
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
غَشــِيتُ دِيَـاراً بِـالنَّقِيعِ فَثَهْمَـدِ
دَوَارِسَ قَـدْ أَقْـوَيْنَ مِـنْ أُمِّ مَعْبَـدِ
أَرَبَّــتْ بِهَــا الْأَرْوَاحُ كُـلَّ عَشـِيَّةٍ
فَلَــمْ يَبــقَ إِلَّا آلُ خَيْــمٍ مُنَضـَّدِ
وَغَيْـــرُ ثَلَاثٍ كَالْحَمَــامِ خَوَالِــدٍ
وَهَـــابٍ مُحِيــلٍ هَامِــدٍ مُتَلَبِّــدِ
فَلَمَّــا رَأَيْــتُ أَنَّهَـا لَا تُجِيبُنِـي
نَهَضـْتُ إِلَـى وَجْنَـاءَ كَالْفَحْلِ جَلْعَدِ
جُمَالِيَّـةٌ لَـمْ يُبْـقِ سـَيْرِي وَرِحْلَتِي
عَلَـى ظَهْرِهَـا مِـنْ نَيِّهَا غَيْرَ مَحْفِدِ
مَتَــى مَـا تُكَلِّفْهَـا مَآبَـةَ مَنْهَـلٍ
فَتُسـْتَعْفَ أَوْ تُنْهَـكْ إِلَيْـهِ فَتَجْهَـدِ
تَـرِدْهُ وَلَمَّـا يُخْـرِجِ السَّوْطُ شَأْوَهَا
مَرُوحـاً جَنُـوحَ اللَّيْلِ نَاجِيَةَ الْغَدِ
كَهَمِّــكَ إِنْ تَجْهَـدْ تَجِـدْهَا نَجِيحَـةً
صـَبُوراً وَإِنْ تَسـْتَرْخِ عَنْهَـا تَزَيَّـدِ
وَتَنْضــِحُ ذِفْرَاهَــا بِجَــوْنٍ كَـأَنَّهُ
عَصـِيمُ كُحَيْـلٍ فِـي الْمَرَاجِـلِ مُعْقَدِ
وَتُلْــوِي بِرَيَّــانِ الْعَسـِيبِ تُمِـرُّهُ
عَلَـى فَـرْجِ مَحْـرُومِ الشـَّرَابِ مُجَدَّدِ
تُبَــادِرُ أَغْــوَالَ الْعَشـِيِّ وَتَتَّقِـي
عُلَالَــةَ مَلْــوِيٍّ مِـنَ الْقِـدِّ مُحْصـَدِ
كَخَنْســَاءَ ســَفْعَاءِ الْمَلَاطِـمِ حُـرَّةٍ
مُســـَافِرَةٍ مَـــزْؤُودَةٍ أُمِّ فَرْقَــدِ
غَــدَتْ بِســِلَاحٍ مِثْلُــهُ يُتَّقَـى بِـهِ
وَيُــؤْمِنُ جَـأْشَ الْخَـائِفِ الْمُتَوَحِّـدِ
وَسـَامِعَتَيْنِ تَعْـرِفُ الْعِتْـقَ فِيهِمَـا
إِلَـى جَـذْرِ مَـدْلُوكِ الْكُعُـوبِ مُحَدَّدِ
وَنَـــاظِرَتَيْنِ تَطْحَــرَانِ قَــذَاهُمَا
كَأَنَّهُمَـــا مَكْحُولَتَـــانِ بِإِثْمِــدِ
طَبَاهَــا ضــَحَاءٌ أَوْ خَلَاءٌ فَخَـالَفَتْ
إِلَيْـهِ السـِّبَاعُ فِـي كِنَـاسٍ وَمَرْقَدِ
أَضـَاعَتْ فَلَـمْ تُغْفَـرْ لَهَا خَلَوَاتُهَا
فَلَاقَــتْ بَيَانـاً عِنْـدَ آخِـرِ مَعْهَـدِ
دَمـاً عِنْـدَ شِلْوٍ تَحْجُلُ الطَّيْرُ حَوْلَهُ
وَبَضــْعَ لِحَــامٍ فِـي إِهَـابٍ مُقَـدَّدِ
وَتَنْفُــضُ عَنْهَـا غَيْـبَ كُـلَّ خَمِيلَـةٍ
وَتَخْشـَى رُمَـاةَ الْغَوْثِ مِنْ كُلِّ مَرْصَدِ
فَجَــالَتْ عَلَــى وَحشـِيِّهَا وَكَأَنَّهَـا
مُســـَرْبَلَةٌ فِــي رَازِقِــيٍّ مُعَضــَّدِ
وَلَـمْ تَـدْرِ وَشْكَ الْبَيْنِ حَتَّى رَأَتْهُمُ
وَقَـدْ قَعَـدُوا أَنْفَاقَهَـا كُـلَّ مَقْعَدِ
وَثَـارُوا بِهَا مِنْ جَانِبَيْهَا كِلَيْهِمَا
وَجَـالَتْ وَإِنْ يُجْشـِمْنَهَا الشَّدَّ تَجْهَدِ
تَبُـذُّ الْأُلَـى يَأْتِينَهَـا مِنْ وَرَائِهَا
وَإِنْ تَتَقَــدَّمْهَا الســَّوَابِقُ تَصـْطَدِ
فَأَنْقَـذَهَا مِـنْ غَمْـرَةِ الْمَوْتِ أَنَّهَا
رَأَتْ أَنَّهَـا إِنْ تَنْظُـرِ النَّبْلَ تُقْصَدِ
نَجَــاءٌ مُجِــدٌّ لَيْـسَ فِيـهِ وَتِيـرَةٌ
وَتَــذْبِيبُهَا عَنْهَـا بِأَسـْحَمَ مِـذُوَدِ
وَجَــدَّتْ فَــأَلْقَتْ بَيْنَهُـنَّ وَبَيْنَهَـا
غُبَـاراً كَمَـا فَـارَتْ دَوَاجِـنُ غَرْقَدِ
بِمُلْتَئِمَــاتٍ كَالْخَــذَارِيفِ قُـوبِلَتْ
إِلَـى جَوْشـَنٍ خَـاظِي الطَّرِيقَةِ مُسْنَدِ
إِلَــى هَــرِمٍ تَهْجِيرُهَـا وَوَسـِيجُهَا
تَـرُوحُ مِـنَ اللَّيْلِ التَّمَامِ وَتَغْتَدِي
إِلَـى هَـرِمٍ سـَارَتْ ثَلَاثاً مِنَ اللِّوَى
فَنِعْــمَ مَسـِيرُ الْوَاثِـقِ الْمُتَعَمِّـدِ
ســَوَاءٌ عَلَيْــهِ أَيَّ حِيــنٍ أَتَيْتَـهُ
أَســَاعَةَ نَحْــسٍ تُتَّقَـى أَمْ بِأَسـْعُدِ
أَلَيْــسَ بِضــَرَّابِ الْكُمَـاةِ بِسـَيْفِهِ
وَفَكَّــاكِ أَغْلَالِ الْأَســِيرِ الْمُقَيَّــدِ
كَلَيْـثٍ أَبِـي شـِبْلَيْنِ يَحْمِـي عَرِينَهُ
إِذَا هُــوَ لَاقَـى نَجْـدَةً لَـمْ يُعَـرِّدِ
وَمِــدْرَهُ حَـرْبٍ حَمِيُهَـا يُتَّقَـى بِـهِ
شـَدِيدُ الرِّجَـامِ بِاللِّسـَانِ وَبِالْيَدِ
وَثِقْــلٌ عَلَـى الْأَعْـدَاءِ لَا يَضـَعُونَهُ
وَحَمَّــالُ أَثْقَـالٍ وَمَـأْوَى الْمُطَـرَّدِ
أَلَيْــسَ بِفَيَّــاضٍ يَــدَاهُ غَمَامَــةٌ
ثِمَـالِ الْيَتَـامَى فِي السِّنِينَ مُحَمَّدِ
إِذَا ابْتَـدَرَتْ قَيْـسُ بْنُ عَيْلَانَ غَايَةً
مِـنَ الْمَجْـدِ مَنْ يَسْبِقْ إِلَيْهَا يُسَوَّدِ
ســَبَقْتَ إِلَيْهَــا كُـلَّ طَلْـقٍ مُبَـرِّزٍ
سـَبُوقٍ إِلَـى الْغَايَـاتِ غَيْـرَ مُجَلَّدِ
كَفَضـْلِ جَوَادِ الْخَيْلِ يَسْبِقُ عَفْوُهُ ال
سـِرَاعَ وَإِنْ يَجْهَـدْنَ يَجْهَـدْ وَيَبْعُـدِ
تَقِــيٌّ نَقِــيٌّ لَــمْ يُكَثِّـرْ غَنِيمَـةً
بِنَهْكَـــةِ ذِي قُرْبَــى وَلَا بِحَقَلَّــدِ
سـِوَى رُبُـعٍ لَـمْ يَـأْتِ فِيـهِ مَخَانَةً
وَلَا رَهَقــاً مِــنْ عَــائِذٍ مُتَهَــوِّدِ
يَطِيــبُ لَــهُ أَوِ افْتِـرَاصٍ بِسـَيْفِهِ
عَلَــى دَهَــشٍ فِــي عَـارِضٍ مُتَوَقِّـدِ
فَلَوْ كَانَ حَمْدٌ يُخْلِدُ النَّاسَ لَمْ تَمُتْ
وَلَكِـنَّ حَمْـدَ النَّـاسِ لَيْـسَ بِمُخْلِـدِ
وَلَكِــنَّ مِنْــهُ بَاقِيَــاتٍ وِرَاثَــةً
فَــأَوْرِثْ بَنِيــكَ بَعْضــَهَا وَتَـزَوَّدِ
تَـزَوَّدْ إِلَـى يَـوْمِ الْمَمَـاتِ فَـإِنَّهُ
وَلَـوْ كَرِهَتْـهُ النَّفْـسُ آخِـرُ مَوْعِـدِ
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.