
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هـــل القلـــب إلا مضـــغة تتقلـــب
لــه خــاطر يرضـى مـراراً ويغضـب
أم النفـــس إلا وهـــدة مطمئنــة
تفيــض ثغــاب الهــم منهــا وتنضـب
فلا تلزمــن النــاس غيــر طبــاعهم
فتتعـب مـن طـول العتـاب ويتعبـوا
فإنــك إن كشــفتهم ربمــا انجلـى
رمــادهم عــن جمــرة لــم تتلهــب
فتـــاركهم مــا تــاركوك فــإنهم
إلـى الشـر مذ كانوا من الخير أقرب
ولا تغـــترر منهــم بحســن بشاشــة
فـــأكثر إيمــاض البــوارق خلــب
واصــغ إلــى مــاقلته تنتفـع بـه
ولا تطـــرح نصـــحي فـــإني مجــرب
فمــا تنكــر الأيــام معرفـتي بهـا
ولا أننـــــي أدرى بهـــــن وأدرب
وإنــــي لأقـــوام جـــذيل محكـــك
وإنـــي لأقـــوام عـــذيق مرجـــب
عليـم بمـا يرضـي المـروءة والتقـى
خــبير بمــا آتــي ومــا أتجنــب
حلبـــت أفــاويق الزمــان براحــة
تــدر بهــا أخلافــه حيــن تحلــب
وصـاحبت هـذا الـدهر حـتى لقـد غدت
عجـــائبه مـــن خـــبرتي تتعجــب
ودوخــــت أقطـــار البلاد كـــأنني
إلى الريح أعزى أو إلى الخضر أنسب
وعاشــرت أقوامــاً يزيـدون كـثرة
علـى الألـف أو عـد الحصـى حيـن يحسب
فمـا راقنـي فـي روضـهم قـط مربـع
ولا شــافني مــن ودهــم قــط مشـرب
ترانــي وإيــاهم فريقيــن كلنــا
بمــا عنـده مـن عـزة النفـس معجـب
فعنـــدهم دنيـــا وعنــدي فضــيلة
ولاشــك أن الفضــل أعلــى وأغلــب
أنــاس مضـى صـدر مـن العمـر عنـدهم
أصـــعد ظنـــي فيهـــم وأصـــوب
رجــوت بهــم نيــل الغنـى فوجـدته
كمـا قيـل فـي الأمثـال عنقاء مغرب
وكســل عــزم المــدح بعـد نشـاطه
نــدى ذمـه عنـدي مـن المـدح أقـرب
كــأن القــوافي حيـن تسـعى لشـكرهم
علـى الجمـر تمشي أو على الشوك تسحب
أفــوه بحــق كلمــا رمــت ذمهــم
ومـا غيـر قـول الحـق لـي قـط مذهب
وأصـــدق إلا أن أريـــد مـــديحهم
فــإني علــى حكــم الضـرورة أكـذب
ولــو علمــوا صــدق المـدائح فيهـم
لكــانت مســاعيهم تهــش وتطــرب
ولكــن دروا أن الـذي جـاء مادحـاً
بغيــر الــذي فيهــم يســب ويثلـب
ومـازال هـذا الأمـر دأبـي ودأبهـم
أغــالب لــومي فيهــم وهــو أغلــب
إلـى أن أدالتنـي الليـالي وأعتبت
ومــا خلتهــا بعــد الإسـاءة تعتـب
فهــاجرت نحـو الصـالح الملـك هجـرة
غــدت ســبباً للأمــن وهــو المســبب
فمــن مبلــغ ســعد العشـيرة معشـري
وشــعباً بهــم صـدع النـوائب يشـعب
بــأني قــد أصــبحت جــاراً لأبلــج
مــدائحه مــن ريــق المـزن أعـذب
يشــجع آمــال العفــاة ابتســامه
وتجبــه آســاد الشــرى حيـن يغضـب
غفـرت بـه ذنـب الليـالي الـتي مضت
وربتمــا يســتوجب العفــو مــذنب
لئن شـــغفت غـــر القــوافي بحبــه
فكــل امـرئ يـولي الجميـل محبـب
وإن عـــز مثواهــا وطــال بقربــه
فكــل مكــان ينبــت العــز طيــب
وكــم نبــت الأوطـان يومـاً بأهلهـا
فأورثهــا عــز الحيــاة التغــرب
وهــذا رســول اللــه فــارق مكـة
علــى جفـوة لـم ترضـها فيـه يـثرب
ولـولا فـراق السـيف للغمـد لم يفز
لــه بجميــل الــذكر حــد ومضــرب
ولــو لــزم الطيــر الفلاة ووحشـها
أماكنهــا مــا صــاد نـاب ومخلـب
وحســبي أن أصــبحت جــاراً لسـاحة
مكارمهــــا بالوافــــدين ترحـــب
رأينـــا بيـــومي بأســه ونــواله
علــى ضــاع فيـه حـاتم و المهلـب
إذا مــا ذكرنــا وقعـة مـن حروبـه
فيمــا يـذكر الحيـان بكـر وتغلـب
لــه معجـزات فـي الشـجاعة والنـدى
وســر عــن الأبصــار فيهــا مغيـب
تــرى كــل رعديــد الفــؤاد وباخـل
يصــــدقها ف ينفســــه ويكـــذب
عُلــــى بهـــرت آياتهـــا بطلائع
فهــل فــي العُلـى أيضـاً نـبي مقـرب
تيقنـــت الأفرنـــج أنــك إن تــرد
دمــارهم لــم ينجهــم منـك مهـرب
وخافتـك إن لـم تعطهـا الأمن منعماً
فجاءتـــك بالأســد الــثرى تتغلــب
وأهــدوا رجـال السـلم آلـة حربهـم
ومـن بعـض مـا أهـدوا مجـن ومقضـب
وذلـــك فـــأل صـــادق إن عزهــم
بسـيفك يـا سـيف الهـدى سـوف يسـلب
لـك الـرأي لـم تلـل ظباه ولم يُفل
إذا ظلـــت الآراء تطفـــو وترســـب
ومـا شـئت فاصـنع راشداً في سؤالهم
فرأيـــك مــن رأي البريــة أصــوب
وعنـــدك حـــزم لا يضـــيق نطــاقه
وصــدر مـن الـدهناء أرخـى وأرحـب
أقـــول لمغـــتر بظـــاهر بشـــره
تيقــظ فــإن المـاء يخفيـه طحلـب
ولا تركنــن للبحــر عنــد ســكونه
وبــادر فـإن البحـر إن هـاج يعطـب
وقــد يبســم الضـرغام وهـو معبـس
وقــد يتلظـى الـبرق والغيـث يسـكب
تباعــد إذا أولاك قربــاً ولــم يـزل
أخـو الحزم من يخشى الملوك ويرهب
فلا تتصـــــوره بصـــــورة صــــاحب
فليــس أبـو شـبلين غرثـان يصـحب
ولا تتســــحب واثقــــاً بحيــــائه
فمـــا ذلـــك إلا واثـــق يتســحب
مهــدت لنــا أكنــاف عــز منيعـة
علـى أنهـا مـن مرتقـى النجـم أعزب
وأســبلت أســتار الحجــاب مهابــة
وذلــك فــي بعــض المـواطن أهيـب
ولكنــك الشــمس الــتي لا محلهــا
بـــدان ولا أنوارهـــا قــط تحجــب
نـــراك وســتر مــن جلالــك حــائل
فنحـــن حضـــور والبصــائر غيــب
وأكــثر مــا نلقــاك حلمــاً ورحمـة
إذا كــان ذنــب للعقوبــة يـوجب
قصــدت ولكــن فيــك فضــل بقيــة
يغالبهـــا رأي العفـــاف فيغلـــب
تميــل إذا مـا كـان فـي الأمـر شـبهة
إلـى كـل مـا فيـه من الله تقرب
فلا زلــت للــدنيا وللــدين عصـمة
وثغرهمـــا مـــن مأثراتــك أشــنب
عمارة بن علي بن زيدان الحكمي المذحجي اليمني، أبو محمد، نجم الدين. مؤرخ ثقة، وشاعر فقيه أديب، من أهل اليمن، ولد في تهامة ورحل إلى زبيد سنة 531هـ، وقدم مصر برسالة من القاسم بن هشام (أمير مكة) إلى الفائز الفاطمي سنة 550 في وزارة (طلائع بن رزيك) فأحسن الفاطميون إليه وبالغوا في إكرامه، فأقام عندهم، ومدحهم. ولم يزل موالياً لهم حتى دالت دولتهم وملك السلطان (صلاح الدين) الديار المصرية، فرثاهم عمارة واتفق مع سبعة من أعيان المصريين على الفتك بصلاح الدين، فعلم بهم فقبض عليهم وصلبهم بالقاهرة، وعمارة في جملتهم. له تصانيف، منها (أخبار اليمن- ط)، و(أخبار الوزراء المصريين- ط)، و(المفيد في أخبار زبيد)، و(ديوان شعر- خ) كبير.