
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بـوركتْ بنيـةّ وقـد بـارَك الله
لنَـا فـي عُمـرْ الـذي قد بنَاهَا
بنيـةٌ أُسِّسـَت علـى مطلـعِ المـا
ءِ تجلـــت وعــزَّ مَــنْ ســَوَّاهَا
يـا لهَـا بنيةً عَلى شاطِىء الوا
دِي عــامَ السـَّرُورِ فـي رُؤْياهَـا
هـي روضٌ مـن الريـاحين فاح ال
مسـكُ منهـا كمـا يفـرحُ شـَذَاهَا
قُدِّسـَتْ مـن كـلِّ القَـذى فتعـالتْ
رفعــةّ أن نــرَى لهـا أَشـْبَاهَا
روضـــةٌ مــن ســُفْليها جنــاتٌ
مــن نخيــلٍ أفكارُنـا تَرْعامَـا
وبهـا التينُ والفواكهُ والأشجارُ
أثمــــــارُهن دانٍ جَنَاهَـــــا
وهـي تجـري مِـنْ تحتهـا أنهـارٌ
مـن نميـرٍ سـبحان مـن أَجْرَاهَـا
قطعــةٌ مــن ريـاض جنـات عـدنٍ
تزلــتْ مــن ســمائِه فطَحَاهــا
إنْ عرتْنـــي شـــدائدٌ وهمــومٌ
واكــتئابٌ تــزولُ حيـنَ أَرَاهَـا
وإذا مــا بَــدَتْ نُقبِّــلُ أرْضـا
فكأَنْهـــا نقبـــلُ الأهْواهَـــا
مــن رآهَــا تنسـيه كـلّ حـبيب
قـدْ قضـى اللـهُ ما قضَى فقضَاهَا
لـو رأتهـا حـورُ الجنانِ لقالتْ
فوّضـــونا فلا نريـــد ســِوَاهَا
يعجــزُ الواصــفونَ أن يصـفُوها
بصــفاتٍ لـم يبلغُـوا مُنْتهاهَـا
تتلألا كأنهــــا درةٌ بيضــــاءُ
أو كالبـــدورِ فـــي مرآهـــا
عظمــت دفــةً وفــاقتْ وراقــتْ
واســتقامتْ بنيــا وتـمَّ علاَهـا
فهـيَ فـي فكرتـي وإن غبتُ عنها
وهــي دون الأشــياءِ لا أنسـاهَا
فهنيئاً لمـــن بنَاهـــا وأعلاَ
هــا وطـوبَى لمـن لـه سـُكنَاها
ولـو أتـى خيرتُ أستغفر الرحمن
بيـــن الجنـــاتِ أو مَثواهــا
قـد لعمـري لاخـترت هـذا نصيبي
مـن خلـودٍ لـو لـم أخفْ عُقْباهَا
كــلُّ مــن رآهـا بعيـنِ عيانـاً
قـال واللـهِ مـا نـرى شـَرْواها
مـا رآهـا امـرؤٌ من الخلقِ إلا
قـال حقّـاً سـبحان مـن أنشـَاها
كيـفَ نلقـى لهـا شـبيهاً ونـورُ
اللـه مِـن تحـتِ عرشـه يَغْشـَاها
إن يكنْ في العُيونِ شىءٌ من الدا
ء فــإن الـدواءَ منهـا ثَراهـا
وإذا مـا القلـوبُ تصـدأُ حزنـاً
فهـي تجلُـو عـن القلـوبِ صداهَا
إن أردتــمْ تــرونَ كــلّ عجيـبِ
فـانظرُوا أيها الورَى في ذُرَاها
فهــي بالوشــى زينــت وتجلّـت
وتجلــت كالشــمسِ عِنْـدَ ضـُحَاها
أحمــرٌ قــانٍ وأســودُ غربيــب
ونـــورٌ يلـــوحُ فــي أعْلاهَــا
واخضـــرارٌ وزرقــةٌ وابيضــاض
واصـــفرارٌ فلا يُقَــذَّى ســَنَاهَا
قـد تنـاهتْ فـي الحُسـْن والوصف
والأوصـافِ قُلْ لي بأي شىء تَبَاهى
فكــأن الــذي بناهَـا وأعْلاَهـا
بنــــاء بخلقــــهِ أعْـــدَاهَا
هـو رَبُّ العلـى أبو العرب الزا
كـي لقـدْ جـلَّ قـدرُه أن يُضـَاهى
فــإذا اشــتَد كــلُّ هـمِّ وكـربِ
بالبرايـا يعطـى النفوسَ مُنَاها
غيــره وهــو ذُو فعــال جميـلِ
وإذا الأرضُ أجْـــدَبتْ أحياهَـــا
وإذا ســاءَ منـزلٌ أو نبـا بـي
وعزتــــي همــــومُه حلاّهــــا
فهـو شـمسُ الـدنيا ونورُ هداها
وضــياءُ العليـا وبـدرُ دُجَاهـا
عِــش قريـرَ العيـونِ مـا غـرَّدت
وَرْفـاء ليلا وغـردتْ فـي بُكَاهـا
كــان تاريخُهــا بغُــرّةِ شــوا
لٍ رعاهــا ربُّ العلــى وسـَقَاها
وثمــانٍ مضــتْ وســبعونَ عامـاً
بعـد ألـف حسـابها قـد تنَـاهى
محمد بن عبد الله بن سالم المعولي. أحد أعلام الشعر العمانيين الخالدين عاش في أواخر القرن الحادي عشر وفي القرن الثاني عشر الهجري. وخلد في شعره ومدائحه مجد شعبه وعظمة حكامه وانتصارات ملوكه وأئمته الخالدين. وقد كان المعولي يملك موهبة شعرية قوية وملكة لغوية قادرة على التعبير عن عواطفه ومشاعره. ووعى كل الثقافات الإسلامية والعربية مما جعل منه شاعراً كبيراً يهز الجماهير العربية في عصره بشعره البليغ.