
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مــا بــال دمعـك لاهـامٍ ولا جـار
هـل اكتفيت بما في القلب من نارِ
جفـت دموعـك مـن عينيـك واستترت
فيهــا لواعــج أحــزان وأكـدار
ضـاع الصـواب ونفـس المرء ساهمة
مــا بيـن أقضـية تجـري وأقـدار
بينـا الفـتى يطـأ النيا بأخمصه
صـبحاً اذا هـو أمسـى رهـن أحجار
يـا طـائر الـبين لا قرّبت من سكن
ولا هـــدأت بأفنـــان وأوكـــار
نعيــت خيــر فــتى كنـا نـؤمله
يــوم الرجــاء لاوطــان وأوطـار
فـاخلع علينـا جنـاح منـك نلبسه
حزنـاً علـى صادق العزمات مغوارد
أودى الهزبـر فهـل مـن بعـد أسد
عبـل الـذراعين يحمى حوزة الدار
ليـت المنون التي اصمته ما علقت
الا بكــل خــؤون العهــد غــدار
فليمـرح الـذئب مـا شاءت مهانته
فقـد عفت عنه عين الضيغم الضاري
لا أيَّــد اللَــه أعــداءً أذلهــمُ
حـتى أقـاموا بـدار الذل والعار
إن يشــمتوا فكـؤس المـوت دائرة
يـأتي علـى الناس ساقيها بأدوار
يـا بائع الصبر ان الناس في جزع
فبــع لهــم كـل مثقـال بـدينار
لا كــان يـومٌ دفنَّـا عنـد مغربـه
بـدر السـناء خبـا من بعد إسفار
مــا زال يـدأب حـتى خـانه قـدر
ألقــى اليــه عصـا دأب وتسـيار
أبـدى الاطبـاء مـا أخفت ضمائرهم
خـوف الهلـوع وبـاحوا بعد إضمار
قـالوا بـراه سـُرىً أدمـى حشاشته
فعــاد منـه طريحـاً نضـو أسـفار
نعـم بـراه رقـيُّ الصـعب يوم جرى
يسـابق الشـمس فـي بيـد وامصـار
فلــم يجــد منـبراً الا أسـرَّ لـه
مـا بالجوانـح مـن شـجو واسـرار
ولــم يجـد معركـا الا أنـاف بـه
والمـوت مـا بيـن إقبـال وإدبار
وكــم تهــاون بالأيــام تــدفعه
الــى مواقــف أهــوال وأخطــار
وكــم أهـاب وكـف الـدهر صـائلة
علــى العبـاد بعـزم غيـر خـوار
فمــا تراجــع حــتى فـلَّ مقـولُهُ
حســامَ كــل عنيـد الـرأي جبـار
لـه اليـراع الـذي كـانت تجـرده
كــف الزمــان لإيــراد وإصــدار
خـذ عنـه رأي بني التاميز فاطبة
محـــافظين ذوي حقـــد وأحــرار
وســل جــراي يخــبر أنــه قلـم
قـد كـاد يصـرعه فـي كـل إنـذار
تكفي الشهادة في الدنيا لطالبها
مــن معشــر عرفـوه بعـد إنكـار
فــان ضــحي ظلـه أحبـت محامـدَه
آثــارُ ابلــج بــزّت كــلَّ آثـار
أعـزز علـى حـامليه فـوق أعينهم
أن يرجعــوا بــأكف منـه أصـفار
كأنمــا النعـش عـرش زانـه ملـك
يمشــي الهوينـا بـاجلال وإكبـار
كأنمــا العلــم المصــريُّ جللـه
دم ترقـرق فـوق المنصـل العـاري
كأنمـا الرايـة الخضـراء خافقـة
جنـاح جبريـل يغشـى صـاحب الغار
كـأنم ذاك السـواد الجون مرتفعاً
سـحمٌ مـن الطيـر حطـت فوق أشجار
كأنمـا النـاس حـول النعش مائجة
أمـــواج مضـــطرب الآذىّ زخـــار
فلـو يعـدون مـا أوفـى بهـم عدد
كصــيب القطــر لا يحصـى بمقـدار
كـــأن أدمعهــم تنهــل واكفــة
تهطـال غيـث ملـث الـودق مـدرار
كــأن أعينهــم والحـزن يقرحهـا
مـن البكـاء زناد القادح الواري
كأنمــا لجـب البـاكين مـن هلـع
هزيــم رعــد أجـش الصـوت هـدار
كأنمـا السـهل طـرس فيه قد نظمت
مــن الهمـوم صـفوف مثـل أسـطار
كأنمــا الارض قـد سـدت طرائقهـا
بالنـاس مـن ثـابت فيهـا وسـيار
قــبر كامــلَ بالصـحراء وجهتهـم
يبـدو لهـم بيـن أضـواء وأنـوار
أم حجرة المصطفى من يثربَ انتقلت
والنــاس مــا بيـن طـوّاف وزوَّار
يـا مـن لبست من العلياء أنفسها
كيــف ارتضــيت بأسـمال وأطمـار
وكيـف خلفـت شـوط المجـد ينهبـه
قــوم شــأوتهمُ فــي كـل مضـمار
وكيـف أصـحرت فـي بيـداء بلقعـة
نزلتهــا بيــن إمحــال وإقفـار
شـلت يـد الموت ما أقساه مفترساً
أنحــي عليــك بأنيــاب وأظفـار
إنَّــا أمنـا مـن الأيـام غائلهـا
ومـن حتـوف الليـالي خـوض اغمار
هيهـات يثـأر ريـب الدهر من أحد
سـودَ الثيـاب ولـم تعبـأ بأنظار
رأيــن أنَّ دمــوع القـوم حائلـة
فلــم يقفــن حيـاءً خلـف أسـتار
وقـد ظننـت السحاب الجود منهمرا
حـتى التفـت فكان المدمع الجاري
نـم هـادئ الطرف واترك كل معضلة
مـــن الأمــور لأعــوان وأنصــار
فقـد غرسـت بـوادي النيـل نابتة
علمّهــا كيــف تأتينــا بأثمـار
غـادرت أجفـانهم مـذ غبـت ساهدة
كــأن أهــدابها شــدّت بأثمــار
كــأن صــبغ الـدجى حبـات أفئدة
ذابــت لفقـدك أو أحـداق أبصـار
فـي ذمـة اللَـه يا من حين أذكره
تجـري الـدموع دمـاً في كل تذكار
خـذ مـن ريـاض القوافي كل عاطرة
تغنـى ضـريحك عـن باقـات أزهـار
لـك الفراديـس فانزل من أرائكها
فــي ظـل دانيـة الاغصـان معطـار
وقــف عليــك رثـاء لا سـواك لـه
أنـت الشـريف وهـذا دمـع مهيـار
أحمد نسيم بن عثمان بك محمد.شاعر مصري.ولد وتعلم وتوفي بالقاهرة، كان يلقب بشاعر الحزب الوطني، في شعره جودة ورقة.وكان موظفاً في دار الكتب المصرية إلى أن توفي.له (ديوان شعر -ط) جزآن، و(وطنيات أحمد نسيم -ط) جزآن، وهو مجموع مقالات له نشرها في الصحف المصرية.