
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مـا مـرَّ حـرُّ الصـيفِ والهجيـرِ
وآذن الخريــــفُ بــــالظهورِ
حـــتى ذوت عــرائسُ الزهــورِ
وانقطعـــت زقزقــةُ الطيــورِ
وزال حســنُ الــروض والغـديرِ
جُـرِدّت الأغصـانُ مـن حلوِ الثمر
واكتسـتِ الأرضُ بـاوراق الشـجر
فـالروضُ كالعاشـقِ يبدو للنظر
سـكوتهُ يـتركُ فـي النفـس أثر
تضــيقُ عنــهُ فُســحَةُ الصـدورِ
لا حـسَّ فـي ذاك المكان المقفِرِ
يُســمع الا صــوت ريــحٍ صرصـرِ
وليــس للحــيِّ بــهِ مـن أَثـرِ
لــولا خيــالٌ لاح بيـن الشـجرِ
كــأنهُ مــن عــالم النشــورِ
فــتىً بلا عــزمٍ حزيـنُ النفـسِ
اوشــك ان يُــدرَجَ طـيَّ الرمـسِ
يَمشــي ببطــءٍ خافضـاً للـرأسِ
مشــرَّدَ الحــسِّ شــديدَ اليـأس
مســتغرقاً فـي لجـة التفكيـر
إذ وقــف الفـتى عـن التقـدُّمِ
ورَمــقَ الـروضَ بطـرفِ المغـرمِ
ثــم جــرت أدمعــهُ كالــديمِ
وصـاح صـوتاً مـن عظيـم الالـم
حنَّـــت لــهُ جلامــدُ الصــخورِ
روضـي الذي اهواهُ مذ كنتُ صبي
إِقبَـــل وَداعَ عاشـــقٍ معــذَّبِ
كــم علَّـل النفـسَ بنيـلِ الأربِ
فلـم يَفُـز في الحبِّ بعد التعبِ
إلا بقلــــبٍ موجـــعٍ كســـيرِ
يـا روضُ مَـن تعهدُ قلبي عبدَها
قـد نَكَثـت حـبي وخـانت عَهدها
أمـا أنـا فلسـتُ انسـى وُدهـا
وحيــث لا يطيـبُ عيشـي بعـدها
وجــدت مــوتي اطيــبَ الأمـورِ
اقضــي وذا حــدادُكَ المــروعُ
إلـى انقضـا عمـري أراهُ يُلمعُ
وكـــلُّ ورقــةٍ امــامي نَقَــعُ
فيهــا دليـلٌ أن مـوتي مسـرعُ
وأننــي ســاعٍ إلــى القبـورِ
أيتهــا الأوراقُ دومــي وقعـا
وسـتري هـذا الطريـق المُفجعا
وحجـبي عـن عيـن أمـي موضـعا
يكـون لـي عمـاً قريـبٍ مضـجعا
يحــوي عظــامي أبـد الـدهورِ
لكـن إذا جـاءَت حبيبـتي إلـى
قـبري تبكـي تحتَ استارِ الدُجى
فأحــدثي حركــة فـوق الـثرى
وايقظـي مـن نـومهِ طيفـي عسى
يــذوق حيثــاً لــذة السـرورِ
فـاهَ بـذا القـول وولّى مُدبرا
ولم يعد من بعدُ في الروض يُرى
آخـرُ ورقـةٍ هـوت فـوق الـثرى
قــد لفظــت آخِـرَ حـرفٍ سـُطِّرا
مـن عمـرهِ فـي دفـتر المقدورِ
قضــى ولــم تُقـضَ لـهُ بغيتـهُ
فـي حـبّ مـن ذابـت بها مهجتهُ
فــي ظــلّ سـروٍ جُعلـت حُفرَتُـهُ
لكنمــا لــم تــأتِ محبـوبتُهُ
تنــوح فـوق الحجـر المهجـورِ
لـم تـأتِ تبكـي ميـتَ الغـرامِ
ولا رعــت للحــبّ مــن ذمــامِ
بــل كـان راعٍ بصـدى الاقـدامِ
يُقلِــقُ وحــدهُ علــى الـدوامِ
ســكون ذاك المــدفن الحقيـرِ
إلياس فياض.أديب لبناني، تعلم ببيروت، ثم بمدرسة الحقوق بالقاهرة.وكتب في مجلتي إبراهيم اليازجي (الضياء) و(البيان) في القاهرة، وتولى رئاسة التحرير بجريدة (المحروسة) اليومية.ثم عاد إلى لبنان، فكان من أعضاء مجلس النواب، فوزيراً للزراعة، وتوفي ببيروت عن نحو 55 عاما.له (ديوان شعر - ط) الجزء الأول منه.ترجم عن الفرنسية قصصاً، منها (الشهيدة - ط)، و(عشيقة مازارين - ط).