
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
زَعَــمَ الغُــرابُ مُنَبِّـئُ الأَنبـاءِ
أَنَّ الأَحِبَّـــةَ آذَنـــوا بِتَنــاءِ
فَاِثلِـج بِبَردِ الدَمعِ صَدراً واغِراً
وَجَوانِحــاً مَســجورَةَ الرَمضــاءِ
لا تَـأمُرَنّي بِـالعَزاءِ وَقَـد تَـرى
أَثَــرَ الخَليـطِ وَلاتَ حيـنَ عَـزاءِ
قَصـَرَ الفِـراقُ عَنِ السُلُوِّ عَزيمَتي
وَأَطـالَ فـي تِلـكَ الرُسومِ بُكائي
زِدنـي اِشـتِياقاً بِالمُدامِ وَغَنِّني
أَعــزِز عَلَــيَّ بِفُرقَـةِ القُرَنـاءِ
فَلَعَلَّنـي أَلقـى الـرَدى فَيُريحُني
عَمّـا قَليـلٍ مِـن جَـوى البُرَحـاءِ
أَخَــذَت ظُهـورُ الصـالِحِيَّةِ زينَـةً
عَجَبـاً مِـنَ الصـَفراءِ وَالحَمـراءِ
نَسـَجَ الرَبيـعُ لِرَبعِهـا ديباجَـةً
مِــن جَــوهَرِ الأَنـوارِ بِـالأَنواءِ
بَكَـتِ السـَماءُ بِها رَذاذَ دُموعِها
فَغَــدَت تَبَسـَّمُ عَـن نُجـومِ سـَماءِ
فـي حُلَّـةٍ خَضـراءَ نَمنَـمَ وَشـيَها
حَــوكُ الرَبيــعِ وَحُلَّــةٍ صـَفراءِ
فَاِشـرَب عَلـى زَهرِ الرِياضِ يَشوبُهُ
زَهـرُ الخُـدودِ وَزَهـرَةُ الصـَهباءِ
مِن قَهوَةٍ تُنسي الهُمومَ وَتَبعَثُ ال
شـَوقَ الَّـذي قَـد ضـَلَّ في الأَحشاءِ
يُخفـي الزُجاجَـةَ لَونُهـا فَكَأَنَّها
فـي الكَـفِّ قائِمَـةٌ بِغَيـرِ إِنـاءِ
وَلَهــا نَسـيمٌ كَالرِيـاضِ تَنَفَّسـَت
فــي أَوجُــهِ الأَرواحِ وَالأَنــداءِ
وَفَواقِــعٌ مِثـلُ الـدُموعِ تَـرَدَّدَت
فـي صـَحنِ خَـدِّ الكـاعِبِ الحَسناءِ
يَســقيكَها رَشــَأٌ يَكـادُ يَرُدُّهـا
ســَكرى بِفَــترَةِ مُقلَــةٍ حَـوراءِ
يَسـعى بِهـا وَبِمِثلِهـا مِـن طَرفِهِ
عَــوداً وَإِبـداءً عَلـى النُـدَماءِ
مــا لِلجَزيـرَةِ وَالشـَآمِ تَبَـدَّلا
بِـكَ يـا اِبـنَ يوسُفَ ظُلمَةً بِضِياءِ
نَضـَبَ الفُـراتُ وَكانَ بَحراً زاخِراً
وَاِســوَدَّ وَجـهُ الرَقَّـةِ البَيضـاءِ
وَلَقَــد تُـرى بِـأَبي سـَعيدٍ مَـرَّةً
مُلقـى الرِحـالِ وَمَوسـِمَ الشُعَراءِ
إِذ قَيظُهـا مِثـلُ الرَبيعِ وَلَيلُها
مِثـلُ النَهـارِ يُخـالُ رَأدَ ضـَحاءِ
رَحَــلَ الأَميــرُ مُحَمَّــدٌ فَتَرَحَّلَـت
عَنهــا غَضــارَةُ هَـذِهِ النَعمـاءِ
وَالـدَهرُ ذو دُوَلٍ تَنَقَّلُ في الوَرى
أَيّــــامُهُنَّ تَنَقُّـــلَ الأَفيـــاءِ
إِنَّ الأَميــرَ مُحَمَّــداً لَمُهَـذَّبُ ال
أَفعــالِ فـي السـَرّاءِ وَالضـَرّاءِ
مَلِـكٌ إِذا غَشـِيَ السـُيوفَ بِـوَجهِهِ
غَشــِيَ الحِمـامَ بِـأَنفُسِ الأَعـداءِ
قَســَمَت يَــداهُ بِبَأسـِهِ وَسـَماحِهِ
فـي النـاسِ قِسـمَي شـِدَّةٍ وَرَخـاءِ
مُلِئَت قُلـوبُ العالَمينَ بِفِعلِهِ ال
مَحمــودِ مِــن خَـوفٍ لَـهُ وَرَجـاءِ
أَغنـى جَماعَـةَ طَيِّـئٍ عَمّـا اِبتَنَت
آباؤُهـــا القُــدَماءُ لِلأَبنــاءِ
فَإِذا هُمُ اِفتَخَروا بِهِ لَم يَبجَحوا
بِقَـديمِ مـا وَرِثـوا مِنَ العَلياءِ
صــَعِدوا جِبـالاً مِـن عُلاكَ كَأَنَّهـا
هَضــَباتُ قُــدسَ وَيَــذبُلٍ وَحِـراءِ
وَاِستَمطَروا في المَحلِ مِنكَ خَلائِقاً
أَصــفى وَأَعـذَبَ مِـن زُلالِ المـاءِ
وَضــَمِنتَ ثَـأرَ مُحَمَّـدٍ لَهُـمُ عَلـى
كَلَــبِ العِـدى وَتَخـاذُلِ الأَحيـاءِ
مـا اِنفَكَّ سَيفُكَ غادِياً أَو رائِحاً
فــي حَصـدِ هامـاتٍ وَسـَفكِ دِمـاءِ
حَتّـى كَفَيتَهُـمُ الَّذي اِستَكفَوكَ مِن
أَمــرِ العِـدى وَوَفَيـتَ أَيَّ وَفـاءِ
مـازِلتَ تَقـرَعُ بابَ بابَكَ بِالقَنا
وَتَــزورُهُ فــي غــارَةٍ شــَعواءِ
حَتّـى أَخَـذتَ بِنَصـلِ سـَيفِكَ عَنـوَةً
مِنـهُ الَّـذي أَعيـا عَلى الخُلَفاءِ
أَخلَيـتَ مِنـهُ البَـذَّ وَهـيَ قَرارُهُ
وَنَصـــَبتَهُ عَلَمـــاً بِســـامُرّاءِ
لَـم يُبـقِ مِنـهُ خَوفُ بَأسِكَ مَطعَماً
لِلطَيــرِ فــي عَــودٍ وَلا إِبـداءِ
فَتَــراهُ مُطَّــرِداً عَلـى أَعـوادِهِ
مِثــلَ اِطِّـرادِ كَـواكِبِ الجَـوزاءِ
مُستَشـرِفاً لِلشـَمسِ مُنتَصـِباً لَهـا
فـي أُخرَيـاتِ الجِـذعِ كَالحِربـاءِ
وَوَصـَلتَ أَرضَ الـرومِ وَصـلَ كُثَيِّـرٍ
أَطلالَ عَــزَّةَ فــي لِــوى تَيمـاءِ
فـي كُـلِّ يَـومٍ قَـد نَتَجـتَ مَنِيَّـةً
لِحُماتِهــا مِـن حَربِـكَ العُشـَراءِ
ســَهَّلتَ مِنهـا وَعـرَ كُـلِّ حُزونَـةٍ
وَمَلَأتَ مِنهــا عَــرضَ كُــلِّ فَضـاءِ
بِالخَيـلِ تَحمِـلُ كُـلَّ أَشـعَثَ دارِعٍ
وَتُواصــــِلُ الإِدلاجَ بِالإِســــراءِ
وَعَصـائِبٍ يَتَهـافَتونَ إِذا اِرتَمـى
بِهِـمُ الـوَغى فـي غَمرَةِ الهَيجاءِ
مِثـلَ اليَـراعِ بَـدَت لَهُ نارٌ وَقَد
لَفَّتـــهُ ظُلمَـــةُ لَيلَـــةٍ لَيلاءِ
يَمشـونَ فـي زَغَـفٍ كَـأَنَّ مُتونَهـا
فــي كُــلِّ مَعرَكَـةٍ مُتـونُ نِهـاءِ
بيـضٌ تَسـيلُ عَلى الكُماةِ فُضولُها
ســَيلَ الســَرابِ بِقَفـرَةٍ بَيـداءِ
فَـإِذا الأَسـِنَّةُ خالَطَتهـا خِلتَهـا
فيهــا خَيـالَ كَـواكِبٍ فـي مـاءِ
أَبنــاءُ مَـوتٍ يَطرَحـونَ نُفوسـَهُم
تَحـتَ المَنايـا كُـلَّ يَـومِ لِقـاءِ
فـي عـارِضٍ يَـدِقُ الـرَدى أَلهَبتَهُ
بِصــــَواعِقِ العَزَمـــاتِ وَالآراءِ
أَشـلى عَلـى مَنويلَ أَطرافَ القَنا
فَنَجــا عَــتيقَ عَتيقَــةٍ جَـرداءِ
وَلَــوَ انَّـهُ أَبطـا لَهُـنَّ هُنَيهَـةً
لَصــَدَرنَ عَنـهُ وَهُـنَّ غَيـرُ ظِمـاءِ
فَلَئِن تَبَقّــاهُ القَضــاءُ لِـوَقتِهِ
فَلَقَــد عَمَمــتَ جُنــودَهُ بِفَنـاءِ
أَثكَلتَـــهُ أَشـــياعَهُ وَتَرَكتَــهُ
لِلمَــوتِ مُرتَقِبــاً صـَباحَ مَسـاءِ
حَتّـى لَـوِ اِرتَشـَفَ الحَديدَ أَذابَهُ
بِالوَقـدِ مِـن أَنفاسـِهِ الصـُعَداءِ
الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي أبو عبادة البحتري. شاعر كبير، يقال لشعره سلاسل الذهب، وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم، المتنبي وأبو تمام والبحتري، قيل لأبي العلاء المعري: أي الثلاثة أشعر؟ فقال: المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر البحتري. وأفاد مرجوليوث في دائرة المعارف أن النقاد الغربيين يرون البحتري أقل فطنة من المتنبي و أوفر شاعرية من أبي تمام. ولد بنمنبج بين حلب والفرات ورحل إلى العراق فاتصل بجماعة من الخلفاء أولهم المتوكل العباسي وتوفي بمنبج. له كتاب الحماسة، على مثال حماسة أبي تمام.