
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَلَا بَكَــرَتْ عِرْســِي تَلُـومُ وتَعْـذُلُ
وَغَيْـرُ الَّـذِي قَـالَتْ أَعَـفُّ وَأَجْمَـلُ
وَلَمَّــا رَأَتْ رَأْســِي تَبَـدَّلَ لَـوْنُهُ
بَياضـاً عَـنِ اللَّوْنِ الَّذي كانَ أَوَّلُ
أَرَنَّتْ مِنَ الشَّيْبِ العَجِيبِ الَّذِي رَأَتْ
وَهَـلْ أَنْـتِ مِنِّـي وَيْـبَ غَيْرِكِ أَمْثَلُ
كِلَانــا عَلَتْــهُ كُبْــرَةٌ فَكَأَنَّمــا
رَمَتْـهُ سـِهامٌ فـي المَفَـارِقِ نُصـَّلُ
وَقَـدْ أَشـْهَدُ الكَـأْسَ الرَّوِّيَةَ لَاهِياً
أُعَـلُّ قُبَيْـلَ الصـُّبْحِ مِنْهـا وَأَنْهَلُ
يُنازِعُنِيهــا لَيِّــنٌ غَيْــرُ فـاحِشٍ
مُبــادِرُ غايــاتِ التِّجـارِ مُعَـذَّلُ
إِذَا غَلَبَتْــهُ الكَــأْسُ لَا مُتَعَبَّــسٌ
حَصــُورٌ وَلَا مِــنْ دُونِهــا يَتَبَسـَّلُ
وَلَيْـسَ خَلِيلِـي بِـالْمَلُولِ وَلَا الَّذِي
يَلُـومُ عَلَـى البُخْلِ البَخِيلَ وَيَبْخَلُ
لَنَـا حاجَـةٌ في صَرْحَةِ الحَيِّ بَعْدَما
بَـدَا لَهُـمْ أَنْ يَظْعَنُـوا فَتَحَمَّلُـوا
نَشـَاوَى نَـدِيمُ الكَـأْسِ مِنَّـا مُرَنَّحٌ
وَعِيــسٌ مُناخــاتٌ عَلَيْهِــنَّ أَرْحُـلُ
وَحَجْــلٌ سـَلِيمٌ قَـدْ كَشـَفْنا جِلَالَـهُ
وَآخَــرُ فـي أَنْضـاءِ مِسـْحٍ مُسـَرْبَلُ
وَصــَرْماءَ مِــذْكارٍ كَــأَنَّ دَوِيَّهـا
بُعَيْـدَ جَنـانِ اللَّيْـلِ مِمَّـا يُخَيَّـلُ
حَــدِيثُ أَناســِيٍّ فَلَمَّــا ســَمِعْتُهُ
إِذا لَيْـسَ فِيـهِ مـا أَبِيـنُ فَأَعْقِلُ
قَطَعْــتُ يُمَاشــِينِي بِهـا مُتَضـائِلٌ
مِـنَ الطُّلْـسِ أَحْيانـاً يَخُـبُّ وَيَعْسِلُ
يُحِـبُّ دُنُـوَّ الإِنْـسِ مِنْـهُ وَمَـا بِـهِ
إِلَـى أَحَـدٍ يَوْمـاً مِـنَ الإِنْسِ مَنْزِلُ
تَقَـرَّبَ حَتَّـى قُلْـتُ لَـمْ يَـدْنُ هَكَذا
مِــنَ الإِنْــسِ إِلَّا جاهِـلٌ أَوْ مُضـَلَّلُ
مَدَى النَّبْلِ تَغْشانِي إِذَا ما زَجَرْتُهُ
قُشـَعْرِيرَةٌ مِـنْ وَجْهِـهِ وَهْـوَ مُقْبِـلُ
إِذا مَا عَوَى مُسْتَقْبِلَ الرِّيحِ جاوَبَتْ
مَسـَامِعُهُ فـاهٌ عَلَـى الـزَّادِ مُعْوِلُ
كَسـُوبٌ إِلَـى أَنْ شـَبَّ مِنْ كَسْبِ واحِدٍ
مُحـــالِفُهُ الإِقْتـــارُ لا يَتَمَــوَّلُ
كَـأَنَّ دُخَـانَ الرِّمْـثِ خـالَطَ لَـوْنَهُ
يُغَــلُّ بِــهِ مِــنْ بــاطِنٍ وَيُجَلَّـلُ
بَصـِيرٌ بِأَدْغـالِ الضـَّراءِ إِذَا خَدا
يَعِيــلُ وَيَخْفَـى بِالجَهَـادِ وَيَمْثُـلُ
تَــراهُ سـَمِيناً مـا شـَتا وَكَـأَنَّهُ
حَمِـيٌّ إِذا مـا صـافَ أَوْ هُـوَ أَهْزَلُ
كـــأَنَّ نَســـاهُ شــِرْعَةٌ وَكَــأَنَّهُ
إِذَا مـا تَمَطَّـى وِجْهَةَ الرِّيحِ مَحْمَلُ
وَحَمْــشٌ بَصــِيرُ المُقْلَتَيْـنِ كَـأَنَّهُ
إِذَا مـا مَشَى مُسْتَكْرِهَ الرِّيحِ أَقْزَلُ
يَكَـادُ يَـرَى مـا لَا تَرَى عَيْنُ وَاحِدٍ
يُثِيـرُ لَـهُ مـا غَيَّـبَ التُّرْبُ مِعْوَلُ
إِذا حَضـَرَانِي قُلْـتُ لَـوْ تَعْلَمـانِهِ
أَلَـمْ تَعْلَمـا أَنِّي مِنَ الزَّادِ مُرْمِلُ
غُــرَابٌ وَذِئْبٌ يَنْظُــرانِ مَتَـى أَرَى
مُنــاخَ مَبِيــتٍ أَوْ مَقِيلاً فَــأَنْزِلُ
أَغَـارَا عَلَـى مـا خَيَّلَـتْ وَكِلاهُمـا
سـَيُخْلِفُهُ مِنِّـي الَّـذِي كَـانَ يَأْمَـلُ
كَــأَنَّ شـُجَاعَيْ رَمْلَـةٍ دَرَجـا مَعـاً
فَمَــرَّا بِنـا لَـوْلَا وُقُـوفٌ وَمَنْـزِلُ
فَلَــمْ يَجِــدا إِلَّا مَنــاخَ مَطِيَّــةٍ
تَجَــافَى بِهـا زَوْرٌ نَبِيـلٌ وَكَلْكَـلُ
وَمَضـْرَبُها تَحْـتَ الحَصـَى بِجِرانِهـا
وَمَثْنَـى نَـوَاجٍ لَـمْ يَخُنْهُـنَّ مَفْصـِلُ
وَأَتْلَــعَ يُلْــوَى بِالجَـدِيلِ كَـأَنَّهُ
عَســِيبٌ سـَقاهُ مِـنْ سـُمَيْحَةَ جَـدْوَلُ
وَمَوْضــِعَ طَــولِيٍّ وَأَحْنــاءَ قـاتِرٍ
يَئِطُّ إِذا مـا شـُدَّ بِالنَّسـْعِ مِنْ عَلُ
وَســُمْرٌ ظِمــاءٌ واتَرَتْهُـنَّ بَعْـدَما
مَضـَتْ هَجْعَـةٌ مِـنْ آخِـرِ اللَّيْلِ ذُبَّلُ
سـَفَى فَـوْقَهُنَّ التُّـرْبَ ضـافٍ كَـأَنَّهُ
عَلَـى الفَـرْجِ وَالحاذَيْنِ قِنْوٌ مُذَلَّلُ
وَمُضـْطَمِرٌ مِـنْ خاشـِعِ الطَّـرْفِ خائِفٌ
لِمَـا تَضـَعُ الأَرْضُ القَـواءُ وَتَحْمِـلُ
أَنَخْــتُ قَلُوصــِي وَاكْتَلَأْتُ بِعَيْنِهـا
وَآمَــرْتُ نَفْســِي أَيَّ أَمْـرَيَّ أَفْعَـلُ
أَأَكْلَؤُهــا خَـوْفَ الحَـوادِثِ إِنَّهـا
تَرِيــبُ عَلَـى الإِنْسـانِ أَمْ أَتَوَكَّـلُ
فَأَقْسـَمْتُ بِـالرَّحْمَنِ لَا شـَيْءَ غَيْـرَهُ
يَمِيــنَ امْرِىــءٍ بَــرٍّ وَلَا أَتَحَلَّـلُ
لَأَسْتَشــْعِرَنَّ أَعْلَـى دَرِيسـَيَّ مُسـْلِماً
لَـوَجْهِ الَّـذِي يُحْيِـي الأَنَامَ وَيَقْتُلُ
هُوَ الْحافِظُ الوَسْنانَ بِاللَّيْلِ مَيِّتاً
عَلَـى أَنَّـهُ حَـيٌّ مِـنَ النَّـوْمِ مُثْقَلُ
مِنَ الأَسْوَدِ السَّارِي وَإِنْ كَانَ ثَائِراً
عَلَـى حَـدِّ نـابَيْهِ السِّمامُ المُثَمَّلُ
فَلَمَّـا اسـْتَدارَ الفَرْقَدانِ زَجَرْتُها
وَهَــبَّ ســِماكٌ ذُو ســِلاحٍ وَأَعْــزَلُ
فَحَطَّـتْ سـَرِيعاً لَـمْ يَخُنْها فُؤادُها
وَلَا عَيْنُهـا مِـنْ خَشْيَةِ السَّوْطِ تَغْفُلُ
يُقَطِّــعُ سـَيْرَ النَّاعِجـاتِ ذَمِيلُهـا
نَجـاءً إِذَا اخْتَـبَّ النَّجاءُ المُعَوَّلُ
مُنَفَّجَــةُ الــدَّفَّيْنِ طُيِّــنَ لَحْمُهـا
كَمَا طُيِّنَ بِالضَّاحِي مِنَ اللِّبْنِ مِجْدَلُ
وَدَفٌّ لَهــا مِثْـلُ الصـَّفاةِ وَمِرْفَـقٌ
عَـنِ الـزَّوْرِ مَفْتُولُ المُشَاشَةِ أَفْتَلُ
وَســَالِفَةٌ رَيَّــا يُبَــلُّ جَــدِيلُها
إِذَا مـا عَلَاهـا ماؤُهـا الْمُتَبَـزِّلُ
وَصــافِيَةٌ تَنْفِـي القَـذَاةَ كَأَنَّهـا
عَلَـى الأَيْـنِ يَجْلُوهـا جِلاءٌ وَتُكْحَـلُ
فَمَـنْ لِلقَـوَافِي شَانَها مَنْ يَحُوكُها
إِذَا مـا ثَـوَى كَعْـبٌ وَفَـوَّزَ جَـرْوَلُ
يَقُــولُ فَلَا يَعْيــا بِشـَيْءٍ يَقُـولُهُ
وَمِـنْ قَائِلِيهـا مَـنْ يُسـِيءُ وَيَعْمَلُ
يُقَوِّمُهــا حَتَّــى تَقُــومَ مُتُونُهـا
فَيَقْصــُرُ عَنْهــا كُـلُّ مـا يُتَمَثَّـلُ
كَفَيْتُـكَ لَا تَلْقَـى مِنَ النَّاسِ شَاعِراً
تَنَخَّــلَ مِنْهــا مِثْـلَ مَـا أَتَنَخَّـلُ
كَعْبُ بنُ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، مِنْ قَبِيلَةِ مُزَينَةَ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ وَمِنْ الشُّعَراءِ الفُحُولُ المُتَقَدِّمِينَ، وَضَعَهُ ابنُ سَلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ مِنْ طَبَقاتِهِ، وَهُوَ صَحابِيٌّ قِصَّةُ إِسْلامِهِ مَشْهُورَةٌ، فَقَدْ أَهْدَرَ النَّبِيُّ دَمَهُ لِهَجائِهِ الإِسْلامَ وَالمُسْلِمِينَ، فَجاءَ إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعتذِراً وَأَنْشَدَهُ قَصِيدَتَهُ اللّاميّةَ (بانَتْ سُعادُ) فَعَفا عَنْهُ النّبيُّ وَأَعْطاهُ بُردَتَهُ، وَقَدْ حَظِيَتْ هذِهِ القَصِيدَةُ بِاهْتِمامٍ كَبِيرٍ، عاشَ كَعْبٌ حَتَّى خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَماتَ نَحْوَ سَنَةِ 26هـ.