
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
نَبَـــأٌ تَقاصـــَرَ دونَــهُ الأنْبــاءُ
واســتَمطَرَ العَبَــراتِ وهْــيَ دِمـاءُ
فالمُقْرَبـــاتُ خَواشـــِعٌ أبصــارُها
مِيـــلُ الــرُّؤوسِ صــَليلُهُنَّ بُكــاءُ
والبِيضُ تَقْلَقُ في الغُمودِ كَما الْتَوى
رُقْـــشٌ تَبُـــلُّ مُتونَهــا الأنْــداءُ
والســُّمْرُ راجِفَــةٌ كــأنَّ كُعوبَهــا
تَلـــوي معاقِـــدَها يَـــدٌ شـــَلاّءُ
والشــَّمسُ شــاحِبةٌ يَمــورُ شـُعاعُها
مَــوْرَ الغَـديرِ طَغَـتْ بـهِ النَّكْبـاءُ
والنَّيِّـــراتُ طَوالِــعٌ رَأْدَ الضــُّحى
نُفِضــَتْ علــى صــَفَحاتِها الظَّلْمـاءُ
يَنْــدُبْنَ أحْمَــدَ فــالبِلادُ خَواشــِعٌ
والأرضُ تُعْـــوِلُ والصـــّباحُ مَســاءُ
والعيـنُ تنْـزِفُ ماءَهـا حُـرَقُ الجَوى
والــوجْهُ تُضــمِرُ نــارَهُ الأحشــاءُ
فـــأذَلَّ أعناقــاً خَضــَعْنَ لفَقْــدِهِ
وهْــيَ الــتي طَمَحَــتْ بهـا الخُيَلاءُ
غَنِيَــتْ عَواطِـلَ بَعْـدَما صـاغتْ حُلَـى
أطواقِهــــــا بِنَــــــوالِهِ الآلاءُ
مـا لِلْمَنايـا يَجْتَـذِبْنَ إِلـى الرَّدى
مُهَجــــاً فهُــــنَّ طلائِحٌ أنْضــــاءُ
تُـدْهى بِهـا العَصـْماءُ فـي شَعَفاتِها
وتُحَــطُّ عــنْ وُكُناتِهــا الشــّغْواءُ
عُــونٌ تَكَــدَّسَ بــالنّفوسِ وعِنــدَها
فـــي كُــلِّ يــومٍ مُهجَــةٌ عَــذْراءُ
دُنيــا تُرَشــِّحُ للــرَّدى أبْناءَهــا
أُمٌّ لَعَمْــــرُ أبيهِــــمُ وَرْهــــاءُ
فالنّــاسُ مــنْ غــادٍ علَيـهِ ورائِحٍ
ولِمَـــنْ تــأخَّرَ عنهُمــا الإســْراءُ
لا شــــارِخٌ يَبْقـــى ولا ذو لِمَّـــةٍ
ألْــوَتْ بعَصــْرِ شــَبابِها العنْقـاءُ
ولكَـمْ نَظَـرْتُ إِلـى الحياةِ وقدْ دَجَتْ
أظْلالُهــا فــإذا الحَيــاةُ عَنــاءُ
لا يَخْـــدَعَنّكَ مَعْقِـــلٌ أشــِبٌ ولَــو
حلَّــتْ علَيْــهِ نِطاقَهــا الجَــوْزاءُ
واكْفُـفْ شَبا العَينِ الطّموحِ فَدونَ ما
تَســـْمو إليــهِ بلَحْظِهــا أقْــذاءُ
ولَـوِ اسـْتُطيلَ علـى الحِمـامِ بعِـزَّةٍ
رُفِعَــتْ بِهــا اليَزَنِيَّــةُ السـَّمْراءُ
لَتَحـدَّبَتْ صـِيدُ المُلـوكِ علـى القَنا
حَيــثُ القُلــوبُ تُطيرُهـا الهَيْجـاءُ
يَطَــؤونَ أذيــالَ الــدُّروعِ كـأنّهُمْ
أُســـْدُ الشـــّرَى وكــأنّهُنَّ إضــاءُ
والخَيْــلُ عابِســَةُ الوُجـوهِ كأنّهـا
تَحْــتَ الكُمـاةِ إذا انْجَـرَدْنَ ضـِراءُ
يَفْــدونَ أحمَــدَ بــالنُّفوسِ وقلَّمـا
يُغْنــي إذا نَشــِبَ المَنــونُ فِـداءُ
قـادَ الكَتـائِبَ وهْـوَ مُقتَبِـلُ الصِّبا
حتَّـــى اتّقَــتْ غَزَواتِــهِ الأعْــداءُ
ورَمـى المَشـارِقَ بالمَـذاكِي فارْتَدى
بِعَجاجِهـــا المَلْمومَــةُ الشــَّهْباءُ
ولــهُ بــأطرارِ المَغــارِبِ وَقْعَــةٌ
تُرضــي الســُّيوفَ وغــارَةٌ شــَعْواءُ
لــمْ يَـدْفَعِ الحَـدَثانِ عَـن حَوبـائِهِ
مَجْــــدٌ أشـــَمُّ وعِـــزّةٌ قَعْســـاءُ
وصــــَوارِمٌ مَشــــْحوذَةٌ وأســــِنَّةٌ
مَذروبَــــةٌ وكَتيبَــــةٌ جَــــأواءُ
لَقِحَــتْ بـهِ الأرضُ العَقيـمُ وأُسـْقِيَتْ
ســـَبَلَ الحَيــا فكأنَّهــا عُشــَراءُ
والصــّبْرُ فــي رَيْعــانِ كُـلِّ رَزيَّـةٍ
تَقِـــصُ الجَوانِـــحَ عَزْمَــةٌ بَــزْلاءُ
ولِكُـــلِّ نَفْـــسٍ مَصــْرَعٌ لا تُمْتَطَــى
إلا إلَيــــهِ الآلَــــةُ الحَـــدْباءُ
للِّـهِ مـا اعتْتَنَـقَ الثَّـرى من سُؤْدَدٍ
شـــَهِدَتْ بـــهِ أُكْرومَـــةٌ وحَيــاءُ
وشــَمائِلٍ رقَّــتْ كَمــا خَطَـرتْ علـى
زَهـــرِ الرَّبيــعِ رُوَيْحَــةٌ ســَجواءُ
عَطِــرَتْ بــهِ الأرضُ الفَضـاءُ كأنَّمـا
نُشــِرَتْ علَيهــا الرَّوضــَةُ الغنَّـاءُ
لا زال يَنْضـــَحُ قبْـــرَهُ دَمُ قــارِحٍ
يَحْبـــو لـــدَيْهِ وديمَــةٌ وَطْفــاءُ
والبَــرْقُ يختلِــسُ الــوَميضَ كـأنّهُ
بَلْقـــاءُ تَمْـــرَحُ حَولَهـــا الأفْلاءُ
جَــرَّ النَّســيمُ بــهِ فُضـولَ عِطـافِهِ
وبَكَـــتْ عَلَيْــهِ شــَجْوَها الأنــواءُ
أبو المظفر محمد بن العباس أحمد بن محمد بن أبي العباس أحمد بن آسحاق بن أبي العباس الإمام.شاعر ولد في كوفن، وكان إماماً في اللغة والنحو والنسب والأخبار، ويده باسطة في البلاغة والإنشاء.وله كتب كثيرة منها تاريخ أبيورنسا, المختلف والمؤتلف، قبسة العجلان في نسب آل أبي سفيان وغيرها الكثير.وقد كانَ حسن السيرة جميل الأمر، حسن الاعتقار جميل الطريقة.وقد عاش حياة حافلة بالأحداث، الفتن، التقلبات، وقد دخل بغداد، وترحل في بلاد خراسان ومدح الملوك، الخلفاء ومنهم المقتدي بأمر الله وولده المستظهر بالله العباسيين.وقد ماتَ الأبيوردي مسموماً بأَصفهان.له (ديوان - ط).