
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مَـا لِلْهَـوى إلا الرُّصـافَةَ مـأرَبُ
بَعـدَ الغَـدير فكيـفَ يصْفو مشرَبُ
كانـا مـراداً للنّعيـم وَمَـوْرِداً
إذْ كُنْـت بَيْنَهُمـا أجيـءُ وأذهَـبُ
والإلْــف لِلْميعــادِ بـي مُتَرَقّـبٌ
والــدّهر بالإسـْعادِ لـي مُتَقَـرِّبُ
وَتلاعَبـت أيـدي النوى بِهما وَبي
حـتى انقضـى لَعِـبٌ وأقْفَـر مَلْعبُ
وللّــهِ أســْحَارٌ بهــا وأصـائلٌ
كــانتْ تُفَضــّضُ صــبْغَةً وَتُــذَهّبُ
وكــأنّ كـافوراً ومِسـكاً لَيْلُهـا
ونهارُهــا ممّــا يَـروق وَيُعْجِـبُ
يـزداد حُسـْناً صـبحُها بِرُوائِهـا
ويكـادُ يُشـْرقُ من سناها الغَيْهَبُ
تلـكَ المَغـاني لا حُجِبـنَ كأهلِها
عَنــي فَوَجْــدي ســافِرٌ لا يُحجَّـبُ
وَلعَمْـرُ مـا أنْفَقْت مِن عُمري بِها
وجَنيْـت مِـن ثَمَـراتِ عَيـش يَعْـذُبُ
وَلأَغلِبَــنّ عَلـى السـلوّ صـَبابتي
والشـّوْقُ فـي كُـل المواطن أغْلبُ
ولأنــدُبَن بهـا الشـّباب وشـَرْخَه
إنّ الشــباب أحَــقُّ فَـانٍ يُنْـدَبُ
ســاحاتُ حُســْنٍ طَـرّزَتْ أوقَاتَهـا
ســاعاتُ أنــسٍ رَدُّهــا مُسْتَصـْعَبُ
وأجـرُّ أذْيـال الهَـوَادَة والهوى
يَقْتَــادُني دَلُّ الحِســَان فَأُصـْحبُ
كــم جِئْتُ بيـنَ خَمـائلٍ وجَـداول
مِنهـا أصـعّد فـي المُنـى وأصوِّبُ
ومُغــازلاً فَتَيَاتهــا فـي فِتْيـة
مـــا منهــمُ إلا أغَــرُّ مُهَــذّبُ
بيــنَ الأباطـحِ والرُّبـى مُتَصـَرّفٌ
ومَـع الصـّبابة والصـّبَا مُتَقَلّـبُ
خَلَعـوا علـى زَهْـرِ الرّياضِ حُلاهُم
فَغــدا بهــم خَيْريُّهــا يتـأدَّبُ
نَسـَبَتْه للكـرم الصـريح شـَمائِلٌ
أدَبيّــةٌ عنهــا يَنِــمُّ وَيُنْســَبُ
فَمَــعَ الصــّباح تبتُّــلٌ وتَقَلّـصٌ
ومـــع الظلام تبـــذُّلٌ وتَســحّبُ
كـانتْ مـآنسَ بـل نفـائسَ أصبحْت
مَسـْلوبَةً وكـذا النّفَـائسُ تُسـلبُ
أيـن المـذانِبَ لا تـزال تأسـُّفا
تَجـري عليهـا مـن دُمـوعيَ مذنبُ
مــن كُـلّ بسـّام الحَبـابِ كـأنّه
ثغـرُ الحَـبيبِ وريقـهُ المُسْتَعذَبُ
كالنّصـــلِ إلا أنّـــه لا يُتَّقــى
كالصـــّلِّ إلا أنّـــه لا يُرْهَـــبُ
تَقتادُنــا أقْــدامُنا وجِيادنـا
لجنـابهِ وهـوَ النّضـيرُ المُعشـِبُ
لَهَجــاً بِــدُولاب تَرَقّــى نهــره
فَلَكـا ولكـنْ مَـا ارْتَقـاهُ كَوْكَبُ
نَصـَبَتْهُ فَـوْقَ النّهْـر أيْـدٍ قَدّرت
ترويحَــه الأرْواح ســَاعَةَ يُنْصـَبُ
فَكَــأنّه وهــو الطّليــقُ مقيّـد
وكــأنه وهــوَ الحــبيسُ مُسـيَّبُ
للمــاءِ فيــهِ تصــعُّدٌ وتحَــدُّرٌ
كـالمُزنِ يَسْتَسـْقي البحار ويسكُبُ
يُعْلـي ويُخْفِـضُ رنَّتَيْـهِ كَمـا شدا
غَــرِدٌ وتـابعَ فـي زئيـرٍ أغْلَـبُ
شـَاقَتْهُ ألحـانُ القِيـان وشاقها
فيبــوحُ مـن كَلَـفٍ بهِـنّ ويطْـربُ
أبَــداً علـى وِرد ولَيْـسَ بقـانِعٍ
مــن غُلّــة فــي صـدرِهِ تَتَلّهـبُ
كالعاشـِقِ الحَـرّان يرتَشفُ اللّمى
خَمــرا ولا يرويــه ريـقٌ أشـْنَبُ
هَـامَتْ بـهِ الأحْـداق لمّـا نادَمت
منـهُ الحَـدائقُ سـاقِيا لا يشـربُ
هَـلْ تُرْجـعُ الأيّـامُ عَصـْرَ شـييبة
مــازلتُ فيهـا بالحسـانِ أشـَبّبُ
حيـثُ النسـيم بما يَمُرّ عليهِ من
حــقّ الرّيــاضِ مُضــمّخٌ وَمُطَيّــبُ
أيّـام يُرْسـَل مـن شـبابيَ أدْهَـمٌ
أرنٌ ويُشــكِلُ مـن مَشـيبيَ أشـهَبُ
أمّا الرُّصافة فهيَ سَمْتي لا الحِمى
ولِـوى الصـريمُ ولا العُذَيبُ وغُرّبُ
ربَّـى الهـوى منهـا مكـانٌ طيّـب
وَلَـد السـُّرور بـه زَمـانٌ مُنْجِـبُ
تـاللّهِ مـا أنْصـَفْتُ أهْـلَ مَوَدّتي
شـرّقت أشـرَق بِالبِعـاد وغرّبـوا
وأعيـذُهُم إذْ لَـمْ يُلقِنـا جَـانِبٌ
مِــنْ أن تَطــولَ قَطيعَـةٌ وتجنُّـبُ
فعلام ضــَنُّوا بالتّحيّــة رغبَــة
عنّــي كـأنّي عَـن هـواهُمُ أرغَـبُ
هَـذا فُـؤادي قَـد تَصـَدّع بعـدهُم
مـن يَـرْأبُ القَلبَ الصديع ويشعبُ
ولَقـد تَغُرُّنـيَ المُنـى فأطِيعُهـا
ســَفَهاً وبَارقَــةُ الأمـاني خُلّـبُ
وأخـفُّ مـا حُمّلـتُ من عِبْءِ الهوى
أنْ أسـْتريحَ إلـى مَطـامع تُتْعـبُ
يـا منْـزلاً كـانَ الحِفـاظُ يُجِلُّـهُ
والجـودُ بالضـِّيفَانِ فيـهِ يُرَحّـبُ
أَهـوى حلولَـك ثُم يسلبُني الهوى
أنّ العَـــدُوّ بِجانبَيْــك مطنِّــبُ
أصــْبَحْتُ فيــك مُعَــذَّلاً ومُعـذَّبا
وكــذا المُحِــبُّ مُعَــذَّلٌ ومعـذَّبُ
محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي البلنسي أبو عبد الله.من أعيان المؤرخين أديب من أهل بلنسية بالأندلس ومولده بها، رحل عنها لما احتلها الإفرنج، واستقر بتونس.فقربه صاحب تونس السلطان أبو زكريا، وولاه كتابة (علامته) في صدور الرسائل مدة ثم صرفه عنها، وأعاده.ومات أبو زكريا وخلفه ابنه المستنصر فرفع هذا مكانته، ثم علم المستنصر أن ابن الأبار كان يزري عليه في مجالسه، وعزيت إليه أبيات في هجائه.فأمر به فقتل قصعاً بالرماح في تونس.وله شعر رقيق.من كتبه (التكملة لكتاب الصلة -ط) في تراجم علماء الأندلس، و(المعجم -ط) في التراجم، و (الحلة السيراء - ط) في تاريخ آراء المغرب وغيرها الكثير.