
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَشــــواطِئَ الإٍســـكَندَرِيَّةِ طيـــبٌ
فيــكَ المصــيف لعاشــق ولهــان
هجـر الـبيوتَ إليـك محرقة اللظى
إذ شــُبَّ فيهـا القيـظُ كـالنيران
وأتـــاكِ يحمــل حبــه وغرامــه
متقيلاً مــــن ظلـــك الفينـــان
يــا مربعـي دون المرابـع إننـي
دونَ المرابــع والــهٌ بـك عـاني
أَنســَيتَني وَطنـي البعيـدَ وإِنمـا
هــو أَوَّلٌ عنــدي وأَنــت الثـاني
لكنمــا فيــك الحــبيبُ وإِننــي
وطــنُ الحـبيب أحـب مـن أوطـاني
كـم جلسـةٍ لـي فيـك وحـدي شاكياً
كشــــكاية الإخـــوان للإخـــوان
أبكـي بكـاءَ الطفـل حـتى ينتهـي
دمـــع بـــه يتقــرَّحُ الجفنــان
جهـد الحزيـن عيـونه الشكرى فان
نضــبت فتلــك نهايــة الأحــزان
والصبر أجمل ما استفاد القلبُ أن
نشــط القضـباءُ إليـه بالحـدثان
لكنـــه مـــاذا يفيــد ودونــه
حقــدُ القضــاءِ وغضــبة الأزمـان
البحــر مبســوط الأديــم كــأَنه
صـــدرٌ أليـــفُ مســـرةٍ وأمــان
والريــح لينــة المهــبِّ لطيفـة
كتنهـــدات الموجـــع المرنــان
والشـمس تضـرم في السماء مجامراً
هــذي الغيــوم لهـن مثـل دخـان
بعثــت إلـى لجـج البحـار أشـعةً
صــيَّرنها لججــاً مــن العقيــان
اللانهايــة فــي بعيــد سـمائها
واللانهايـة فـي القريـب الـداني
بحـران مـن جلـدٍ ومـن مـاءٍ وفـي
الأفــق القصــيِّ تمـارج البحـران
العيــن يأخــذها الجلالُ كأنهــا
شــهدت هبــوطَ هـدىً ووحـيَ جنـان
يــا بحـر والأمـواج فيـك تـدفَّعت
قلـــبي كهمِّـــك دائم الخفقــان
وأَســاك مثــل أَسـاي لـجَّ وإنمـا
صــدري وصــدرك بالأســى رحبــان
هــذي شــواطئك الطويلــة أنهـا
مســرى الغــرام ومسـرح الغـزلان
نصـبوا بهـا خيـم المصيف صفوفها
متسلســـلات مثـــل عقــد جمــان
نزعــت بإحــداها سـعادُ ثيابهـا
فــرأَت تجلّــي حســنها العينـان
وأتتــكَ عاريــةَ الأهــاب وإنمـا
لبســت بيــاض جمالهــا الفتـان
ورمــت إليــك بنفســها وتلاعبـت
فــي المـاءِ بيـن الصـحب والخلان
مـــا آن ثَـــمَّ ملاحــةً وملوحــةً
جُمِعــا ولــم يتمــازج المـا آن
أنـتَ السـماء قريبـة قـد أطلعـت
نجـم الوجـوه علـى مياهـك رانـي
أنــتَ الريـاض جنيَّـة قـد أبـدعت
زهــراً مغيــراً زهــر كـل جنـان
هـــذي طيــورك أنهــا ثرثــارة
ضــحكاً ولعبــاً فيــك باطمئنـان
الواقفـــات جســـومهنَّ هياكـــل
صـــحت بهـــنَّ عبــادة الأوثــان
والماشـــــيات بطيئة مياســــة
أعطــــافهنَّ نـــواعم الأبـــدان
والجالسـات علـى الصـخور زواهراً
مثــل الريــاض قطــوفهنَّ دوانـي
شـجر الحيـاة على الرمال ثمارهن
نَ أطـــايب التفـــاح والرمــان
والســـابحات رشــيقة حركــاتهن
نَ بديعـــة التصــريف والإتقــان
أنـت الغنـيُّ وقـد حـويت جـواهراً
فــاقت كنــوز الــدر والمرجـان
هــذي عرائســك الجميلــة أنهـا
مشـــمولة بالحســـن والإحســـان
متلاعبــات فــي مياهــك مثلمــا
لعبــت حميّــا الكـاس بالسـكران
يخرجـــن منـــك مكللاتٍ لؤلـــؤاً
كــالزهر غــبَّ العــارض الهتـان
لكنهــنَّ عواطــل مــن كــل مــا
زان الجمـــال لأنهـــنَّ غـــواني
وتضـيء فيـك سـعاد شمسـاً برجهـا
قلـــبي وقلبــك أننــا إخــوان
الشـــعر فيـــضُ أشــعةٍ ذهبيــةٍ
والجســم فيـض النـور واللمعـان
نزلـت ذكـاء إلـى المغيب فواجهت
ســعدى وقــد يتــواجه القمـران
فــإذا همــا يتنــاظران وهــذه
شــمس المسـاءِ تميـل ف الميـزان
ذابـت حيـاءً فـاختفت مـن بعـدها
أرخــت سـتار الأفـق أحمـر قـاني
ومضــت ســعاد كأنهـا مَلَـكٌ مشـى
فـي الخلـد بيـن الحور والولدان
يـا مُنتيَـتي ومَنِيَّـتي مـا ضـرَّ لو
ســرنا كمــا يتســاير الإِلفــان
متشـــابكَين أنـــاملاً بأنامـــل
متهــــاديين كأننـــا ملكـــان
متســـاقيين غرامنــا بلحاظنــا
متخاصــــرين كأننـــا غصـــنان
متناســيين العـالمين ومـا بهـا
والعـــالمون أحـــق بالنســيان
يـا بحـر قـد جـاءَ المساءُ مجرراً
أذيـــاله ينبــثُّ فــي الأكــوان
والنـاس يمشـون الهوينـا مثلمـا
يـــتريَّثُ المتفـــرج المتــواني
شـــيب وشـــبان وولـــد كلهــم
متبـــاين الأزيـــاء والألـــوان
والبشــر ترسـمه الحيـاة سـعادةً
فــي أوجــه الفتيـات والفتيـان
ويهــزم مــرحُ الشــبيبة مثلمـا
هــز النســيم نــواعم الأغصــان
يتنــافر الصــبيان بينهـمُ كمـا
تتنــافر الأطيــار فــي الأفنـان
وُلــدٌ كنـثر الـدر ملـء قلـوبهم
أَمــنُ الســعيد وخفَّــةُ الجــذلان
لا رغبــــة لهــــم ولا أمنيـــةٌ
أن الشـــقاءَ رغـــائب وأمــاني
لا هـون عمـا فـي الحيـاة وإنمـا
فـي اللهـوى كـل سـعادة الصبيان
حـتى إذا مـا النجـم أشرق باسماً
فـي الأفـق ينظـر نظـرة الحيـران
قفـل الجميـع إلـى منـازلهم ومن
بعــد اللقــاءِ رمـوك بـالهجران
يــا بحــر إن العمــر هـمٌّ دائم
بتعــــارف وتباعـــد وتـــداني
أنــت الزمــان وكـل عمـرٍ قطـرةٌ
هيهـــات تنقــع غلَّــةَ الظمــآن
والنفــس مثــل شــواطئ ممتــدةٍ
روّادُهــــن عواطــــف الإنســـان
والقلــب لجتــك السـحيقة أنهـا
مرســى القـرار ومنبـع الطغيـان
أمـا الحيـاة وأنـت رمـز وجودها
فلهــا إليــك جــواذب ومعــاني
يـا بحـر زد وانقـص فإنـك مثلها
فــانٍ ومثلــك كــل شــيءٍ فـاني
خليل بن إبراهيم بن عبد الخالق شيبوب.شاعر من أدباء الكتاب، من طائفة الروم الأرثوذكس.سوري الأصل، ولد بالاذقية، واشتهر وتوفي بالإسكندرية.له (الفجر الأول-ط) وهو الجزء الأول من ديوان شعره.له: (المعجم القضائي - ط) عربي فرنسي، و(عبد الرحمن الجبرتي - ط) رسالة، و(قبس من الشرق-ط) مقتطفات من شعر تاغور وغيره.