
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
دُرَيدُ بْنُ الصِمَّةِ بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ، يَعُودُ نَسَبُهُ إِلَى هَوازِنَ مِنْ قَيْس عَيْلانَ، كانَ سَيِّدَ قَبيلَتِهِ بَني جُشَمَ وَشَاعِرَهُم وَفارِسَهُم، وَقد خاضَ مِئَةَ غَزْوَةٍ ما أخفقَ بِواحِدَةٍ مِنْها، وَفَقَدَ إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ فِي وَقْعاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَرْثاهُمْ، وَأَشْهَرُهُمْ عَبْدُ اللهِ الَّذِي رَثاهُ بِقَصِيدَتِهِ الدالِيَةِ (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ) وَعُمِّرَ دُرَيْدُ طَوِيلاً فَقِيلَ إِنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، وَقُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ إِذْ أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ تَيَمُّناً بِهِ، فَماتَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي السَّنَةِ الثّامِنَةِ لِلهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ الحارِثِ بْنِ مُنَبِّهٍ النِهْمِيّ، اشْتُهِرَ بِاِبْنِ بَرّاقَةَ نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ نِهْمِ الهَمْدانِيَّةِ، مِنْ الشُّعَراءِ الصَّعالِيكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَقَدْ عُرفَ بِالشَّجاعَةِ وَالفَتْكِ وَكانَ مِنْ عَدّائِي العَرَبِ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ مِيمِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (تَـقُـولُ سُلَيْـمَـى لا تَعَـرَّض لِتَلْفَـةٍ وَلَيْلُكَ عَنْ لَيْلِ الصَّعالِيـكِ نائِمُ)، تُوفِّيَ بعدَ السَّنةِ الحادية عشرةَ للهِجرةِ.
الحُطَيْئَةُ هُوَ جَرْولُ بنُ أَوسٍ العَبْسِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ، وَهُوَ راوِيَةُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعدّهُ ابنُ سلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ، وكانَ مِنْ أَكْثَرِ الشُّعَراءِ تَكَسُّباً بِشِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْجَى الشُّعَراءِ القُدامَى؛ فقد هَجا أُمَّهُ وَأَباهُ وَهَجاً نَفْسَهُ، وَقَدْ سَجَنَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ لِهِجائِهِ الزِّبرِقانِ بنِ بَدْرٍ، أَدْرَكَ خِلافَةَ مُعاوِيَةَ بنَ أبيِ سُفْيانَ، وَتُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 45هـ/ 665م.
قُطْبَةُ بْنُ أَوْسٍ، وَيُلَقَّبُ بِالحادِرَةِ أَوْ الحُوَيْدِرَةِ وَمَعْناهُ الضَّخْمِ، مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ غَطْفانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، أَشْهَرُ قَصائِدِهِ قصيدتُهُ العَيْنِيَّةُ ومَطْلَعُها (بَـكَــرَتْ سُـمَــيَّةُ غُدْوَةً فَتَـمَـتَّعِ / وَغَـدَتْ غُـدُوَّ مُـفــارِقٍ لَمْ يَرْجِـعِ) وَقَدْ اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِيَّ ضِمْنَ المُفَضَّلِيّاتِ، عُرِفَ بِمُهاجاتِهِ مَعَ زَبّانَ بْنِ سَيّار الفَزارِيّ، وَلا يُعْرِفُ تارِيخُ وَفاتِهِ إِلّا أَنَّ أَخْبارَهُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عاشَ فِي أَواخِرِ العَصْرِ الجاهِلِيِّ.
الخَنْساءُ هِيَ تُماضِرُ بِنْتُ عَمرٍو بنِ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ، مِن بَنِي سُلَيمٍ، شاعِرَةٌ مُخَضْرَمَةٌ، عاشَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَتْ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ، وَوَفَدَتْ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَليهِ وَسَلَّمَ مع قومِها، فَكانَ الرسول يَسْتَنْشِدُها وَيُعْجِبُهُ شِعْرُها، اشْتُهِرَتْ بِرِثائِها لِأَخَوَيْها صَخْرٍ وَمُعاوِيَةَ اللَّذَيْنِ قُتِلا فِي الجاهِلِيَّةِ، وَتُعَدُّ الخَنْساءُ أَشْهَرَ شاعِراتِ العَرَبِ، تُوُفِّيَتْ نَحْوَ عامِ 24ه/645م.
لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ كِلابٍ، مِنْ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَفُرْسانِهِمْ وَأَشْرافِهِمْ، وَكانَ كَرِيماً نَذَرَ أَلّا تَهُبَّ الصَّبا حَتَّى أَطْعَمَ وَنَحَرَ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَتَرَكَ قَوْلَ الشِّعْرِ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلّا بَيْتاً واحِداً، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ وَأَحَدِ المُعَمِّرِينَ عاشَ مِئَةً وَخَمْساً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، سَكَنُ الكُوفَةَ بَعْدَ إِسْلامِهِ وَتُوُفِّيَ فِيها حَوالَيْ سَنَةِ 41 هـ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 661م.
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ، مِن قَبِيلَةِ الأَوْسِ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، نَشَأَ يَتِيماً إِذْ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمّا بَلَغَ أَخَذَ بِثَأْرَيْهِما، وَكانَ فارِساً شُجاعاً شَهِدَ عَدَداً مِنْ الوَقائِعِ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، وَأَكْثَرَ شِعْرِهِ فِي يَوْمِ البُعاثِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ فِي الجاهِلِيَّةِ قَدَّمَهُ بَعْضُ الرُّواةِ وَعُلَماءُ الشِّعْرِ عَلَى حَسّانَ بنِ ثابِتٍ، وَهُوَ مِن طَبَقَةِ شُعَراءِ القُرَى فِي طَبَقاتِ ابنِ سَلامٍ. وقد قَتَلَهُ قَوْمٌ مِنْ الخَزْرَجِ بَعْدَ يَوْمِ البُعاثِ فِي حَوالَيْ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
خِداشُ بنُ زُهيرٍ، مِن قَبيلَةِ عامِرِ بنِ صَعصعَةَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِن أشرافِ قومِهِ وفُرسانِهم، شَهدَ حربَ الفِجارِ ولهُ فِيها أخبارٌ، وهو شاعِرٌ مُجيدٌ مُتقدِّمٌ، عَدّهُ أَبو عَمرِو بنُ العلاءِ أَشْعرَ مِن لَبيدٍ، وَهوَ مِن شُعراءِ الطَّبقةِ الخامِسَةِ عندَ ابنِ سَلَّامٍ فِي طَبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ.
الأَعْشَى الكَبِيرُ أَوْ أَعْشَى قَيْس هُوَ مَيْمُونُ بْنُ قَيْسِ بْنِ جَنْدَلَ، مِنْ قَبِيلَةِ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ إِحْدَى قَبائِلِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، مِنْ فُحُولِ الشُعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، وَمِنْ شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الأُولَى، وَهو أَحَدُ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ، اُشْتُهِرَ بِجَوْدَةِ قَصائِدِهِ الطِّوالِ، وَقَدْ قَدَّمَهُ بَعْضُ النُقّادِ القُدامَى عَلَى الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ لِتَصَرُّفِهِ فِي المَدِيحِ وَالهِجاءِ وَسائِرِ فُنُونِ الشِّعْرِ، وَقَدْ تَنَقَّلَ الأَعْشَى فِي بِلادٍ كَثِيرَةٍ بَحْثاً عَنْ المالِ فَكانَ مِنْ أَوائِلِ مَنْ تَكْسَّبَ بِشِعْرِهِ، وَقَدْ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ وَكانَتْ وَفاتُهُ سَنَةَ 7ه المُوافَقَة لِسَنَةِ 629م
هُوَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ (وَالصِمَّةُ لَقَبُ أَبِيهِ وَاسْمُهُ مُعاوِيَةُ) بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ خُزاعةَ بْنِ غَزِيَّةَ بْنِ جُشَمَ بْنِ مُعاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوازِنَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصُفَةَ بْنِ قَيْسِ عَيْلانَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنانَ. وَيُكْنَى دُريدُ بِأَبي قُرَّةَ.
وهُوَ مِن قَبيلةِ غَزِيَّةَ التي قَالَ فِيها بَيتَهُ المَشهورَ (وَهَـلْ أَنـا إِلَّا مِـنْ غَـزِيَّةَ إِنْ غَوَتْ / غَــوَيْـــتُ وَإِنْ تَـرْشُــدْ غَـزِيَّةُ أَرْشُـدِ) وَغَزِيَّةُ هِيَ إِحْدَى بُطُونِ قَبِيلَةِ جُشَمَ كُبْرَى بُطُونِ هَوازِنَ، وَكانَتْ مَنازِلُهُمْ بِالسَّرَواتِ وَهِيَ بِلادٌ تَفْصِلُ بَيْنَ تهامَةَ وَنَجِدٍ مُتَّصِلَةً مِنَ اليَمَنِ إِلَى الشّامِ. وَمِن أَشْهَرِ وَقَعاتِهِمْ كانَتْ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصِّمَّةِ أَخِي دُرَيْد فِي غَزْوَةِ غَطَفانَ، وَحارَبُوا قَبِيلَتِيْ أَسَدَ وَغُطَفانَ، وَقاتَلُوا بَنِي الحارِثِ بْنِ كَعْبٍ فِي يَوْمِ ذِي الأَثْلِ، وَخَرَجُوا يَوْمَ حُنَيْنٍ لِمُحارَبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأُسْرَةُ دُرَيْدٍ هِيَ مِنْ ساداتِ قَبِيلَتِهِ، امْتازَتْ بِالفُرُوسِيَّةِ وَالشِجاعة، وَاِعْتادُوا القِتالَ وَالغَزْوَ فِي حَياتِهِمْ، وَقَدْ ماتَ إِخْوَةُ دُرَيدٍ الأَرْبَعَةُ فِي غَزَواتِهِمْ وَهُمْ كَما يَذْكُرُ الأَصْفَهانِيُّ فِي (الأَغانِي): عَبْدُ الله الَّذِي قَتَلَتْهُ غَطَفانُ، وَعَبْدُ يَغُوث قَتَلَهُ بَنُو مُرَّة، وَقَيْسٌ قَتَلَهُ بَنُو أَبِي بَكْرِ بْنِ كِلابٍ، وَخالِدٌ قَتَلَهُ بَنُو الحارِثِ بْنِ كَعْبٍ، وَأَمّا أَبُو دُرَيْدٍ فَهُوَ فارِسٌ وَشاعِرٌ وَيُلَقَّبُ بِالصِّمَّةِ الأَصْغَرِ، وَالصِّمَّةُ الأَكْبَرُ هُوَ عَمُّ دُرَيْدٍ مالِكٍ وَقَدْ كانَ كَما وَرَدَ فِي (مُعْجَمِ الشُّعَراءِ) لِلمَرْزَبانِيِّ أَنْبَهَ وَأَذْكَرَ مِنْ أَخِيهِ أَبِي دُرَيْدٍ فِي العَرَبِ وَكانَ شاعِراً أَيْضاً، وَلِدُرَيدٍ عَمٌّ آخَرُ اسْمُهُ خالِدٌ. أَمّا أُمُّ دُرَيْدٍ فَهِيَ رَيْحانَةُ بِنْتُ مَعدِ يَكْرُب أُخْتُ عَمْرو بْنِ مُعْدِ يَكْرُب وَهِيَ الَّتِي عَناها عَمْرٌو بِقَوْلِهِ:
أَمِنْ رَيْحانَةَ الدَّاعِي السَّمِيعُ يُؤرِّقُـنِـي وَأَصْحـابِـي هُجُـوعُ
وَزَوْجَةُ دُرَيْدٍ اسمُها سَمادِير وَتُكَنَّى بِأُمِّ مَعْبَدٍ كَما فِي بَعْضِ قَصائِدِهِ، وَقَدْ طَلَّقَها لِأَنَّها لامَتْهُ لمّا رَأَتْهُ شَدِيدَ الجَزَعِ عَلَى أَخِيهِ، فَعاتَبَتْهُ عَلَى ذلِكَ وَصَغَّرَتْ شَأْنَ أَخِيهِ وَسَبَّتْهُ، وَفِي ذلِكَ يَقُولُ:
أَعَبْـدَ اللهِ إِنْ سَبَّتْكَ عِرْسِي تَقَـدَّمَ بَعْـضُ لَحْمِي قَبْلَ بَعْضِ
إِذا عِرْسُ امْرِئٍ شَتَمَتْ أَخَاهُ فَلَيْـسَ فُؤادُ شَانِـئِهِ بِحِمْضِ
مَعَاذَ اللهِ أَنْ يَشْتِمْنَ رَهْطِي وَأَنْ يَمْـلِكْنَ إِبْرَامِي وَنَقْضِي
وَلِدُرَيدٍ ابْنٌ اسْمُهُ سَلَمَةُ وَكانَ شاعِراً وذَكَرَ الأَصْفَهانِيُّ في (الأغاني) عنهُ أنَّهُ رَمَى أَبا عامِرٍ الأَشْعَرِيَّ بِسَهْمٍ فَأَصابَ رُكْبَتَهُ فَقَتَلَهُ وَارْتَجَزَ:
إِنْ تَسْأَلُوا عَنِّي فَإِنِّي سَلَمَةْ
ابْنُ سَمادِيرَ لِمَنْ تَوَسَّمَهْ
أَضْرِبُ بِالسَّيْفِ رُؤُوسَ المُسْلِمَةْ
وَلَهُ ابْنَةٌ اسْمُها عَمْرَةُ لَها فِي أَبِيها -كَما أَشارَ الأَصْفَهانِيُّ- مَراثٍ كَثِيرَةٌ. وَيَذْكُرُ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّ دُرَيْداً أَرادَ خِطْبَةَ الخَنْساءِ الشّاعِرَةِ، وَذلِكَ أَنَّهُ رَآها تَهْنَأُ إِبْلاً لَها فَهَوِيَها، فَرَدَّتْهُ وَقالَتْ: أَتُرانِي تارِكَةً بَنِي عَمّي كَأَنَّهُمْ عَوالِي الرِّياحِ، وَمُرْتَثَّةٌ شَيْخَ بَنِي جُشَمَ. فَفِي ذلِكَ يَقُولُ دُرَيدٌ:
حَيُّوا تُمَـاضِـرَ وَارْبَعُوا صَحْبي وَقِفُـوا فَإِنَّ وُقُوفَـكُـمْ حَسْـبِي
أَخُنَـاسُ قَدْ هَامَ الْفُؤَادُ بِكُمْ وَأَصَــابَهُ تَــبْـــلٌ مِــنَ الْحُـبِّ
ما إِنْ رَأَيْتُ وَلَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ كَـالْيَــوْمِ طَـالِيَ أَيْـنُـقٍ جُرْبِ
مُـتَــبَــذِّلاً تَـبْــدُو مَـحَـاسِـنُهُ يَضَـعُ الْهِنـاءَ مَوَاضِـعَ النُّقْبِ
وَوَرَدَ أَيْضاً أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَجَدَها ثَيِّباً وَكانُوا قالُوا لَهُ إِنَّها بِكْرٌ، فَقامَ عَنْها قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْها، وَأَخَذَ سَيْفَهُ فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَيْها لِيَضْرِبَها، فَتَلَقَّتْهُ أُمُّها لِتَدْفَعَهُ عَنْها، فَجَرَحَ يَدَيْها، وَفِي ذلِكَ يَقُولُ:
أَقَرَّ الْعَيْنَ أَنْ عُصِبَتْ يَدَاها وَمَا إِنْ تُعْصَبانِ عَلَى خِضَابِ
فَـأَبْــقَــاهُــنَّ أَنَّ لَهُنَّ جَدّاً وَوَاقِيَـةً كَوَاقِـيَـةِ الْكِلَابِ
كانَتْ حَياةُ دُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ كما يَبدُو مِن أَخبارِهِ سِلْسِلَةً مِنْ الوَقْعاتِ وَالاِنْتِصاراتِ وَالفَقْدِ، وَقَدْ عَرَضَ أَبُو الفَرَجِ الأَصْفَهانِيُّ فِي كِتابِهِ (الأَغانِي) خَبَرَ غَزَواتِهِ هُوَ وَإِخْوَتُهُ، وَكَيْفَ ماتَ إِخْوَتُهُ الأَرْبَعَةُ فِي غَزَواتِهِمْ عَلَى القَبائِلِ الأُخْرَى، وَذَكَرَ أَنَّ دُرَيْداً غَزا مِئَةَ غَزاةٍ ما أَخْفَقَ فِي واحِدَةٍ مِنْها، وَقَدْ صَوَّرَ دُرَيدٌ هذِهِ الحَياةَ الَّتِي عاشَها أَبْلَغَ تَصْوِيرٍ فِي قَصِيدَتِهِ الَّتِي عَدَّها أَبُو عَمْرو بْنُ العَلاءِ أَحْسَنَ شِعْرٍ قِيلَ فِي الصَّبْرِ عَلَى النَّوائِبِ، يَقُولُ فِيها:
تَـقُــولُ أَلَا تَـبْـكِـي أَخاكَ وَقَدْ أَرَى مَكَـانَ الْبُكَـا لَكِنْ بُنِيتُ عَلَى الصَّبْرِ
لِمَـقْــتَـلِ عَبْـدِ اللهِ وَالْهالِكِ الَّذي عَلَى الشَّرَفِ الْأَعْلَى قَتِـيلِ أَبِي بَكْرِ
وَعَــبْـــدِ يَـغُــوثٍ أوْ خَـلِيــلِيَ خَـالِدٍ وَعَزَّ الْمُصَـابُ جَثْـوُ قَبْـرٍ عَلَى قَبْـرِ
أَبَـى الْقَـتْــلُ إِلَّا آلَ صِـمَّةَ إِنَّهـُمْ أَبَوْا غَيْرَهُ وَالْقَدْرُ يَجْرِي إِلَى الْقَدْرِ
فَـإِمَّا تَـرَيْـنـا مَا تَزالُ دِماؤُنـا لَدَى وَاتِـرٍ يَشْـقَـى بِها آخِرَ الدَّهْرِ
فَـإِنَّا لَلَحْـمُ السَّيْفِ غَيْـرَ نَكِـيـرَةٍ وَنُـلْحَــمُهُ حِـيــنــاً وَلَيْسَ بِذِي نُكْـرِ
يُـغَــارُ عَلَيْـنـا وَاتِرِيـنَ فَيُـشْـتَـفَـى بِنَـا إِنْ أُصِبْـنـا أَوْ نُغِيرُ عَلَى وِتْرِ
بِذَاكَ قَسَـمْـنـا الدَّهْرَ شَطْـرَيْنِ قِسْمَةً فَمـا يَنْـقَـضِـي إِلَّا وَنَحْـنُ عَلَى شَطْرِ
وَلَعَلَّ أَكْثَرَ الحَوادِثِ تَأْثِيراً على دُرَيدٍ هُي فَقْدُهُ لِأَخِيهِ عَبْدِ اللهِ الَّذِي كانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ، وَقد وَوَرَدَ فِي (الأَغانِي) أنَّهُ غَزا غَطْفانَ وظَفِرَ بِهِمْ فِي يَوْمٍ يُقالُ لَهُ يَوْمَ اللِّوَى، وَساقَ أَمْوالَهُمْ وَمَضَى عَنْهُمْ، وَنَزَلَ غَيْرَ بَعِيدٍ عَنْهُمْ، فَنَصَحَهُ أَخُوهُ دُرَيدٌ بِأَنْ يَمْضِيَ وَلا يَنْزِلَ لِما يَخْشاهُ مِنْ تَتَبُّعِ غَطَفانَ، فَأَبَى، فَأَدْرَكَتْهُمْ قَبائِلُ عَبْسٍ وَفِزارَةَ وَأَشْجَعَ، فَاقْتَتَلُوا وَظَفِرُوا بِعَبْدِ اللهِ فَقَتَلُوهُ، وَحاوَلَ دُرَيْدٌ الذَبِّ عَنْهُ فَلَمْ يُغَنِ شَيْئاً وَجُرِحَ فَسَقَطَ وَظَنُّوهُ مَيِّتاً فَتَرَكُوهُ فِنْجا منهم، وَقَدْ رَثى دُرَيدٌ أَخاهُ عَبْدَ اللهِ وَذَكَرَ ما حَصَلَ فِي هذِهِ الغَزْوةِ فِي قَصِيدَتِهِ الَّتِي يقُولَ فِيها:
أَمَـرْتُهُــمُ أَمْـرِي بِـمُــنْــعَــرَجِ اللِّوَى فَلَمْ يَسْتَبِينُوا النُّصْحَ إِلَّا ضُحَى الْغَدِ
فَلَمَّاـ عَصَـوْنِـي كُنْـتُ مِنْهُمْ وَقَدْ أَرَى غِـوَايَــتَهُــمْ وَأَنَّنـِي غَـيْــرُ مُهْـتَــدِي
وَهَـلْ أَنـا إِلَّا مِـنْ غَـزِيَّةَ إِنْ غَوَتْ غَــوَيْـــتُ وَإِنْ تَـرْشُــدْ غَـزِيَّةــُ أَرْشُـدِ
دَعَانِـي أَخِي وَالْخَيْـلُ بَيْـنِـي وَبَيْنَهُ فَـلَمَّا دَعَانِـي لَمْ يَجِـدْنِـي بِقُـعْـدَدِ
أَخٌ أَرْضَــعَـــتْــنِــي أُمُّهُ بِـلِبَــانِهــا بِـثَــدْيَــيْ صَفَـاءٍ بَيْـنَـنـا لَمْ يُجَـدَّدِ
فَـــجِـــئْتُ إِلَيْهِ وَالرِّمَــاحُ تَــنُـــوشُهُ كَوَقْـعِ الصَّيَاصِـي في النَّسِيجِ الْمُمَدَّدِ
وَكُـنْـتُ كَذَاتِ الْبَوِّ رِيعَـتْ فَأَقْـبَـلَتْ إِلَى جَـلَدٍ مِـنْ مَـسْــكِ سَـقْــبِ مُـقَــدَّدِ
فَطَـاعَـنْـتُ عَنْهُ الْخَيْـلَ حَتَّى تَنَهنَهَتْ وَحَـتَّى عَـلَانِــي حَـالِكُ اللَّوْنِ أَسْـوَدِ
وَبَعْدَ ذٰلِكَ بِزَمَنٍ أَخَذَ دُرَيْدٌ بِثَأْرِهِ مِمَّنْ قَتَلَ أَخاهُ، وَكانَتْ أُمُّهُ رَيْحانَةٌ قَدْ حَرَّضَتْهُ عَلَى ذلِكَ، وَيَرْوِي الأَصْفَهانِيُّ أَنَّها قالَتْ لَهُ: يا بُنَيَّ إِنْ كُنْتَ عَجِزْتَ عَنْ طَلَبِ الثَّأْرِ بِأَخِيكَ فَاسْتَعِنْ بِخالِكَ وَعَشِيرَتِهِ مِنْ زُبَيْدٍ، فَأَنِفَ مِنْ ذلِكَ وَحَلَفَ لا يَكْتَحِلُ وَلا يَدَّهِنُ وَلا يَمَسُّ طِيْباً وَلا يَأْكُلُ لَحْماً وَلا يَشْرَبْ خَمْراً حَتَّى يُدْرِكَ ثَأْرَهُ، فَغَزا هذِهِ الغَزاةَ وَجاءَها بِذُؤابِ بْنِ أَسْماءَ فَقَتَلَهُ بِفِنائِها، وَقالَ: هَلْ بَلَغْتَ ما فِي نَفْسِكَ؟ قالَتْ: نَعَمْ مُتِّعْتُ بِكَ.
وَقَدْ أَصْبَحَ دُرَيدٌ سَيِّدَ قَبِيلَتِهِ بَنِي جُشَمَ وَفارِسَهُمْ وَقائِدَهُمْ، وَكانَ مُظَفَّراً مَيْمُونَ النَّقِيبَةِ وَأَشْعَرَهُمْ وَأَكْثَرَهُمْ ظَفَراً، وَظَلَّتْ مقدّماً في قبيلتِهِ بعدَ أَنْ شاخَ وهَرِمَ، حَتَّى أَنَّ قَبِيلَتَهُ أخرجتْهُ مَعَها فِي مَعْرَكَةِ حَنِينٍ إِذْ خَرَجُوا مُظاهِرِينَ لِلمُشْرِكِينَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا فَضْلَ فِيهِ لِلحَرْبِ، وَإِنَّما أَخْرَجُوهُ تَيَمُّناً بِهِ وَلْيَقْتَبِسُوا مِنْ رَأْيِهِ، وَيَذْكُرُ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّ دُرَيْداً لَمّا خَرَجَ مَعَ قَوْمِهِ وَكانَ شَيْخاً كَبِيراً أَعْمَى قالَ لِمالِكِ بْنِ عَوْفٍ سَيِّدِ قَبِيلَتِهِ وَقائِدِهِمْ: مالِي أَسْمَعُ بُكاءَ الصَّغِيرِ، وَرُغاءَ البَعِيرِ، وَنِهاقَ الحَمِيرِ، وَيَعارَ الشّاءِ؟ فَقالَ مالِكٌ: يا أَبا قُرَّةَ، إِنِّي سُقْتُ مَعَ النّاسِ أَمْوالَهُمْ وَذَرارِيهِمْ، وَأَرَدْتُ أَنْ أَجْعَلَ خَلْفَ كُلِّ رَجُلٍ أَهْلَهُ وَمالَهُ يُقاتِلُ عَنْهُ، فَأنْقَضَ بِهِ دُرَيدٌ، ثُمَّ قالَ: رُوَيعِي ضَأْنٍ وَاللهِ، وَهَلْ يَرُدُّ المُنْهَزِمُ شَيْءٌ. وَقالَ: هذا يَوْمٌ لَمْ أَشْهَدْهُ وَلَمْ أَغِبْ عَنْهُ وَقالَ:
يَا لَيْتَنِي فِيها جَذَعْ
أَخُبُّ فِيها وَأَضَعْ
أَقُودُ وَطْفَاءَ الزَّمَعْ
كَأَنَّها شَاةٌ صَدَعْ
فانْهزَمُوا فِي مَعركةِ حُنينٍ وقتل دريد يومئذ فيمن قتل من المشركين.
قُتِلَ دُرَيْدٌ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ، وَكانَ قَدْ خَرَجَ مَعَ قَوْمِهِ هَوازِنَ ضِدَّ المُسْلِمِينَ فِي تِلْكَ المَعْرَكَةِ، وَكانَ شَيْخاً كَبِيرَ السِنِّ أَعْمَى، وَرَدَ أَنَّهُ بَلَغَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ مِئَةً وَسِتِّينَ أَوْ مِئَةً وَعِشْرِينَ حِينَ وَفاتِهِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ السّجسْتانِيُّ فِي (المُعَمَّرِينَ)، وَكانَ خُرُوجُهُ لِلمَعْرَكَةِ تَيَمُّناً بِهِ وَاسْتِرْشاداً بِرَأْيِهِ، وَقَدْ قَتَلَهُ رَبِيعَةُ بْنُ رُفَيّعٍ السُّلَمِيُّ، وقد وَردَ في (الأَغانِي) أَنَّهُ لَمّا أَدْرَكَهُ سَأَلَهُ دُرَيدٌ مَنْ أَنْتَ؟ قالَ: أَنا رَبِيعَةُ بْنُ رُفَيّعٍ السُّلَمِيُّ. فَأَنْشَأَ دُرَيْدٌ يَقُولُ:
وَيْحَ ابْنِ أَكْمَةَ مَاذا يُرِيدُ مِنَ الْمُرْعِشِ الذَّاهِبِ الْأَدْرَدِ
فَـأُقْــسِــمُ لَوْ أَنَّ بِـي قُـوَّةً لَوَلَّتْ فَــــرَائِصُهُ تُــــرْعَــــدِ
وَيَا لَهْفَ نَفْـسِيَ أَلَّا تَكُونَ مَعِـي قَوَّةُ الشَّارِخِ الْأَمْرَدِ
ثُمَّ ضَرَبَهُ السُّلَمِيُّ بِسَيْفِهِ فَلَمْ يُغَنْ شَيْئاً، فَقالَ لَهُ: بِئْسَ ما سَلَّحَتْكَ أُمُّكَ. خُذْ سَيْفِي هذا مِنْ مُؤَخَّرِ رَحْلِي فِي القرابِ فَاضْرِبْ بِهِ وارْفَعْ عَن العِظامِ وَاخْفِضْ عَنْ الدِّماغِ، فَإِنِّي كَذلِكَ كُنْتُ أَفْعَلُ بِالرِّجالِ، ثُمَّ إِذا أَتَيْتَ أُمَّكَ فَأَخْبِرْها أَنَّكَ قَتَلْتَ دُرَيْدَ بْنَ الصِمَّةِ، فَرُبَّ يَوْمٍ قَدْ مَنَعْتُ فِيهِ نِساءَكَ، فَزَعَمَتْ بَنُو سُلِيمٍ أَنَّ رَبِيعَةَ قالَ: لَمّا ضَرَبَتْهُ بِالسَّيْفِ سَقَطَ فَانْكَشَفَ، فَإِذا عِجانُهُ وَبَطْنَ فَخِذَيْهِ مِثْلُ القَراطِيسِ مِنْ رُكُوبِ الخَيْلِ أَعْراءً. فَلَمّا رَجَعَ رَبِيعَةُ إِلَى أُمِّهِ أَخْبَرَها بِقَتْلِهِ إِيّاهُ فَقالَتْ لَهُ: لَقَدْ أَعْتَقَ قَتِيلُكَ ثَلاثاً مِنْ أُمَّهاتِكَ.وقالتْ ابْنتُهُ عَمرَةُ تَرثِيهِ:
لَعَمْـرُكَ ما خَشِيتُ عَلى دُرَيْدٍ بِبَـطْـنِ سُمَيْرَةٍ جَيْشَ الْعِنَاقِ
جَزَى عَنَّا الْإِلَهُ بَنِي سُلَيْمٍ وَعَقَّتـْهُـمْ بِما فَعَلُوا عَقَاقِ
وَأَسْقَـانا إِذا سِرْنا إِلَيْهِمْ دِماءَ خِيارِهِمْ يَوْمَ التَّلاقِي
فَرُبَّ عَظِـيـمَـةٍ دافَعْتَ عَنْهُمْ وَقَدْ بَلَغَتْ نُفُوسُهُمُ التَّراقِي
وَرُبَّ كَرِيـمَـةٍ أَعْتَـقْـتَ مِنْهُمْ وَأُخْرى قَدْ فَكَكْتَ مِنَ الْوَثَاقِ
وَرُبَّ مُـنَــوِّهٍ بِكَ مِنْ سُلَيْـمٍ أَجَبْـتَ وَقَدْ دَعاكَ بِلا رَماقِ
فَكَانَ جَزاؤُنا مِنْهُمْ عُقُوقاً وَهَمّـاً ماعَ مِنْهُ مُخُّ سَاقِي
عَفَـتْ آثارُ خَيْلِكَ بَعْدَ أَيْنٍ بِذِي بَقَرٍ إِلى فَيْفِ النَّهاقِ
وقدْ كانتْ وَفاتُهُ في السَّنةِ الثَّامِنَةِ لِلهِجرَةِ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 630م.
غَلَبَ عَلَى شِعْرِ دُرَيدِ بن الصِّمَّةِ أَغْراضُ الفَخْرِ وَالحَماسَةِ، فَكانَ شِعْرُهُ انْعِكاساً لِفُرُوسِيَّتِهِ وَشِدَّةِ بَأْسِهِ، وَيشيعُ في شِعْرِهِ فخرُهُ بقومِهِ وَتَهْدِيدُهُ لِأَعْدائِهِ.
تَمَيَّزَ دُرَيْدٍ بِفنِّ الرِّثاءِ، وقَدْ رَثَى إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ الَّذِينَ قُتِلُوا أَثْناءَ غَزَواتِهِمْ، وذهبَ مطاع صفدِي وَإِيلْيا حاوِي إلى أَنَّ رِثاءَ دُرَيْدٍ أَعْمَقُ مَعْنىً وَأَوْسَعُ تَجْربَةً مِنْ رِثاءِ المُهَلْهِلِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ حُزْناً انْفِعالِيّاً مُعْوِلاً، كَحُزْنِ المُهَلْهِلِ، بَلْ داخِلِيّاً يُوغِلُ إِيغالاً فِي الوِجْدانِ، وَبُكاءً صادِقاً يَنْهَمِرُ مِنْ النَّفْسِ قَبْلَ المَآقِي، لَقَدْ كانَ دُرَيدٌ فارِساً وَلكِنَّهُ فارِسٌ مُلَفَّعٌ بِالسَّوادِ.
جَعَلَهُ أَبُو زَيْدٍ القُرَشِيُّ مِنْ ضِمْنِ شُعَراءِ المُنْتَقَياتِ، وَاخْتارَ قَصِيدَتَهُ الدّالِيَّةَ فِي رِثاءِ أَخِيهِ عَبْدِ اللهِ وَمَطْلَعُها: (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ)،
وَرَدَ عَنْ أَبِي عَمْرو بْنِ العَلاءِ أَنَّهُ قالَ: أَحْسَنُ شِعْرٍ قِيلَ فِي الصَّبْرِ عَلَى النَّوائِبِ قَوْلُ دُرَيْدِ بْنِ الصِمَّةِ، وَذَكَرَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي يُبَيِّنُ فِيها صَبْرَهُ وَتَجَلُّدَهُ عَلَى فِراقِ إِخْوَتِهِ وَالَّتِي يَقُولُ فِيها:
تَـقُــولُ أَلَا تَـبْـكِـي أَخاكَ وَقَدْ أَرَى مَكَـانَ الْبُكَـا لَكِنْ بُنِيتُ عَلَى الصَّبْرِ
لِمَـقْــتَـلِ عَبْـدِ اللهِ وَالْهالِكِ الَّذي عَلَى الشَّرَفِ الْأَعْلَى قَتِـيلِ أَبِي بَكْرِ
وَعَــبْـــدِ يَـغُــوثٍ أوْ خَـلِيــلِيَ خَـالِدٍ وَعَزَّ الْمُصَـابُ جَثْـوُ قَبْـرٍ عَلَى قَبْـرِ
أَبَـى الْقَـتْــلُ إِلَّا آلَ صِـمَّةَ إِنَّهـُمْ أَبَوْا غَيْرَهُ وَالْقَدْرُ يَجْرِي إِلَى الْقَدْرِ
" وهوَ أحدُ الشُّجَعاءِ المَشهورِينَ، وَذَوِي الرَّأْيِ فِي الجاهِلِيَّةِ"
(ابْنُ قُتَيْبَةَ/ الشِّعْرُ وَالشُّعَراءُ).
(أبو الفرج الأصفهاني/ الاغاني).
(مُطاٍع صفدي وإيليا حاوي/ موسوعة الشِّعر العربيّ).