
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَرحَــت نَفســي مِـن عـداة الملاح
لِليــأسِ روح مِثــلِ روحِ النَجـاح
وَرُبَّمـــا حَكَّمَـــت فــي مُهجَــتي
نَشـوان مِـن مـاء الصِبا وَالمراح
وَكَيــــفَ لا تُــــدرِكُهُ نَشــــوَةٌ
وَاللَحــظُ راحَ وَجَنـى الريـق راح
لَــو لَــم تَكُــن ريقَتُــهُ خَمـرَةٌ
لَمّــا تَثنــىَّ عطفــه وَهـوَ صـاح
يَبســـِمُ عَــن ذي أَشــَرٍ مِثلَمــا
يَلتَقِــط الظَــبيُ بِفيــه الأَقـاح
تُهــدي الصـَبا رَيّـاهُ مِـن رَوضـَة
تَظَــلُّ أَحيانــاً وَحينــاً تــراح
أَنيقَــــةٍ يَجمَــــعُ أَرجاؤُهـــا
بيــضُ المَقاصــيرِ وَبيــضُ الأَداحِ
وَلَــو دَرى مسـرى الصـَبا نَحوَهـا
ســَد مِــنَ البُخـلِ مَهَـبِ الرِيـاح
كَـــم مَـــرَّةٍ أَعجَزَنـــا حِلَّـــهُ
فَســاقَهُ النَــوم إِلَينــا سـِفاح
أَفلَتَـــهُ مِنّـــي وَقَـــد صــِدتُهُ
بِرَقـــدَةٍ صـــَوت مُنــادي الفَلاح
تُســـلِبنا اليَقظــة مــا زَفَّــهُ
لَنـا الكَـرى مِـن كُـلِّ خـود رَداح
فَنَحــنُ فــي نَــومٍ وَفــي يَقَظَـةٍ
بَيـــنَ دَنــوٍ مِنهُــمُ وانتِــزاح
وَمَوقِــفٌ لَــولا التَقــى لالتَقــى
فيــهِ نَجــادي ونظّــام الوشـاح
قُلـــتُ لِخلــي وَثغــور الرُبــى
مُبتَســـــِماتٍ وَثغـــــور المِلاح
أَيُهُمـــا أَحلــى تَــرى مَنظَــراً
فَقـــالَ لا أَعلَـــم كُــلُّ أَقــاح
كَيـفَ رَجـوعي فـي الهَـوى بَعـدَما
خَلَعتــــه خَلـــع رِداء فطـــاح
وانجـاب عَـن فـوديَّ لَيـل الصـِبا
لِكُـــلِّ لَيـــلٍ مُـــدلَهِمٍّ صــَباح
فـــازوَرَّت الـــبيضُ بِأَبصــارِها
مَطروفَــةً عَنّــي وَكــانَت صــِحاح
مَــن كــانَ يَهــواكَ لِشـَيءٍ مَضـى
إِذا مَضـــى عَنـــكَ تَــوَلّى وَراحَ
وَخَلَّـــهُ أَظهَـــرَ مـــا أَضــمَرَت
ســَيري فَقــالَت أَقلــىً وَاطِّـراح
فانحَـلَّ سـِلكَ الـدَمعِ فـي ثَغرِهـا
فَشـــَجَّت الخَمــرُ بِمــاءٍ قــراح
وَلَيــسَ يُمضــي عَزمَــتي لَـو دَرَت
مُغـــرٍ وَلا يَعطِفهـــا قَـــولَ لاح
لَـو علمَـت أَن العلـى فـي السُرى
قالَت عَلى الرَشد انحَ ما أَنتَ ناح
آلَيــت استَســقي ســِوى مَنصــِلي
إِن الغَـــوادي بِمُــرادي شــحاح
المَجــد شــرب لَــم يَـزَل مـاؤُهُ
مُرَقرِقــاً فَــوقَ صــفاح الصـفاح
لِكُـــلِّ مُعتــادٍ ضــراب العــدى
مِـن فَـوق مُعتـاد ضـَريب اللِقـاح
يُـــديرُ وَالمَـــوت لَــهُ فــاغرٌ
طَرَفـــاً فَـــوقَ طـــرف وَقـــاح
يَنصـُل فـي الطَعـنِ حـراب القَنـا
كَأَنَّهــا أَلســِنَة فــي الجِــراح
يَعتَصـــِبُ المَجــد عَلــى نَفســِهِ
وَقَـد يُبيـحُ الطَعـن غَيـرَ المُباح
وَمجهـــــل مُشــــتَبِه طرقــــه
كَأَنَّمـــا هُـــنَّ خُطـــوط بِــراح
يُســـعِدُني فيـــهِ وَفــي غَيــرِهِ
ذو صــــــُدورٍ كفلاة فِســــــاح
كَأَنَّمــــا أَشـــباح أَنضـــائنا
قِســـيٌّ نَبـــع وَكَأنّـــا قــداح
حَتّـى اجتَلَينـا بَعـدَ طـولِ السُرى
بغــرَّة الكامِــل وَجــه الصـَباح
فَقـالَ لـي صـاحِبي أَبـدَرُ السـَما
فَقُلــتُ لا بَـل هـوَ بَـدرُ السـَماح
ينبيـــك عَـــن ســـؤددٍ بشــره
مَخــائِل الســُؤدَدِ خَــرس فَصــاح
صـَعب إِبـاء النَفـس سـَهل النَـدى
إِنَّ المَعــالي شــَدَّةٌ فــي سـَماح
هَــل يَقبَــل الضــَيم فَـتىً حَيَّـهُ
فــي الكُفـرِ والإِسـلامِ حَـيُّ لِقـاح
يَــــذكُر التيجــــان آبـــاءُهُ
بِـــهِ وَتِلـــكَ القَســمات المِلاح
إِذا رَأتــــهُ قلقَــــت هَــــزَّةٌ
كَأَنَّمــا فــي كُــلِّ تــاج جنـاح
تَبكــي لكَســرى وَتَـرا آي ابنَـهُ
فَيَســـتَحيل الأرتيــاع ارتِيــاح
فَهَــل تَـرى التيجـان مِنـهُ عَلـى
بَـدرٍ لِبَـدرٍ التَـمِّ مِنـهُ افتِضـاح
يَختِـــم مــا اســتَفتَح آبــاؤهُ
وَلِلعُلـــى خاتِمَـــة وافتِتـــاح
قَـــد عـــدل الــدَهرُ بــإِعلائِهِ
وَكُـلُّ مـا فـي الـدهر ظلـم صِراح
واصــطَلَحَ النــاس عَلــى فَضــلِهِ
واختَلِفــوا بَعــدُ فَلَيـسَ اصـطِلاح
شــَرَّفتُ نَفســي باِمتِــداحي لَــهُ
فَقَــد تَعَجَّلَــت ثَــوابُ امتِــداح
لَمّــا أَنــاخ الجــودَ فـي كَفِّـهِ
نــادى بِــأَعلى صــَوتِهِ لا بَـراح
فــي كَفِّــهِ أَحيــا وَمِــن كَفِّــهِ
أَحشــَر إِن حُـمَّ القَضـاءَ المُتـاح
مُقَســــَّم الخــــاطِرِ مَكـــدوده
فــي تَعـب مِـن مَجـدِهِ لا اسـتِراح
يَطمَـــح مِــن عِــزٍ إِلــى آخَــرٍ
دامَ لَــهُ العِــزُّ وَدامَ الطِمــاح
فــي عَســكَرٍ مِــن نَقســِهِ رأيـهِ
رايَتِـــهِ إِن عَلِـــم الحَــربُ لاح
يَهــزِم مَــن زاحَــمَ عَــن أَنفُـسٍ
مُكَلَّمــــات وَجُســــوم صــــِحاح
قَــد يَغلِــبُ المَــرءُ بِتَــدبيرِهِ
أَلفـــاً وَلا يَغلِبهُـــمُ بِالســِلاحِ
وَلِلمُعــادي رُتَــبٌ فــي العِــدى
الـرأي ثُـمَّ الكيـد ثُـمَّ الكِفـاح
وَلَيــسَ بَعــدَ الحَـربِ مِـن غايَـةٍ
هُــنَّ حُظــوظ مِثـلَ ضـَربِ القِـداح
وَلا يُبــالي عِنــدَ فَــلِّ العِــدى
أَهيبَــــة فلتهـــمُ أُمَ رِجـــاح
حــامى عَـن المُلـكِ فَأَضـحى حِمـىً
مِـن بَعـدِ مـا شـارَف أَن يُسـتَباح
فَصــارَ عَرينــاً لِلَيــث الشــَرى
وكــانَ مَرعــىً لِلسـوام المـراح
يُــــوَفِّر الأَمــــر أَلا إِنَّمــــا
رَأســان فــي تــاج خِلاف الصـَلاح
ثُــمَّ اِنثَنــى إِذ كَفَــروا سـَعيَهُ
لكـــل مطـــواعٍ ذَلــول جِمــاح
ذو ســــَحب تنبــــت أَعـــداءَهُ
وَحاســديه فــي جَميــع النَـواح
وَالفَضــلُ مَحســودٌ وَقَــد حــازَه
فَمــا عَلــى حاســدِهِ مِـن جُنـاح
كَــم نــاقِصٍ ترجــم عَــن فاضـِلٍ
دَلَّ عَلـــى بَيــت كَريــم نُبــاح
وَمَــن رأى تــاج المَعـالي عَلـى
مَفــرق لَيـث فَـوقَ طَـرَف النَجـاح
قَــد نــالَ بِــالأَقلام مـا قَصـَّرت
أَو قَصــُرَت عَنــهُ طـوال الرِمـاح
مِثــلَ الأَفــاعي الرَقــش أَقلامُـهُ
فَهُـــنَّ دُريـــاق وَســـُمٌّ ذبــاح
إِن لمـــس الطـــرس بِأَطرافِهــا
فـــاضَ نَــوالاً وَبَيانــاً وَســاح
وَشـــمت مِـــن أَنملــه أَبحــراً
لؤلـــؤهنَّ الكَلِمـــات الفِصــاح
حكمـــة آبـــائك مِـــن فــارِسٍ
كَســَوتها لَفــظ قُرَيــش البِطـاح
يُظهِــــــر آلأوكَ إِخفاؤهــــــا
إِنَّ النَــدى مِسـك إِذا صـين فـاح
وَالعُــرف بَــدر كُلَمّــا اســدَفَت
لَــهُ لَيـالي الجحـد زادَ اتِضـاح
قُــل لِبَنــي الآمـال هَبـوا فَقَـد
هَبَّــت بِكُــم بــابن عَلـي رِيـاح
مَحـــا بِــهِ الــدَهر إِســاءآتِهِ
تَنَصـــُّلاً وَالـــدَهر واحٍ وَمـــاح
يــا ابـن علـي أَعـدني بِـالغِنى
كَمِثــلِ مــا أَعـديتَني بِالسـَماح
طــارَ إِلـى العَليـاء قَـوم وَمـا
قَصــَّرتُ لَكِـن كَيـفَ لـي بِالجَنـاح
دونَ العُلـــى ملحمـــة صـــَعبَة
ســِلاحُها المــال وَمــالي ســِلاح
آن لِجــادي الغَيــث أَن يَجتَــدي
وَمُســتَميح البَحــر أَن يُســتَماح
فاســلم وَعِـش فـي رفعَـة نَجمهـا
فــي فلـك العِـز حليـفَ النَجـاح
وَدَم كَمــا أَنــتَ فَمــا بَعـد ذا
لِمَـن دَرى كَيـفَ المَعـالي اقتِراح
فــي عَــزِّ إِقبــال وَيُمــنٍ وَفـي
ظِـــل ســُعودٍ يَقتَــدي بِالصــَلاح
مـا شـَق نـور الفَجـر درَع الدُجى
وَمـا دَعـا فـي الأَيـك طَيـرٌ وَناح
أبو الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي. من كبار شعراء العرب، نعته الذهبي بشاعر وقته. مولده ومنشؤه في اليمن، وأصله من أهل مكة، كان يكتم نسبه، فينتسب مرة للعلوية وأخرى لبني أمية. وانتحل مذهب الاعتزال، وسكن الشام مدة، ثم قصد العراق والتقى الصاحب ابن عباد، وعاد فتقلد الخطابة بجامع الرملة، واتصل بالوزير المغربي فكان من أعوانه في ثورته على الحاكم الفاطمي، قال الباخرزي: (وقصد مصر واستولى على أموالها، وملك أزمة أعمالها، ثم غدر به بعض أصحابه فصار ذلك سبباً للظفر به، وأودع السجن في موضع يعرف بالمنسي حتى مضى لسبيله). ونقل ابن خلكان عن كتاب مجهول في يوميات مصر خبر مقتله في في دار البنود بمصر، وكان يسجن فيها من يراد قتله، وذلك يوم 9 جمادى الأولى 416هـ. وفي (نضرة الإغريض) نوادر من أخباره، منها أن حسان الطائي أقطعه حماة لقصيدة قالها في مدحه. ولم يثبت ابن خلكان قصيدته المشهورة (حكم المنية في البرية جار) لأنها كما قال من القصائد المحدودة. قلت: والقصائد المحودة هي التي تصيب حافظها بالسبب الذي كتبت لأجله.