
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَرَثَّ جَدِيــدُ الْحَبْـلِ مِـنْ أُمِّ مَعْبَـدِ
بِعَاقِبَـــةٍ وَأَخْلَفَــتْ كُــلَّ مَوْعِــدِ
وَبَـانَتْ وَلَـمْ أَحْمَـدْ إِلَيْـكَ نَوالَها
وَلَـمْ تَـرْجُ فِينا رِدَّةَ الْيَوْمِ أَوْ غَدِ
مِــنَ الْخَفِـراتِ لا سـَقُوطاً خِمَارُهـا
إِذا بَـــرَزَتْ وَلَا خَــرُوجَ الْمُقَيَّــدِ
وَكُــلُّ تَبَارِيــحِ الْمُحِــبِّ لَقِيتُــهُ
سـِوَى أَنَّنِـي لَـمْ أَلْـقَ حَتْفِي بِمَرْصَدِ
وَأَنِّـيَ لَـمْ أَهْلِـكْ سـُلَالاً وَلَـمْ أَمُـتْ
خُفَاتـــاً وَكُلّاً ظَنَّــهُ بِــيَ عُــوَّدي
كَـأَنَّ حُمُـولَ الْحَـيِّ إِذْ مَتَـعَ الضُّحَى
بِنَاصــِيَةِ الشــَّحْناءِ عُصـْبَةُ مِـذْوَدِ
أَوِ الْأَثــأَبُ الْعُـمُّ الْمُخَـرَّمُ سـُوقُهُ
بَــدَاءَةَ لَــمْ يُخْبَـطْ وَلَـمْ يَتَعَضـَّدِ
ظَـوَاعِنُ عَـنْ خُـرْجِ النُّمَيْـرَةِ غُـدْوَةً
دَوَافِـعُ فـي ذاكَ الْخَلِيـطِ الْمُصـَعِّدِ
أَعَــاذِلَ مَهْلاً بِعْـضَ لَوْمِـكِ واقْصـِدِي
وَإِنْ كَـانَ عِلْمُ الْغَيْبِ عِنْدَكِ فَارْشُدِي
أَعَــاذِلَتِي كُـلُّ امْـرِئٍ وَابْـنِ أُمِّـهِ
مَتَــاعٌ كَــزَادِ الرَّاكِـبِ الْمُتَـزَوِّدِ
أَعَـاذِلَ إِنَّ الـرُّزْءَ فـي مِثْـلِ خَالِدٍ
وَلَا رُزْءَ فِيمـا أَهْلَـكَ الْمَرْءُ عَنْ يَدِ
وَقُلْــتُ لِعــارِضٍ وَأَصــْحَابِ عَــارِضٍ
وَرَهْـطِ بَنِـي السَّوْدَاءِ وَالْقَوْمُ شُهَّدِي
عَلَانِيَـــةً ظُنُّــوا بِــأَلْفَيْ مُدَجَّــجٍ
ســَرَاتُهُمُ فــي الْفَارِسـيِّ الْمُسـَرَّدِ
وَقُلْــتُ لَهُــمْ إِنَّ الْأَحَــالِيفَ هـذهِ
مُطَنِّبَــةٌ بَيْــنَ الســِّتارِ وَثَهْمَــدِ
فَمَــا فَتِئوا حَتَّـى رَأَوْهَـا مُغِيـرَةً
كَرِجْـلِ الـدَّبِي فـي كُـلِّ رَبْعٍ وَفَدْفَدِ
وَلَمَّــا رَأَيْـتُ الْخَيْـلَ قُبْلاً كَأَنَّهـا
جَـرَادٌ يُبَـارِي وِجْهَـةَ الرِّيحِ مُغْتَدِي
أَمَرْتُهُــمُ أَمْــرِي بِمُنْعَـرَجِ اللِّـوَى
فَلَمْ يَسْتَبِينُوا النُّصْحَ إِلَّا ضُحَى الْغَدِ
فَلَمَّـا عَصـَوْنِي كُنْـتُ مِنْهُمْ وَقَدْ أَرَى
غِــوَايَتَهُمْ وَأَنَّنِــي غَيْــرُ مُهْتَـدِي
وَهَـلْ أَنـا إِلَّا مِـنْ غَزِيَّـةَ إِنْ غَـوَتْ
غَــوَيْتُ وَإِنْ تَرْشــُدْ غَزِيَّــةُ أَرْشـُدِ
دَعَـانِي أَخِـي وَالْخَيْـلُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ
فَلَمَّـا دَعَـانِي لَـمْ يَجِـدْنِي بِقُعْـدَدِ
أَخٌ أَرْضـــَعَتْنِي أُمُّـــهُ بِلِبَانِهــا
بِثَــدْيَيْ صـَفَاءٍ بَيْنَنـا لَـمْ يُجَـدَّدِ
فَجِئْتُ إِلَيْـــهِ وَالرِّمَــاحُ تَنُوشــُهُ
كَوَقْـعِ الصَّيَاصِي في النَّسِيجِ الْمُمَدَّدِ
وَكُنْـتُ كَـذَاتِ الْبَـوِّ رِيعَـتْ فَأَقْبَلَتْ
إِلَــى جَلَـدٍ مِـنْ مَسـْكِ سـَقْبِ مُقَـدَّدِ
فَطَـاعَنْتُ عَنْـهُ الْخَيْـلَ حَتَّى تَنَهنَهَتْ
وَحَتَّـى عَلَانِـي حَالِـكُ اللَّـوْنِ أَسـْوَدِ
فَمَـا رِمْـتُ حَتَّـى خَرَّقَتْنِـي رِمـاحُهُمْ
وَغُـودِرْتُ أَكْبُـو في الْقَنَا الْمُتَقَصِّدِ
قِتَــالُ امْـرِئٍ آسـَى أَخـاهُ بِنَفْسـِهِ
وَيَعْلَــمُ أَنَّ الْمَــرْءَ غَيْــرُ مُخَلَّـدِ
تَنَادَوا فَقَالُوا أَرْدَتِ الْخَيْلُ فَارِساً
فَقُلْـتُ أَعَبْـدُ اللـهِ ذَلِكُـمُ الـرَّدِي
فَـإِنْ يَـكُ عَبْـدُ اللـهِ خَلَّـى مَكَانَهُ
فَمَـا كَـانَ وَقَّافـاً وَلَا طَـائِشَ الْيَدِ
وَلَا بَرِمــاً إِذا الرِّيــاحُ تَنَـاوَحَتْ
بِرَطْـبِ الْعِضـَاهِ وَالْهَشـِيمِ الْمُعَضـَّدِ
وَتُخْــرِجُ مِنْـهُ صـَرَّةُ الْقَـوْمِ جُـرْأَةً
وَطُــولُ الســُّرَى ذَرِّيَّ عَضــْبٍ مُهَنَّـدِ
رَئِيـــسُ حُـــرُوبٍ لا يَــزَالُ رَبِيئةً
مُشـِيحاً عَلَـى مُحْقَوْقِـفِ الصُّلْبِ مُلْبِدِ
كَمِيــشُ الْإِزَارِ خَــارِجٌ نِصـْفُ سـَاقِهِ
صــَبُورٌ عَلَــى الْعَـزَّاءِ طَلَّاعُ أَنْجُـدِ
قَلِيــلٌ تَشــَكِّيهِ الْمُصـِيبَاتِ حَـافِظٌ
مِـنَ الْيَـوْمِ أَعْقَابَ الْأَحَادِيثِ فِي غَدِ
صـَبَا مَـا صَبَا حَتَّى عَلَا الشََّيْبُ رَأْسَهُ
فَلَمَّــا عَلَاهُ قَــالَ لِلْبَاطِـلِ ابْعَـدِ
تَـرَاهُ خَمِيـصَ الْبَطْـنِ وَالزَّادُ حَاضِرٌ
عَتِيـدٌ وَيَغْـدُو فـي الْقَمِيصِ الْمُقَدَّدِ
وَإِنْ مَســَّهُ الْإِقْـوَاءُ وَالْجَهْـدُ زَادَهُ
سـَمَاحاً وَإِتْلَافـاً لِمَا كَانَ في الْيَدِ
إِذا هَبَــطَ الْأَرْضَ الْفَضــَاءَ تَزَيَّنَـتْ
لِرُؤْيَتِـــهِ كَالْمَـــأْتَمِ الْمُتَبَــدِّدِ
فَلَا يُبْعِــدَنْكَ اللــهُ حَيّـاً وَمَيِّتـاً
وَمَـنْ يَعْلُـهُ رُكْـنٌ مِـنَ الْأَرْضِ يَبْعُـدِ
وَغَـارَةٍ بَيْـنَ الْيَـوْمِ وَالْأَمْـسِ فَلْتَةٍ
تَــدَارَكْتُها رَكْضــاً بِســِيدٍ عَمَـرَّدِ
سَلِيمِ الشَّظَى عَبْلِ الشَّوَى شَنِجِ النَّسَا
طَوِيـلِ الْقَـرَا نَهْـدٍ أَسـِيلِ الْمُقَلَّدِ
يَفُـوتُ طَوِيـلَ الْقَـوْمِ عَقْـدُ عِـذَارِهِ
مُنِيــفٌ كَجِــذْعِ النَّخْلَـةِ الْمُتَجَـرِّدِ
فَكُنْـــتُ كَـــأَنِّي وَاثِــقٌ بِمُصــَدَّرٍ
يُمَشــِّي بِأَكْنَــافِ الْحُبَيْـبِ بِمَشـْهَدِ
لَـهُ كُـلُّ مَنْ يَلْقَى مِنَ النّاسِ وَاحِداً
وَإِنْ يَلْـقَ مَثْنَى الْقَوْمِ يَفْرَحْ وَيَزْدَدِ
وَهَـوَّنَ وَجْـدي أَنَّنِـي لَـمْ أَقُـلْ لَـهُ
كَـذَبْتَ وَلَـمْ أَبْخَـلْ بِمَـا مَلَكَتْ يَدِي
فَـإِنْ تُعْقِـبِ الْأَيَّامُ وَالدَّهْرُ تَعْلَمُوا
بَنِــي قَــارِبٍ أَنَّـا غِضـَابٌ بِمَعْبَـدِ
وَكُنْـــتُ كَـــأَنِّي وَاثِــقٌ بِمُصــَدَّرٍ
يُمَشــِّي بِأَكْنــافِ الْجُبَيْـبِ فَمَحْتِـدِ
دُرَيدُ بْنُ الصِمَّةِ بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ، يَعُودُ نَسَبُهُ إِلَى هَوازِنَ مِنْ قَيْس عَيْلانَ، كانَ سَيِّدَ قَبيلَتِهِ بَني جُشَمَ وَشَاعِرَهُم وَفارِسَهُم، وَقد خاضَ مِئَةَ غَزْوَةٍ ما أخفقَ بِواحِدَةٍ مِنْها، وَفَقَدَ إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ فِي وَقْعاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَرْثاهُمْ، وَأَشْهَرُهُمْ عَبْدُ اللهِ الَّذِي رَثاهُ بِقَصِيدَتِهِ الدالِيَةِ (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ) وَعُمِّرَ دُرَيْدُ طَوِيلاً فَقِيلَ إِنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، وَقُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ إِذْ أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ تَيَمُّناً بِهِ، فَماتَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي السَّنَةِ الثّامِنَةِ لِلهِجْرَةِ.