
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أأحبابنـا منكـم حيـاةٌ لنـا الوصلُ
وسـاداتنا منكـم ممـات لنـا المَطْلُ
شــغلنا بــذكراكُم وهِمْنَــا بحبكـمْ
وليــس لنـا فـي غيـر ذكركُـمُ شـُغْلُ
لئن جــادتِ الأيــامُ لــي بوصـالِكم
فكــل مـرورات الزمـانِ لنـا نَحْلُـو
وإن بخلــتْ يومــاً علينـا بقربكـم
فكــل حَلاَواتِ الزمــان لنــا مُهْــلُ
فمـن أيـن يلقـى القلبُ راحاً وراحة
ولا ســاعةً مــن دهـرهِ عنكـم يُسـْلُو
ومـن أيـن يَسـْلُو القلب بعد فراقِكم
وليــسَ فــؤادِي مـن تـدكركم يَخْلُـو
بخلتــمْ علينَــا بالوصــالِ وإنمـا
يزينكـم فـي نـاظرِي الشـحُّ والبُخْـلُ
عــذُولِي بلَــوْمِي لاينــى ومَســامِعي
بهـا صـممٌ أن يـدخلَ اللـومُ والعذْلُ
فيعـذرني فـي الحـبِّ مَـنْ هـو عـالِمٌ
ويعــذُلني فيـه مـن ابـتزَّه الجَهـلُ
إلام النـوى والصـدُّ والهجـرُ والقِلَى
وإعراضـُكُم والبُعْـدُ والحِقْـدُ والذَّحْل
وإنــي لــذُو حُــزْن طويــلٍ وغصــةٍ
مَـدَى الدهر إن دامت على هِجرها جملُ
فتــاةٌ تفــوقَ الشـمسَ غـرةُ وجههـا
إذا طلعـت مـن خِـدْرِها والضـحى طَفْلُ
لهَــا مُبْســمٌ عــذب شــتيتٌ مفلــج
وطــرفٌ غضــيضٌ أحـورُ زَانَـهُ الكُحْـلُ
كحيـلٌ وخصـرٌ نحيل يشتكِي ألمَ النوى
مِـن الـردفِ إنْ قامتْ ينوءُ به الثُّقْلُ
وخـــدٌّ صـــقيل نـــاعمٌ لا يشــينُه
بيــاضٌ عَلَتْــه جمـرةُ مـا بِـه صـَقْلُ
رمتْنـي بهجـرانٍ ودامـت علـى الجَفَا
فأيسـر مـا قد شئت من هَجْرها القَتْلُ
تَعَـــزَّ فـــؤادِي لســتُ أولَ عاشــقٍ
فهـذا بلاءٌ حـلَّ فـي النـاس مِـن قَبلُ
ولا تبـــتئس فالـــدهرُ رَبُّ تقَلُّـــبٍ
عسـَى بعـد هـذا البُعْدِ يلتئمُ الشملُ
ألا إنمــا الأيــامُ تبــدى عجائبـاً
يحـارُ لـديها الذهنُ والفكرُ والعقلُ
سـتبْدِى صـروفُ الـدهرِ مـا هـو كائنٌ
فلا تكـترثْ إن نالـك النهـلُ والعَـلُّ
فلا تغـــتررْ مــن صــاحبٍ بصــداقةٍ
بــدتْ مِنــه فـي حـالٍ يقـدمها غُـلُّ
فبعـضُ الـورَى يهـدى لك النطقَ حلوَه
وظـــاهرُه حلـــوٌ وبـــاطنه صـــِلُّ
فجـازِ الـورَى بالعـدلِ مثـلَ فعالهم
فحُسـَنى لـدى حُسـْنَى إذا ما هُمُ ضَلُّوا
إذا لـم تجـاز الضـدّ بالشـرِّ والأذَى
ظلمـت ولـم تسـلمْ لـك اليدُ والرجلُ
يقولـون إنّ العفـوَ خيـرٌ مـن الجزا
فمـا حـاجتي إنْ قلت في قولهم زَلُّوا
ولكــنْ أتــت آيُ الكتــاب بنســخِه
ألـم تـر أن العفـوَ ناسـخُه النَّصـْلُ
لَحَا اللهُ من يُغْضِى جفوناً على القذى
وقـد نـاله المكـروهُ والضيمُ والذلُّ
وإن كنـتَ فـي قـومٍ صـفا لـك وُدُّهـمْ
فـــأعطهمُو وُدّاً ومـــلَّ إذا ملُّــوا
وإن صــرمُوا حبـلَ الوصـالِ فلا تكـن
لهــم واصــلاً حبلا إذا صـرمَ الحهـلُ
وكـنْ مثلهـم فـي كـلِّ حـال ولا تمِـلْ
وخــلِّ ولا تســأل سـُرَاهُم إذا حَلُّـوا
وأحبــبْ بمقــدارٍ ولا تــكُ مســرفاً
وأبغــضْ بمقــدارٍ يـدومُ لـك الظِّـلُّ
فخيـرُ الـورى مَن قدّر البغضَ والهوى
وشــرُّهمُ مَــنْ فــي شــمائِله يَغْلُـو
ولا تبــدينَّ المــزحَ فـي كـلِّ سـاعةٍ
بكــل مكــانٍ يســتخفُّ بــك النَّـذْل
ولا تعطيـــن الســـِّر كـــل مقــرَّبٍ
فــربَّ قريــبِ الــودِّ صــاحَبُه قتـلُ
تَلَقَّـعْ بثـوبِ البـذل عـن كـلِّ عـائبٍ
ألا إن عيــبَ المـرءُ يسـتره البَـذلُ
وأعـطِ ذَوِى القُرْبـى وذَا الحـق حقـه
تَعِـشْ سـالماً والقـولُ يتبعـه الفِعْلُ
ولا تــكُ مغتابــاً لَمِــنْ هـو غـائبٌ
وإن كـان ذا لـوم فـأولى بك العَدْلُ
ولا تـــكُ مهـــذاراً كــثيرَ ســلامةٍ
وكـن عـاذراً للخـل إن زلَّـت النَّعْـلُ
ولا حــاملاً عبثـاً إذا لـم تكـنْ لـه
أخـا قـدرةٍ مـن أن ينـوءَ بك الحِمْلُ
ولا مُعْرضـاً عـن ذِي الـودادِ وطالبـاً
وداداً بعيــداً لا يليـقُ بـه الفَضـْلُ
ولا تــرجُ مــن فـرعٍ لـه أصـلُ خسـةٍ
فلا خيـرَ فـي الأغصـانِ إنْ خُبـثَ الأصْلُ
ولا تــتركنَّ الحــزمَ فـي كـلِّ حالـةٍ
وإنْ كثُـرتْ فـي جمعـك المال والخيلُ
ولا تصــــحبن إلا تقيّـــاً مهـــذّباً
فقـدرُك مـن عليـائهِ لـم يـزل يَعْلُو
ولا تســــتهينَنَّ الأعـــادي لقلـــةٍ
فـإن العِـدَى عنـدي كـثيرٌ وإن قَلُّوا
وشــاوِرْ إذا كنــتَ المحــقَّ برأْيـه
فــإنَّ أخَــا الشـُّورَى يعظمـه الكُـلُّ
ومـن ينفـردْ بـالرأْي في الأمرِ وحدَه
عَلَـى ذمّـه والعـابٍ قـد أجْمَـعَ الجلُّ
ولا تَنْــوِ مكثــاً فـي البلادِ فإنمـا
عزيـزُ الـورَى مَـن لا يفـارقُه الرحْلُ
فطــولُ مقـامِ المـرءِ يسـأمُ دائمـاً
كـذاكَ علـى طُـولِ المدَى يُسأم الوَبْلُ
ولا تحتقــر قـولاً شـديداً مِـن امـرئِ
ضــعيفٍ فـإنَّ الشـَّهدَ يقـذفه النحـلُ
فــرُبَّ ضـعيفٍ محكـم الـرأي ذُو نهـى
وربَّ قــوىٍّ فــي الـورَى قـولُه هَـزْلُ
رأيـتُ بنـي الـدنيا يميلـونَ ميلـةً
جميعـا علـى مَـنْ لا يكـونُ لـهُ أهـلُ
وإن كنــتُ فــي ســنٍّ صـغير فـإنني
لكــثرةِ تجريــبي بأبنائهــا كَهْـلُ
فلـم أرَلـى فيهـم صـديقاً تـدومُ لِي
صــــداقتُه إلا تَملكَــــهُ الغِــــلُّ
وإنّـــي بصــيرٌ بالزمــانِ وأهلــهِ
ولسـتُ أخَـا جهـلٍ على طُول ما أَبْلُوا
محمد بن عبد الله بن سالم المعولي. أحد أعلام الشعر العمانيين الخالدين عاش في أواخر القرن الحادي عشر وفي القرن الثاني عشر الهجري. وخلد في شعره ومدائحه مجد شعبه وعظمة حكامه وانتصارات ملوكه وأئمته الخالدين. وقد كان المعولي يملك موهبة شعرية قوية وملكة لغوية قادرة على التعبير عن عواطفه ومشاعره. ووعى كل الثقافات الإسلامية والعربية مما جعل منه شاعراً كبيراً يهز الجماهير العربية في عصره بشعره البليغ.