
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
كَأَنَّــكَ قَــد جــاوَرتَ أَهـلَ المَقـابِرِ
هُوَ المَوتُ يا ابنَ المَوتِ إِن لَم تُبادِرِ
تَســَمَّع مِــنَ الأَيـامِ إِن كُنـتَ سـامِعاً
فَإِنَّـــكَ فيهــا بَيــنَ نــاهٍ وَآمِــرِ
وَلا تَــرمِ بِالأَخبــارِ مِـن غَيـرِ خِـبرَةٍ
وَلا تَحمِــلِ الأَخبــارَ عَــن كُـلِّ خـابِرِ
فَكَـم مِـن عَزيـزٍ قَـد رَأَينـا امتِناعَهُ
فَــدارَت عَلَيـهِ بَعـدُ إِحـدى الـدَوائِرِ
وَكَــم مَلِــكٍ قَـد رُكِّـمَ التُـربُ فَـوقَهُ
وَعَهـدي بِـهِ فـي الأَمـسِ فَـوقَ المَنابِرِ
وَكَــم دائِبٍ يُعنـى بِمـا لَيـسَ مُـدرِكاً
وَكَــم وارِدٍ مــا لَيــسَ عَنـهُ بِصـادِرِ
وَلَـــم أَرَ كَـــالأَمواتِ أَبعَــدَ شــُقَّةً
عَلــى قُربِهــا مِـن دارِ جـارٍ مُجـاوِرِ
لَقَــد دَبَّــرَ الــدُنيا حَكيــمٌ مُـدَبِّرٌ
لَطيـــفٌ خَـــبيرٌ عــالِمٌ بِالســَرائِرِ
إِذا أَبقَـتِ الـدُنيا عَلـى المَرءِ دينَهُ
فَمافـــاتَهُ مِنهـــا فَلَيــسَ بِضــائِرِ
إِذا أَنـتَ لَـم تَـزدَد عَلـى كُـلِّ نِعمَـةٍ
خُصِصــتَ بِهــا شــُكراً فَلَســتَ بِشـاكِرِ
إِذا أَنـتَ لَـم تُـؤثِر رِضـى اللَهِ وَحدَهُ
عَلــى كُــلِّ مـا تَهـوى فَلَسـتَ بِصـابِرِ
إِذا أَنـتَ لَـم تَطهُر مِنَ الجَهلِ وَالخَنا
فَلَســتَ عَلــى عَــومِ الفُـراتِ بِطـاهِرِ
إِذا لَــم تَكُــن لِلمَـرءِ عِنـدَكَ رَغبَـةٌ
فَلَســتَ عَلــى مـا فـي يَـدَيهِ بِقـادِرِ
إِذا كُنــتَ بِالــدُنيا بَصـيراً فَإِنَّمـا
بَلاغُــكَ مِنهــا مِثــلُ زادِ المُســافِرِ
وَمـا الحُكـمُ إِلّا مـا عَلَيـهِ ذَوُ النُهى
وَمــا النــاسُ إِلّا بَيــنَ بَـرٍّ وَفـاجِرِ
وَمــا مِــن صــَباحٍ مَــرَّ إِلّا مُؤَدِّبــاً
لِأَهــلِ العُقــولِ الثابِتـاتِ البَصـائِرِ
أَراكَ تُسـاوى بِالأَصـاغِرِ فـي الصـَبايا
وَأَنــتَ كَــبيرٌ مِــن كِبـارِ الكَبـائِرِ
كَأَنَّــكَ لَـم تَـدفِن حَميمـاً وَلَـم تَكُـن
لَـهُ فـي حِيـاضِ المَـوتِ يَومـاً بِحاصـِرِ
وَلَــم أَرَ مِثـلَ المَـوتِ أَكثَـرَ ناسـِياً
تَـــراهُ وَلا أَولــى بِتَــذكارِ ذاكِــرِ
وَإِنَّ امــرَأً يَبتــاعُ ضــُنيا بِــدينِهِ
لَمُنقَلِـــبٌ مِنهـــا بِصـــَفقَةِ خاســِرِ
وَكُــلُّ امــرِئٍ لَــم يَرتَحِــل بِتِجـارَةٍ
إِلــى دارِهِ الأُخــرى فَلَيــسَ بِتــاجِرِ
رَضــيتُ بِــذي الــدُنيا لِكُـلِّ مُكـابِرِ
مُلِــحٍّ عَلــى الــدُنيا وَكُــلِّ مُفـاخِرِ
أَلَــم تَرَهــا تَرقيـهِ حَتّـى إِذا صـَبا
فَــرَت حَلقَــهُ مِنهــا بِمُديَــةِ جـازِرِ
وَمــا تَعــدِلُ الـدُنيا جَنـاحَ بَعوضـَةٍ
لَــدى اللَـهِ أَو مِقـدارَ زَغبَـةِ طـائِرِ
فَلَــم يَـرضَ بِالـدُنيا ثَوابـاً لِمُـؤمِنٍ
وَلَــم يَـرضَ بِالـدُنيا عِقابـاً لِكـافِرِ
إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني، العنزي، أبو إسحاق.شاعر مكثر، سريع الخاطر، في شعره إبداع، يعد من مقدمي المولدين، من طبقة بشار وأبي نواس وأمثالهما. كان يجيد القول في الزهد والمديح وأكثر أنواع الشعر في عصره. ولد ونشأ قرب الكوفة، وسكن بغداد.كان في بدء أمره يبيع الجرار ثم اتصل بالخلفاء وعلت مكانته عندهم. وهجر الشعر مدة، فبلغ ذلك الخليفة العباسي المهدي، فسجنه ثم أحضره إليه وهدده بالقتل إن لم يقل الشعر، فعاد إلى نظمه، فأطلقه. توفي في بغداد.