
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أذاع فــي مصـرَ رسـولُ البشـرِ
أَن ذكــاءً غرقــت فـي البحـرِ
فطلــع البــدرُ ضـحوكَ الثغـرِ
وأَقبــلَ النسـيمُ لطفـاً يسـري
وصــفَّقت فــوزاً ميـاهُ النهـرِ
وبلــغَ الريــاضَ ذاكَ الخــبرُ
فـاهتزَّ إِعجابـاً ومـاسَ الشـجرُ
وابتهـجَ النـورُ بهـا والثمـرُ
والزُهـرُ مـن فـوقُ إِليها تنظرُ
تـرى خيـالَ ذاتهـا فـي الزهرِ
ومـن عجيـبٍ أن تـرى الطـبيعه
تظهــرُ ذي الشـماتةَ الفظيعـه
بالشـمسِ وهـي أمُّهـا البـديعه
وربَّـــة الكلمــة المســموعه
تُطيعهــا فــي نهيهـا والامـرِ
لكــن بمصــرَ ليــسَ بـالعجيبِ
وقــوعُ هــذا الخطـأ المعيـبِ
فكــم بهــا مـن حـادثٍ غريـبِ
والشــمس فيهـا أحـدُ الخطـوبِ
فـي الصـيفِ فهي أصلُ ذاك الحرِ
أنظـر فبينـا الـدورُ والقصورُ
ليـــس بهــا حــسٌ ولا شــعورُ
صــــامتةُ كأَنَّهــــا قبـــورُ
قــد انــبرت بأهلهــا تمـورُ
وانفرَجــت عقــدةُ ذاك الحصـرِ
أطلَّــتِ الغيــدُ مــن الخـدورِ
كأنهــا الاقمــار فــي سـُفورِ
يخطـرنَ فـي الـدمقسِ والحريـرِ
مــن كــل ظــبيٍ أغيـدٍ غريـرِ
مهتضــمِ الكشـحِ دقيـق الخصـرِ
وخــرجَ النـاس إلـى السـاحات
يغتنمـــون فُـــرَصَ اللـــذاتِ
وارتفعــت طقطقــةُ الكاســاتِ
مــن جِعَــةٍ تُحســى ومــن جلاتِ
مـــبرِّداتٍ منعشـــات الصــددِ
تنفَّـــسَ الحــيُّ ومنــذُ حيــن
كــان يُعــاني غصــصَ المنـونِ
منطرحــاً فــي ذلــك الاتــونِ
فلـم يكـن يـا ليـلُ مـن معينِ
ســواك للخلاص مــن ذا الاســرِ
يـا أيها العبدُ الجميلُ الاسودُ
أنـتَ لنـا المولى ونحنُ الأَعبُدُ
بـل أنـت فـي مصـرَ الـهٌ يُعبَدُ
ففيــك طــابت مهــجٌ وأكبــدُ
أَودى بهــا لــولاك صـيفُ مصـرِ
لأَجـل هـذا قـد تغنَّـى المنشـدُ
باســـمِكَ كــلَّ ســاعةٍ يــردِّدُ
يـا ليـلُ ليتَ الصبحَ ليس يولد
وليــت كــلَّ أبيـض يـا أَسـودُ
فـداءُ هاتيـك الثنايـا الغـرِّ
يـا صـاحِ فاسـلُ هـذه النوادي
حافلــة القاعــاتِ بالقصــَّادِ
إِن رمــتَ تشـفي غُلَّـةَ الفـؤادِ
فاقصـد معـي ضِفاف ذاك الوادي
حيـثُ أبـو الخيـراتِ ظـلَّ يجري
يا حبذا النيلُ على ضوءِ القمر
وحبـذا الغبـوق فيـهِ والسـمر
ركبتــه كــأنني علــى ســفر
فـي ليلةٍ ما عابها غيرُ القِصَر
كــذلك الصــفوُ قصـير العمـرِ
مــعَ غـزالٍ مـن بنـي الافرنـجِ
مهفهــفِ الخصـرِ كـثيرِ الغنـجِ
ينظُــرُ عــن سـودٍ صـحاحٍ دعـجِ
وجــدتُ فيهــا كـلَّ مـا أُرَجِّـي
مـــن روضــةٍ وخمــرةٍ وشــعرِ
والريــحُ تسـري حولنـا بليلا
تبــلُّ مــن صــدورنا الغليلا
كأَنهـــــا آس أتــــى عليلا
وقـد أبحناهـا اللمـى تقبيلا
فمـا اكتفـت بـل عبثت بالشعر
والنيـلُ يجـري تحتنـا غزيـرا
تهزنـــا موجـــاتهُ ســـرورا
كمـــا تهــزُّ غــادةٌ ســريرا
قـد نـام فيـه طفلُهـا قريـرا
فـي مـأمنٍ مـن عاديـاتِ الدهرِ
والبـدرُ تُلفـي وجههُ في الماء
ســبائكاً مــن فضــةٍ بيضــاءِ
تلمــعُ إذ تمـوجُ فـي الهـواءِ
كأَنهـا السـيوف فـي الهيجـاءِ
مـــا بيــن كــرٍّ دائمٍ وفــرِّ
والأفــقُ زاهٍ بــالنجومِ الغـرِّ
كأَنهـــا لآلـــئٌ فـــي نحــرِ
جاريــةٍ مـن الجـواري السـمرِ
أو ياســـمينٌ لاحَ فــي مخضــرِ
روضٍ تــروَّى مـن دمـوع الفجـرِ
وللنخيــــل منظـــرٌ مهيـــبُ
تُــراعُ مــن جمــالهِ القلـوبُ
فــوقَ الضــفافِ ظلُّهــا رهيـبُ
صــفاً بصــفٍّ زانهـا الـترتيبُ
مــن كـلِّ جبَّـارٍ عظيـم القـدرِ
تحســــبُها مَـــرَدَةً طـــوالا
تحـــتَ مظلات زهـــت جمـــالا
في النيل جاءت تبتغي اغتِسالا
ســحرها النيــلُ فلـن تـزالا
واقفــــةً بفعــــلِ الســـحرِ
والــــذهبياتُ بـــه جـــوارِ
بيــن صــعودٍ فيــهِ وانحـدارِ
تبــدو لنــا زاهيـةَ الأنـوارِ
كأَنهـــا لوامـــعُ الــدراري
ســابحةً فــوق عُبــاب الغمـرِ
وللميـــاهِ حولنـــا تنهُّـــدُ
وزفــــراتٌ نحونـــا تُصـــَعَّدُ
وللشــــواطئِ لنـــا تـــردُّدُ
فتــارةَ نــدنو وطـوراً نبعـدُ
والريـحُ فـي الشـراعِ ذاتُ نقرِ
هــذا ونحــن نــألف الأُصـولا
فـي الحـبِّ لا نبغي بها تبديلا
فلا نمــلُّ الضــمَّ والتقــبيلا
وقـد سـأَلنا الليـلَ أن يطولا
فحبَّــذا لـو دامَ طـولَ الـدَهرِ
وكــانتِ الأكــوانُ فــي هجـوعِ
مــن حولنــا باديـةَ الخشـوعِ
والزُهـرُ فـي السـماءِ كالشموعِ
قــد أُوقـدَت لعرسـِنا البـديعِ
والليــلُ قسيسـاً لعقـدِ السـرِّ
فبينمــا نحــنُ كــذا سـُكارى
وقـد خَلعنا في الهوى العذارى
إذا الصـباحُ قـد نضى البتارا
وضــربَ الليــلَ بــه فــدارا
وانســـكبت دمــاؤُهُ كــالخمرِ
فراعنـــا مشــد ذا القنيــلِ
وامتنــعَ الحِـبُّ عـن التقبيـلِ
تهيبـــاً للحـــادثِ الجليــلِ
فعـــدتُ معــه لا أرى ســبيلي
غيظـاً علـى الصـباح ربِ الغدرِ
إلياس فياض.أديب لبناني، تعلم ببيروت، ثم بمدرسة الحقوق بالقاهرة.وكتب في مجلتي إبراهيم اليازجي (الضياء) و(البيان) في القاهرة، وتولى رئاسة التحرير بجريدة (المحروسة) اليومية.ثم عاد إلى لبنان، فكان من أعضاء مجلس النواب، فوزيراً للزراعة، وتوفي ببيروت عن نحو 55 عاما.له (ديوان شعر - ط) الجزء الأول منه.ترجم عن الفرنسية قصصاً، منها (الشهيدة - ط)، و(عشيقة مازارين - ط).