
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عَفـــا وَخَلا مِمَــن عَهِــدتُ بــهِ خُــمُّ
وشــاقَكَ بِالمَســحاءِ مِــن سـَرفٍ رَسـمُ
عَفــا وَخَلا مِــن بَعـدِ مـا خَـفَّ أَهلُـهُ
وَحَنَّــت بِــهَ الأَرواحُ وَالهُطَّـلُ السـُحمُ
يَلــوحُ وَقَــد عَفّــى مَنـازِلَهُ البِلـى
كَمـا لاحَ فَـوقَ المعصـَمِ الحَسـَنِ الوَشمُ
مَــدامِنُ حَــيٍّ صــالِحينَ رَمَــت بِهِــم
نَوى الشَحطِ إِذ رَدّوا الجِمالَ وِإِذ زَمّوا
بَعَينَينــكَ راحــوا وَالحُـدوجُ كَأنَّهـا
ســـَفائِنُ أَو نَخـــلٌ مُذَلَّلَـــةٌ عُـــمُّ
وَفـي الحَـيِّ نُعـمٌ قُـرَّةُ العَينِ وَالهَوى
وَأَحســَنُ مَــن يَمشـي عَلـى قَـدَمٍ نُعـمُ
وَكــانَت لِهَــذا القَلـبِ نُعـمٌ زَمانَـةً
خَبـــالاً وَســـُقماً لا يُعــادِلُهُ ســُقمُ
مُنَعَّمَــةٌ لَــم تَعــد فــي رِسـلِ ثَلَّـةٍ
وَلَــم تَتَجــاوَب حَـولَ كِلَّتِهـا البهـمُ
ســـَبَتني بَعَينَـــي جُــؤذُرٍ بَخَميلَــةٍ
وَجيــدٍ كَجيــدِ الـرِئمِ زَيَّنَـهُ النظـمُ
وَوَحــفٍ يُثَنّــي فــي العِقــاصِ كَـأَنَّهُ
عَلَيهــا إِذا دَنَّــت غَــدائِرَها كَــرمُ
وَأَقنَــى كَحَــدِّ السـَيفِ يَشـرَبُ قَبلَهـا
وَأَشــنَبَ رِفّــاقِ الثَنايــا لَـهُ ظَلـمُ
لَهـــا كَفَـــلٌ رابٍ وَســـاقٌ عَميمَــةٌ
وَكَعــبٌ عَلاهُ اللَحــمُ لَيــسَ لَـهُ حَجـمُ
تَصـــَيَّدُ أَلبــابَ الرِجــالِ بِأُنســِها
وَيَقتُلُهُــم مِنهــا التَــدَلُّلُ وَالنَغـمُ
لُباخِيَّـــةٌ عَجـــزاء جُـــم عِظامُهــا
نَمَـت فـي نَعيـمٍ وَانمَهَـلَّ بِهـا الجِسمُ
توالَـــدَها بِيــضٌ حَــرائِر كَالــدُمى
نَـــواعِم لا بيـــضٌ قِصــارٌ وَلا خُثــمُ
وَأِجـــدادُ صــدقٍ لا يُعــابُ فَعــالُهُم
هُــمُ النَضـَدُ السـِرُّ الغَطارِفَـةَ الشـمُّ
مَطــاعِمُ فـي البُؤسـي لِمَـن يَعتَريهِـمُ
إِذا يُشـتَكى في العامِ ذي السَنَةِ الأَزمُ
مَصــاليتُ أَبطــالٌ إِذا الحَـربُ شـَمَّرَت
هُــمُ النَضـدُ السـِرُّ الغَطارِفَـةُ الشـُمُّ
إِذا اِنتَسـَبَت مَـدَّت يِـدَيها إِلى العُلى
وَصــَدَّقَها الاِســلامُ وَالحَســَبُ الضــَخمُ
كَــأَنّي إِذا لَــم أَلـقَ نُعمـاً مُجـاوِرٌ
قَبـائِلَ مِـن يـاجوجَ مِـن دونِها الرَدمُ
وَذي رَحِـــمٍ قَلمـــتُ أَظفــارَ ضــَغنِهِ
بِحِلمِــيَ عَنــهُ وَهُــوَ لَيـسَ لَـهُ حِلـمُ
يُحـــاوِلُ رَغمـــي لا يُحــاوِلُ غَيــرَهُ
وَكَــالمَوتِ عِنــدي أَن يَعُرَّبِـهِ الرَغـمُ
فَـاِن أَعـفُ عَنـهُ أَغـضِ عَينـاً عَلى قَذىً
وَلَيــسَ لَـهُ بِالصـَفحِ عَـن ذَنبِـهِ عِلـمُ
وَإِن أَنتَصــِر مِنــهُ أَكُــن مثـلَ رائِشٍ
ســِهامَ عَــدُوٍّ يُســتَهاضُ بِهـا العَظـمُ
وَبـادَرتُ مِنـهُ النـايَ وَالمَـرءُ قـادِرٌ
عَلـى سـَهمِهِ مـا دامَ فـي كَفِّـهِ الشَهمُ
صــَبَرتُ عَلـى مـا كـانَ بَينـي وَبَينَـهَ
وَمــا يَسـتَوي حَـربُ الأَقـارِبِ وَالسـلمُ
وَيَشــتِمُ عِرضــي فـي المَغيَّـبِ جاهِـداً
وَلَيــسَ لَــهُ عِنــدي هَــوانٌ وَلا شـَتمُ
إِذا ســُمتُهُ وَصــلَ القَرابَــةِ سـامَني
قَطيعَتَهــا تِلــكَ الســَفاهَةُ وَالاثــمُ
وَإِن أَدَعُــهُ لِلنِّصــفِ يــابَ وَيَعصــِني
وَيَــدعو لِحُكــمٍ جـائِرٍ عَصـرُهُ الحُكـمُ
وَقَـد كُنـتُ أَكـوي الكاشـِحينَ وَأَشـتَفي
وَأَقطَــعُ قَطعــاً لَيـسَ يَنفَعُـهُ الحَسـمُ
وَقَـد كُنـتُ أَجـزي النُكرَ بِالنُكرِ مِثلَهُ
وَاحلُــمُ أَحيانــاً وَلَـو عَظـمَ الجُـرمُ
فَلَــولا اِتقـاءُ اللَـهِ وَالرَحِـمُ الَّـتي
رعايَتَهـــا حَـــقَّ وَتَعطيلُهــا ظُلــمُ
إِذا لَعلاه بــــــارِقي وَخَطَمتُــــــهُ
بِوَســـمِ شـــَنارٍ لا تُشـــاكِلُهُ وَســمُ
وَيَســعى إِذا أَبنــي لِيَهــدِمَ صـالِحي
وَلَيـسَ الَّـذي يَبنـي كَمَـن شَأنُهُ الهَدمُ
يَــوَدُّ لَــو أَنّــي مُعــدِمٌ ذو خَصاصـَةٍ
وَأَكــرَهُ جَهــدي أَن يُخــالِطَهُ العُـدمُ
وَيَعتَــدُّ غُنمـاً فـي الحَـوارِثِ نَكبَـتي
وَمــا إِن لَــهُ فيهـا سـَناءٌ وَلا غُنـمُ
أَكــونُ لَـهُ أَن يُنكَـبَ الـدَهرَ مِـدرَهاً
أَكـالِبُ عَنـهُ الخَصـمَ إِن عَضـَّهُ الخَصـمُ
وَأَلحِـــمُ عَنــهُ كُــلَّ أَبلَــخَ طامِــحٍ
أَلَــدَّ شــَديدِ الشـَغبِ عـايَنَهُ الغَشـمُ
وَيَشـــركُهُ فـــي مـــالِهِ بَعــدَ وُدِّهِ
عَلـى الوَجـدِ وَالاعـدامِ قِسمٌ هُوَ القِسمُ
لِكَــفِّ مُفيــدٍ يَكسـَبُ الحَمـدَ وَالنـدي
وَيَعلَــمُ أَنَّ البُخــلَ يَعقِبُــهُ الــذَمُّ
نَجيــبٌ يُجيــبُ المُستَضــافَ إِذا دَعـا
وَيَســمو إِلـى كَسـبِ العَلاءِ إِذا يَسـمو
فَــتىً لا يَــبيتُ الهَــمُّ يَصــدَعُ هَمَّـهُ
لَـدى الهَـولِ وَالهَيّـابِ يَقـدَعهُ الهَـمُّ
إِذا هُــمَّ أَمضــى هَمَّــهُ غَيــرَ مُتعَـبٍ
وَيَفـرَجُ عَنـهُ الشـَرُّ فـي أَمـرِهِ العَزمُ
أَخــو ثِقَــةٍ جَلـدُ القُـوى ذو مَخـارِجٍ
مُخــالِطُ حَــزمٍ حيــنَ يُلتَمَـسُ الحَـزمُ
يَكــونُ لَــهُ عِنــدَ النَــوائِبِ جُنَّــةً
وَمَعقِــلَ عِــزٍّ حَيــثُ تَمتَنِــعُ العُصـمُ
فَمــا زِلــتُ فـي لِينـي لَـهُ وَتَعَطُّفـي
عَلَيــهِ كَمـا تَحنـو عَلـى الوَلَـدِ الأُمُّ
وَخَفــضٍ لَــهُ مِنــي الجَنــاحَ تَأَلُّقـاً
لِتَــدنِيَهُ مِنــي القَرابَــةُ وَالرِحــمُ
وَقَــولي إِذا أَخشــى عَلَيــهِ مُصــيبَةً
أَلا اَسـلَم فَـذاكَ الخالُ وَالعَقدُ وَالعَمُّ
وَصــَبري عَلــى أَشـياءَ مِنـهُ تُرِيبُنـي
وَكَظمـي عَلـى غَيظـي وَقَـد يَنفعُ الكَظمُ
لِأَســتَلَّ مِنــهُ الضـِغنَ حَتّـى اِسـتَلَلتُهُ
وَقَـد كـانَ ذا حِقـدٍ يَضـيقُ بِـهِ الجِرمُ
وَأَبَــرأتُ غِــلَّ الصــَدرِ مِنـهُ تَوسـُّعاً
بِحِلمـي كَمـا يُشـفى بِالادوِيَـةِ الكَلـمُ
فَـــداوَيتُهُ حَتّـــى اَرفــأَنَّ نِفــارُهُ
فَعُـدنا كَأَنّـا لَـم يَكُـن بَينَنـا صـَرمُ
فأَطفَــأتُ نـارَ الحَـربِ بَينـي وَبينَـهُ
فَأَصـبَحَ بَعـدَ الحَـربِ وَهـوَ لَنـا سـِلمُ
مَعْنُ بنُ أَوْسٍ، مِنْ قَبِيلَةِ مُزَينَةَ، شاعِرٌ فَحْلٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الجاهِلِيَّةَ وَالإِسْلامَ، وَكانَ مُعاوِيَةُ وَعَبْدُ المَلِكِ بنِ مَرْوانَ يُقَدِّمانِهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الشُّعَراءِ، وَلَهُ مَدائِحُ فِي جَماعَةٍ مِن الصَّحابَةِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبّاسٍ وَعَبْدُ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طالِبٍ، وَكانَ يَعِيشُ فِي ضَيْعَةٍ قُرْبَ المَدِينَةِ، وَرَحَلَ إِلَى الشّامِ وَالبَصْرَةِ فِي تِجارَتِهِ، وَكُفَّ بَصَرَهُ فِي أَواخِرِ أَيّامِهِ.