
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَمّـا الخَيـالُ فَـإِنَّهُ لَـم يَطـرُقِ
إِلّا بِعَقــــبِ تَشـــَوُّفٍ وَتَشـــَوُّقِ
قَـد زارَ مِـن بِعـدٍ فَبَرَّدَ مِن حَشاً
ضــَرِمٍ وَســَكَّنَ مِـن فُـؤادٍ مُقلِـقِ
وَلَرُبَّمـا كـانَ الكَـرى سَبَباً لَنا
بَعدَ الفِراقِ إِلى اللِقاءِ فَنَلتَقي
مُتَـذاكِرانِ عَلى البِعادِ فَما يَنى
يُهــدي الغَــرامَ مُغَـرِّبٌ لِمُشـَرِّقِ
صــَدَقَت مَحاســِنُهُ فَصـارَت فِتنَـةً
لِلنــاظِرينَ وَوَعــدُهُ لَـم يَصـدُقِ
أَأُفيـقُ مِـن شـَجَنٍ لِعَقلِـيَ خابِـلٍ
وَأَصــُدُّ عَـن سـَكَنٍ بِقَلبِـيَ مُلصـَقِ
قَـد رابَنـي هَرَبُ الشَبابِ وَراعَني
شــَيبٌ يَـدِبُّ بَياضـُهُ فـي مَفرَقـي
إِمّـا تَرَينِـيَ قَد صَحَوتُ مِنَ الصِبا
وَمَشـَيتُ فـي سـَنَنِ المُبِلِّ المَفرِقِ
وَذَكَـرتُ مـا أَخَذَ المَشيبُ فَأَرسَلَت
عَينــايَ واكِــفَ ديمَـةٍ مُغـرَورَقِ
فَلَقَـد أَرانـي فـي مَخيلَـةِ عاشِقٍ
حَسـَنِ المَكانَـةِ في الحِسانِ مُعَشَّقِ
أَغـدو فَأَسحَبُ في البِطالَةِ مِئزَري
وَكَــذاكَ مَـن يُصـبِح بِبَـثٍّ يُغبِـقِ
إِن كُنـتَ ذا عَـزمٍ فَشَأنَكَ وَالسُرى
قَصـدَ الإِمـامِ عَلـى عِتـاقِ الأَينَقِ
لا تَرهَبَـنَّ دُجـى الحَنـادِسِ بَعدَما
صــَدَعَت خِلافَتُــهُ بِنــورٍ مُشــرِقِ
لِلَّـهِ مُعتَمِـدٌ عَلـى الِلَّـهِ اِكتَفى
بـاللَّهِ وَالـرَأيِ الأَصـيلِ الأَوثَـقِ
لَهِــجٌ بِإِصــلاحِ الأُمـورِ يَروضـُها
تَــدبيرُهُ فــي مَنهَــجٍ مُستَوسـِقِ
مَلِـكٌ تَـدينُ لَـهُ المُلوكُ وَتَقتَدي
لُجُـجُ البِحـارِ بِسـَيبِهِ المُتَـدَفِّقِ
فَرَعـى سـَوادَ المُسـلِمينَ بِنـاظِرٍ
مُتَفَقِّــدٍ وَحِيــاطِ صــَدرٍ مُشــفِقِ
أَوفـى فَأَضـمَرَتِ القُلـوبُ مَهابَـةً
لِمُـوَقِّرِ اللَحَظـاتِ فَخـمِ المَنطِـقِ
وَتَهَلَّلَـــت لِلراغِـــبينَ أَســِرَّةٌ
يَضـحَكنَ فـي وَجـهٍ كَـثيرِ الرَونَقِ
يَتَقَيَّــلُ المُعتَــزُّ فَضـلَ جُـدودِهِ
بِخِلالِ مَحمــــودِ الخِلالِ مُوَفَّـــقِ
وَيَظَـلُّ يُخشـى فـي الإِلَـهِ وَيُتَّقـى
فيـهِ كَمـا يَخشـى الإِلَـهُ وَيَتَّقـي
ضـَربٌ كَنَصـلِ السـَيفِ أُرهِـفَ حَـدُّهُ
وَأَضــاءَ لامِـعُ رَأيِـهِ المُتَرَقـرِقِ
وَمُهَــذَّبُ الأَخلاقِ يَعطِفُــهُ النَـدى
عَطـفَ الجَنوبِ مِنَ القَضيبِ المورِقِ
طَلـقٌ فَـإِن أَبدى العُبوسَ تَطَأطَأَت
خـوسُ الرِجـالِ وَخَفَّضَت في المَنطِقِ
مُتَغَمِّــدٌ يَهَـبُ الـذُنوبَ وَعَهـدُها
لَـم يَسـتَطِل وَجَديـدُها لَـم يُشلِقِ
يَغشى العُيونَ الناظِراتِ إِذا بَدا
قَمَــرٌ مَتــالِعُهُ رِبـاعُ الجَوسـَقِ
اللَـهُ جـارُكَ تَبتَغـي مـا تَبتَغي
فـي المَكرُماتِ وَتَرتَقي ما تَرتَقي
فَلَقَـد وَليـتَ فَكُنـتَ خَيـرَ مُجَمِّـعٍ
إِذ كـانَ مَـن نـاواكَ شـَرُّ مُفَـرِّقِ
وَلَقَــد رَدَدتَ النائِبـاتِ ذَميمَـةً
وَفَسـَحتَ مِـن كَنـفِ الزَمانِ الضَيِّقِ
وَعَفَــوتَ عَفـواً عَـمَّ أُمَّـةَ أَحمَـدٍ
فـي الغَربِ مِن أَوطانِهِم وَالمَشرِقِ
وَلَقَـد رَدَدتَ عَلـى الأَنامِ عَقولَهُم
بِهَلاكِ ســُلطانِ الرَكيــكِ الأَحمَـقِ
وَالقَـومُ خَرقـى مـا تُطُلِّبَ رُشدُهُم
وَأُديــرَ أَمرُهُــم بِعَزمَـةِ أَخـرَقِ
كَيـفَ اِهتِداءُ الرَكبِ في ظَلمائِهِم
وَدَليلُهُــم مُتَخَلِّــفٌ لَــم يَلحَـقِ
أَولَتــكَ آراءُ المَــوالي نُصـرَةً
بِســُيوفِهِم وَالمُلــكُ جِـدُّ مُمَـزَّقِ
مِــن ناصــِرٍ بِحُســامِهِ وَمُخَــذِّلٍ
عَنـكَ العَـدُوَّ بِرَأيِـهِ المُسـتَوثَقِ
كُــلٌّ رِضـاً وَأَرى ثَلاثَتَهُـم كَفَـوا
قَسـرَ المُمـانِعِ وَاِفتِتاحِ المُغلَقِ
لَهُمُ اِحتِياطُ المُعتَني وَمُقاوِمُ ال
كـافي وَرَفرَفَـةُ النَصـيحِ المُشفِقِ
فَاِسـلَم لَهُـم وَليَسلَموا لَكَ إِنَّهُم
لَــكَ جُنَّـةٌ مِـن كُـلِّ خَطـبٍ موبِـقِ
ســَبتٌ وَنَــوروزٌ وَنَجــدَةُ ســَيِّدٍ
مــا خـابَ بَهجَـةُ خُلقِـهِ بِتَخَلُّـقِ
وَأَرى البِسـاطَ وَفـي غَرائِبِ نَبتِهِ
أَلـوانُ وَردٍ فـي الغُصـونِ مُفَتَّـقِ
شــَجَرٌ عَلــى خُضـَرٍ تَـرِفُّ غُصـونُهُ
مِــن مُزهِـرٍ أَو مُثمِـرٍ أَو مـورِقِ
وَكَـأَنَّ قَصـرَ السـاجِ خُلَّـةُ عـاخِقٍ
بَــرَزَت لِوامِقِهــا بِـوَجهٍ مونِـقِ
قَصــرٌ تَكامَـلَ حُسـنُهُ فـي قَلعَـةٍ
بَيضــارَ واســِطَةٍ لِبَحــرٍ مُحـدِقِ
دانـي المَهَـلَّ فَلا المَزارُ بِشاسِعٍ
عَمَّــن يَـزورُ وَلا الفِنـاءُ بِضـَيِّقِ
قَــدَّرتَهُ تَقــديرَ غَيــرِ مُفَــرِّطٍ
وَبَنَيتَــهُ بُنيــانَ غَيــرِ مُشـَفِّقِ
وَوَصــَلتَ بَيـنَ الجَعفَـرِيِّ وَبَينَـهُ
بِـالنَهرِ يَحمِـلُ مِن جُنوبِ الخَندَقِ
نَهـرٌ كَـأَنَّ المـاءَ فـي حَجَراتِـهِ
إِفرِنـدُ مَتـنِ الصـارِمِ المُتَـأَلِّقِ
وَإِذا الرِياهُ لَعِبنَ فيهِ بَسَطنَ مِن
مَــوجِن عَلَيــهِ مُــدَرَّجٍ مُتَرَقـرِقِ
أَلحِقـهُ يـا خَيـرَ الوَرى بِمَسيلِهِ
وَاِمـدُد فُضـولَ عُبـابِهِ المُتَـدَفِّقِ
فَـإِذا بَلَغـتَ بِـهِ البَديعَ فَإِنَّما
أَنزَلـتَ دِجلَـةَ فـي فِناءِ الجَوسَقِ
لِلمَهرَجــانِ يَـدٌ بِمـا أَولاهُ مِـن
هَطلانِ وَســمِيَّ الســَحابِ المُغـدِقِ
مــا إِن تَــرى إِلّا تَعَـرُّضَ مُزنَـةٍ
مُخضـــَرَّةٍ أَو عـــارِضٍ مُتَـــأَلِّقِ
فَسـعَد أَميـرَ المُـؤمِنينَ مُمَتَّعـاً
بِـالعِزِّ ما عَمِرَ الزَمانُ وَما بَقي
هَـل أَطلُعَـنَّ عَلـى الشـَآمِ مُبَجَّلاً
فـي عِـزِّ دَولَتِـكَ الجَديدِ المونَقِ
فَـأَرُمَّ خَلَّـةَ ضـَيعَةٍ تَصـِفُ اسـمَها
وَأُلِــمَّ ثَــمَّ بِصــِبيَةٍ لـي دَردَقِ
شـَهرانِ إِن يَسـَّرتَ إِذنِـيَ فيهُمـا
كَفَلا بِأُلفَــةِ شــَملِيَ المُتَفَــرِّقِ
قَـد زادَ في شَوقِ الغَمامُ وَهاجَني
زَجَـلُ الرَواعِـدِ تَحـتَ لَيـلٍ مُطرِقِ
لَمّـا اِسـتَطارَ البَرقُ قُلتُ لِنائِلٍ
كَيـفَ السـَبيلُ إِلـى عِنـانٍ مُطلِقِ
الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي أبو عبادة البحتري. شاعر كبير، يقال لشعره سلاسل الذهب، وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم، المتنبي وأبو تمام والبحتري، قيل لأبي العلاء المعري: أي الثلاثة أشعر؟ فقال: المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر البحتري. وأفاد مرجوليوث في دائرة المعارف أن النقاد الغربيين يرون البحتري أقل فطنة من المتنبي و أوفر شاعرية من أبي تمام. ولد بنمنبج بين حلب والفرات ورحل إلى العراق فاتصل بجماعة من الخلفاء أولهم المتوكل العباسي وتوفي بمنبج. له كتاب الحماسة، على مثال حماسة أبي تمام.