
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
الحَمــدُ لِلَّــهِ المُعيـدِ المُبـدي
حَمـداً كَـثيراً وُهـوَ أُهـلُ الحَمـدِ
ثُــــمَّ الصــــَلاةُ أَوَّلاً وَآخِـــرا
عَلــى النَبِــيِّ باطِنــاً وَظـاهِرا
يـا سـائِلي عَـن اِبتِـداءِ الخَلـقِ
مَســأَلَةَ القاصــِدِ قَصــدَ الحَــقِّ
أَخبَرَنـــي قَــومٌ مِــن الثِقــاتِ
أولـــو عُلـــومٍ وَأولــو هَيئآتِ
تَقَـــدَّموا فـــي طَلَــبِ الآثــارِ
وَعَرَفــــوا حَقـــائِقَ الأَخبـــارِ
وَفَهِمـــوا التَـــوراةَ وَالإِنجيلا
وَأَحكَمــوا التَنزيـلَ وَالتَـأويلا
أَنَّ الَّـــذي يَفعَــلُ مــا يَشــاءُ
وَمَـــن لَــهُ العِــزَّةُ وَالبَقــاءُ
أَنشــــَأَ خَلــــقَ آدَمٍ إِنشـــاءَ
وَقَـــدَّ مِنـــهُ زَوجَـــهُ حَـــواءَ
مُبتَــدِئاً ذلِــكَ يَــومَ الجُمعَــهْ
حَتّــى إِذا أَكمَــلَ مِنــهُ صــُنعَهْ
أَســــكَنَهُ وَزَوجَـــهُ الجِنانـــا
فَكــانَ مِــن أَمرِهِمـا مـا كانـا
غَرَّهُمــا إِبليــسُ فَــاِغتَرّا بِــهِ
كَمــا أَبــانَ اللَـهُ فـي كِتـابِهِ
دَلّاهُمــا المَلعــونُ فيمـا صـَنَعا
فَأُهبِطــا مِنهـا إِلـى الأَرضَ مَعـا
فَوَقَـــعَ الشـــَيخُ أَبونـــا آدَمْ
بِجَبَــلٍ فـي الهِنـدِ يُـدعى واسـِمْ
لَبَئســَما اِعتــاضَ عَــن الجِنـانِ
وَعَــن جِــوارِ المَلِــكِ المَنّــانِ
وَالضــَعفُ مِــن خَليقَــةِ الإِنسـانِ
لا ســـِيَّما فـــي أَوَّلِ الزَمـــانِ
مـا لَبِثـا في الفَوزِ يَوماً واحِدا
حَتّـى اِستَعاضـا مِنـهُ جُهداً جاهِدا
فَشــــَقيا وَوَرَّثــــا الشـــَقاءَ
أَبناهُمـــا وَالهَـــمَّ وَالعَنــاءَ
وَلَــم يَـزَل مُسـتَغفِراً مِـن ذَنبِـهِ
حَتّـــى تَلَقّـــى كَلِمـــاتِ رَبِّــهِ
فَـــأمِنَ الســـَخطَةَ وَالعِقابـــا
وَاللَــهُ تَــوّابٌ عَلـى مَـن تابـا
ثُــمَّ اِســتَمَلّا وَأَحَبّــا النَســلا
فَحَمَلَــــت حَـــوّاءُ مِنـــهُ حَملا
وَوَضــَعَت إِبنــاً وَبِنتــاً تَوأَمـا
فَســـُرَّ لَمّـــا ســـَلِمَت وَســَلِما
وَاِقتَنيــا الإِبــنَ فَسـُمِّيَ قايِنـا
وَعايَنــا مِـن أَمـرِهِ مـا عايَنـا
ثُــــمَّ أَغَبَّــــت بَعـــدَهُ قَليلا
فَوَضــــَعَت مُتئِمَــــةً هـــابيلا
فَشـــَبَّ هابيـــلُ وَشـــَبَّ قــايِنُ
وَلَـــم يَكُــن بَينَهُمــا تَبــايُنُ
فَقَرَّبــــا لِحاجَــــةٍ قُربانـــا
وَخَضــــَعا لِلَّــــهِ وَاِســـتَكانا
فَقُبِــلَ القُربــانُ مِــن هابيــلِ
وَلَـــم يَفُــز قــايِنُ بِــالقُبولِ
فَثــارَ لِلحيــنِ الَّـذي حُيِّـنَ لَـهْ
إِلـــى أَخيــهِ ظالِمــاً فَقَتَلَــهْ
ثُـــمَّ اِســـتَفَزَّ أُختَــهُ فَهَرَبــا
وَفارَقــا أُمّــاً أَلوفــاً وَأَبــا
فَبَعَـــدَت دارُهُمـــا مِـــن دارِهِ
وَزَهَــدا فـي الخَيـرِ مِـن جِـوارِهِ
فَـــأَخلَفَ اللَــهُ عَلَيــهِ شــيثا
وَلَــم يَــزَل بِــاللَهِ مُســتَغيثا
حَتّــــى إِذا أَحَـــسَّ بِالحِمـــامِ
وَذاكَ بَعـــدَ ســَبع ميــة عــامِ
كـانَت إِلـى شـيثَ اِبنِـهِ الوَصـِيَّهْ
وَلَيـــسَ شــَيءٌ يعجــزُ المَنِيِّــهْ
أَنِ اِعبُــدِ اللَـهَ وَجـانِب قايِنـا
وَكُـــن لَـــهُ وَنَســلِهِ مُبايِنــا
فَلَــم يَــزَل شـيثُ عَلـى الإيمـانِ
مُعتَصــــِماً بِطاعَـــةِ الرَحمـــنِ
يَحفَــظُ مــا أَوصــى بِــهِ أَبـوهُ
لا يَتَخَطّــــــاهُ وَلا يَعــــــدوهُ
حَتّــى إِذا مــا حَضــرَت وَفــاتُهُ
وَخـــافَ أَن يَفجَـــأَهُ ميقـــاتُهُ
أَوصـــى أَنوشــاً وَأَنــوشٌ كَهــلُ
بِمِثــلِ مــا أَوصــى أَبـوهُ قَبـلُ
فَلَــم يَــزَل أَنـوشُ يَقفـو أَثَـرَهْ
لا يَتَعَــدّى جاهِــداً مــا أَمَــرَهْ
تَــــمَّ تَلاهُ إِبنُــــهُ قينــــانُ
وَقَــــولُهُ وَفِعلُــــهُ الإيمـــانُ
ثُــــمَّ تَلا قينــــانَ مَهلائيـــلُ
فَســَنَّ مــا ســَنَّت لَــهُ الكُهـولُ
ثُـــمَّ اِســـتَقَلَّ بِــالأُمورِ يَــردُ
اخنــوخ وَهـوَ فـي العُلـومِ فَـردُ
وَكـــانَ فـــي زَمــانِهِ يوئيــلُ
الخـــالِعُ المُضـــلِّلُ الضـــِلّيلُ
أَوَّلُ مَــــن تَتَبَّـــعَ المَلاهِيـــا
وَأَظهَـــرَ الفَســادَ وَالمَعاصــيا
وَكــانَ مِــن نَسـلِ الغَـوِيِّ قـاينِ
وَغَيــرُ بِــدعٍ خــايِنٌ مِـن خـايِنِ
فَــاِغتَرَّ مِــن أَولادِ شـيثٍ عالَمـا
حَتّـى عَصـَوا وَاِنتَهَكـوا المَحارِما
وَخــــالَفوا وَصــــِيَّةَ الآبـــاءِ
وَاِفتَتَنــوا بِــاللَهوِ وَالنِســاءِ
وَلَــم يَــزَل يـارِدُ يَـألو قَـومَهُ
نُصــحاً وَكــانوا يُكثِـرونَ لَـومَهُ
حَتّــى إِذا مــاتَ اِســتَقَلَّ بَعـدَهُ
إِدريــسُ بِــالأَمرِ فَــأَورى زِنـدَهُ
وَهُــوَ حَنــوخ بِالبَيــانِ أَعجَمـا
صـــَلّى عَلَيـــهِ رَبُّنــا وَســَلَّما
أَوَّلُ مَبعـــوثٍ إِلـــى العِبـــادِ
وَآمِــــرٍ بِـــالخَيرِ وَالرَشـــادِ
وَأَوَّلُ النـــاسِ قَـــرا وَكَتَبـــا
وَعَلِـــمَ الحِســابَ لَمَّــا حَســَبا
فَلَــم يُطِعــهُ أَحَــدٌ مِــن أَهلِـهِ
وَاِختَلَطـــوا بِقـــايِنٍ وَنَســـلِهِ
فَرَفَـــعَ اللَـــهُ إِلَيــهِ عَبــدَهُ
مِـن بَعـدِ ما اِختارَ المَقامَ عِندَهُ
وَصــــارَ مَتوشـــَلَخٌ مُســـتَخلَفا
مِـن بَعـدِ إِدريـسَ النَبِيِّ المُصطَفى
فَحَــذَّرَ النــاسَ عَــذاباً نـازِلا
فَلَـم يَجِـد فـي الأَرضِ مِنهُم قابِلا
غَيــرَ اِبنِـهِ لَمـكٍ فَأَوصـى لَمكـا
وَصـــِيَّةً كـــانَت تُقــىً وَنُســكا
فَــــوَعَظَ النــــاسَ فَخـــالَفوهُ
وَنَفــــروا عَنــــهُ وَفـــارَقوهُ
فَأَرســَلَ اللَــهُ إِلَيهِــم نوحــا
عَبـــداً لِمَــن أَرســَلَهُ نَصــوحا
فَعــاشَ أَلفـاً غَيـرَ خَمسـينَ سـَنَهْ
يَـدعو إِلـى اللَـهِ وَتَمضي الأَزمِنَهْ
يَــدعوهُمُ ســِرّاً وَيَــدعو جَهــرا
فَلَـــم يَزِدهُـــم ذاكَ إِلّا كُفــرا
وَاِنهَمَكـوا فـي الكُفـرِ وَالطُغيانِ
وَأَظهَـــروا عِبـــادَةَ الأَوثـــانِ
حَتّــى إِذا اِســتَيأَسَ أَن يُطاعــا
وَحَجَبــوا مِــن دونِــهِ الأَسـماعا
دَعــا عَلَيهِــم دَعــوَةَ البَــوارِ
مِـن بَعـدِ مـا أَبلَـغَ فـي الإِنذارِ
وَاِتَّخَـــذَ الفُلــكَ بِــأَمرِ رَبِّــهِ
حَتّـــى نَجـــا بِنَفســِهِ وَحِزبِــهِ
وَأَقبَــلَ الطوفــانُ مـاءً طاغِيـا
فَلَـم يَـدَع فـي الأَرضِ خَلقاً باقِيا
غَيـرَ الَّـذينَ اِعتَصـَموا في الفُلكِ
فَســَلِموا مِــن غَمَــراتِ الهُلــكِ
وَكـــانَ هـــذا كُلُّـــهُ فــي آبِ
قَبـلَ اِنتِصـافِ الشـَهرِ في الحِسابِ
فَعَزَمـوا عِنـدَ اِقتِـرابِ المَعمَعَـهْ
أَن يَركَبوا الفُلكَ وَأَن يَنجوا مَعَهْ
وَكــانَ مِــن أَولادِ نــوحٍ واحِــدُ
مُخـــــالِفٌ لِأَمــــرِهِ مُعانِــــدُ
فَبــادَ فيمَــن بـادَ مِـن عِبـادِهِ
وَســـَلِمَ البـــاقونَ مِــن أَولادِهِ
ســامٌ وَحــامٌ وَالصـَغيرُ الثـالِثُ
وَهُـوَ فـي التَـوراةِ يُـدعى يـافِثُ
فَــأَكثَرُ البيضــانِ نَســلُ ســامِ
وَأَكثَــرُ الســودانِ نَســلُ حــامِ
وَيـــافِثٌ فـــي نَســلِهِ عَجــائِبُ
يَـــأجوجُ وَالأَتــراكُ وَالصــَقالِبُ
وَمِــن بَنــي سـامِ بـنِ نـوحٍ إِرَمُ
وَاَرْفَخْشــــــَدٌ وَلاوِذٌ وَغَيلَـــــمُ
فَكَثُــرَت مِــن بَعــدِ نــوحٍ عـادُ
وَشــاعَ مِنهــا العَيـثُ وَالفَسـادُ
وَعــادُ مِــن أَولادِ عـوصِ بـنِ إِرَمْ
وَمِــن بَنــي عــوصٍ جَـديسٌ وَطَسـَمْ
فَأَرســَلَ اللَــهُ إِلَيهِــم هــودا
فَجَـــرَّدَ الحَــقَّ لَهُــم تَجريــدا
فَعانَـــدوهُ شـــَرَّ مـــا عِنــادِ
وَاِنهَمَكـوا فـي الكُفـرِ وَالإِلحـادِ
فَقــالَ يــا رَبِّ أَعِــزَّ القَطــرا
عَنهُــم فَعَــدّاهُم ســِنينَ عَشــرا
وَأَرســَلَ الريــحَ عَلَيهِـم عاصـِفا
فَلَــم تَـدَع مِـن آلِ عـادٍ طائِفـا
وَكـــانَ وَفــدٌ مِنهُــم ســَبعونا
ســاروا إِلــى مَكَّــةَ يَســتَقونا
فَـــاِبتَهَلوا وَرَفَعــوا أَيــديهِمُ
وَكــانَ لُقمــانُ بـنُ عـادٍ مِنهُـمُ
فَســـَأَلَ البَقـــاءَ وَالتَعميــرا
فَعــاشَ حَتّــى أَهلَــكَ النُســورا
وَوافَقَــــت دَعــــوَتُهُ إِجـــابَهْ
إِذ لَــم يَكُــن بِمُرتَــضٍ أَصـحابَهْ
وَأَثمَـــرَت ثَمـــودُ بَعــدَ عــادِ
فَســَكَنَت حِجــراً وَبَطــنَ الـوادي
فَأَرســَلَ اللَــهُ إِلَيهِــم صـالِحا
فَـتىً حَـديثَ السـِنِّ مِنهُـم راجِحـا
فَلَـم يَـزَل يَـدعوهُمُ حَتّـى اِكتَهَـلْ
وَلَــم يُجِبــهُ مِنهُــمُ إِلّا الأَقَــلْ
وَأَحضــــَروهُ صــــَخرَةً مَلســـاءَ
وَقــالوا أَخلِـص عِنـدَها الـدُعاءَ
فَهَــل لِمَــن تَعبُــدُهُ مِـن طـاقَهْ
أَن تَتَشــَظّى وَلَــداً عَــن نــاقَهْ
فَــاِنفَلَقَت حَتّــى بَــدا زَجيلُهـا
عَــن ناقَــةٍ يَتبَعُهــا فَصــيلُها
فَعَقَـــروا الناقَـــةَ لِلشـــَقاءِ
فَعـــاجَلَتهُم صـــَيحَةُ الفَنـــاءِ
فَتِلــكَ حِجــرٌ مِـن ثَمـودٍ خـالِيَهْ
فَهَـل تَـرى فـي الأَرضَ مِنهُم باقِيَهْ
ثُــمَّ اِصــطَفى رَبُّــكَ إِبراهيمــا
فَلَــم يَــزَل فــي خَلقِـهِ رَحيمـا
فَكــانَ مِــن إِخلاصــِهِ التَوحيـدا
أَن هَجَـــرَ القَريــبَ وَالبَعيــدا
وَشـــَرَعَ الشـــَرائِعَ الحِســـانا
وَكَســـَرَ الأَصـــنامَ وَالأَوثانـــا
وَقـــالَ لـــوطٌ إِنَّنــي مُهــاجِرُ
وَبِالَّـــذي يَــأمُرُ قَــومي آمِــرُ
مــا قَــد تَـوَلّى شـَرحَهُ القُـرآنُ
وَفــي القُـرانِ الصـِدقُ وَالبَيـانُ
فَشـــَكَرَ اللَــهُ لَــهُ الإيمانــا
وَخَصـــَّهُ الحُجَّـــةَ وَالبُرهانـــا
وَقَمَــعَ النُمــرودَ عــاتي دَهـرِهِ
بِحُجَـــجِ اللَـــهِ وَحُســنِ صــَبرِهِ
وَجَعَـــلَ الحِكمَـــةَ فـــي أَولادِهِ
وَاِختــارَهُم طُــرّاً عَلــى عِبـادِهِ
وَجَعَــــلَ الأَمــــرَ لِإِســــماعيلِ
فَهُـــوَ أَســـَنُّ وَلَـــدِ الخَليــلِ
وَوَلَـــدَت هـــاجَرُ قَبــلَ ســارَهْ
وَقَبلَهــــا بُلِّغَـــتِ البِشـــارَهْ
مِـــن رَبِّهـــا وَســـَمِعَت نِــداءَ
قَــد ســَمِعَ اللَــهُ لَـكِ الـدُعاءَ
وَأُســكِنَت فــي البَلَــدِ الأَميــنِ
وَشــَبَّ إِســماعيلُ فــي الحَجــونِ
وَكـــانَ يَومــاً عِنــدَهُ جِبريــلُ
وَعِنــــدَهُ النَبِـــيُّ إِســـماعيلُ
وَهــوَ صــَغيرٌ فَاِشــتَكى الظَمـاءَ
فَخَرَجَــت هــاجَرُ تَبغــي المــاءَ
فَهَمَـــزَ الأَرضَ فَجاشـــَت جَمجَمــا
تَفــورُ مِــن هَمزَتِــهِ أَنْهُـرَ مـا
وَأَقبَلَـــت هــاجَرُ لَمّــا يَئِســَت
فَراعَهــا مــا عــايَنَت فَأَبلَسـَت
وَجَعَلَــت تَبنــي لَــهُ الصـَفائِحا
لَــو تَرَكَتــهُ كـانَ مـاءً سـائِحا
وَجــاوَرَتهُم جُرهُــمٌ فــي الـدارِ
راغِبَــةً فــي الصــِهرِ وَالجِـوارِ
فَوَلَّـــدوا النِســاءَ وَالرِجــالا
خَؤولَــــةٌ شــــَرَّفَت الأَخـــوالا
وَوَطَّنــوا مَكَّــةَ دَهــراً داهِــرا
حَتّـى إِذا مـا قـارَفوا الكَبائِرا
وَبَــــدَّلوا شـــِرعَةَ إِبراهيـــمِ
وَشــَبَّهوا التَحليــلَ بِــالتَحريمِ
أَجلَتهُــمُ عَنهــا بَنــو كِنــانَهْ
فَـــدَخَلوا بِالـــذُلِّ وَالمَهــانَهْ
وَوَلــي البَيــتَ وَأَمــرَ النــاسِ
الأَكرَمـــونَ مِــن بَنــي إِليــاسِ
فَلَـــم تَــزَل شــِرعَةُ إِســماعيلِ
فـــي أَهلِــهِ واضــِحَةَ الســَبيلِ
حَتّــى اِنتَهــى الأَمـرُ إِلـى قُصـَيِّ
مُجَمِّــــعٍ خَيـــرِ بَنـــي لُـــؤَيِّ
فَســَلَّمَ النــاسُ لَــهُ المَقامــا
وَالــبيتَ وَالمَشــعَرَ وَالحَرامــا
وَصــارَتِ القــوسُ إِلــى باريهـا
وَصــــادَفَت رَمِيَّــــةٌ راميهـــا
وَإيطَنَــت فــي أَهلِهـا المَكـارِمُ
وَرُفِعَـــت لِشـــَيدِها الـــدَعائِمُ
وَوَرَّثَ الشـــَيخُ بَنيــهِ الشــَرَفا
وَكُلُّهُــم أَغنــى وَأَجــدى وَكَفــى
وَاِســمَع حَــديثَ عَمِّنــا إِسـحاقا
فَــــإِنَّني أَســــوقُهُ أَنســـاقا
جــاءَ عَلــى فَــوتٍ مِـن الشـَبابِ
وَمِئَةٍ مَــــرَّت مِــــن الأَحقـــابِ
فَأَيَّـــدَ اللَـــهُ بِـــهِ الخَليلا
وَعَضـــَدَ الصـــادِقَ إِســـماعيلا
وَعَجِبَـــت ســـارَةُ لمّــا بُشــِّرَت
بِـــهِ فَصـــَكَّت وَجهَهــا وَذُعِــرَت
قـــالَت وَأَنّــى تَلِــدُ العَجــوزُ
قيــــلَ إِذا قَـــدَّرَهُ العَزيـــزُ
وَقيــــلَ مِـــن وَرائِهِ يَعقـــوبُ
مَقالَـــةٌ لَيـــسَ لَهــا تَكــذيبُ
فَتَــمَّ وَعــدُ اللَــهِ جَــلَّ ذِكـرُهُ
وَغَلَـــبَ الأَمــرَ جَميعــاً أَمــرُهُ
فَكــانَ مِـن قِصـَّةِ يَعقـوبَ النَبِـي
مـا لَيـسَ يَخفـى ذِكـرُهُ في الكُتُبِ
قَــد أَفــرَدَ اللَـهُ بِـذاكَ سـورَهْ
مَعروفَــــةً بِيوســـِفٍ مَشـــهورَهْ
وَمـــاتَ يَعقـــوبُ بِــأَرضِ مِصــرِ
مِــن بَعــدِ تِســعٍ كَمُلَــت وَعَشـرِ
وَإِنِّمـــا طـــالَعَ مِصـــرَ زائِرا
لِيوســـِفٍ ثُـــمَّ ثَــوى مُجــاوِرا
حَتّـــى إِذا أَيقَـــنَ بِالحِمـــامِ
أَوصـــى بِــأَن يُقبَــرَ بِالشــآمِ
فَحَمَــلَ التــابوتَ حَتّــى قَبَــرَهْ
يوســُفُ بِالشـامِ عَلـى مـا أَمَـرَهْ
ثُــمَّ أَتــى مِصــرَ فَعــاشَ حِقَبـا
حَتّــى قَضــى مِـن الحَيـاةِ أَرَبـا
وَكـــانَ مِــن أُســرَتِهِ ســَبعونا
أَتــوهُ مَــع يَعقــوبَ زائِرينــا
وَكــانَ فِرعَــونُ يَليهِــم قَســرا
فَســامَهُم ســوءَ العَــذابِ دَهـرا
فَبَعَـــثَ اللَــهُ إِلَيهِــم موســى
مِــن بَعــدِ مــا قَدَّسـَهُ تَقديسـا
فَخَلَّـــصَ القَــومَ مِــن العَــذابِ
وَهُـم عَلـى مـا قيـلَ فـي الحِسابِ
سـِوى الـذَراري وَالرِجـالِ العُجـفِ
مِــن الرِجــالِ ســِتَّ مِيــةِ أَلـفِ
وَنَقَـلَ التـابوتَ ذو العَهدِ الوَفي
موسـى وَفـي التـابوتِ جِسـمُ يوسُفِ
لَـم يَثنِـهِ عَـن ذاكَ بُعـدُ العَهـدِ
وَلا الَّــذي مَــرَّ بِــهِ مِــن جُهـدِ
وَبَينَهُــم إِحــدى وَخَمســونَ سـَنَه
وَمِئَةٍ كامِلَــــــةٍ مُمتَحَنَــــــه
وَمَكَثــوا فــي الـتيهِ أَربَعينـا
وَلَــم يَعيشــوا مِثلَهــا سـِنينا
وَمـاتَ هـارونُ بـنُ عِمـرانَ النَبِي
مِـن قَبـلِ موسـى فـي مَنـامٍ طَيِّـبِ
وَقيــلَ مــا أُخِّــرَ عَــن أَخيــهِ
إِلّا لِأَمــرٍ قَــد قُضـِي فـي الـتيهِ
ثُــمَّ تَنَبّــا يوشــَعُ بــنُ نــونِ
وَصــِيُّ موســى الصــادِقِ الأَميــنِ
فَخـــاضَ بَحـــرَ أُردُنَ العَميقــا
وَجَعَـــلَ البَحـــرَ لَــهُ طَريقــا
وَحَرَقَــت مَــن خــانَ فـي أَريحـا
وَفَتَـــحَ اللــهُ بــهِ الفُتوحــا
وَقـــالَ لِلشــَمسِ قِفــي فَــوَقَفَت
وَرَدَّهــا مِــن قَصــدِها فَاِنصـَرَفَت
وَذَلَّـــلَ المُلـــوكَ حَتّــى ذَلَّــتِ
وَقُلِّلَـــت فـــي عَينِـــهِ فَقَلَّــتِ
وَأَســكَنَ الشــامَ بَنـي اِسـرائيلِ
وَعـداً مِـن الرَحمـنِ فـي التَنزيلِ
ثُـــمَّ تَنَبّـــا وَقَفـــاهُ كَــالِبُ
وَقـــالَ لِلأَســباطِ إِنّــي ذاهِــبُ
وَخَلَّـــفَ الحَليـــمَ حَزقـــائيلا
ابــنَ العَجــوزِ بَعــدَهُ بَــديلا
وَكَثُـــرَت مِــن بَعــدِهِ الأَحــزابُ
وَنَصــــَبوا بَعلَهُـــمُ وَعـــابوا
فَقــالَ إِليـاسُ بـنُ ياسـينَ لَهُـم
وَهُــوَ نَبِــيٌّ مُرســَلٌ مِــن رَبِّهِـم
أَنِ اِعبُـدوا اللَـهَ وَأَلقـوا بَعلا
فَاِســـتَكبَروا وَأَوعَــدوهُ القَتلا
فَلَــم يَــزَل مُســتَخفِياً ســَيّاحا
حَتّــى دُعِــي بِـالمَوتِ فَاِسـتَراحا
وَقيــلَ فــي التَـوراةِ إِنَّ فَرَسـا
أَتــاهُ فـي صـَباحِهِ أَو فـي مسـا
حَتّــــى إِذا رَكِبَــــهُ إِليـــاسُ
غــابَ فَلَـم يَظهَـر عَلَيـهِ النـاسُ
وَلَـم يَـزَل اِبـنُ الخطـوبِ اليَسـَعُ
يَردَعُهُــم دَهــراً فَلَـم يَرتَـدِعوا
وَسـُلِبوا التـابوتَ مِن بَعدِ اليَسِعْ
وَمـاتَ اليـادُ اِسـمُهُم مِـن الحَذعْ
وَظَهَــــرَت عَلَيهِــــمُ الأَعـــداءُ
وَعَمَّهُــم بَعــدَ الهُــدى العَمـاءُ
فســــأَلوا نـــبيَّهم ســـُمويلا
أنَّ يســـتقيل الملـــكَ الجليلا
وَســـَأَلوهُ أَن يُـــوَلّي والِيـــا
عَلَيهِــــمُ يُقاتِـــلُ الأَعادِيـــا
وَعاهَـــدوهُ أَن يُطيعــوا أَمــرَهُ
وَأَن يُعِـــزّوهُ وَيُعلـــوا قَــدرَهُ
فَبَعَـــثَ اللَــهُ لَهُــم طالوتــا
فَـــاِتَّبَعوهُ وَغَـــزوا جالوتـــا
وَكــــانَ داودُ أَقـــامَ بَعـــدَهُ
فــي أَهلِــهِ ثُــمَّ أَتــاهُ وَحـدَهُ
وَكَلَّمَتـــــهُ صــــَخرَةٌ صــــَمّاءُ
نــادَتهُ حَيــثُ يَســمَعُ النِــداءُ
خُـــذني فَــإِنّي حَجَــرُ الخَليــلِ
يُقتَــلُ بــي جــالوتُ عَـن قَليـلِ
وَكــانَ أَيضــاً ســَأَلَتهُ قَبلَهــا
صــَخرَةُ إِســحاقَ النَبِــيِّ حَملَهـا
فَشــاهَدَ الحَــربَ عَلــى أَنــاتِهِ
وَاِصــطَكَّتِ الأَحجــارُ فــي مُخلاتِـهِ
وَكُلُّهـــا يَطمَــعُ فــي إِســدائِهِ
مُنتَقِـــمٌ لِلَّـــهِ مِــن أَعــدائِهِ
فَنــــــالَ داودُ بِبَعضــــــِهِنَّهْ
جــالوتَ إِذ كــانَت لَــهُ مَظَنَّــهْ
فَأَهلَـــكَ اللَـــهُ لَـــهُ عَــدُوُّهْ
وَفـــازَ بِالمُلـــكِ وَبِـــالنُبُوَّهْ
وَكـــانَ طـــالوتُ لَــهُ حَســودا
فَــــأَظفَرَ اللَـــهُ بِـــهِ داودا
وَكــانَ قَــد أَسـَّسَ بَيـتَ المَقـدِسِ
بــورِكَ فــي الأَســاسِ وَالمُؤَســِّسِ
وَإِنَّمــــا تَمَمَّــــهُ ســــُلَيمانْ
مِـن بَعـدِهِ حّـتى اِسـتَقَلَّ البُنيانْ
وَكــانَ قَــد وَصــّاهُ بِاِســتِمامِهِ
داودُ إِذ أَشـــفى عَلــى حِمــامَهِ
وَقــامَ بِالمُلـكِ سـُلَيمانُ المُلِـكْ
نَحــوَ اَربَعيــنَ سـَنَةً حَتّـى هَلَـكْ
وَكـــانَ مِـــن أَولادِهِ عِشـــرونا
مِــن بَعــدِهِ بِالمُلــكِ قائِمونـا
ثُـــمَّ أَزالَ المُلـــكَ بُختَنَصـــَّرُ
عَنهُــم فَقــامَ بَعــدَهُم وَقَصـَّروا
وَخَــرَّبَ الشــَقِيُّ بَيــتَ المَقــدِسِ
وَكــانَ مَشــغوفاً بِقَتــلِ الأَنفُـسِ
وَمــاتَ بِالرَملَــةِ عَــن بَنينــا
مِــن بَعــدِهِ بِالمُلــكِ قائِمينـا
فَقَتَـــلَ الأَخيـــرَ مِـــن بَنيــهِ
دارا وَصـــارَ مُلكُهُـــم إِلَيـــهِ
وَكـــانَ فـــي زَمـــانِهِ أَيّــوبُ
الصـــابِرُ المُحتَســـِبُ المُنيــبُ
وَبَعــدَ أَيّــوبَ اِبـنُ مَتّـى يـونُسُ
وَفيـــهِ لِلَّـــهِ كِتـــابٌ يُــدرَسُ
وَيـــونِسٌ وَلّـــى فَقــامَ شــَعيا
فَــأَنزَلَ اللَــهُ عَلَيــهِ الوَحيـا
وَقيــلَ إِنَّ الخِضــرَ مِـن إِخـوانِهِ
وَإِنَّــهُ قَــد كــانَ فــي زَمـانِهِ
وَزَكَرِيّـــاءُ وَيَحيـــى الطـــاهِرُ
قَـد أَنـذَروا لَـو أَغَنـتَ المَناذِرُ
كِلاهُمــــا أُكـــرِمَ بِالشـــَهادَهْ
فَســــَعِدا وَأَيَّمــــا ســــَعادَهْ
وَكــانَ يَحيــى أَدرَكَ اِبـنَ مَريَـمِ
طِفلاً صـَغيراً فـي الزَمـانِ الأَقـدمِ
وَبَعـــدَ ذاكَ مَلَـــكَ الإِســـكِندَرُ
وَالإِسـمُ ذو القَرنيـنِ فيمـا يَذكُرُ
وَكــانَ عيسـى بَعـدَ ذي القَرنيـنِ
بِنَحــــوِ خَمســــينَ وَمـــائَتَينِ
يَنقُــصُ حَــولاً فـي حِسـابِ الـرومِ
بِــذِكرِهِ فــي الخَبَــرِ المَعلـومِ
وَكــانَ فــي أَيّــامِهِ الأَشـغانون
وَهُــــم مُلـــوكٌ لِلبِلادِ غَريـــن
فَجَــــذَّهُم بِالســـَيفِ أَردَشـــيرُ
ثُــمَّ اِبنُــهُ مِــن بَعـدِهِ سـابورُ
وَاِنقَطَــعَ الــوَحيُ وَصــارَ مُلكـا
وَأَعلَنـوا بَعـدَ المَسـيحِ الشـِركا
فَخَــصَّ بِــالطَولِ بَنــي اِسـماعيلِ
أَضـــافَهُم بِالشـــَرَفِ الجَليـــلِ
فَلَزِمَــــت مَكَّـــةَ وَالبَوادِيـــا
وَحَلَّـــت الأَريـــافَ وَالحَواشــِيا
وَظَهَـــرَت بِـــاليَمنِ التَبــابِعَهْ
شــَمرُ بــنُ عَبـسِ وَمُلـوكٌ خـالِعَهْ
وَاِسـتَولَتِ الـرومُ عَلـى الشـاماتِ
فَــــآثَرَت رَفاهَــــةَ الحَيـــاةِ
وَأجمَعَـــت لِلفُـــرسِ أَرضَ بابِــلِ
وَقَنَعَـــت بِآجِـــلٍ مِـــن عاجِــلِ
فَهـــذِهِ جُملَــةُ أَخبــارِ الأُمَــمْ
مَنقولَــةٌ مِــن عَــرَبٍ وَمِـن عَجَـمْ
وَكُـــلُّ قَـــومٍ لَهُـــمُ تكـــثيرُ
وَقَلَّمـــــا تُحَصــــَّلُ الأُمــــورُ
وَعُمِّيَــتْ فــي الفَــترَةِ الأَخبـارُ
إِلّا الَّــتي ســارَت بِهـا الأَشـعارُ
وَالفُــرسُ وَالــرومُ لَهُــم أَيّـامُ
يَمنَــعُ مِــن تَفخيمِهــا الإِســلامُ
وَإِنَّمـــا يَقنَــعُ أَهــلُ العَقــلِ
بِكُتـــبِ اللَــهِ وَقَــولِ الرُســلِ
ثُـــمَّ أَزالَ الظُلمَـــةَ الضــِياءُ
وَعــــاوَدَت جِـــدَّتَها الأَشـــياءُ
وَدانَـــتِ الشـــُعوبُ وَالأَحيـــاءُ
وَجــاءَ مــا لَيــسَ بَــهِ خَفــاءُ
أُتـــــاهُمُ المُنتَجَـــــبُ الأَواهُ
مُحَمَّـــدٌ صـــَلّى عَلَيـــهِ اللَــهَ
أَكــرَمُ خَلــقِ اللَـهِ طُـرّاً نَفسـا
وَمَولِــــداً وَمَحتَـــداً وَجِنســـا
يَغشــى لَــهُ بِالشــَرفِ الأَشــرافُ
لا مِريَــــــةٌ فيــــــهِ وَلا خِلافُ
أَقـــامَ فـــي مَكَّتِـــهِ ســِنينا
حَتّـــى إِذا اِســتَكمَلَ أَربَعينــا
أَرســَلَهُ اللَــهُ إِلــى العِبــادِ
أَشــرِف بِــهِ مِــن مُنــذِرٍ وَهـادِ
فَظَــــلَّ يَـــدعوهُم ثَلاثَ عَشـــرَه
بِمَكَـــةٍ قَبــلَ حُضــورِ الهِجــرَه
ثُـــمَّ أَتـــى مَحَلَّـــةَ الأَنصــارِ
فــي عُصــبَةٍ مِــن قَــومِهِ خِيـارِ
أَوَّلُهُـــم صــاحِبُهُ فــي الغــارِ
أَفضــَلُ تِلــكَ العِصــبَةِ الأَبـرارِ
صــِدّيقُها الصــادِقُ فــي مَقـالِهِ
المُحســِنُ المُجمِــلُ فـي أَفعـالِهِ
وَذاكَ فـــي شـــَهرِ رَبيــعِ الأَوَّلِ
لِلَيلَتَيـــنِ بَعـــدَ عَشــرٍ كُمَّــلِ
فَســـُرَّتِ الأَنصـــارُ بِالمُهــاجِرَه
وَكُلُّهُـــم يُـــؤثِرُ دارَ الآخِـــرَه
وَاِحتَشـــَدَت لِحَربِـــهِ القَبــائِلُ
فَثَبَـــتَ الحَـــقُّ وَزالَ الباطِــلُ
فَلَــم يَــزَل فـي يَـثرِبٍ مُهـاجِرا
عَشــرَ ســِنينَ غازِيــاً وَنــافِرا
حَتّــى إِذا مــا ظَهَــرَ الإيمــانُ
وَخَضــــَعَت لِعِــــزِّهِ الأَوثــــانُ
وَبَلَّــــغَ الرِســـالَةَ الرَســـولُ
وَوَضـــَحَ التَأويـــلُ وَالتَنزيــلُ
وَعُـــرفَ الناســـِخُ وَالمَنســـوخُ
وَكــانَ مِــن هِجرَتِــهِ التاريــخُ
نــاداهُ مَــن رَبّــاهُ فَاِسـتَجابا
مِـن بَعـدِ مـا اِختـارَ لَهُ أَصحابا
عَـــدَّلَهُم فــي مُحكَــمِ الكِتــابِ
لِعَبــــدِهِ وَلِــــذَوي الأَلبـــابِ
مِــن ســورَةِ الحَشـرِ وَفـي آيـاتِ
مـــن القُـــرَانِ غيــرِ مُشــكِلاتِ
قـــامَ أَبــو بَكــر الَّــذي وَلّاهُ
أَمــرَ صــَلاةِ النــاسِ وَاِرتَضــاهُ
فَعــاشَ حَــولَينِ وَعــاشَ أَشــهُرا
ثَلاثَـــةً تَزيــدُ ثُلثــاً أَوفَــرا
وَمــاتَ فـي شـَهرِ جمـادى الآخِـرَه
يَــومَ الثُلاثــاءِ لِســَبعٍ غـابِرَه
وَكـــانَتِ الــرِدَّةُ فــي أَيّــامِهِ
فَصــَلَحَ النَقــضُ عَلــى إِبرامِــهِ
وَقـامَ مِـن بَعـدِ أَبـي بَكـرٍ عُمَـرْ
فَبَــرَزَت أَيّــامُهُ تِلــكَ الغُــرَرْ
تَضَعضـــَعَت مِنــهُ مُلــوكُ فــارِسِ
وَخَــرَّتِ الــرومُ عَلــى المَعـاطِسِ
أَســلَمَ كِســرى فــارِسٍ إيــوانُهُ
وَأَصـــبَحَت مَفروســـَةً فُرســـانُهُ
وَأَجلَـــت الــرومُ عَــن الشــآمِ
وَأَدبَــــرَت مَخافَــــةَ الإِســـلامِ
وَدانَـــتِ الأَقطـــارُ لِلفـــاروقِ
وَاِتَّســَعَت عَلَيــهِ بَعــدَ الضــيقِ
وَوَهَـــبَ اللَــهُ لَــهُ الشــَهادَهْ
جــاءَ فَــدَلَّتهُ عَلــى الســَعادَهْ
وَذاكَ مِـــن بَعــدِ ســِنينَ عَشــرِ
وَشــَطرِ حَــولٍ يـا لَـهُ مِـن شـَطرِ
وَقـامَ عُثمـانُ بـنُ عَفّـانَ الرِضـا
بِــالأَمرِ ثِنتَــي عَشـرَةٍ ثُـمَّ مَضـى
مُستَشــهداً عَلــى طَريــقِ الحَــقِّ
لَــم يَثنِــهِ عَنـهُ بِبـابِ الطُـرقِ
وَفُـــوِّضَ الأَمـــرُ إِلـــى عَلِـــيِّ
الهاشـــِمِيِّ الفاضـــِلِ الزَكِـــيِّ
فَقــامَ بِــالأَمرِ ســِنينَ أَربَعــا
وَتِســـعَةً مِــن الشــُهورِ شــَرعا
ثُــمَّ مَضــى مُستَشــهداً مَحمــودا
عــاشَ حَميــداً وَمَضــى مَفقــودا
وَكـــانَ هــذا عــامَ أَربَعينــا
مِنهـا اِنقَضـَت مِـن عِـدَّةِ السِنينا
وَاِنتَقَــلَ الأَمــرُ عَــن المَـدينَهْ
وَكــانَ حَقــاً مــا رَوى ســَفينَه
عَـــن النَبِــيِّ فــي وُلاةِ الأُمَّــه
مِـــنَ المُلـــوكِ وَمِــنَ الأَئِمَّــه
ثُـــمَّ تــولّى أمرهــم معــاويه
فعــاش عشـراً بعـدَ عشـر خـاليَه
حَتّـــى إِذا أَوفـــاهُمُ عِشــرينا
مــاتَ مِـن التاريـخِ فـي سـِتّينا
وَمَلَـــكَ الأَمـــرَ اِبنُــهُ يَزيــدُ
لا حـــازِمُ الـــرَأيِ وَلا رَشـــيدُ
وَقُتِـــلَ الحُســَينُ فــي زَمــانِهِ
أَعــوذُ بِــالرَحمنُ مِــن خُــذلانِهِ
وَإِنَّ مــــا عــــاشَ ثَلاثُ حُجَـــجِ
وَأَشــهُرٌ مِـن بَعـدِ حَمـلِ المَخـرَجِ
ثُـــمَّ ابنـــه مُعَيَّــةُ المُضــعَّفُ
كــان لــه ديــنٌ وعقــلٌ يُعـرفُ
فــدام شــهراً ثــمَّ نصــفَ شـهرِ
وجــاءه المــوتُ عزيــزَ الأمــرِ
وتـــركَ النـــاسَ بغيــر عهــدِ
توقّيـــاً منـــهُ وفضـــلَ زهــدِ
وَفُـــوِّضَ الأَمـــرُ إِلــى مَــروانِ
بَعــدَ يَزيــدَ وَهُــوَ شــَيخٌ فـانِ
فَقَتَــلَ الضـَحّاكَ فـي ذي القِعـدَه
بِـــدارِصٍ ثُــمَّ اِســتَمالَ جُنــدَه
وَلَــم يَعِــش إِلّا شــُهوراً عَشــرَه
وَلَيـــسَ شـــَيءٌ يَتَعَــدّى قَــدرَه
وَلَــم يَـزَل اِبـنُ الزُبيـرِ بَعـدَهُ
تِســعَ ســِنينَ لَيـسَ يَـألو جُهـدَهُ
مُعتَصـــِماً بِالكَعبَـــةِ الحَــرامِ
مُمتَنِعـــاً مِــن إِمــرَةِ الشــآمِ
حَتّـــى تَــوَلّى قَتلَــهُ الحَجّــاجُ
مِـن بَعـدِ مـا ضـاقَت بِـهِ الفِجاجُ
وَكــانَ هَــدمُ الكَعبَـةِ المَصـونَه
وَوُقعَـــةُ الحَـــرَّةِ بِالمَـــدينَه
وَقــامَ عَبـدُ المُلـكِ بـنُ مَـروان
مُستَنهِضــاً لِلحَــربِ غَيـرَ وَسـنان
حَتّــى إِذا دانَــت لَــهُ الآفــاقُ
وَأَقفَــرَت مِــن مُصــعَبَ العِــراقُ
وَمِــن أَخيــهِ البَلَــدُ الحَــرامُ
وَخـــافَ مِـــن ســَطوَتِهِ الأَنــامُ
مـــاتَ وَقَــد عــاشَ ثَلاثَ عَشــرَه
وَأَشــــهُراً أَربَعَـــةً بِـــالإِمرَه
وَمَلَــكَ النــاسَ اِبنُــهُ الوَليـدُ
وَعِنـــدَهُ الأَمـــوالُ وَالجُنـــودُ
ســَبعَ ســِنينَ بَعــدَها ثَمــانِيَه
كامِلَــة مِــن الشــُهورِ وافِيَــه
ثُــمَّ ســُلَيمانُ بـنُ عَبـدِ المُلـكِ
اِخــتيرَ لِلعَهــدِ وَلَمّــا يَــترُكِ
فَعـــاشَ حَـــولَينَ وَثُلــثَ حــولِ
ثُــمَّ أَتــى دابِـقِ مُرخـى الـذَيلِ
فَمـاتَ وَاِسـتَولى عَلـى الأَمـرِ عُمَر
بِســيرَةٍ مَحمــودَةٍ بَيــنَ السـِيَر
فَعـــاشَ عـــامَينِ وَنِصــفَ عــامِ
بِـــديرِ ســَمعانَ ســِوى الأَيّــامِ
ثُـــمَّ تَـــوَلّى أَمرَهُـــم يَزيــدُ
وَاللَـــهُ فَعـــالٌ لِمــا يُريــدُ
وَهُــوَ مِــن أَولادِ عَبــدِ المَلِــكِ
ثــالِثُهُم فــي عَهــدِهِ المُشـتَرِكِ
فَعـــاشَ حَــولَينِ إِلــى حَــولَينِ
تَزيــدُ أَشــهُراً قَريــرَ العَيــنِ
ثُـــمَّ تَـــوَلّى بَعـــدَهُ هِشـــامُ
أَخــوهُ فَاِعتَــدَّت لَــهُ الأَقــوامُ
فَلَـم يَـزَل عِشـرينَ عامـاً والِيـا
إِلّا شـــُهوراً خَمســـَةً بِواقِيـــا
ثُـمَّ الوَليـدُ بـنُ يَزيـدَ القاتِـلُ
تَعـــاوَرَتهُ الأُســـُدُ البَواســـِلُ
مِــن بَعــدِ شــَهرَينِ وَبَعـدَ عـامِ
وَبَعـــدَ عِشـــرينَ مِــن الأَيّــامِ
وَنَصــَبَ الحَــربَ لَــهُ اِبـنُ عَمِّـهِ
مُســــتَنكِراً ســـيرَتَه بِزَعمِـــهِ
فَقُتِـــلَ الوَليـــدُ بِـــالبَخراءِ
مِــن بَعــدِ أَن أَثَخــنَ بِالأَعـداءِ
ثُـمَّ يَزيـدُ بـنُ الوَليـدِ النـاقِصُ
عافَصــَه الحيــنُ الَّــذي يُعـافِصُ
فَلَـــم يَعِــش إِلّا شــُهوراً ســِتَّه
حَتّــى أَزالَتــهُ المَنايـا بَغتَـه
وَبـــايَعوا مَـــروانَ أَجمَعينــا
فَكـــانَ حِصـــناً لَهُــمُ حَصــينا
وَلَــم يَــزَل خَمـسَ سـِنينَ وافِيَـه
يَملُكُهُـــم وَأَشـــهُراً ثَمـــانِيَه
حَتّــى أَتـى اللَـهُ وَلِـيُّ النِعمَـه
بِـــالحَقِّ مِنــهُ رَأفَــةً وَرَحمَــه
وَاِختــارَ لِلنــاسِ أَبـا العَبـاسِ
مِـن أَنجَـدِ النـاسِ خَيـارِ النـاسِ
آلِ النَبِــيِّ مِــن بَنــي العَبّـاسِ
أَئِمَّـــــةٍ أَفاضــــِلٍ أَكيــــاسِ
فَعــادَ نَصـلُ المُلـكِ فـي قُرابِـهِ
وَرَجَـــعَ الحَــقُّ إِلــى أَصــحابِهِ
ثُـمَّ رَقـى المَنبَـرَ يَـومَ الجُمعَـه
فـي مَسـجِدِ الكوفَـةِ يُـذري دَمعَـه
فَقــامَ فـي الـدينِ قِيـامَ مِثلِـهِ
بِرَأيِــهِ المَيمــونِ حَســبَ فِعلِـهِ
وَمـــاتَ بَعـــدَ أَربَــعٍ كَوامِــلِ
وَســـَبعَةٍ مِـــن أَشــهُرٍ فَواضــِلِ
وَقـــامَ بِالخِلافَـــةِ المَنصـــورُ
فَاِستَوســـَقَت بِعَزمِـــهِ الأُمـــورُ
فَعــاشَ ثِنتَيــنِ وَعِشــرينَ ســَنَه
يَحمـي حِمـى المُلكِ وَيُفني الخَوَنَه
ثُـــمَّ تُـــوُفّي مُحرِمـــاً بِمَكَّــه
فَـــوَرِثَ المَهــدِيُّ عَنــهُ مُلكَــه
فَعـــاشَ عَشـــرَ حِجَـــجٍ وَشــَهرا
وَنِصــفَ شــَهرٍ ثُــمَّ زارَ القَـبرا
وَاِســتَخلَفَ الهـادِيَ موسـى بَعـدَهُ
وَكـــانَ قَــد وَلّاهُ قَبــلُ عَهــدَهُ
وَعـــاشَ موســى ســَنَةً وَشــَهرَين
تَنقُــصُ يَومـاً واحِـداً أَو اِثنَيـن
وَقــــامَ بِالخِلافَـــةِ الرَشـــيدُ
المُلــــكُ المُمَنَّـــعُ الســـَعيدُ
فَعـــاشَ عِشــرينَ وَوَفّــى عَــدَّها
وَعــاشَ عــامَينِ وَعامــاً بَعـدَها
وَنِصــفَ شــَهرٍ ثُـمَّ وافـاهُ الأَجَـل
بِطـوسَ يَـومَ السـَبتِ فَاِنهَدَّ الجَبَل
وَبــــايَعوا مُحَمَّـــدَ الأَمينـــا
وَنَكَثـــوا البَيعَـــةَ أَجمَعينــا
إِلّا قَليلاً وَالقَليـــــلُ أَحمَــــدُ
وَالمَــوتُ لِلنــاسِ جَميعـاً مَوعِـدُ
فَـــــأَمَّنوهُ ثُـــــمَّ قَتَلــــوهُ
مـــا هكَـــذا عاهَــدَهُم أَبــوهُ
مــا عــاشَ إِلّا أَربَعــاً وَأَشـهُرا
حَتّــى تَهــادوا رَأســَهُ مُعَفَّــرا
وَبــايَعوا المَـأمونَ عَبـدَ اللَـهِ
فَبــايَعوا يَقظــانَ غَيــرَ ســاهِ
وَفّــــاهُمُ خِلافَــــةَ المَنصـــورِ
فــي عَــدَدِ الســِنينَ وَالشــُهورِ
ثُــمَّ أَتـى الـرومَ فَمـاتَ غازِيـا
كـانَ البَذَنـدونَ المَحَـلَّ القاصِيا
وَقُلِّـــدَ الأَمـــرَ أَبــو إِســحاقِ
فَــاِنقَضَّ كَالصــَقرِ عَلـى العِـراقِ
مُعتَصــِماً بِــاللَهِ غَيــرَ غافِــلِ
فَأَيَّـــدَ الأَمـــرَ بِــرَأيٍ فاضــِلِ
وَقــامَ فيهِــم حُجَجــاً ثَمانِيــا
وَمِثلَهــا مِــنَ الشــُهورِ باقِيـا
وَنَحـــوَ عِشـــرينَ مِــنَ الأَيّــامِ
وَخَمـــسٍ اَدْنَتــهُ مِــنَ الحِمــامِ
وَمــاتَ فــي شــَهرِ رَبيــعِ الأَوَّلِ
وَعُمــرُهُ خَمســونَ لَــم يَســتَكمِلِ
فَبــايَعوا مِــن بَعــدِهِ لِلواثِـقِ
وَكــانَ ذاكَ بِالقَضــاءِ الســابِقِ
وَلَــم يَــزَل فــي بَسـطَةٍ وَمَنعَـه
خَمـــسَ ســِنينَ وَشــُهوراً تِســعَه
وَزادَ أَيّامـــاً عَلَيهـــا خَمســَه
مَعـــدودَةً ثُــمَّ تَــوارى رَمســَه
وَبــايَعَ النــاسُ الإِمـامَ جَعفَـرا
خَليفَــةَ اللَــهِ الأَغَــرَّ الأَزهَـرا
بَعـــدَ ثَلاثيـــنَ وَميتَــي عــامِ
وَبَعـــدَ حَـــولَينِ ســِوى أَيّــامِ
خَلَــت مِـن الهِجـرَةِ فـي الحِسـابِ
فــي العَرَبــي المُحكَـمِ الصـَوابِ
لِســِتَّةٍ بَقيــنَ مِــن ذي الحِجَّــةِ
فَأَوضـــَحَ الســـَبيلَ وَالمَحِجَّـــه
وَقــامَ فـي النـاسِ لَهُـم خَليفَـه
خِلافَـــــةً مُنيفَــــةً شــــَريفَه
قَــد ســَكَّنَ اللَـهُ بِـهِ الأَطرافـا
فَمــا تَــرى فــي مُلكِــهِ خِلافـا
أَقــامَ عَشـراً ثُـمَّ خَمسـاً بَعـدَها
مِــنَ الســِنينَ فَأَبــانَ مَجــدَها
ثُــمَّ تَــوَلّى قَتلَــهُ الفَراغِنَــه
وَســـاعَدَتهُم عِصـــبَةٌ فَراعِنَـــه
لِأَربَـــعٍ خَلَـــونَ مِـــن شـــَوّالِ
فَأَصـــبَحَ المُلـــكُ أَخــا اِختِلال
وَبــايَعوا مِــن بَعـدِهِ لِلمُنتَصـِر
فَأَصـبَحَ الرابِـحُ مِنهُـم قَـد خَسـِر
فَعـاشَ فـي السـُلطانُ سـِتَّةَ اَشـهُرِ
أَخرَجَهُــم مِــن مُلكِــهِ وَالعَسـكَرِ
ثُـــمَّ أَتـــاهُ بَغتَـــةً حَمــامُهُ
ســُبحانَ مَــن يُعاجِــلُ اِنتِقـامُهُ
فَــاِنتَخَبَ اللَــهُ لَهُــم إِمامــا
يُؤَيِّـــدُ اللَـــهُ بِــهِ الإِســلاما
وَبــايَعوا بَعــدَ الرِضــا لِأَحمَـدِ
المُســــتَعينِ بِـــالإِلهِ الأَحَـــدِ
وَكـانَ فـي العِشـرينَ مِـن وُلاتِهـا
مِــن آلِ عَبّــاسٍ وَمِــن حُماتِهــا
فَنَحـــنُ فـــي خِلافَــةٍ مُبــارَكَه
خَلَــت عَــن الإِضـرارِ وَالمُشـارَكَه
فَالحَمــدُ لِلَّــهِ عَلــى إِنعــامِهِ
جَميــعُ هـذا الأَمـرِ مِـن أَحكـامِه
ثُــــمَّ الســــَلامُ أَوَّلاً وَآخِـــرا
عَلــى النَبِــيُّ باطِنــاً وَظـاهِرا
علي بن الجهم بن بدر، أبو الحسن، من بني سامة، من لؤي بن غالب.شاعر، رقيق الشعر، أديب، من أهل بغداد كان معاصراً لأبي تمام، وخص بالمتوكل العباسي، ثم غضب عليه فنفاه إلى خراسان، فأقام مدة، وانتقل إلى حلب، ثم خرج منها بجماعة يريد الغزو، فاعترضه فرسان بني كلب، فقاتلهم وجرح ومات.