
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
صــُوَرٌ تَلــوحُ لخــاطرِ المَعمـودِ
مـا بيـنَ أربـاضِ المُنـى والبِيدِ
خَفَّاقــةٌ فيهــا بُنــودُ العِيــدِ
بســَّامةٌ فيهــا ثُغــورُ الغِيــدِ
تَجلـو رُؤى ماضـي الهَوى المفقودِ
وَقـفَ الفـؤادُ أسـيرَ بارِقِ نارِها
يَهفُـو إلـى مـا لاحَ مـن أسرارِها
لِمَـن الـدِيارُ تَـذوبُ من تَذكارِها
مِـن بَعـدِ طـولِ نـوىً وفَـرطِ جُحودِ
يــا مُوثَقــاً مـن شـَوقِهِ بقيـودِ
يـا قلبُ ما هذا الخُفوقُ وما ترى
فـي مـا تَـوهَّمَهُ الخَيـالُ وصـَوَّرا
تَبكـي كأنَّـك بعـضُ أفئدةِ الـوَرى
وظنَنــت أنـك صـِرتَ صـُلبَ العُـودِ
أشـَجَتك رُؤيـا يـا أخـا الجُلمُودِ
رُفِعــت لطَرفِــك مـن مكـانٍ قـاصِ
تختــالُ بيــن حَــدائقٍ وعِــراصِ
أعَرَفـتَ يـا قلـبي عَـروسَ العاصي
مَحــبي أمانينـا ومَحيـا الجُـودِ
وَنعيـــمَ راضٍ بــالوُجودِ ســعيدِ
أعَرَفتَهـا تلـكَ الرُبـوعَ العالية
مـا بيـن لبنـانٍ وبيـنَ البادية
الــذكرَياتُ وقــد بَـرَزنَ عَلانِيـة
نــادَينَ عنــكَ بحَسـرةِ المَطـرودِ
يـا حِمـصُ يـا بَلـدي وأرضَ جدودي
جَثَمَـت بكَلكَلِهـا علـى دَربِ الأمَـم
جَبَّـارةً مـن طَبعِهـا رَعـيُ الـذِمَم
بَلَـدُ الهُـدى أحجارُهـا سـُودٌ نَعَم
لِلّـــه دَرُّ ســـَوادِكِ المَعبـــودِ
يـا حِمـصُ يـا أمَّ الحجـارِ السُودِ
أنسـيمُ وَعـرِك مـا سـَمِعتُ مهَينما
أم رُوحُ ديـكِ الجِنِّ من خَلفِ الحِمى
أم شــيخُنا الجُنـديُّ حَـنَّ ورَنَّمـا
مُتَغَــــزِّلاً بِمَعــــاطِفٍ وقُـــدودِ
بَيضـاءَ فـي ظِـلِّ الحِجـار السـودِ
مـاذا يُكابـدُ فـي النَوى ويُقاسي
صــبّ يَحِــنُّ إلـى حِمـى المِيمـاسِ
والـى الـدُوَيرِ إلـى رُبوعِ الكاسِ
وكِناســـِها وغَزالهــا الأملــودِ
وإلــى مَغــاني نَعمــةٍ وســُعودِ
حِمــصُ العَديَّــةُ كُلُّنــا يَهــواكِ
يــا كَعبــةَ الأبطــالِ إِنَّ ثَـراكِ
غِمــدٌ لســيفِ اللَـه فـي مَثـواكِ
ولكَــم لنــا مـن خَشـعةٍ وسـُجودِ
فـي هَيكـلِ النَجـوى ومـن تَمجِيـدِ
يـا جـارةَ العاصـي لدَيكِ السُؤدُدُ
لبنــانُ دونَــكِ ســاجدٌ مُتعبِّــدُ
هــو عاشـقٌ مـن دَمِـهِ لـكِ مَـورِدُ
وارَحمَتــــا لِمُتَيَّـــمٍ مَصـــفودِ
يَسـقِي الهـوى مـن قلبه الجُلمودِ
عاصــِيك كَوثَرُنـا لنـا فـي وِردِهِ
طَعـمُ الخُلـودِ ونَكهـةٌ مـن شـَهدِه
هيهـاتِ يومـاً نَرتـوي فـي بَعـدِهِ
وَنَبُـــلُّ حُرقــةَ أضــلُعٍ وكبــودِ
إلا بسَلســـَلِ مـــائِهِ المَفقــود
حـادي العِطـاشِ إلـى مَـواردِ ماءِ
نفســي لقــد ظَمِئَت فـأينَ رَوائي
عَلَّلتُهــا بعــدَ النَــوى بلِقـاءِ
والـدَهرُ يـأبى أن أفِـي بعُهـودي
أوَ لــم يَئِن أن تَســتقِرَّ جُهـودي
يا دهرُ قد طالَ البُعادُ عن الوطن
هـل عَـودةٌ تُرجـى وقد فات الظَعَن
عُـد بـي إلى حِمصٍ ولو حَشوَ الكَفَن
واهتِــف أتيــتُ بعــاثِرٍ مَـردودِ
واجعَــل ضـريحي مـن حِجـارٍ سـُودِ
يـا جارَة العاصي اليك قد انتهى
امَلـي وانـتِ المُبتَغـى والمُشتَهى
قلـبي يَـرى فيـك المَحاسـِنَ كلَّها
وعلــى هَــواكِ يَـدِينُ بالتَوحيـدِ
يـا حِمـصُ يـا أُمَّ الحِجـارِ السُودِ
نسيب بن أسعد عريضة.شاعر أديب، من مؤسسي (الرابطة القلمية) في المهجر الأميركي.ولد في حمص، وتعلم بها، ثم بالمدرسة الروسية بالناصرة، وهاجر إلى نيويورك (سنة 1905) فأنشأ مجلة (الفنون) سنة 1913 وأغلقها ثم أعادها، وأضاع في سبيلها ما يملك.وعمل في التجارة، ثم تولى تحرير (مرآة الغرب) الجريدة اليومية، فجريدة (الهدى) وتوفى في مدينة بروكلن.له: (الأرواح الحائرة - ط) ديوان شعره، و(أسرار البلاط الروسي - ط) قصة مترجمة، و(ديك الجن الحمصي - ط) قصة نشرها في (مجموعة الرابطة القلمية).