
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بِعَيشـــِكُما يــا صــاحِبَيَّ دَعانِيــا
عَشــيّةَ شــامَ الحـيُّ بَرقـاً يَمانِيـا
وإن كُنتُمـا لا تُسـْعِدانِ علـى البُكـا
فلا تَعــذُلا صــَبّاً يُحيّــي المَغانِيـا
ومـا خِلْـتُ أنّ البَـرقَ يَكْلَـفُ بالنّوى
ولَــمْ أتّهِــمْ إلا القِلاصَ النّواجِيــا
ونحـنُ رَذايـا الحُـبِّ لـمْ نَلْقَ حادِثاً
مِـنَ الخَطْـبِ إلا كـان بـالبينِ قاضِيا
وصـارَ الهـوى فينـا علـى رَأيِ واحِدٍ
إذا مــا أمِنَّـا عَـذْلَهُ عـادَ واشـِيا
فمـا يَبْتَغـي فينـا الهَـوادَةَ كاشـِحٌ
ولا نَعـــرِفُ الإخْـــوانَ إلا تَماريــا
كـأنَّ بِنـا مِـنْ رَوعـةِ البَيـنِ حَيـرَةً
نُحــاذِرُ عَينــاً أو نُصــانِعُ لاحِيــا
تُـــرَدُّ علـــى أعقــابِهنَّ دُموعُنــا
وقــد وَجـدَتْ لـولا الوُشـاةُ مَجاريـا
لــكَ اللـهُ مِـنْ قَلـبٍ عَزيـزٍ مَرامُـهُ
إذا رُعْتَـهُ استَشـْرى على الضَّيْم آبِيا
دعـاهُ الهَـوى حـتى اسـتُلين قِيـادُهُ
وأيُّ مُجيــبٍ لَــو حَمِــدْناهُ داعِيــا
ونَشــوانَةِ الألْحـاظِ يَمْرَحْـنَ بالصـِّبا
مِراضـاً فـإنْ ولّـى خَلَقْـنَ التّصـابيا
أبــاحَتْ حِمـىً كـانَتْ مَنيعـاً شـِعابُهُ
فمــا لِســِواها فَضـْلَةٌ فـي فُؤادِيـا
ورَكْـــبٍ كخيطـــانِ الأراكِ هَــدَيْتُهُمْ
وقــد شـغَلَ التّهْـويمُ مِنهُـمْ مآقِيـا
إذا اضـطَربوا فَـوقَ الرِّحـالِ حَسِبتَهُمْ
وقــد لفــظَ الفَجـرَ الظّلامُ أفاعِيـا
وإنْ عَرَّسـُوا خَـرُّوا سُجوداً على الثَّرى
عَواطِــفَ مِـنْ أيـدٍ تَطـولُ العَوالِيـا
حَـدَوْتُ بِهـمْ أُخـرى المَطـيِّ ولـمْ أكُنْ
لِصــَحْبيَ لــولا حُــبُّ ظَميـاءَ حادِيـا
ولكــنَّ ذِكْراهــا إذا الليـلُ نُشـِّرَتْ
غَـــدائِرُهُ تُملــي علــيَّ الأغانِيــا
وإنَّ دُوَيْــنَ القــاعِ مـن أرضِ بِيشـَةٍ
ظِبــاءً يُخــاتِلْنَ الأُسـودَ الضـَّوارِيا
إذا ســـَخِطَتْ أُزْرٌ عليْهِـــنَّ تَلتَــوي
وَجَـــدْنا إزارَ العامريّــةِ راضــِيا
ومـا مُغْـزِلٌ فـاءتْ إِلـى خُـوطِ بانَـةٍ
نَـأتْ بِمجانِيهـا عَـنِ الخِشـْفِ عاطِيـا
تَمُــدُّ إليهـا الجِيـدَ كَيمـا تَنـالَهُ
ويـا نُعْمَ مَلفَى العَيشِ لو كانَ دانِيا
فَناشــَتْ بِغُصــْنٍ كالذُّؤابَــةِ أصـبَحَتْ
تُقَلِّــبُ بــالرَّوقَيْنِ فيهــا مَـدارِيا
بِرابيــةٍ والــرّوْضُ يَصــْحو ويَنْتَشـي
يظَــلُّ علَيهـا عاطِـلُ التُـربِ حالِيـا
فمــالَتْ إِلـى ظِـلِّ الكِنـاسِ وصـادَفَتْ
طَلاً تَتَهـــاداهُ الـــذِّئابُ عَوادِيــا
فــوَلّتْ حِـذاراً تسـتَغيثُ مـن الـرّدى
بأظْلافهـا والليـلُ يُلْقـي المَراسـِيا
فلمّــا اسـتنارَ الفَجـرُ يَنفُـضُ ظِلَّـهُ
كَمــا نَثَـرَتْ أيـدي العَـذارى لآلِيـا
وَفــاهَ نَســيمُ الرّيـحِ وهْـيَ عَليلَـةٌ
بَنَشـْرِ الخُزامَـى تَرضـَعُ الغَيثَ غادِيا
قَضــَتْ نَفَســا يَطغــى إذا رَدَّ غَرْبَـهُ
إِلـى صـَدرِهِ الحَـرَّانُ رامَ التَّراقِيـا
بــأبْرَحَ منــي لوْعَــةً يــومَ ودَّعَـتْ
أمَيمَـةُ حُـزْوى واحتَلَلْنـا المَطالِيـا
أتَـتْ بَلَـداً يَنسـى بـه الـذِّئْبُ غَدْرَهُ
وإنْ ضـَلَّ لـمْ يَتبَعْ سوى النّجمِ هاديا
فيــا جَبَــلَ الرَّيــانِ أيـنَ مَـوارِدٌ
تَرَكْــتُ لهــا مـاءَ الأُنَيْعِـمِ صـادِيا
وقـد نَبَـذَتْ عَينـي إِلـى الناسِ نَظْرَةً
كمـا يَتّقـي الظَّبْـيُ المُـرَوَّعُ رامِيـا
كِلا نــــاظِرَيْهِ نَحْــــوَهُ مُتَشـــاوِسٌ
يُعــاتِبُ لَحْظــاً رَدَّهُ الرُّعْـبُ وانِيـا
فلــمْ تَــرْضَ إلا مَــنْ يَحُلُّــكَ مِنهُـمُ
أظُــنُّ أَديــمَ الأرضِ بَعــدَكَ عارِيــا
تَغَيّــــرَتِ الأحيــــاءُ إلا عِصـــابةً
سـقاها الحَيـا قَومـاً وحُيِّيَـتَ وادِيا
ذَكَــرتُ لهــمْ تِلــكَ العُهـودَ لأنَّنـي
نَســيتُ بِهِـمْ رَيْـبَ الزّمـانِ لَيالِيـا
وعَيْشــاً نَضــا عَــنْ مَنْكِــبيَّ رِداءَه
فِــراقٌ يُعــاطي الحادِثـاتِ زِمامِيـا
تَـــذَكّرْتُهُ والليــلُ رَطْــبٌ ذُيــولُهُ
فَمــا افْتَـرَّ إلا عَـن بَنـانِيَ دامِيـا
وقَـد أسـتَقيلُ الدَّهْرَ مِنْ رَجْعَةِ الغِنى
إذا لـمْ يُعِـدْ تِلكَ السنينَ الخَوالِيا
وأذعَـــرُ بــالعِزِّ الإِمــامِيِّ صــَرْفُهُ
مَخافَــةَ أنْ يَقتــادَ جــاريَ عانِيـا
بــأَروعَ مِـن آلِ النَّـبيِّ إذا انْتَمـى
أفــاضَ علــى الـدُّنيا عُلاً ومسـاعِيا
تُســانِدُ أدناهــا النّجـومَ وتَنْثَنـي
إذا رُمْــنَ أقصــاهُنَّ شـأواً كوابِيـا
أضــاءَتْ مَســاري عِرقِـهِ حيـن فُتِّشـَتْ
مَناســِبُ قــومٍ فـانتعَلْنَ الـدَّياجِيا
إذا افْتَخَـرَتْ عُليـا كِنانَـةَ والْتَقَـتْ
علـى غايةٍ في المَجْدِ تُعْيِي المُسامِيا
دَعـا الحَبْـرَ والسَّجَّادَ فابْتَدَر المَدى
وخـاضَ إِلـى سـاقي الحَجيج النّواصِيا
وحــازَ مِـن الـوادي البِطـاحِيِّ سـِرَّهُ
وحَلّــتْ قريــشٌ بعـدَ ذاكَ المَحانِيـا
مِـنَ القَـومِ يُلفـي الرّاغِبـونَ لَدَيهِمُ
مَكــــارِمَ عبّاســــِيَّةً وأيادِيــــا
يَـروحُ إليهـمْ عـازِبُ الحَمْـدِ وافيـاً
ويَغْـدو عَليهـمْ طـالِبُ الرِّفْـدِ عافِيا
إذا عَـــدَّ تلـــكَ الأوّليَّــةَ فــاخِرٌ
أرَتْــهُ مَســاعي الآخِريــنَ مســاوِيا
ومُحتَجِــبٍ بــالعزِّ مِـن خَيرِهـمْ أبـاً
زَجَــرْتُ إليـه المُقْرَبـاتِ المَـذاكِيا
إِلـى المُقتـدِي بـالله والمُقتَدى بهِ
طَـوَيْنَ بِنـا طـيَّ الـرِّداء الفَيافِيـا
وَلُــذْنا بـأطرافِ القَـوافي وحَسـْبُنا
مِـنَ الفَخـرِ أنْ نُهدي إليه القَوافِيا
ولَـــم نتَكلَّـــفْ نَظْمَهُـــنَّ لأنّنـــا
وجَـدْنا المعالي فاخْتَرعْنا المَعانِيا
أيــا وارِثَ البُــرْدِ المُعَظَّــمِ رَبُّـهُ
بَلغْنا المُنى حتى اقْتَسَمْنا التَّهانِيا
هَنيئاً لــذُخْرِ الــدّينِ مَقْـدَمُ ماجِـدٍ
سَيُصـــْبِحُ ذُخْــراً للخِلافــةِ باقِيــا
تَبلَّــجَ مَيمــونَ النّقِيبــةِ ســابِقاً
يُراقــبُ مِــن عِـرْقِ النُّبـوَّةِ تالِيـا
فَكُـــل ســـَريرٍ يَشـــْرَئِبُّ صـــَبابةً
إليـه وَيثنـي العِطْـفَ نَشـوانَ صاحِيا
وتَهْتَــزُّ مِــن شــوقٍ إليــهِ منـابِرٌ
أطــالَتْ بِــه أعــوادُهُنَّ التَّناجِيـا
فَلا بَرِحَـــتْ فيكــمْ تَنــوءُ بخــاطِبٍ
ولا عَـدِمَتْ مِنكـمْ مَـدى الـدَّهْرِ راقِيا
أبو المظفر محمد بن العباس أحمد بن محمد بن أبي العباس أحمد بن آسحاق بن أبي العباس الإمام.شاعر ولد في كوفن، وكان إماماً في اللغة والنحو والنسب والأخبار، ويده باسطة في البلاغة والإنشاء.وله كتب كثيرة منها تاريخ أبيورنسا, المختلف والمؤتلف، قبسة العجلان في نسب آل أبي سفيان وغيرها الكثير.وقد كانَ حسن السيرة جميل الأمر، حسن الاعتقار جميل الطريقة.وقد عاش حياة حافلة بالأحداث، الفتن، التقلبات، وقد دخل بغداد، وترحل في بلاد خراسان ومدح الملوك، الخلفاء ومنهم المقتدي بأمر الله وولده المستظهر بالله العباسيين.وقد ماتَ الأبيوردي مسموماً بأَصفهان.له (ديوان - ط).