
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قُلـوبُ الـوَرى فـي مَطمـح الفكر قلّبُ
وَبَـرق المُنـى فـي غَيهـب الوَهم خُلَّبُ
أَمانيُّـــك الأَحلام وَالحلـــم يَقظَــةٌ
وَآمالــكَ الأَوهــامُ وَالنَفــس أَكـذبُ
وَيـــا رُبَّ نَفــسٍ بِالأَمــانيِّ عُلّلــت
وَصــاحبها مِـن قـابض المـاءِ أَخيـبُ
فَلا تَعِــدَنَّ النَفــس بِـالخَير طامِعـاً
إِذا لَـم يَكُـن لِلنَفس في الخَير مَذهَبُ
وَلا تكــثرن إِلّا مِــن الخَيــر إِنَّــهُ
مِـن الخَيـر خَيـرٌ مَن لَهُ الخَيرُ يُنسَبُ
فَكُـن صـانِعَ المَعـروفِ مـا عشـت إِنّه
سـَبيل نَجـاحٍ فـي الَّـذي أَنـتَ تَطلُـبُ
وَذو الـودِّ إِن يَـذكر يَـداً لَـكَ عِندَهُ
فَــإِنّ التَناســي مِنــكَ ثمَّـةَ أَنسـَبُ
وَإِيّــاكَ أن تَســتَحفظ السـرَّ صـاحِباً
فَيــا ربَّ كَيــدٍ بِالحَفيظَــة يَــذهَبُ
أَرى الحفـظ فـي مُستَودع السرّ واجِباً
وَلَكنّــه فــي صــاحب الســرِّ أَوجَـبُ
فـإِنَّ قُلـوب النـاس كَالمـاءِ راكِـداً
إِذا مـــا تَــولّاه الهَــوا يَتَقَلّــبُ
وَيَعجـبُ مِـن حـال الزَمـان بنـوهُ في
تَقلُّبـــهِ جَهلاً وَهُـــم مِنــهُ أَعجَــبُ
بــــودِّيَ لا أختــــار إِلّا مُهَـــذَّباً
وَلَكــن قَليـلٌ فـي الرِجـال المُهَـذَّبُ
وَرُبَّ أَخٍ أَصـــفى لَـــكَ الــدَهر ودَّه
وَلا أُمُّـــهُ أَدلـــت إِلَيـــك وَلا الأَبُ
فَعاشـر ذَوي الأَلبـاب وَاِهجُـر سـِواهمُ
فَلَيــسَ بِأَربــاب الجَهالــةِ مجنــبُ
وهـــل جاهِـــلٌ إلّا عـــدوٌّ لِنفســه
فَكَيــفَ يُـرى مِنـهُ الصـَديق المُحَبَّـبُ
وإيــاكَ والــدَعوى فيــا رُبَّ مُــدَّع
لَــهُ صــِدقُ كَشــف الإمتحــان يكـذِّبُ
إِذا أَنـتَ لَـم تَعمـل بِمـا أَنتَ قائِلٌ
فـأَنتَ أَسـيرُ الجَهـل أَو أَنـتَ تَكـذِبُ
ويــا رُبَّ راءٍ نَفســهُ لَيــث غابَــةٍ
عَلــى أَنَّــهُ عِنــدَ الكَريهـةِ ثَعلَـبُ
فَلا تَخفضــن نَفسـاً لِمَـن أَنـتَ فَـوقَهُ
وَلا تَرفَعــن صــَوتاً عَلـى مـن تـؤدِّبُ
إِذا غلَــبَ الإِنســان مـن هُـوَ دونَـهُ
فَممّـــن عَلاه ســَوفَ وَاللَــه يغلَــبُ
فَتُـب عَـن مَعاصـي اللَـهِ تَوبَـةَ ناصِح
يَـرى نَفسـَهُ فيمـا لَـدى اللَـه تَرغَبُ
وَلا تَصـحَبن زاداً سـِوى الـبرِّ وَالتُقى
وَإِلّا فشــرّ الــزادِ مـا أَنـتَ تَصـحبُ
شــَبابٌ بِلا تَقــوى كَغُصــنٍ بِلا جَنــى
يــرى غَيــر مَأســوفٍ عَلَيـهِ فَيحطـبُ
فَـإِن يَك قَهر النَفس صَعباً عَلى الفَتى
فَــإِنّ عَــذاب اللَــهِ لا شــَكَّ أَصـعَبُ
إِذا رُمـت صـَون العِـرضِ فلتـك محصناً
وَإِلّا فَشــيطان الهَــوى بِــكَ يَلعَــبُ
فَمــا كُــلّ خبــثٍ كــلّ نَفـسٍ تمجّـه
وَلا كُــلُّ مــا تَشـتاقه النَفـس طَيّـبُ
وإِن أَنـت لـم توسـر فَلا تَـكُ عـائِلاً
فَــإِنّ يَســار المُعســِرينَ التَعــزُّبُ
أَصـاحِ إِذا لَـم تَختـبر فـاِعتبر بِمَن
ســِواكَ فَمــا كُــلّ الأُمــور تجــرَّبُ
غَنـيُّ الـوَرى فـي غُربـة الـدارِ آهلٌ
وَذو الفَقــر فــي أَوطــانِهِ مُتَغـرّبُ
عَتبــت عَلـى الأَيّـام فـاِزددت جَفـوَةً
وَمــا أَكّــد البَغضــاء إِلّا التَعتّـبُ
وأَطمَــعُ بالآمــال والــدَهرُ باخِــلٌ
غــروراً وَحظّــي مِنـهُ عَنقـاءُ مغـربُ
وَلَســتُ أَذمُّ الــدَهرَ إن عَبَثَـت بِنـا
يَــداهُ فَــإِنَّ الـدَهر نِعـمَ المُـؤدّبُ
وَمـــا غَضــب الإِنســان إِلّا حَماقَــةٌ
إِذا كــانَ فيمــا لَيـسَ لِلّـه يَغضـَبُ
تَمسـّك بِحَبـل اللَـه واِسـعَ وَثِـق بِـهِ
وَلا تُنكِــرِ الأَســبابَ فَهــوَ المُسـبّبُ
يَنـال الفَـتى بِالسـَعي ما فيهِ مَطمَع
وَيُحــرَمُ بِالتَقصـير مـا فيـهِ مَـأربُ
فَلا تَــك بــالواني لِتَبلُــغَ راحَــةً
فَـإِنّ الـونى كُـلَّ العَنـا لَـكَ يَجلـبُ
وَلا تَنتَقـم مِـن محسـنٍ لَـكَ قَـد أَسـا
فَــإِن المســاوي لِلمَحاســن تــوهَبُ
وَلا تَســألنَّ النــاسَ مَسـلوبَ ملكهـم
وَسـَل مَـن لَـهُ الملك الَّذي لَيسَ يُسلَبُ
وَلا تَـدعُ إِلّا خـالق الخَلـق سامع الد
دُعـا فَهـوَ مِـن حَبـل الوريدين أَقرَبُ
إِلهــي بِنـورٍ لاحَ فـي عـالم الهُـدى
وَقَـد كـانَ يَغشـى ذلـك النـورَ غيهبُ
بسـرّ تَجلّـي الـذات بِالسـبحات بـال
مقــامِ الَّــذي عَنــهُ الخَلائق تحجـبُ
هــبِ العــزّ وَالتَوفيـق أَكـرَم أُمَّـةٍ
لأكــرم مَبعــوثٍ لَــهُ الفَضـل يُنسـَبُ
حَبيبـك طـه المُصـطَفى خَيـر مَـن وَفى
وَمَــن شــرفت عَــدنانُ فيـهِ وَيَعـرُبُ
مُحَمَّـــدٌ المــاحي بِــأَنوار هَــديهِ
ظَلامَ ضـــلالٍ مُســدل الــذَيل مســهبُ
نَــبيُّ هــدىً بِـالمُعجزات لَقَـد أَتـى
وَأَعجَــب أَربــابَ العُقـول فَـأعجبوا
أَراهـا اِنشـِقاق البَـدر نصفين واحد
إِلــى الشــَرق مَيّــالٌ وَثـانٍ مُغـرِّبُ
نَـــبيٌّ دَعــا للّــه دَعــوَةَ صــادِق
فَنــال المُنـى فيـهِ منـىً وَالمحصـَّبُ
فَبـــايعه أشـــراف قَـــوم وَصــَدَّهُ
أَســافل قَــوم مـا بِهـم قَـطّ منجـبُ
وَآذت قُريـــشٌ خَيـــر جــار وَســَيِّدٍ
وَلَــولا مُراعــاة الجِــوار لَعُـذِّبوا
وَلانَ لَــهُ صــُمُّ الصــَفا وَقسـت لَهُـم
قُلــوبٌ مِـن الصـَفواءِ أَقسـى وأصـلَبُ
أتـاهم بِأَسـنى المُعجِـزات فَأَعرَضـوا
وَواضــح أَقــوى البَيِّنــات فَكَـذَّبوا
فَويــلٌ لِأَهــل الكُفــر شــَرّ عِصـابة
عَلـى قَتـل خَيـر المُرسـَلين تَعَصـّبوا
وَتَبَّــت يَــدا حمّالـة الحَطَـب الَّـتي
لَــهُ أَضـمَرَت مـا لَيـسَ تُضـمر عَقـربُ
وَصــَدّ أَبـا جَهـلٍ عَـن المَكـر هَيبَـةٌ
مِـن الفَحـل حَتّـى لَـم يَكُـن ثمَّ أهيبُ
وَلمّــا عَلَيــهِ اِشـتَدَّ إِيـذاءُ قَـومِهِ
رَأى أَنّ بعــد الـدار أَحـرى وَأَصـوبُ
فَهــاجر مِنهــا وَهـوَ بِـاللَهِ واثِـقٌ
وَلَـــم يُخرجـــوه خائِفــاً يَتَرَقّــبُ
وَصــاحَبَهُ الصــدّيق يـا خَيـر صـاحِبٍ
لأَشـــرَفِ مَصــحوب بِــهِ الأَرض ترحــبُ
وَفـي الغـار نَسـجُ العَنكَبوت وَقاهُما
عُيـون العِـدى لَمّـا اِقتَفـوه وَنَقّبوا
أَتــوا غــار ثَـور وَالحَمـائم حُـوَّمٌ
عَلَيـهِ فَقـالوا لَيـسَ في الغار مَطلَبُ
وَغاصـــَت عَلـــى آثــاره بســُراقة
مِـن الخَيـل في الغَبراء جَرداءُ سَلهَبُ
وَكَــم هَتفــت يَومـاً بِأَوصـاف أَحمَـد
هَواتــف مــا أَربــى عَلَيهـنّ مطـربُ
وَغَنّـى بِمَـدح المُصـطَفى خَيـر مَن وَفى
مِـن الجـنِّ مـن أَبيـاتهُ الإِنـس تطربُ
وَمَســّت يَــداهُ ضـرعَ شـاة اِمِّ معبـدٍ
فَــأَثرت وَدرَّت وَهــوَ يَســقي وَيَحلـبُ
فَكَــم راحــة لِلنــاس مِنـهُ بِراحَـةٍ
بِهــا لِلظمــا وَالجـوع زادٌ وَمَشـرَبُ
وَردَّت عَلـى ذي العيـن عينـاً وَأَبرَأَت
مِــن الـداء وَالأَمـراضِ مـا لا يُطبّـبُ
وَبِالعـام أَضـحى نَخـل سـلمان مُخصباً
وَلَـولا رَسـول اللَـه مـا كـادَ يُخصـبُ
وَدَعـوته العُظمـى الَّـتي أَينَعَـت بِها
رُسـومٌ عَفاهـا المحـل وَالعـام مجدبُ
فَجــادَت وَظَلّـت أَعيُـنُ السـُحب سـَبعَةً
عَلـى القَـوم أَذيـالَ المَراحـم تسحبُ
وَمـا زالَـتِ الأَنـواءُ تَسـقي دِيـارَهُم
إِلـى أَن شـَكاها النـاس خيفـة تخربُ
هُنــاكَ دَعـا المُختـار دَعـوَةَ راحِـمٍ
فَأَقشــَع مِـن تِلـكَ السـَحابات غَيهَـبُ
وَأَينَــعَ مِــن تِلـكَ الرُبـوع مَعـالِمٌ
وَأَنجــم مِــن تِلـكَ المَسـارح سَبسـَبُ
وَكَــم لِرَســول اللَــهِ بــاهر آيَـةٍ
بِالبــابِ أَهـل الحلـم يُوشـكُ تـذهبُ
وَكَـم فـي جَمـاد الأَرض مِـن نـاطق لَهُ
بِأَبـدَع مَـن أَن يُفصـحَ القَـول مُعـربُ
وَكَــم حَجَـرٍ حَيّـا الحَـبيبَ تَحيّـةَ ال
مُحـــبّ لِمَحبــوبٍ تَعــالى المُحَبّــبُ
وَجــاءَت لَـهُ الأَشـجار تَسـعى إِجابَـةً
لِـــدَعوَتِهِ لَمّــا دَعاهــا المُقَــرَّبُ
وَحَــنَّ لَـهُ الجـذع اِشـتِياقاً وَلَهفَـةً
عَلــى بُعــدِهِ لَمّــا تَخَطّــاهُ يَخطـبُ
وَســـَبّحَ لِلّـــه الحَصـــى وَطَعــامُهُ
وَكَلَّمَــــهُ ضـــَبٌّ وَنحـــلٌ وَرَبـــرَبُ
وَحَســـبُكَ بِـــالقُرآنِ أَعظَــم آيَــة
وَمُعجِـــزَةٍ عَنهـــا الخَلائِقُ حُجِّبُــوا
نَـبيٌّ رَقـى السـَبع الطِبـاق لِمُنتَهـى
مَقـامِ عُلـىً مِـن قـابِ قَوسـين أَقـرَبُ
وَشــاهَد مــن لا عيــن تُـدرك ذاتـه
بكَيـــفٍ بِـــهِ أَلبابُنـــا تتلبّــبُ
فَيــا لاِفتخــارٍ فيــهِ آمنــةٌ عَلـت
عَلــى كُـلِّ مَـن تَعلـوهُ شـَمس وَكَـوكَبُ
فَكَــم آيَــة فــي وَضــعِهِ وَرضــاعه
بِهـا شـَهدت فـي العـرب بَكـرٌ وَتَغلبُ
تَنكَّســَت الأَصــنامُ وَالنــارُ أُخمِـدَت
وَغـارَت عُيـون الفُـرس وَالفـرس تَندُبُ
وَناهيــكَ تَظليــل الغَمامَــة إِنَّهـا
إِذا سـار سـارَت فَـوقَهُ الشـَمس تحجبُ
بِنَفســي وَأَهلـي وَالخَليقـة مَـن بِـهِ
تُفـــاخِرُ أَملاكَ الســـَماواتِ يَــثرِبُ
هُـوَ السـَيّد المُختـار وَالسـَند الَّذي
إِلــى اللَــهِ فـي حُبّـي لَـهُ أَتَقَـرَّبُ
وَمَـن هُـوَ يَـوم الحَشـر لِلخَلـق مَلجأٌ
وَمَــن هُــوَ لـي جـاهٌ وَذُخـرٌ وَمَطلَـبُ
حَــبيب إِذا الشــادي تَغَنّـى فَإِنَّمـا
إِلــى ذِكــرِهِ أَهفـو وَأَصـبو وَأَطـرَبُ
حَــبيب إِذا مـا جـالَ فِكـري بِمَـدحِهِ
شـــَمائِلُهُ تُملـــى عَلـــيَّ فَــأَكتُبُ
فَمَهمـا تَقـل فـي مَـدحِهِ قُـل وَلا تَخَف
فَلا هُـــوَ مَطـــرُوٌّ وَلا أَنــتَ مُطنِــبُ
فَمـا خلـق الرَحمـن فـي الخَلق طيّبا
مِــن الخَلــق إِلّا حَظُّــهُ مِنـهُ أَطيَـبُ
فَيـا غايَـةَ الآمـال قُـل لي إِلى مَتى
أُغـالب فيـكَ الشـَوقَ وَالشـَوقُ أَغلَـبُ
أَلا يـا رَسـول اللَـه يا أَكرَم الوَرى
عَلـى اللَـهِ يـا مَـن حُبُّـهُ لـي مَذهَبُ
دَعَوتـــك مُضــطرّاً فَــأَنتَ وَســيلَتي
وَظَنّــي جَميــلٌ فيــكَ حاشــا يُخَيَّـبُ
أَلا يـا حَـبيبَ اللَـهِ ضـاقَت مَـذاهِبي
وَمــا لــي إِلّا رَحــبُ بابــك مهـربُ
أَجرنـي رَسـول اللَـه مِـن نُـوَبٍ لَهـا
عُيـــوني تَهمــي وَالحَشــا يَتَلَهّــبُ
وَكُـن لـيَ عَونـاً فَالزَمـان أَتـاحَ لي
خُطوبــاً عَلــى قَهــري أَتَـت تَتَحـزَّبُ
خُطوبـاً بِهـا شـابَ الـدُجا وَهوَ أَدهَمٌ
وَحـالَ بِهـا لَـونُ الضـُحى وَهـوَ أَشهَبُ
أَرادَ العِـدى لـي كَيـد سـوءٍ وَطالَما
بِحبّــك قَــد شــَرَّقت عَنهـم وَغَرّبـوا
وَمَــرَّت حَيــاتي وَالحَيــاة مَريــرَةٌ
هَــوىً وَحيــاةُ المَـرءِ لَهـوٌ وَمَلعَـبُ
فَهَب من جنى في الخَلق جاها فَكَم نَجا
بِجاهِــكَ مِثلــي يــا مُشــفّع مـذنبُ
عَلَيـكَ صـَلاة اللَـهِ يـا خَيـر مَـن لَهُ
مِـن الملـك الأَعلـى عَلى الخَلق منصبُ
وَآلــك وَالصـَحب الكِـرام وَمَـن بِهـم
عَلـى نَهجِـكَ الأَسـنى القَـويم تَدرّبوا
مَـدى الدَهر ما قَد لاحَ لِلبَرق وَالحَيا
طِـــرازانِ فِضـــّيٌّ عَلَيهــم وَمُــذهبُ
عمر بن محمد ديب بن عرابي الأنسي.شاعر أديب متفقه. في شعره رقة وصنعة. مولده ووفاته ببيروت. تقلب في عدة مناصب آخرها نيابة قضاء صور. له (ديوان شعر) جمعه ابنه عبد الرحمن وسماه (المورد العذب- ط)