
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
اللــه جــارك إنَّ دمعــيَ جـاري
يــا مــوحشَ الأوطــان والأوطـار
لمـا سـكنت مـن الـتراب حديقـة
فاضــت عليــك العيـنُ بالأنهـار
شـتان مـا حـالي وحالـك أنت في
غـرفِ الجنـان ومهجـتي في النار
خـفّ النجا بك يا بنيّ إلى السرى
فســـبقتني وثقلـــتُ بــالأوزار
ليـت الرّدى إذ لم يدعك أهاب بي
حــتى نــدوم معـاً علـى مضـمار
ليـت القضـا الجـاري تمهل وِرده
حــتى حســبت عــواقب الإصــدار
مــا كنـت إلا مثـل لمحـة بـارق
ولــى وأغــرى الجفـن بالإمطـار
أبكيـك مـا بكـت الحمامُ هديلها
وأحــنّ مــا حنـت إلـى الأوكـار
أبكــي بمحمــرِّ الـدّموع وإنمـا
تبكــي العيـون نظيرهـا بنضـار
قــالوا صـغيراً قلـت إنَّ وربمـا
كـانت بـه الحسـرات غيـر صـغار
وأحـقّ بـالأحزان مـاض لـم يسـيء
بيــــدٍ ولا لســـنٍ ول إضـــمار
نـائي اللقـا وحماه أقرب مطرحاً
يــا بعــد مجتمـع وقـرب مـزار
لهفــي لغصــن راقنــي بنبـاته
لــو أمهلتــه الــتربُ للإثمـار
لهفــي لجــوهرةٍ خفــت فكـأنني
حجبتهــا مــن أدمعــي ببحــار
لهفــي لسـار حـار فيـه تجلـدي
وا حيرتــي بــالكوكب الســيَّار
سـكن الـثرى فكـأنه سـكن الحشا
مـن فـرط مـا شـغلت بـه أفكاري
أعــزِز علـيّ بـأن ضـيف مسـامعي
لـم يحـظَ مـن ذاك اللسان بقاري
أعـزز علـيّ بـأن رحلـت ولم تخض
أقــدام فكــرك أبحــر الأشـعار
أعـزز علـيّ بأن رفقت على الردى
وعليــك مــن دمعـي كـدّر نثـار
أبنــيّ إن تكــسَ الـتراب فـإنه
غايــات أجمعنــا وليــس بعـار
مـا فـي زمانـك مـا يسـّر مؤملاً
فـاذهب كمـا ذهب الخيال الساري
لــو أن أخبــاري إليـك توصـلت
لبكيـتَ فـي الجنـات مـن أخباري
أحــزان مــدّكرٍ ووحشــةُ مفــردٍ
ومقـــام مضـــيعة وذلّ جـــوار
أبنـيّ إنـي قـد كنزتك في الثرى
فــانفع أبــاك بسـاعة الإقتـار
أبنــيّ قــد وقفـت علـيّ حـوادثٌ
فــوقفنَ مــن طلــل علـى آثـار
ومضـى البياض من الحياة وطيبها
لكنهــا أبقتــه فــوق عــذاري
نـمْ وادعـاً فلقـد تقـرح نـاظري
ســهراً ونــامت أعيــنُ السـمار
أرعـى الـدّجى وكـأنَّ ذيـل ظلامـه
متشــبثٌ بــالنجم فــي مســمار
خلـع الصـباح علـى المجرة سجفه
أم قســمت شــمس النهـار دراري
أم غـاب مـع طفـل أخيـرُ دجنـتي
لا كوكـــبي فيهــا ولا أســحاري
تبًّـا لعاديـةِ الزمان على الفتى
فلقـد حـذرت ومـا أفـاد حـذاري
وحـويت دينـاراً لوجهـك فـانتحى
صــرف الزمـان فـراح بالـدينار
أبنـيّ إن تبعـد فـإنَّ مدى اللقا
بينــي وبينــك مســرِعُ التيـار
إن تسـقني فـي الحشر شربة كوثرٍ
فلقــد ســقتك مــدامعي بغـزار
كيـف الحيـاة وقـد دفنت جوانحي
مــا بيــن أنجـادٍ إلـى أغـوار
وحــوى نــبيّ تـراب مصـر وجلـق
كــالغيم مرتكنــاً علـى أقمـار
طرقـت علـى تلـك النفـوس طوارق
وطـرت علـى تلـك الجسـوم طواري
وبـدت لـدى البيـدا مطي قبورهم
علمـــاً بــأنهمُ علــى أســفار
قسـماً بمـن جعـل الفنـاء مسافة
إنــا علــى خطــرٍ مـن الأخطـار
قــل للــذين تقــدمت أمثـالهم
أيــن الفــرار ولات حيـن فـرار
مــا بيــن أشـهبَ للظلام معـاود
ركضــاً وأدهــم للــدجى كــرار
يطـأ الصـغير ومـن يعمـر يلتحق
وعليــه مــن شـيبٍ كنقـع غبـار
مـالي وعتـب الشـهب في تقديرها
ولقــد تصــاب الشـهب بالأقـدار
لا عقـرب الفلك اللسوب من الردى
ينجـو ولا أسـد الـبروج الضـاري
يرمــي الهلال بقوســه أرواحنـا
ولقــد يصــاب القـوس بالأوتـار
كتـب الفنـاء علـى الشواهد حجة
غنيــت عــن الإقــرار والإنكـار
فلتظهـر الفطـن الثـواقب عجزها
فظهـــوره ســـر مــن الأســرار
وليصـــطبر متفجـــع فلربمـــا
فقــد المنــى ومثوبـة الصـبَّار
أين الملوك الرافلون إلى العلى
عــثروا إلـى الأجـداث أيّ عثـار
كـانوا جبـالاً لا تـرام فأصـبحوا
بيــد الـردى حفنـات تـربٍ هـار
أيـنَ الكمـاةُ إذ العجاجة أظلمت
قـدَحوا القسـيّ وناضـلوا بشـرار
سـلموا على عطب الوغى ودجى بهم
داجـي المنـون إلـى محـل بـوار
أيـن الأصـاغر فـي المهود كأنما
ضــمت كمائمهــا علــى أزهــار
خلـط الحمـام عظـامهم ولحـومهم
حــتى تســاوى الــدّرّ بالأحجـار
فلئن صـبرت ففـي الأولـى متصـبرٌ
ولئن بــدا جزعــي فعـن أعـذار
درّت عليــك مـن الغمـام مراضـعٌ
وتكنفتــك مــن النجــوم جـوار
تسـقي ثـراك وليـس ذاك بنـافعي
لكـــن أغــالط مهجــتي وأداري
محمد بن محمد بن محمد بن الحسن الجذامي الفارقي المصري أبو بكر جمال الدين.شاعر عصره، وأحد الكتاب المترسلين العلماء بالأدب، أصله من ميافارقين، ومولده ووفاته في القاهرة.وهو من ذرية الخطيب عبد الرحيم بن محمد بن نباتة.سكن الشام سنة 715هوولي نظارة القمامة بالقدس أيام زيارة النصارى لها فكان يتوجه فيباشر ذلك ويعود.ورجع إلى القاهرة سنة 761 هـ فكان بها صاحب سر السلطان الناصر حسن.وأورد الصلاح الصفدي في ألحان السواجع، مراسلاته معه في نحو 50صفحة .له (ديوان شعر -ط ) و(سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون -ط).(سجع المطوق -خ) تراجم وغيرها.