
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مـا للقُلـوبِ عـن الحـبيبِ غِطاءُ
إِلاَّ إذا ســكَنَتْ بهــا الأشــياءُ
يبـدو الحِجابُ عن الحبيبِ بنظرةٍ
لســِواهُ إنَّ الحادِثــاتُ عَمَــاءُ
مـن كـان يقصـُدُ حُبَّـهُ لم يلتفِتْ
للفانِيــاتِ إذِ الجميــعُ هَبـاءُ
مــزِّقْ إذْاً حُجْـبَ الوُجـودِ بهمَّـةٍ
مـن دونِهـا الغَبْـراءُ والخَضْراءُ
واهْجُـرْ أناساً قَيْدُ دِينهمِ الهَوى
دهــراً فهــم والميِّتـونَ سـَواءُ
فالعبــدُ ســيِّدُهُ مُنـاهُ وقصـدُهُ
لـــم تُلْهِــهِ النَّعمــاءُ والآلاءُ
وانْهَـجْ على أَثرِ النَّبيِّينَ الأُولى
فهُــمُ يَنــابيعُ الهُـدى العُقَلاءُ
لفتـوا عـن الأغيارِ عزمَ قُلوبِهِمْ
ولأمــرِهِ بصــَحيحِ حــالٍ فـاءوا
تبِعَتْهُـمُ السـَّاداتُ ساداتُ الورَى
العــارِفونَ الخُلَّــصُ النُّجَبــاءُ
وأقـامَ دولَتَهُـمْ وأكمـلَ شـأنَهُمْ
طـهَ الـذي ضـاءتْ يـه الظَّلْمـاءُ
أَحيـى قُلـوبَ المـؤمنينَ بنـورِهِ
فانْجــابَ عنهــا سـاتِرٌ وغِشـاءُ
عمَّــتْ هــدايَتُهُ وضــاءتْ شمسـُهُ
فلهـا إلـى يـومِ القيـامِ ضياءُ
أخــذتْ مُزَمْزِمَــةً علـى منهـاجِهِ
آلٌ وصــــَحبٌ ســـادَةٌ حُنَفـــاءُ
هـامُوا بـذكرِ اللـهِ جـلَّ جلالُـهُ
وقُلــوبُ أَصـحابِ الجُحـودِ هَـواءُ
قـومٌ إمـامُهُمُ الرَّسـولُ المُصطفى
مــن تســتَظِلُّ بظلِّــهِ الشـُّفَعاءُ
روحُ الوُجـودِ مَنـارُ كُـلَّ حقيقـةٍ
سـامي الجَنـابِ اللَّمْعَةُ البيضاءُ
المُنْتقـى مـن لُـبِّ عُنصـُرِ هاشـمٍ
إِبنــاً ســمتْ بفَخــارِهِ الآبـاءُ
هـو نـورُهمْ في كَنْزِ نشأَةِ كونِهِمْ
والطِّيـنُ لـم يُعجَـنْ لهم والماءُ
وافَــى بــدينٍ قيِّــمٍ ذلَّـتْ بـه
ضـِمنَ العُقـولِ بطبعِهـا العَوْجاءُ
وبـدَتْ لنـا مـن برجِ طالِعِ بدْرِهِ
رغــمَ العُمــاةِ محجَّــةٌ سـمْحاءُ
شـهِدَ العِـدى طوعـاً بعـزَّةِ أمرِهِ
والفضـلُ مـا شـهِدَتْ بـه الأَعداءُ
نســخَ الشـَّرائعَ كلَّهـا بشـريعَةٍ
خضــعتْ لحكمَـةِ نصـِّها الحُكَمـاءُ
واتَــى بتوْحيــدٍ فنــزَّهَ رَبـاًهُ
وهــو المُنَـزَّهُ مـا لـه شـُرَكاءُ
العقــلُ يشـهدُ أنَّ فـوقَ فُهـومِهِ
معنًـى عليـه مـن الوُجـودِ رِداءُ
وحِّــدْ بـذوقِكَ ذاتَ ربِّـكَ عارفـاً
فالشــِّرْكُ وصــفاً نقطـةٌ سـوْداءُ
يحتـاطُ منكَ الرَّأيُ فيكَ ولم تكنْ
تفقَـــهْ فكيـــف تصــَرَّفُ الآراءُ
مــن أيِّ زاوِيَــةٍ أتـاكَ خيـالُهُ
أو أيُّ ظـــرفٍ للخيــالِ وِعــاءُ
إنْ كــان مرئيًّـا يكـونُ مُجسـَّماً
أوْ كــان مطموسـاً فـذاكَ خَفـاءُ
هــذا الحُـدوثُ بـه خَفِـيٌّ ظـاهِرٌ
وبســرِّهِ قــد حــارَتِ البُلَغـاءُ
وحَفِظْــتَ أخْبــاراً بسـرِّكَ كلُّهـا
منهــا صــُفوفٌ ضــِمنَهُ وبِنــاءُ
وتظــلُّ مُــزْواةً فـإنْ راجعتَهـا
كــرَّتْ عليــكَ هُنالِــكَ الأَنبـاءُ
ووصــفْتَ أشــكالاً وطبعُـكَ شـاهِدٌ
وذكــرْتَ ألوانــاً ولا اســْتِجْلاءُ
فكــأَنَّ فيــك خِزانَـةً لجميعِهـا
ولهــا صــَحائفُ ضــِمنَها قُـرَّاءُ
هــذانِ موجــودٌ ومفقــودٌ فقِـفْ
خجِلاً هنـــاكَ تُجَهَّــلُ العُلمــاءُ
جـلَّ المُهَيْمِـنُ حاضـرٌ هـو غـائبٌ
عــن دَرْكِ عينِــكَ ذاتُـهُ عليـاءُ
ورَقــائقُ الأَشـياءِ إنْ سَلْسـَلْتَها
رجعَــتْ لدولــةِ أمـرِهِ الأَشـْياءُ
ودواءُ ســِرِّ العـارفينَ يقينُهُـمْ
والجهـلُ فـي عيـنِ الحقيقةِ داءُ
خـذْ إثْـرَ سـِرِّ الكائنـاتِ محمَّـدٍ
مــن شــرِّفَتْ بجنــانِهِ الأَسـماءُ
وافْتـحْ عُيـونَ السـَّالكينَ بهمَّـةٍ
فيهــا لنــورِ جَنــابِهِ إِيمـاءُ
واتـرُكْ صـُنوفَ الحاسِدينَ بدائِهِمْ
مــا للحواســِدِ يـا بنـيَّ دواءُ
يتلَوَّنــونَ مـع الهَـوى لضـلالِهِمْ
طَيْشــاً كمــا تتلَـوَّنُ الحِرْبـاءُ
عقـدَ العِنـادُ غُبـارَهُمْ فتوسَّدوا
لُجَــجَ العِنــادِ وكلُّهُـمْ سـُفَهاءُ
غَمَزوا الشَّريعةَ يا لسقْمِ عُقولِهِمْ
وبزَعمِهِــمْ جَهلاً هــمُ العُرَفــاءُ
وتبجَّحــوا واســْتنتَجَتْ آراؤُهُـمْ
زوراً ومُقلـــةُ عقلِهِـــمْ زَوراءُ
فكأنَّمــا الأَمْــواهَ جمــرٌ لاهـبٌ
وكأنَّمـا النِّيـرانُ فيهـا الماءُ
هـاتوا مَزالِقَكُـمْ وقُبْـحَ فُهومِكُمْ
لنقيســَها يـا أيُّهـا السـُّقَماءُ
الحــقُّ يُجلــى مـن خلالِ حُروفِـهِ
نــورٌ تُضــيءُ بشــَعِّهِ الأَرْجــاءُ
رُحتمْ على طيشٍ إذا انْكشفَ الغِطا
ءُ يحُفُّكُــمْ بالــدَّاهياتِ غِطــاءُ
فرأيْتُمـوا الإِبْـداءَ يُمكِنُ ظاهِراً
وكـــذلك الإِرْجـــاعُ والإِبْــداءُ
صــُنُعٌ تجلَّــى مـن قـديمٍ فاعـلٍ
مــن شــأنِهِ الإِبْـداءُ والإِخْفـاءُ
والطَّـيُّ والنَّشـرُ المُقيـمُ لخلقِهِ
وإِماتَـــةُ الأَحــداثِ والإِحْيــاءُ
يـا مـن نراكَ بفهمِ كونِكَ عاجِزاً
وبشـأنِ ذاتِـكَ مـا لَـكَ اسْتيفاءُ
عـن كـلِّ شخصـِكَ فـي شـُؤُنِكَ قاصِرٌ
فاقْصـِرْ فزَعْمُـكَ فـوقَ ذاك عَنـاءُ
هـذا الوُجـودُ وأنـت تشهَدُ شكلَهُ
منــه بعينِــكَ بُــرْدَةٌ طَمْســاءُ
تُمضـي الزمـانَ بعقْـرِ بيتِكَ كلَّهُ
وتُمــاطُ عنــك بكلِّــهِ أَجْــزاءُ
بجـدارِ بيتِـكَ مثـلُ شخْصـِكَ جاهِلٌ
إِخْــرَس فقولُــكَ فـي الإِلـهِ بَلاءُ
أنـتَ اسـْتَحَيْتَ إذا أسـاءَكَ شاتِمٌ
مـن شـتْمِ نفسـِكَ مـا لديكَ حَياءُ
وَحِّــدْ ورُحْ فــي حَيْــرَةٍ شـرعِيَّةٍ
الأَنْبيــاءُ بمثلِهـا قـدْ جـاءوا
حِرْنـا ومـا حِرْنـا وحَيْرَتُنـا به
علــمٌ وجَلْجَلَــةُ الظُّهـورِ خَفـاءُ
ســبحانَهُ قَدِّســْهُ واذْكُـرْ إسـمهُ
مــا ثَــمَّ أرضٌ غيــرَهُ وســَماءُ
ســلِّمْ لــه كــلَّ الشـُؤُنِ تَبَتُّلاً
فلــهُ عَزيــزُ الأمــرِ والإِقْضـاءُ
فــي كـلِّ حـالٍ للعِبـادِ ونَشـْأَةٌ
للــه ســِينٌ فــي الشـُؤُنِ وراءُ
وهـو العَليـمُ وكـلُّ علـمٍ قاصـِرٌ
وهــو الغنــيُّ وكُلُّنــا فُقَـراءُ
محمد مهدي بن علي الرفاعي الحسيني الصيادي بهاء الدين.متصوف عراقي، ولد في سوق الشيوخ من أعمال البصرة، وانتقل إلى الحجاز في صباه، فجاور بمكة سنة وبالمدينة سنتين.ثم رحل إلى مصر سنة (1238) فأقام في الأزهر 13 سنة، وعاد إلى العراق (سنة 1251)، وقام برحلة إلى إيران والسند والصين وكردستان والأناضول وسورية.وتوفي ببغداد.له (الحكم المهدوية - ط) مواعظ، و(رفرف العناية - ط) تصوف، و(ديوان مشكاة اليقين - ط) نظم، (ومعراج القلوب - ط).