
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بَانَ الشَّبابُ وَأَمْسَى الشَّيْبُ قَدْ أَزِفا
وَلَا أَرَى لِشـــَبابٍ ذاهِـــبٍ خَلَفــا
عَـادَ السـَّوَادُ بَيَاضـاً فـي مَفارِقِهِ
لَا مَرْحَبـاً هابِذا اللَّوْنِ الَّذي رَدِفا
فِــي كُــلِّ يَـوْمٍ أَرَى مِنْـهُ مُبَيِّنَـةً
تَكــادُ تُســْقِطُ مِنِّــي مُنَّـةً أَسـَفا
لَيْــتَ الشـَّبابَ حَلِيـفٌ لَا يُزَايِلُنـا
بَـلْ لَيْتَـهُ ارْتَدَّ مِنْهُ بَعْضُ ما سَلَفا
مـا شـَرُّها بَعْدَ ما ابْيَضَّتْ مَسائِحُها
لَا الـوُدَّ أَعْرِفُـهُ مِنْهـا وَلَا اللَّطَفا
لَـوْ أَنَّهـا آذَنَـتْ بِكْـراً لَقُلْتُ لَها
يَـا هَيْـدَ مَالِـكِ أَوْ لَوْ آذَنَتْ نَصَفا
لَـوْلا بَنُوهـا وَقَوْلُ النَّاسِ ما عُطِفَتْ
عَلَـى العِتـابِ وَشـَرُّ الوُدِّ ما عُطِفا
فَلَــنْ أَزَالَ وَإِنْ جــامَلْتُ مُضـْطَّغِناً
فِـي غَيْـرِ نـائِرَةٍ ضـَبَّاً لَهـا شَنَفا
وَلَاحِــبٍ كَحَصــِيرِ الــرَّامِلاتِ تَــرَى
مِــنَ الَمَطِـيِّ عَلَـى حافـاتِهِ جِيَفـا
وَالمُرْذِيـاتِ عَلَيْهـا الطَّيْرُ تَنْقُرُها
إِمَّـا لَهِيـداً وَإِمَّـا زاحِفـاً نَطِفـا
قَـدْ تَـرَكَ العـامِلَاتُ الرَّاسـِماتُ بِهِ
مِــنَ الأَحِــزَّةِ فـي حَافَـاتِهِ خُنُفـا
يَهْـدِي الضـَّلُولَ ذَلُـولٍ غَيْـرِ مُعْتَرِفٍ
إِذا تَكــــاءَدَهُ دَوِّيُّـــهُ عَســـَفا
ســَمْحٌ دَرِيـرٌ إِذا مـا صـُوَّةٌ عَرَضـَتْ
لَـهُ قَرِيبـاً لِسـَهْلٍ مَـالَ فَانْحَرَفـا
يَجْتـازُ فِيـهِ القَطا الكُدْرِيُّ ضاحِيَةً
حَتَّـى يَـؤُوبَ سـِمَالاً قَـدْ خَلَـتْ خُلُفا
يَســْقِينَ طُلْســاً خَفِيَّـاتٍ تَراطُنُهـا
كَمَـا تَرَاطَـنُ عُجْـمٌ تَقْـرَأُ الصـُّحُفا
جَوَانِــحٌ كَالأَفَــانِي فـي أَفَاحِصـِها
يَنْظُـرْنَ خَلْـفَ رَوَايـا تَسـْتَقِي نُطَفا
حُمْـرٌ حَواصـِلُها كَالْمَغْـدِ قَـدْ كُسِيَتْ
فَـوْقَ الحَـواجِبِ مِمَّـا سـَبَّدَتْ شـَعَفا
يَوْمــاً قَطَعْـتُ وَمَوْمـاةٍ سـَرَيْتُ إِذا
مَـا ضـارِبُ الـدُّفِّ مِنْ جِنَّانِها عَزَفا
كَلَّفْتُهــا حُــرَّةَ اللَّيْتَيْـنِ ناجِيَـةً
قَصـْرَ العَشـِيِّ تُبَـارِي أَيْنُقـاً عُصُفا
أَبْقَى التَّهَجُّرُ مِنْها بَعْدَ ما ابْتُذِلَتْ
مَخِيلَــةً وَهِبابــاً خاَلِطــاً كَثَفـا
تَنْجُـو وَتَقْطُـرُ ذِفْرَاهـا عَلَـى عُنُـقٍ
كَالْجِــذْعِ شـَذَّبَ عَنْـهُ عـاذِقٌ سـَعَفا
كَــأَنَّ رَحْلِـي وَقَـدْ لاَنَـتْ عَرِيكَتُهـا
كَســَوْتُهُ جَوْرَفــاً أَقْرابُــهُ خَصـِفا
يَجْتــازُ أَرْضَ فَلاةٍ غَيْــرَ أَنَّ بِهــا
آثــارَ جِـنٍّ وَوَسـْماً بَيْنَهُـمْ سـَلَفا
تَبْـرِي لَـهُ هِقْلَـةٌ خَرْجـاءُ تَحْسـَبُها
فـي الآَلِ مَخْلُولَـةً فـي قَرْطَـفٍ شَرَفا
ظَلَّا بِأَقْرِيَـــةِ النَّفَّــاخِ يَوْمَهُمــا
يَحْتَفِـرانِ أُصـُولَ المَغْـدِ وَاللَّصـَفا
وَالشـَّرْيَ حَتَّـى إِذا اخْضَرَّتْ أُنُوفُهُما
لَا يَـأْلُوانِ مِـنَ التَّنُّـومِ مـا نَقَفا
رَاحـا يَطِيـرانِ مُعْـوَجَّيْنِ فـي سـَرَعٍ
وَلَا يَرِيعــانِ حَتَّــى يَهْبِطـا أُنُفـا
كَالْحَبْشــِيَّيْنِ خافـا مِـنْ مَلِيكِهِمـا
بَعْـضَ العَـذابِ فَجَـالَا بَعْـدَما كُتِفا
كَالخَـالِيَيْنِ إِذَا مـا صَوَّبا ارْتَفَعا
لَا يَحْقِـرانِ مِـنَ الخُطْبـانِ ما نَقَفا
فَاغْتَرَّهــا فَشــَآها وَهْــيَ غافِلَـةٌ
حَتَّـى رَأَتْـهُ وَقَـدْ أَوْفَـى لَها شَرَفا
فَشــَمَّرَتْ عَــنْ عَمُـودَيْ بانَـةٍ ذَبَلا
كَـأَنَّ ضـَاحِيَ قِشـْرٍ عَنْهُمـا انْقَرَفـا
وَقَــارَبَتْ مِـنْ جَناحَيْهـا وَجُؤْجُئِهـا
سـَكَّاءَ تَثْنِـي إِلَيْهـا لَيِّنـاً خَصـِفا
كــانَتْ كَــذِلكَ فــي شـَأْوٍ مُمَنَّعَـةً
وَلَــوْ تَكَلَّــفَ مِنْهـا مِثْلَـهُ كَلِفـا
كَعْبُ بنُ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، مِنْ قَبِيلَةِ مُزَينَةَ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ وَمِنْ الشُّعَراءِ الفُحُولُ المُتَقَدِّمِينَ، وَضَعَهُ ابنُ سَلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ مِنْ طَبَقاتِهِ، وَهُوَ صَحابِيٌّ قِصَّةُ إِسْلامِهِ مَشْهُورَةٌ، فَقَدْ أَهْدَرَ النَّبِيُّ دَمَهُ لِهَجائِهِ الإِسْلامَ وَالمُسْلِمِينَ، فَجاءَ إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعتذِراً وَأَنْشَدَهُ قَصِيدَتَهُ اللّاميّةَ (بانَتْ سُعادُ) فَعَفا عَنْهُ النّبيُّ وَأَعْطاهُ بُردَتَهُ، وَقَدْ حَظِيَتْ هذِهِ القَصِيدَةُ بِاهْتِمامٍ كَبِيرٍ، عاشَ كَعْبٌ حَتَّى خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَماتَ نَحْوَ سَنَةِ 26هـ.