
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
الـــوِرْدُ يَبْســـِمُ والرَّكــائِبُ حُــوَّمُ
والســـَّيفُ يَلمَــعُ والصــَّدى يَتضــَرَّمُ
بَخِــلَ الغَيُـورُ بِمـاءِ لِينَـةَ فـاحْتَمى
بِشـــَبا أســِنِّتِهِ الغَــديرُ المُفْعَــمُ
والــرَّوضُ ألبَســَهُ الرَّبيــعُ وشـَائِعاً
عُنِــيَ الســِّماكُ بِوَشــْيِها والمِــرْزَمُ
تُثْنـي رُبـاهُ علـى الغَمـامِ إذا غَـدا
عـــافِي النَّســـيمِ بِســِرِّها يتكَلَّــمُ
حَيْـثُ الغُصـونُ هَفـا بِهـا ولَـعُ الصَّبا
وخَلا الحَمــــامُ بِشــــَجْوِهِ يـــترَنَّمُ
وأُميــلُ مِــنْ طَــرَبٍ إلَيــهِ مَسـامِعاً
يَشـــكو لَجاجَتَهـــا إلـــيَّ اللُّــوَّمُ
فَبكـــى ولَـــم أرَ عَبْــرَةً مَســْفوحَةً
أكــذاكَ يَبْخَــلُ بالــدُّموعِ المُغْــرَمُ
ولَقَــد بَكَيْــتُ فلَــو رأيـتَ مَـدامِعي
لعَلِمْــــتَ أيُّ البــــاكِيَيْنِ مُتَيَّـــمُ
شــَتّانَ مــا وَجْــدي ووَجْــدُ حَمامَــةٍ
تُبْـدي الصـَّبابَةَ فـي الحَنيـنِ وأكْتُـمُ
وأزورُ إذْ ظَعَـــنَ الخَليــطُ مَنــازِلاً
نَحِلَــتْ بِهِــنَّ كمــا نَحِلْــتُ الأرْســُمُ
كَـــمْ وَقْفَـــةٍ مَيْلاءَ فــي أثْنائِهــا
شـــَوْقٌ إِلــى طَلَــلٍ بِرامَــةَ يُــرْزِمُ
عَطَفَـــتْ رَكائِبُنـــا إِلــى عَرَصــاتِهِ
وعلــى الجُنَينَــةِ نَهْجُهُــنَّ المُعْلَــمُ
وذَكَـــرْتُ عَصـــْراً أســْرَعَتْ خُطُــواتُهُ
والعَيْـــشُ أخْضــَرُ والحَــوادِثُ نُــوَّمُ
فَــــوَدِدْتُ أنَّ شــــَبيبتي ودَّعْتُهـــا
وأقــــامَ ذاكَ العَصـــْرُ لا يتَصـــَرَّمُ
لفَظَــــتْ أحِبَّتَنـــا البلادُ فَمُعْـــرِقٌ
تُـــدمي جَــوانحَهُ الهُمــومُ ومُشــْئِمُ
أزُهَيــرُ إنَّ أخــاكَ فــي طلَـبِ العُلا
أدْنــى صــَحابَتِهِ الحُســامُ المِخْــذَمُ
خاضــَتْ بــهِ ثُغَـرَ الفَيـافي والـدُّجَى
خُـــوصٌ نَمـــاهُنَّ الجَـــديلُ وشــَدْقَمُ
يَجْتــــابُ أرْدِيَـــةَ الظّلامِ بِمَهْمَـــهٍ
يَنْســى الصـَّهيلَ بـهِ الحِصـانُ الأدْهَـمُ
ويَضـــيقُ ذَرْعُ المُهْــرِ أن لا يَنْجَلــي
لَيـــلٌ بأذْيـــالِ الصـــَّباحِ يُلَثَّــمُ
ولَــهُ إِلــى الغَـرْبِ التِفاتَـةُ وامِـقٍ
يُمْـــري تَـــذَكُّرُهُ الــدُّموعَ فتَســْجُمُ
وكــــأنَّهُ مِمَّـــا يُميـــلُ بِطَرْفِـــهِ
قِبَـــلَ المَغــارِبِ بالثُّريَّــا مُلْجَــمُ
عَتَقَــــتْ علَـــيَّ ألِيَّـــةٌ ســـَيُبِرُّها
هَـــمٌّ بِمُعْتَـــرَكِ النُّجـــومِ مُخَيِّـــمُ
والليــلُ يــوطِئُ مَـن تُـؤرِّقُهُ المُنـى
خَـــدّاً بأيـــدي الأرْحَبِيَّـــةِ يُلطَــمُ
لَتُشـــارِفَنَّ بـــيَ المَــوامي أيْنُــقٌ
هُـــنَّ الحَنِـــيُّ ورَكْبُهُـــنَّ الأســـْهُمُ
وأُفـــارِقَنَّ عِصـــابَةً مِـــنْ عـــامِرٍ
يَضــْوَى بِصــُحبَتِها الكَريــمُ ويَســْقَمُ
فســَدَ الزَّمــانُ فليــسَ يـأمَنُ ظُلْمَـهُ
أهْــلُ النُّهــى وبَنــوهُ مِنــهُ أظْلَـمُ
أيــنَ التَفَــتَّ رأيــتَ مِنهُـمْ أوْجُهـاً
يشـــقى بهـــنَّ النّــاظِرُ المُتَوســِّمُ
وأضــَرُّهُمْ لــكَ حيــنَ يُعضــِلُ حــادِثٌ
بـالمَرْءِ مَـنْ هـوَ فـي الصـّداقَةِ أقْدَمُ
ومَـــتى أســـَأْتَ إليهِــمُ وخَبِرتَهُــمْ
أُلْفِيـــتَ بعـــدَ إســـاءَةٍ لا تَنــدَمُ
نَبَـذوا الوَفـاءَ مـعَ الحَيـاءِ وراءَهُمْ
فهُــمُ بِحَيْــثُ يَكــونُ هــذا الـدِّرْهَمُ
وعَـــذَرْتُ كُــلَّ مُكاشــِحٍ أُبْلَــى بِــهِ
فبَليَّـــتي مِمَّـــنْ أُصـــاحِبُ أعْظَـــمُ
مَـــذِقُ الـــوِدادِ فَـــوَجْهُهُ مُتَهلِّــلٌ
لِمكيـــــدَةٍ وضـــــَميرُهُ مُتَجَهِّــــمُ
يُبــدي الهَـوى ويَسـُورُ إنْ عَرَضـَتْ لـهُ
فُـــرَصٌ علــيَّ كَمــا يَســورُ الأرْقَــمُ
ويَــرومُ نَيــلَ المَكْرُمــاتِ ودونَهــا
أمَــدٌ بــهِ انْتَعَـلَ النَّجيـعَ المَنْسـِمُ
فزَجَـرْتُ مَـن جَلَـبَ الجِيـادَ إِلـى مَـدًى
يَعْنـــو لِحاســِرِ أهْلِــهِ المُســْتَلئِمُ
ورَحِمْـــتُ كُـــلَّ فَضـــيلَةٍ مَغْصـــوبَةٍ
حتّــى القَريــضَ إذا ادَّعـاهُ المُفْحَـمُ
ولَــوِ اســْتَطَعْتُ رَدَدْتُ مَـن يَعْيَـى بـهِ
عنـــهُ مَخافَـــةَ أنْ يُلَجْلِجَـــهُ فَــمُ
لا تُخْلِـــدَنَّ إِلـــى الصــّديقِ فــإنّهُ
بِــكَ مِــنْ عَـدوِّكَ فـي المَضـَرَّةِ أعْلَـمُ
يَلقــاكَ والعســَلُ المُصــَفَّى يُجْتَنَــى
مِــن قَــولِهِ ومــنَ الفَعـالِ العَلْقَـمُ
هـــذا ورُبَّ مُشـــاحِنٍ عَلِقَـــتْ بـــهِ
شـــَمْطاءُ تُلْقِحُهـــا الضــَّغائِنُ مُتْئِمُ
فحَلُمْــتُ عنــهُ وبــاتَ يَشــْرَبُ غَيظَـهُ
جُرَعـــاً ولُـــزَّ بمِنخَرَيــهِ المَرْغَــمُ
وأنــا المَليــءُ بِمــا يَكُـفُّ جِمـاحَهُ
ويَــرُدُّ غَــرْبَ الجَهــلِ وهْــوَ مُثَلَّــمُ
فلقــد صــَحِبْتُ أُزَيهِــرَ بــنَ مُحَلِّــمٍ
حيــثُ الســّيوفُ يَبُــلُّ غُلَّتَهـا الـدَّمُ
والخَيْـــلُ شــُعْثٌ والرِّمــاحُ شــوارِعٌ
والنّقْــعُ أكْــدَرُ والخَميــسُ عَرَمْــرَمُ
فرأيتُـــهُ يَســـَعُ العُــداةَ بِعَفْــوِهِ
وتُجيـــرُ قُـــدْرَتُهُ عَليـــهِ فَيَحْلُــمُ
ويَـــوَدُّ كـــلُّ بَريـــءِ قَــومٍ أنَّــهُ
مِمّـــا يَمُـــنُّ بــهِ عليْهِــمْ مُجــرِمُ
وأفَـــدْتُ مِـــنْ أخلاقِـــهِ ونَـــوالِهِ
مِنَحــاً يَضــِنُّ بهـا السـَّحابُ المُرْهِـمُ
وإذا أغــامَ الخَطْــبُ جــابَ ضــَبابَهُ
شــَمْسُ الضــُّحى وسـَطا عَليـهِ الضـَّيْغَمُ
ومَـــتى بَــدا واللّيــلُ ألْمَــى رَدَّهُ
بِالبِشـــْرِ فهْــوَ إذا تبلَّــجَ أرْثَــمُ
مَلِـــكٌ يُكِــلُّ غَــداةَ يُطلَــبُ شــَأوُهُ
مُقَلاً يُصـــافِحُها العَجـــاجُ الأقتَـــمُ
بشـــَمائِلٍ مُــزِجَ الشــِّماسُ بِلينِهــا
كالمــاءِ أُشــْرِبَهُ الســِّنانُ اللَّهْـذَمُ
ومَنــــاقِبٍ لا تُرتَقَــــى هَضـــَباتُها
نَطَـــقَ الفَصــيحُ بفَضــْلِها والأعْجَــمُ
إنْ لُحْـنَ والشـُّهْبُ الثّـواقِبُ في الدُّجى
لـــمْ يَـــدْرِ ســارٍ أيُّهُــنَّ الأنْجُــمُ
يا بْنَ الإِلى سَحَبوا الرِّماحَ إِلى الوغَى
ولــدَيْهِ يَغْــدرُ بالبَنــانِ المِعْصــَمُ
يتَســرَّعونَ إِلــى الــوغَى فجِيــادُهُمْ
تُزْجَـــى عَـــوابِسَ والســُّيوفُ تَبَســُّمُ
وإذا الزَّمـانُ دَجـا أضـاؤوا فاكْتَسـى
فضـــَلاتِ نُــورِهِمُ الزّمــانُ المُظلِــمُ
أوْضــَحْتَ طُــرْقَ المَجْــدِ وهْــيَ خَفِيّـةٌ
فبَــدا لِطــالِبهِ الطَّريــقُ المُبهَــمُ
وغَمَــرْتَ بــالكَرَمِ المُلــوكَ فكُلُّهُــمْ
لمّــا شــَرَعْتَ لــهُ النــدىً يتكــرَّمُ
وبَســـَطْتَ كفّـــاً بـــالمَواهِبِ ثَــرَّةً
ســـَدِكَ الغَنــيُّ بِســَيْبِها والمُعْــدَمُ
ومَــــدَدْتَ لِلعــــافينَ ظِلاً وارِفـــاً
يتوشـــَّحُ الضـــّاحِي بــهِ والمُعتِــمُ
كــلُّ الفَضــائِلِ مِــن خِلالِــكَ يُقْتَنـى
ولـــدَيْكَ يُجْمَـــعُ فَــذُّها والتَّــوأَمُ
ولِمِثْلِهـــا أعْـــدَدْتُ كُـــلَّ قصــيدَةٍ
نَفَــرَتْ فَآنَســَها الجَــوادُ المُنعِــمُ
والشـــِّعْرُ صــَعْبٌ مُرتَقــاهُ وطالَمــا
شـــمَّ الإبـــاءَ بِمـــارِنٍ لا يُخْطَـــمُ
والمَـــدْحُ يَســهُلُ فــي عُلاكَ مَرامُــهُ
فنَـــداكَ يُمْليـــهِ علـــيَّ وأنْظِـــمُ
ولَرُبَّمـــا غَـــطَّ البِكـــارُ وإنّمــا
رفَــعَ الهَـديرَ بـهِ الفَنيـقُ المُقْـرَمُ
أبو المظفر محمد بن العباس أحمد بن محمد بن أبي العباس أحمد بن آسحاق بن أبي العباس الإمام.شاعر ولد في كوفن، وكان إماماً في اللغة والنحو والنسب والأخبار، ويده باسطة في البلاغة والإنشاء.وله كتب كثيرة منها تاريخ أبيورنسا, المختلف والمؤتلف، قبسة العجلان في نسب آل أبي سفيان وغيرها الكثير.وقد كانَ حسن السيرة جميل الأمر، حسن الاعتقار جميل الطريقة.وقد عاش حياة حافلة بالأحداث، الفتن، التقلبات، وقد دخل بغداد، وترحل في بلاد خراسان ومدح الملوك، الخلفاء ومنهم المقتدي بأمر الله وولده المستظهر بالله العباسيين.وقد ماتَ الأبيوردي مسموماً بأَصفهان.له (ديوان - ط).