
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
إِنَّ الحُمــولَ غَـداة غربـة غـرَّب
وَلَّــت بِأَحســَن ســافِر وَمنقــبِ
فخلســت مِنهــا لحظـة فَكَـأَنَّني
أَبصــَرت لمعــة كَــوكب مُتَصـَوِّب
وَلحظننـي فَكَأَنَّمـا انفَرجَـت لَنا
تِلـكَ البَراقِـع عَـن جـآذِر رَبرَبِ
ونـثرنَ مِـن صدفِ الجُفونِ لبيننا
دريـــن بَيــنَ مضــرَّس وَمُحَبَّــبِ
دانيـن غُـزلان الصـريمة فالتَقى
فـي الـرَوضِ غَيـر مربربٍ بمربربِ
وَإِذا ارتَقيـن إِلـى عَوارِض تلعةٍ
بســمت بِــدُرٍ مِـن أَقـاحٍ أَشـنَبِ
ولثمــن نَــوّار الأَقـاحي غـدوة
بِأَلَـذ فـي الأَفـواهِ مِنـه وَأَعذَبِ
وَالطَـلُّ يُجـري كُـلَّ مقلـة نرجـسٍ
مِـن فَـوق خـد شـَقائقٍ لَـك معجَبِ
أَبصـَرَت ملعبهـا القـديم فَدَلَّني
نشـر العَبير الورد نَحو المَلعَبِ
فَــوَقَفت فيهـا ذا لِسـان أَعجَـمٍ
عَـن ذِكـر مـا أَلقـى وَدَمعِ معربِ
أَبكـي وَيَبكي من يَعنف في الهَوى
حَتّـى أَؤَنِّـب فـي البُكـاء مُؤَنِّبي
وَدموعنــا صــَنفان دمـع سـاكِب
يَجــري وآخـر حـائِر لَـم يُسـكَبِ
عَـذُبَ المِطـال لأَنَّـهُ مِـن عنـدها
وَلَـو أَنَّـهُ مـن غيرِهـا لَم يعذبِ
إِن يُخطِنـي كلـف بِـه فـإلى جوىً
أَو يخطهــا بَيــنٌ فنَحـو تَجَنُّـبِ
إِنَّ الحجـاز علـى تَنـائي أَهلـه
ناهيــكَ مِــن بلَـدٍ إِلـيَّ مُحَبَّـبِ
فَســقاهُ مُنهَمِـرُ الرَبـاب كَـأَنَّهُ
يَـد جَعفـر بن محمد بن المَغربي
فَــردٌ يـرد شـعاع وجهـك ضـوؤه
فَيظَــل محتجبـاً وَإِن لَـم يُحجـبِ
هـوَ نهبـة للمعتفيـن فـإِن بَدا
لـك مـاله وَأَطقـت نَهبـاً فانهَبِ
ســـــــمح الخَلائِقِ حَظَّـــــــهُ
مَمّــا حَــواهُ دونَ حـظ الأَجنَـبي
فـالجود مِـن فَضـلٍ لَـدَيهِ مُشـرِّق
أَبَــداً وَمـال فـي البِلادِ مغـربِ
لَهِـجَ اللِسـانُ لِزائريـه بِمَرحـبٍ
إِنَّ النَــدى عنـوانه فـي مرحَـبِ
قَـد أَخصـَبت هممـي بِـهِ وَلرُبَّمـا
أَنزَلَــت طارِقهــا بِـوادٍ مجـدبِ
غربــت خَلائقــه وَأغــرب واصـِفٌ
فيــهِ فـأَغرَب مغـرب فـي مغـرب
وَكَــأَنَّهُ فــي كُــل معرَكَـةٍ لَـهُ
ليــث لَـهُ فـي فعلِـهِ المتغضـِّبِ
طــابَت مَحــائِدُهُ وَكـابَ فَأَنَّمـا
تَزهـى العُلـى بالطَيِّبِ بن الطَيِّبِ
لَيـسَ الـدَخيل إِلى العُلى كمعرقٍ
ورث العُلـى بـأبٍ كَريـمٍ عَـن أَبِ
تَبــدو أَبــوته بغــرة وجهِــهِ
وَعَلــى شـَمائِلِهِ وَإِن لَـم يُنسـَبِ
يَفتَـضُّ أَبكـار المَعـاني قـائِلاً
أَو كاتِبـاً وَيـديم هجـر الـثيبِ
متَيقـظ أَخشـى عَلَيـهِ إِذا ارتأى
مِــن رأيـهِ المتوقـد المُتَلَهِّـبِ
لمـا كملـت نطقـت فيـك بِمَنطِـقٍ
حــق فَلَــم آثــم ولَـم أَتحَـوَّبِ
حَتّـى لَـو أَنَّ الـدَهر ظل مُصادِمي
لهـددت منكبـه الشـديد بِمنكبي
فــي كَفــه قلــم يَنـوبُ بِحَـدِّهِ
عَــن حــد كــل مثقَّــفٍ وَمشـطَّبِ
قلــم أَقــام وَلفظــه مُتـداوِلٌ
مـا بَيـنَ مشـرقِ شَمسَها وَالمغربِ
وَيَفــضُّ ختـم كِتـابِهِ عـن كُتبـهِ
كالــدُرِّ إِلّا أَنَّــهُ لَــم يثقَــبِ
لِلَـــهُ آل المغربـــي فَــأنَّهُم
كَنـز الفَقيـر وَنجعـة المتـأدِّبِ
وَإِلَيهـمُ لَـو أَنصف الناس انتهت
شـُعَبُ الفَصـاحة وابتَدت في يَعربِ
أَهـل الفَصاحة وَالصباحة وَالرجا
حـة وَالسـماحة وَالكَلام المعـرَّبِ
شـَهَروا بِفضـلهم وَهَـل يَخفى على
ذي نـاظِرٍ شـِيَةَ الصـَباحِ الأَشـهَبِ
لَـو يَسـتَرون نفوسهم قال النَدى
لِشـَواهِدِ العَليـاء قَومي فاخطُبي
قَـوم لَهُم صدر الدسوتِ إِذا هَمّوا
جَلَسـوا وَإِن رَكبوا فصدر الموكَبِ
لَــم تَخـلُ أَرض مِنهُـمُ مِـن صـَيبٍ
وَســماء مُجـدٍ منهُـمُ مِـن كَـوكَبِ
وَمهــذَّبون مُهَــذَّبون وَلَـن تَـرى
فــي النائِبـات مُهَـذِّباً كمهـذَّبِ
كهـف اللَهيفِ وَروض مرتاد النَدى
وَغِنـى الفقيـر وَأوبـة المتغَرِّبِ
وَأَبـوا عبيـد اللَـهِ درةُ تاجِهِم
وَسـوادُ نـاظِرِهِم وَقلـبُ المُقَنِـبِ
وَلَـو أَنَّ إِنساناً مِنَ الناس ادَّعى
لَهُـم الفَضـائل كُلَّهـا لَـم يكذبِ
هُـم حُلَّـة المَجـدِ القَديم وَجعفر
مـا بينهـم مثل الطرازِ المذهَّبِ
يا طالِب الرِزقِ الجَزيلَ ومن غَدا
في الناس راجي الفضلِ مِن مُتَطَلِّبِ
لا تطلبــنَّ الــرِزقَ إِلّا مِنهُمـوا
فَـإِن اسـتربت بِمـا أَقـولُ فجرِّبِ
كَيــفَ التـأخُّر عَنهـم وَلقـاؤهم
مِـن بَعـدِ تَقوى اللَهِ أَنجَحُ مطلَبِ
فلأكســونَّهُم المَـدائِحَ مِثـلَ مـا
قَـد البَسـوني مِـن نَـوالٍ مُقِثـبِ
مَـدحاً تُناشِدُهُ الشيوخُ إِذا خَلوا
طَربـاً وَيُنشده الفَتى في المكتَبِ
دامـوا ودام العـز يخـدمُ جَدّهم
وَيســُدُّ عنهــم كـل خطـب مُنكِـبِ
ما لاحَ ضوء البَدرِ في أُفُقِ العُلى
وَبَـدا الصـَباحُ فَشَقَّ دِرعُ الغَيهَبِ
أبو الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي. من كبار شعراء العرب، نعته الذهبي بشاعر وقته. مولده ومنشؤه في اليمن، وأصله من أهل مكة، كان يكتم نسبه، فينتسب مرة للعلوية وأخرى لبني أمية. وانتحل مذهب الاعتزال، وسكن الشام مدة، ثم قصد العراق والتقى الصاحب ابن عباد، وعاد فتقلد الخطابة بجامع الرملة، واتصل بالوزير المغربي فكان من أعوانه في ثورته على الحاكم الفاطمي، قال الباخرزي: (وقصد مصر واستولى على أموالها، وملك أزمة أعمالها، ثم غدر به بعض أصحابه فصار ذلك سبباً للظفر به، وأودع السجن في موضع يعرف بالمنسي حتى مضى لسبيله). ونقل ابن خلكان عن كتاب مجهول في يوميات مصر خبر مقتله في في دار البنود بمصر، وكان يسجن فيها من يراد قتله، وذلك يوم 9 جمادى الأولى 416هـ. وفي (نضرة الإغريض) نوادر من أخباره، منها أن حسان الطائي أقطعه حماة لقصيدة قالها في مدحه. ولم يثبت ابن خلكان قصيدته المشهورة (حكم المنية في البرية جار) لأنها كما قال من القصائد المحدودة. قلت: والقصائد المحودة هي التي تصيب حافظها بالسبب الذي كتبت لأجله.