
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
المَـرءُ آفَتُـهُ هَـوى الدُنيا
وَالمَـرءُ يَطغى كُلَّما اِستَغنى
إِنّـي رَأَيـتُ عَـواقِبَ الدُنيا
فَتَرَكـتُ مـا أَهوى لِما أَخشى
فَكَّـرتُ فـي الـدُنيا وَجِدَّتِها
فَـإِذا جَميـعُ جَديـدِها يَبلى
وَإِذا جَميــعُ أُمورِهـا عُقَـبٌ
بَيـنَ البَرِيَّـةِ قَلَّمـا تَبقـى
وَبَلَـوتُ أَكثَـرَ أَهلِهـا فَإِذا
كُـلُّ امـرِئٍ فـي شـَأنِهِ يَسعى
وَلَقَـد بَلَـوتُ فَلَم أَجِد سَبَباً
بِــأَعَزَّ مِـن قَنَـعٍ وَلا أَعلـى
وَلَقَـد طَلَبـتُ فَلَم أَجِد كَرَماً
أَعلـى بِصـاحِبِهِ مِـنَ التَقوى
وَلَقَد مَرَرتُ عَلى القُبورِ فَما
مَيَّـزتُ بَيـنَ العَبدِ وَالمَولى
مـا زالَـتِ الـدُنيا مُنَغَّصـَةً
لَـم يَخلُ صاحِبُها مِنَ البَلوى
دارُ الفَجـائِعِ وَالهُمومِ وَدا
رُ البَـثِّ وَالأَحـزانِ وَالشَكوى
بَينـا الفَـتى فيها بِمَنزِلَةٍ
إِذ صـارَ تَحـتَ تُرابِها مُلقى
تَقفــو مَسـاويها مَحاسـِنَها
لا شـَيءَ بَينَ النَعيِ وَالبُشرى
وَلَقَـــلَّ يَــومٌ ذَرَّ شــارِقُهُ
إِلّا ســَمِعتَ بِهالِــكٍ يُنعــى
لا تَعتَبَـنَّ عَلـى الزَمانِ فَما
عِنـدَ الزَمـانِ لِعـاتِبٍ عُتبى
وَلَئِن عَتَبتَ عَلى الزَمانِ لِما
يَـأتي بِـهِ فَلَقَـلَّ مـا تَرضى
المَـرءُ يـوقِنُ بِالقَضاءِ وَما
يَنفَـكُّ أَن يُعنـى بِمـا يُكفى
لِلمَــرءِ رِزقٌ لا يَمــوتُ وَإِن
جَهَـدَ الخَلائِقُ دونَ أَن يَفنـى
يـا بانِيَ الدارِ المُعِدِّ لَها
مـاذا عَمِلـتَ لِـدارِكَ الأُخرى
وَمُمَهِّـدَ الفُـرشِ الوَثيرَةِ لا
تُغفِـل فِراشَ الرَقدَةِ الكُبرى
لَـو قَد دُعيتَ لَما أَجَبتَ لِما
تُـدعى لَـهُ فَانظُر لِما تُدعى
أَتُراكَ تَحصي مَن رَأَيتَ مِنَ ال
أَحيـاءِ ثُـمَّ رَأَيتَهُـم مَـوتى
فَلتَلحَقَــنَّ بِعَرصـَةِ المَـوتى
وَلَتَنزِلَــنَّ مَحَلَّــةَ الهَلكـى
مَـن أَصـبَحَت دُنيـاهُ غـايَتَهُ
فَمَـتى يَنالُ الغايَةَ القُصوى
بِيَـدِ الفَنـاءِ جَميعُ أَنفُسِنا
وَيَدُ البِلى فَلَها الَّذي يُبنى
لا تَغتَـرِر بِالحادِثـاتِ فَمـا
لِلحادِثـاتِ عَلـى امرِئٍ بُقيا
لا تَغبِطَــنَّ أَخــاً بِمَعصــِيَةٍ
لا تَغبِطَـن إِلّا أَخـا التَقـوى
سـُبحانَ مَـن لا شـَيءَ يَعـدِلُهُ
كَـم مِـن بَصـيرٍ قَلبُـهُ أَعمى
سـُبحانَ مَـن أَعطـاكَ مِن سَعَةٍ
سـُبحانَ مَـن أَعطاكَ ما أَعطى
فَلَئِن عَقَلــتَ لَتَشــكُرَنَّ وَإِن
تَشـكُر فَقَـد أَغنى وَقَد أَقنى
وَلَئِن بَكَيــتَ لِرِحلَــةٍ عَجِلاً
نَحـوَ القُبـورِ فَمِثلُها أَبكى
وَلَئِن قَنِعــتَ لَتَظفَـرَنَّ بِمـا
فيهِ الغِنى وَالراحَةُ الكُبرى
وَلَئِن رَضيتَ عَلى الزَمانِ فَقَد
أَرضـى وَأَغضـَبَ قَبلَكَ النَوكى
وَلَقَــلَّ مَــن تَصـفو خَلائِقُـهُ
وَلَقَـلَّ مَـن يَصفو لَهُ المَحيا
وَلَــرُبَّ مَزحَـةِ صـادِقٍ بَـرَزَت
فــي لَفظَـةٍ وَكَأَنَّهـا أَفعـى
وَالحَـقُّ أَبلَـجُ لا خَفـاءَ بِـهِ
مُـذ كـانَ يُبصِرُ نورَهُ الأَعمى
وَالمَــرءُ مُسـتَرعىً أَمـانَتَهُ
فَليَرعَهـا بِأَصـَحِّ مـا يُرعـى
وَالـرِزقُ قَـد فَرَضَ الإِلَهُ لَنا
مِنــهُ وَنَحـنُ بِجَمعِـهِ نُعنـى
عَجَبـاً عَجِبـتُ لِطـالِبٍ ذَهَبـاً
يَفنـى وَيَرفُـضُ كُـلَّ ما يَبقى
حَقّـاً لَقَـد سـَعِدَت وَما شَقِيَت
نَفـسُ امـرِئٍ يَرضى بِما يُعطى
إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني، العنزي، أبو إسحاق.شاعر مكثر، سريع الخاطر، في شعره إبداع، يعد من مقدمي المولدين، من طبقة بشار وأبي نواس وأمثالهما. كان يجيد القول في الزهد والمديح وأكثر أنواع الشعر في عصره. ولد ونشأ قرب الكوفة، وسكن بغداد.كان في بدء أمره يبيع الجرار ثم اتصل بالخلفاء وعلت مكانته عندهم. وهجر الشعر مدة، فبلغ ذلك الخليفة العباسي المهدي، فسجنه ثم أحضره إليه وهدده بالقتل إن لم يقل الشعر، فعاد إلى نظمه، فأطلقه. توفي في بغداد.