
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
المَـرْءُ فـي الدُنيا خَيالٌ قد سَرَى
والعَيشُ مِثلُ الحُلم في سِنَةِ الكَرَى
والنـاسُ رَكْـبٌ قـد أنـاخَ بمَنـزِلٍ
فبَنى على الطُّرُقِ المدائنَ والقُرَى
لا مَرحَبـاً إنْ جـاءَتِ الـدُّنيا ولا
أسـَفاً إذا وَلَّـتْ وما الدُّنيا تُرَى
هـيَ كالسـَّرابِ يَزيـدُ مُهجـةَ وارِدٍ
ظَمـــأً ويَملأُ مُقلتَيـــهِ مَنظَــرا
غَــرَّارةٌ يسـبي الحكيـمَ خِـدَاعُها
مكـراً ويُطغِـي الفَيلَسـُوفَ الأكبرا
لاحـت لنا نارُ الحُباحِبِ في الدُّجَى
منهـا فخلنـا أنَّهـا نـارُ القِرَى
عِشـْنا كأنَّـا لـم نَعِـشْ ونموتُ عن
كَثَـبٍ كأنّـا لـم نَكُـنْ بينَ الوَرَى
ذَهَـبَ الزَّمـانُ ومَـنْ طَـواهُ مُقدَّماً
وكـذاكَ يَـذَهبُ مَـن يَليـهِ مُـؤَخراً
نبكــي ونَضـحَكُ للمَنّيـةِ والمُنَـى
وكِلاهمــا عَبَــثٌ يَــدُورُ مُكــرّرا
بِتْنـا نُنـادي حَيـدَراً ويَحـي وما
يُجـدِي إذا بِتْنـا نُنـادِي حَيـدَرا
هـذا الأميـرُ قَضـَى فسـالَتْ أكبُـدٌ
ومَـدامعٌ وجَـرَى القَضـاءُ بما جَرَى
لـم تَحْمِهِ البِيضُ الصَوارِمُ والقَنا
والشـُوسُ والجُـرْدُ السَلاهِبُ والذُرَى
هــذا الــذي كنَّـا نَعيِـشُ بظِلِّـهِ
قـد صـار تحـتَ ظِلالِ رَمـسٍ أقفَـرا
هــذا الــذي ضـبَطَ البِلادَ بكَفِّـهِ
قـد بـاتَ مغلـولَ اليَـدينِ مُعفَّرا
يـا طالمـا أغنَـى الفقيرَ بجُودِهِ
واليـومَ صـار أضـَرَّ منـهُ وأفقَرا
أمسـَى وحيـداً فـي جـوانبِ حُفْـرةٍ
مَـن كـان يَجمَـعُ فـي حِماهُ عَسكَرا
مِنَّــا السـَّلامُ بكـل تَكْرِمـةٍ علـى
مَـن لـم يَمُـدَّ إلـى وَداعٍ خِنصـِرا
قــامت تُشــيِّعُهُ الرِجـالُ مُشخَّصـاً
ومَضــَتْ تُشــيِّعُهُ القُلـوبُ مُصـوَّرا
أولـى العِبـادِ برَحمةٍ من لم يَكُنْ
عَـرَفَ المَظَالِمَ في العِبادِ ولا دَرَى
وأحَـقُّ بالإحسـانِ مَـن لم يُهمِل ال
مَعـروفَ قَـطُّ ولـم يُباشـِرْ مُنكـرَا
بَكَــتِ الأرامـلُ واليَتـامَى حَسـْرةً
لمَّــا رأتْ قلـبَ السـَماحِ تَحسـَّرا
وتَنهَّـدَ المجـدُ الـذي ربَّـاهُ مـن
صــِغَرٍ فكــانَ لـهُ أبـاً ومُـدبِّرا
ســَلَبَ الزَّمـانُ مـنَ الأفاضـلِ دُرَّةً
لــو كَلَّفــوهُ بمِثلِهــا لَتَعـذَّرا
ولرُبمــا نَفِــدَ الزَّمـانُ وذِكـرُهُ
نُملــي بــهِ جُمَلاً ونَكتُـبُ أسـطُرا
قد كانَ عَوْفاً في الوَفاءِ ولم يَزَلْ
فـي الحِلمِ مَعْناً والسَماحةِ جَعْفَرا
وإذا تَفقــدَّتَ المَحامِــدَ كلَّهــا
ألفَيـتَ كُـلَّ الصَيدِ في جَوفِ الفَرا
كـلٌّ يُبـالغُ فـي المديـحِ بِشـعرِهِ
ويَظَــلُّ مــادِحُهُ الأميــنُ مُقَصـِّرا
ومَتَــى طَلَبْنـا رِيبـةً فـي نفسـِهِ
كـانَتْ لنـا عَنقـاءُ مَغـرِبَ أيسَرا
ذاكَ الــذي لــم يَتَّخِـذْ لكُنـوزِهِ
عَرَضـاً مـن الـدُّنيا فصادَفَ جَوْهَرا
حَـقٌّ علـى الخُطَبـاءِ ذِكـرُ صـِفاتِهِ
مَثَلاً شـَرُوداً حيـنَ تَعلُـو المِنْبرا
بَحـرٌ حَـواهُ النَّعـشُ فـوقَ منـاكبٍ
تَسـعَى ولـم نَعهَـدْ كـذاكَ الأبحُرا
وفَريـدةٌ فـي الرَّمس قد دُفِنَتْ وكم
مـن معـدنٍ تحـتَ التُّـراب تَسـتَّرا
وَيلاهُ مِــن هـذي الحيـاةِ فإنَّهـا
كالظِـلِّ تحتَ الشَمسِ يَمشِي القَهْقَرى
إنَّ الحيـاةَ هـيَ الشبابُ وإن تَزِدْ
نَقَصــتْ كلفــظٍ بالزيـادةِ صـُغِّرِا
نرجـو من الدُّنيا الدَّوامَ ونَفسُها
كحُطامِهــا ممَّــا يُبـاعُ ويُشـترَى
دُوَلٌ وأجيـــالٌ تَمُـــرُّ وتَنقَضــي
فيهـا وتَبقَـى الكائِناتُ كما تَرَى
فسـَقَتْ غَـوَادِي الفَضـلِ تُربةَ فاضِلٍ
ممَّــن يُـؤَرَّخُ كـان غُوثـاً للـوَرَى
كُنَّــا نُــؤَرّخُ فضــلَ مِنْحـةِ كَفِّـهِ
صـِرنا نـؤَرّخُ رمسـهُ تحـتَ الثَّـرى
ناصيف بن عبد الله بن ناصيف بن جنبلاط.شاعر من كبار الأدباء في عصره، أصله من حمص (سورية) ومولده في كفر شيما بلبنان ووفاته ببيروت.استخدمه الأمير بشير الشهابي في أعماله الكتابية نحو 12سنة، انقطع بعدها للتأليف والتدريس في بعض مدارس بيروت وتوفي بها.له كتب منها: (مجمع البحرين -ط) مقامات، (فصل الخطاب -ط) في قواعد اللغة العربية، و(الجوهر الفرد -ط) في فن الصرف وغيرها.وله، ثلاثة دواوين شعرية سماها (النبذة الأولى -ط) و(نفحة الريحان -ط) و(ثالث القمرين -ط).