
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا لَيلَـةً شـكر الهَوى أَحبابُها
رَقَّــت حَواشـيها وَطـابَ جنابُهـا
مـا كـانَ أَقرَب شَرقَها مِن غَربِها
وَأَقَـلُّ مـا حجـب الصَباح حِجابُها
أَهـدَت لَنـا أَسـماء وَرداً زاهِراً
فيهـا وَغُصـناً يَزدَهيـهِ شـَبابُها
فَالغُصـنُ مِنهـا ما حَواهُ وشاحها
وَالـوَردُ مِنهـا مـا يَضُمُّ نِقابُها
ظَلَّــت وَقَـد حلـت ذَوائب شـعرها
بِبنانهــا فَتَهَــدَّلَت أَورابُهــا
كالجَنَّـةِ الزَهـراء طـافَ بكرمِها
عنابهــا فَتَنــاثَرَت أَعنابُهــا
وَتَبَسـَّمَت وَالكـأس حَشـو بَنانِهـا
فَرَأَيـتُ مِثـلَ الكَأس طابَ رضابُها
فَلثغرهــا وَلريقِهــا وَلطيبِهـا
نَفحاتِهــا وَحبابِهــا وَشـَرابُها
وَالأَقحـوان عَلـى الشـَقائق ناثِرٌ
أَوراقـه نـثر القُطـار سـحابها
فَتَراهمـا كالكـأس عِنـدَ طُلوعِها
هَــذا لَــهُ راحٌ وَذاكَ حُبابُهــا
لِلَــــهِ كاســـاتٌ ثَلاثٌ جَمَّعَـــت
لِــذاتِها فَتَناســَبَت أَســبابُها
وَلَقَـد نعمـت بِهـا لَيـاليَ لَمّتي
تَعـزي إِلـى أَهل الضَنى أَنسابُها
حَتّـى إِذا لَعِـبَ المَشـيب بِحُسنِها
عزَفَـت لَـهُ نَفسـي وَزالَ لُعابُهـا
لـي عِنـدَ أَيـامي تُـراث لَو غَدَت
مَحســوبَة أَعيــا عَلـيَّ حِسـابُها
صــاحبتها عشـرين حَـولاً كـامِلاً
سـَيراً وَقَـد مَـلَّ السُرى أَصحابُها
طـوراً أَغـورُ وَتارَةً أَعلو الذُرى
وَتمُجُّنــي أَهضــامُها وَهِضــابُها
وَكَـأَنَّني فـي الغَـورِ سـِرٌّ ضـائِعٌ
وَكَـأَنَّني فَـوقَ العِقـاب عِقابُهـا
فـي حَيث لا يَلقى الغَريب غُرابها
أَبَـداً وَلا يَرجـو الأَيـاب ذُبابُها
يَرمـي الوجـوهَ سـِهامِها وَالشـَم
سُ يَلعَــبُ فـي الفجـاج لعابُهـا
أَلقـى بِحُـرِّ الـوَجه حُـرَّ هجيرها
وَكَـذاكَ دأبـي في الأَصيلِ وَدابُها
فـي كُـلِّ ذَلِـكَ أَبتَغـي حُـرّاً لَـهُ
نَفـس تَميـل إِلـى العُلى آدابُها
حَتّـى رَأيـتُ الكامِل العَلَم الَّذي
عطفـت إِلَيـهِ مِـنَ الأَنامِ رِقابُها
لَمّــا أَنخَـت إِلـى ذراه مـؤمِّلاً
هـانَت عَلـيَّ مِـنَ الأُمـورِ صِعابُها
لِلَّـــهِ دَرُّكَ أَيُّ كاشـــِفٍ كُربَــةٍ
كـثر الجَـوابُ بِهـا وَقَلَّ صَوابُها
يَهــديهمُ طُـرُقَ الأَصـابة بَعـدَما
حـارََت بِـهِ مِـن مَعشـَر البابُهـا
رَفَعـتُ بِهِمَّتِـكَ المَمالِـك عَهـدَها
وَتَمَسـَّكتُ أَقـوى العـرى أَطنابُها
تَتَســاقَطُ الأَعـداء حَولَـكَ رَهبَـةً
وَتَظَــلُّ تَرمـي بِالـدَنيّ غِضـابِها
يَبــدون عِنــدَكَ ذِلَّــةً وَمَهابَـةً
وَإِذا بعــد تَكَشــَّرَت أَنيابُهــا
مِثــلَ الكِلاب السـائِماتِ وَإِنَّمـا
مِثـلَ الكِلاب مِـنَ الأنـامِ كِلابُهـا
يَنبَحـنَ مِـن شـَمِّ الهَزبَـر وَصَوتِهِ
وَإِذا رَأَتــهُ تَحَرَّكَــت أَذابُهــا
لَسـت الَّـذي يَثنـي عَـزائِم بأسِهِ
كيـد العـداةِ وَلَـن يَطنَّ ذُبابُها
زهـرت بِـكَ الـدُنيا وَقر قَرارها
وَصـَفَت مَـدائِنُها وَطـابَ تُرابُهـا
وَكَشـَفَت عَـن مَلِكِ المُلوكِ نَوائِباً
يَنتــابُ دَولتِــهِ وَلا تَنتابُهــا
فـاهتَزَّ مِـن بِعدِ الهمودِ عَمودها
وَأَنـارَ مِـن بَعدِ الخُمودِ شِهابُها
فَمَـتى يَكُـن أَمـن فَأَنَّـكَ بابهـا
وَمَـتى يَكُـن خَطـبٌ فَأنَّـكَ نابُهـا
جاسـَت كَتائِبُهـا الدِيار وَأَوجَفَت
بِـالأمنِ فيهـا خَيلِهـا وَرِكابُهـا
وَتَطأطـأت هِمَـمُ المُلـوكِ وَأَسمَحَت
بَعـدَ الخَـرابِ وَقادَهـا إِرهابُها
يـا ذا الجَلالَـةِ والأَصالَةِ وَالَّذي
ضـاقَت بِهِمَّتِـهِ الـدنا وَرِحابُهـا
عَمَّــت أَياديــكَ الأَنـامِ وَخَصـَّني
مِنهـا بِجـودكَ صـَفوَها وَلُبابُهـا
فَلَئن كفرتكهــا فــأنّي كــافِرٌ
وَلَئِن جَحــدت فَــأَنَّني كَــذّابُها
وَوَعَـدتُ بِالعَمـلِ الَّـذي نَفسي بِهِ
تَصــبو وَتَنمـي نَحـوَهُ أَوصـابُها
شــيرازُ ضــَدٌّ لِلغَريــبِ فَأَنَّهـا
فـي البَـردِ مَصبوب عَلَيهِ عَذابُها
ثَلــجٌ يَــدومُ فَلا يَقـومُ لِبأسـِهِ
عِنـدَ الهُجـومِ لبودِهـا وَجِبابُها
أَنا ضائِنٌ في الناسِ لَيسَ مُوافِقاً
لـي مِـن شـُهورِ الـرومِ إِلّا آبُها
فَمَـتى أَتـى تَشـرين فيها عاطِلاً
ذَهَبَـت بِـهِ نَفسـي وَهـانَ ذَهابُها
فـانظُر إِلـيَّ بِرحمَةِ أَو فارمِ بي
بَعـضَ الفجـاج أَلَم تَجي إِخصابُها
قَـد كانَ لي في الأَرضِ أَلفُ مَعيشَةٍ
لَـو شـِئتَ لَم تصعب عَلَيك صِعابُها
لَكِـن علمـت بِـأَنَّ أَكثَـرَ مُنِيَّـتي
عقـدت بِوجهـك ذي العَلاءِ رِغابُها
وَالرّأي أَجمَع في الَّذي تَنوي لَها
أَو تَهتَــدي لِرَشـادِها أَلبابُهـا
أبو الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي. من كبار شعراء العرب، نعته الذهبي بشاعر وقته. مولده ومنشؤه في اليمن، وأصله من أهل مكة، كان يكتم نسبه، فينتسب مرة للعلوية وأخرى لبني أمية. وانتحل مذهب الاعتزال، وسكن الشام مدة، ثم قصد العراق والتقى الصاحب ابن عباد، وعاد فتقلد الخطابة بجامع الرملة، واتصل بالوزير المغربي فكان من أعوانه في ثورته على الحاكم الفاطمي، قال الباخرزي: (وقصد مصر واستولى على أموالها، وملك أزمة أعمالها، ثم غدر به بعض أصحابه فصار ذلك سبباً للظفر به، وأودع السجن في موضع يعرف بالمنسي حتى مضى لسبيله). ونقل ابن خلكان عن كتاب مجهول في يوميات مصر خبر مقتله في في دار البنود بمصر، وكان يسجن فيها من يراد قتله، وذلك يوم 9 جمادى الأولى 416هـ. وفي (نضرة الإغريض) نوادر من أخباره، منها أن حسان الطائي أقطعه حماة لقصيدة قالها في مدحه. ولم يثبت ابن خلكان قصيدته المشهورة (حكم المنية في البرية جار) لأنها كما قال من القصائد المحدودة. قلت: والقصائد المحودة هي التي تصيب حافظها بالسبب الذي كتبت لأجله.