الكريـم وعهـد الانتقـال قريـب
أرانــي إن حــاولت نظـم قصـيدة
فلــي غــزل مــن ذكــره ونسـيب
يميـل بـي التشـبيب نحـو رثـاته
كمـا مـال طوعـاً في القياد جنيب
وتجــذبني أغـراض وجـدي ولوعـتي
إليــه وأغــراض النفــوس ضـروب
فهـل عنـده أن الـدخيل من الجوى
مقيــم بقلــبي مـا أقـام عسـيب
وإن برقــت ســني لــذكر حكايـة
فـــإن فــؤادي مــاحييت كئيــب
ولـو أنصـفت نعماك ما طعم الكرى
ولا باشــرت ليــن المهـاد جنـوب
ولـولا الحيـا مـن دولـة ناصـرية
لمــا غفــرت للنائبــات ذنــوب
طلعـت طلـوع الشـمس والبدر غائب
فعفــى طلــوع مــا جنـاه مغيـب
وأقبلــت الــدنيا إليـك تنصـلاً
تقبــل أذيــال الــثرى وتتــوب
ولا منكــر إن ثـاب عـازب رأيهـا
فقــد تعــزب الآراء ثــم تثــوب
ومــا زلــت غفـاراً لكـل جريمـة
تضــيق بــاع الحلـم وهـو رحيـب
لـك الـدهر عبـد والملـوك رعيـة
تعـــاقب قومــاً تــارة وتــثيب
وهــذا قميــص لــو سـواك أراده
غـدا وهـو مـن ثـوب الحياة سليب
وقطــت بــأطراف الرمـاح مطـارف
عليــه وغطــت بالســيوف جيــوب
أبـت ذاك مـن أبنـاء زريـك عصبة
صـــباح عـــدو صـــحبته عصــيب
ملـوك ترينـا السلم والحرب كلما
تجلـــى جلــوس عنــدهم وركــوب
وأنـت سـنان فـي القناة التي هم
جميعــاً أنــابيب لهــا وكعــوب
بـك التـأمت بعـد انصداع شعوبهم
قبـــائل مــن آمــالهم وشــعوب
تحمــل أثقــال الـوزارة عنـدهم
أغـــر بحــد الحادثــات لعــوب
يـرى غـائب الأشـياء حـتى كأنمـا
تنـاجيه مـن فـرط الـذكاء غيـوب
يــروع قلوبـاً أو يـروق نـواظراً
بــوجه كـثير البشـر وهـو مهيـب
يليــن لنـا طـوراً ويصـلب تـارة
كــذاك القنـا يهـتز وهـو صـليب
نهضــت بهـذا الأمـر نهضـة حـازم
يســكن قلــب الحـزم وهـو نهيـب
وقــام بتــدبير الزمـان وأهلـه
خــبير بــداء المعضــلات طــبيب
وســـومتها ملمومـــة ناصـــرية
تكــف جمــاح الـدهر وهـو شـبوب
إذا شـجرات الخـط فيهـا تشـاجرت
فليـــس لريـــح بينهــن هبــوب
يليــق بـك الملـك العظيـم لأنـه
أخ لــك مــن دون الـورى ونسـيب
تفرعتهــا مــن دولــة صــالحية
نمـا فـي العلـى أصـل لها وقضيب
وقـد جمعـت فيـك السـيادة كلهـا
وغصــنك مـن مـاء الشـباب رطيـب
فمـا شـيمة للمجـد إلا وقـد غـدا
لهــا منــك حــظ وافــر ونصـيب
ســـماحة كــف لايــزال نوالهــا
يعلــم كــف الغيــث كيـف تصـوب
وهيبــة بـأس لـو أذمـت بنانهـا
لشــرخ شــباب لــم يرعـه مشـيب
مـددت بسـاط العـدل حـتى تصاحبت
بعــدلك شــاة فــي الفلاة وذيـب
وباشــرت أحكـام المظـالم حسـبة
لـك اللـه فيهـا بـالثواب حسـيب
تناهيت في الإنصاف والعدل فانتهت
عقــارب مــن جــور لهــن دبيـب
وسـاويت فـي ميـزان عـدلك بيننا
فخــاف بريــء واســتقام مريــب
وأوجبـت فـرض الحـج بعـد سـقوطه
فأضــحى لـه بعـد السـقوط وجـوب
ويسـرت قصـد الـبيت من بعد عسرة
فضــاقت بحــار بــالورى وسـهوب
فللفلـك فـي طـامي البحـار تحدر
وللعيـس فـي بحـر السـراب رسـوب
وكـان لـبيت اللـه فـي كـل موسم
عويــــل علـــى زواره ونحيـــب
ينـادي ملـوك الأرض شـرقاً ومغرباً
ألا ســـامع يــدعى بــه فيجيــب
فلمـا أتـت أيامـك الـبيض لانقضت
وخطبتهــــا للزمــــان خطـــوب
بـذلت عـن الوفـد الحجيـج تبرعاً
مــواهب لــم يســمح بهـن وهـوب
سـبقت بهـا أهـل العـراق وغيرهم
وأنــت إلـى كسـب الثـواب وثـوب
تركـت بهـا فـي الأخشـبين نضـارة
وكــان بــوجه الأخشــبين شــحوب
وحطــت بـه عـن ذمـة بـن فليتـة
وذمـــة أهــل الأبطحيــن ذنــوب
وأبقيتهـا وقفـاً على البر خالصاً
وفــي بــر قــوم خــالص ومشـوب
إذا جـف عـود الـزرع فهـي مريعة
وإن جــف در الضــرع فهـي حلـوب
وهنئت عامــاً لــو أعـبر عبـارة
غــدا وهـو مثلـي فـي علاك خطيـب
عمارة بن علي بن زيدان الحكمي المذحجي اليمني، أبو محمد، نجم الدين. مؤرخ ثقة، وشاعر فقيه أديب، من أهل اليمن، ولد في تهامة ورحل إلى زبيد سنة 531هـ، وقدم مصر برسالة من القاسم بن هشام (أمير مكة) إلى الفائز الفاطمي سنة 550 في وزارة (طلائع بن رزيك) فأحسن الفاطميون إليه وبالغوا في إكرامه، فأقام عندهم، ومدحهم. ولم يزل موالياً لهم حتى دالت دولتهم وملك السلطان (صلاح الدين) الديار المصرية، فرثاهم عمارة واتفق مع سبعة من أعيان المصريين على الفتك بصلاح الدين، فعلم بهم فقبض عليهم وصلبهم بالقاهرة، وعمارة في جملتهم. له تصانيف، منها (أخبار اليمن- ط)، و(أخبار الوزراء المصريين- ط)، و(المفيد في أخبار زبيد)، و(ديوان شعر- خ) كبير.