
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
خليلــيّ إنَّ الهــمَّ والحـزنَ خيمّـا
بقلـبي على رَغْمى فما الرأي فيهمَا
يريــدانِ ألا يتركــا لِــيَ ســلوة
وأن يتركـاني ناحـلَ الجسـمِ مسقما
فــإن تســئداني شــمِّرا وتقــدَّما
وإن كُنْتُمــا لا تســعداني فأحْجِمَـا
لقــد أجمعــا أمريهمـا وتخالَفـا
وقـد جيَّشـا جَيْشـاً علينَـا عَرَمْرَمَـا
نلاقيهمــا بالــذُّلِّ والصـغر عنـوةً
أم الحــرب أحـرَى خـوف أن تَنَـدَّمَا
فأمَّـارتِي بـالجُبن قـالتْ ليَ ارْعَوِى
فلسـنا بـذِي عـزٍّ لنرمـيَ مَـنْ رَمَـى
ولسـْنَا علـى البأسـاءِ أصـحابَ قوةٍ
ولســنا بأبنـاء الملـوكِ لنِقـدمَا
وقــال لـي القلـبُ اسـتعدَّ فـإنني
أرانــي معــدّاً فـي أمـورِك قيمِّـا
ألـم ترنـي فـي النائباتِ أخا قوىً
حَمُـوى وفـي البأسـاء عضـْباً مُصمِّمَا
ولا أتشـــكى للــورَى مــن رزيَّــةٍ
رزئْت بهــا لــو أَنَّ جِسـْمي تَحطَّمَـا
ألا قـل لأهـلِ الـدهرِ والـدهر إنني
ثبــوتٌ ولــو رَضــْوَى عَلَـىَّ تَهَـدَّمَا
ســواءٌ معـي حـربُ الزمـانِ وسـِلْمه
إذا كـان عنـدي الصـبرُ لم أتألمَا
ولســتُ أبــالي إن سـقتني صـروفهُ
كــؤوسَ مُــدَامٍ أو ســقتنيَ عَأْتَمَـا
أنـا المـرءُ قلـبي لا يـراعُ بنبأةٍ
ولا صـوت ذى ضـغن إذا مـا تَهَمْهَمَـا
ولا يطَّــبيني حســنُ تغريــد معبـد
ولا صـوتُ شـادٍ فـي الغصـونِ تَرَنَّمَـا
ولــم يشــجني شـوقاً فـراقُ أحبـةٍ
إذا لـم يـذوقوا مـن فراقي تَنَدُّمَا
وأقنــعُ مــن دهـري بأيسـرِ بُلْغـة
إذا لم أجدْ يوماً سِوى التمر مَطْعَمَا
سأصــرِفُ نفســي عــن مطَـامعَ جمـةٍ
وإن لـم أجد لي قطُّ في الكفِّ درهمَا
ومهمــا قضـَى الرحمـنُ لـي بقضـيةٍ
رضــيتُ بهــا طوعـاً ولـم أتظلمَـا
لِعلمِــي بـأني لسـتُ أملـكُ درهمـاً
ولـم تنفـع الشـكوى فأدفعُهـا بِمَا
سـأحنى لهـا ظَهْـري وأحمـلُ ثقلهـا
ولــو حطمــتَ مِنّـي قنـاةً وأعظمَـا
سأصـبرُ صـبراً يقصـرُ الصـبرُ دونَـه
إلـى أنْ يصـيحَ الصـبرُ منـي تألُّمَا
وإلا فلســتُ الباسـلَ البطـل الـذي
تــردَّى بــأثوابِ الــردَى وتعمَّمَـا
ولـو قَـصَّ منـي الـدهر ريشَ قوادِمي
فلا أتشــــكَّى للعـــدوِّ فيبســـَما
ولا أتشـــكى للصـــديقِ مكاشـــِفاً
فيبقــى حزينــاً لا يطيــق تكلّمَـا
سأســترُ ســرى عــن قريـبٍ وشاسـعٍ
ولــو أَنَّ قلــبي بالسـمومِ تسـمَّما
فكــلٌّ لــه عمــرٌ وللعمــرِ غايـةٌ
إذا انتهـتْ لـم ينتفـعْ بلعـلّ مَـا
تمرســْتُ بالآفــاتِ حــتى ألفتهــا
فلمــا دهتنـي لـم تزدنـي تحلُّمَـا
فهـا أنـا ذَا مـا شـاء ربي فإنني
لــراضٍ بمـا أوتيـتُ قـدَّرَ أمْ نَمَـا
يقولــونَ لا تبكــى لمــوتِ أقـاربٍ
أعنــدكَ قـد صـارَ البكـاءُ محرَّمَـا
فقلـتُ لهـم لا بـلْ فـإن كان نافِعاً
بكيـت علـى فِقـدان أحبابنـا دَمَـا
أبكِــي علــى غيـري وإنـي لَعَـالِمٌ
يقينــا بــأني لاحــقٌ مـن تَقَـدَّمَا
فـإن كنـتُ ذَا عقـلٍ فـأبكى بعَبْـرةٍ
علـــى عُمـــر ضـــيَّعته فتصــرَّمَا
فإن أبكه في بعض الأحاحايين لا غنىً
فكـمْ مسـلمٍ منـا بكـى قبـلُ مُسْلِمَا
وإن أبـك محبوبـاً فيعقـوبُ قبلنـا
بكـى يوسـفاً حـتى أضـرّ بـه الممَا
ولمـا رأيـتُ العقـل والقلبَ أجمعَا
علــى حــرب أضــدادٍ وللـهِ سـلّما
نبـذتُ الـونَى والعجـز عن فتى وقد
جعلـتُ جميـلَ الصـبر والفـوز سلمّا
عَزَمــتُ فجيَّشـْنا جيوشـاً مـن الأسـَى
هَزمْنـا بهـا جيـش الهمـوم تَجَشـُّمَا
فمـن كـانَ عنـد اللـهِ فاللّهُ عندَه
وفــازَ بمـا يرجُـوه فـوزاً معظمَـا
ظفرنــا وأُبْنــا ســَالمِين بعـونه
بنصـرٍ عزيـزٍ قـد رجونـاهُ قبـل مَا
ومـن يتـقِ الرحمـنَ يجعـل لـه حمىً
منيعـاً ويرزقـه التقـى والتنعُّمَـا
مـعَ الحـورِ والولـدان في روض جنة
مقيمـا بهـا يُسقَى الرحيق المختّما
وإن يَعْصـِه عمـداً جَهـاراً ولـم يتب
ومــات مصــرّاً يَصــْلَ نـار جهنمـا
يعــذبُ فيهــا دائمـاً أبـداً ولـم
يجــدْ وَزَراً يــأوى إليـه فَيَسـْلَما
فمــن آثـر العصـيانَ هـذا جـزاؤهُ
وكـلُّ امـرئٍ يجـزي بمـا هـو قَـدَّمَا
أعــوذُ بـك اللهـمَّ مـن شـرِّ مـاردٍ
غـوىٍّ يـرى إن مسـَّنا الضـر مَغْنَمـا
ومــن شــرِّ وســواسٍ ألـمِّ بخـاطرِي
ومــن همــزاتِ للشــياطينِ كلَّمــا
وعفـــواً لعبـــدٍ أقـــرَّ بــذَنْبهِ
وإنّـــك غفــارُ الــذنوبِ تكرُّمَــا
وإنــكُ ذُو عفــوٍ وصـفحٍ عـن الـذي
أقـرَّ اعترافـاً بعـد ما كان أجرما
ودونَكـــمُ مـــن ذِي ودادٍ بصــحبةٍ
حكـت فـي حواشـي الطِّرْسِ درّاً منظما
هـيَ الشـهدُ بـلْ أحلى على كل سامع
واشـهى مـن الماء الزلالِ عل الظمَا
تســلِّى قلــوب الفاقــدين أحبّــة
وتنسـى الوليـد الوالـد المكرِّمَـا
علــى أنهــا تطهيــرُ كـل نجاسـةٍ
وتنفـى عـن القلب القذَى والتوهُّمَا
وســميتها للقلــبِ والعيـن سـلوة
وتقويــة عنــد المصــائبِ عنـدمَا
ومـا قلـت عنهـا مـن قـوىً وتشـجع
وتزكيــــة للنفـــسِ إلا تفهَّمَـــا
ومــا نيـتي إلا رضـَى اللّـهِ وحْـدَه
وســـلوة عبــدٍ للغُمــومِ تَجشــَّما
ألا فادرســُوها كــلَّ حيــنٍ فإنهـا
تصــير تعاويــذاً وللقلـبِ مَرْهَمـا
تــؤرثُ فــي قلـب الجبـانِ تشـَجعا
ويـزدادُ قلـبُ الشـخص منهـا تَعَلُّمَا
فَمْـن كـانَ ذَا عقـلٍ وإن كانَ جاهِلاً
يصـيرُ إذا اسـتولى عليهـا مُعَلّمـا
لهـا قصـيبات السـبقِ فـي كلِّ حليةٍ
إذا حضــرتْ فـاقت كُميتـاً وأَدْهَمَـا
إذا خلتهــا يومــاً تـوهمتَ أنهـا
ملاءة نـورٍ قـد تـوافت مـن السـَّمَا
أو الحـور مـن جنـاتِ عـدنٍ تنزلـت
جزاؤُكــم مِــن فعــلِ خيـرٍ تقـدّمَا
وصـلِّ إلـهَ العـرشِ مـا هبَّـت الصَّبَا
علــى أحمــدٍ خيـرِ الأنـامِ وسـلِّما
محمد بن عبد الله بن سالم المعولي. أحد أعلام الشعر العمانيين الخالدين عاش في أواخر القرن الحادي عشر وفي القرن الثاني عشر الهجري. وخلد في شعره ومدائحه مجد شعبه وعظمة حكامه وانتصارات ملوكه وأئمته الخالدين. وقد كان المعولي يملك موهبة شعرية قوية وملكة لغوية قادرة على التعبير عن عواطفه ومشاعره. ووعى كل الثقافات الإسلامية والعربية مما جعل منه شاعراً كبيراً يهز الجماهير العربية في عصره بشعره البليغ.