
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تفــاخر المـاء والهـواءُ
وقـد بـدا منهمـا ادِّعـاءُ
لســان حــال وليـس نطـق
ولا حــــروف ولا هجــــاء
فابتـدأ المـاء بافتخـار
وقــال إنـي بـي ارتـواء
وبــي حيــاة لكــل حــي
أيضـا وبـي يحصـل النماء
وكــان عـرش الإلـه قـدماً
علــيَّ يبـدو لـه ارتقـاء
وطهــر ميــتٍ أنــا وحـيٍّ
لـولاي لـم يطهـر الوعـاء
ولا وضـــوء ولا اغتســـال
إلا وبــي مــا لـه خفـاء
وبــالهواء اشـتعال نـار
ضـرت وللنـار بـي انطفاء
وأحمـل النـاس فـي بحـار
كـــأنني الأرض والســماء
وعنــد فقـدي ينـوب عنـي
فـي الطهر ترب به اعتناء
وأهلــك اللـه قـوم نـوح
لمـا طغـوا بـي لهم شقاء
وليــس لــي صـورة ولـون
لــوني كمـا لُـوِّن الأنـاء
وقـال عنـي الإلـه رجس ال
شــيطان بـي ذاهـب هبـاء
والخلـق يرجـونني إذا ما
مســكت عنهـم لهـم دعـاء
والأرض تهــتز بـي وتربـو
فيخــرج النبـت والـدواء
فقـام يعلـو الهواء جهراً
وقـال إنـي أنـا الهـواء
فــإن أنفــاس كــل حــي
تكـون بـي للحيـاة جاؤوا
وإننــي حامــل الأراضــي
والمـاء فيهـا له استواء
وأهلــك اللـه قـوم عـاد
بشــدتي مــا لهـم بقـاء
أُرَوِّح القلـــب بانتشــاق
فيحصــل الطيـب والشـقاء
وأدفـع الخبـث حيث هب ال
نسـيم يصـفو بـي الفضـاء
ومــا لحـي مـن البرايـا
عنــي مــدى عمـره غنـاء
والنطـق بي لم يكن بغيري
والصوت في الخلق والنداء
وليـــس كـــل الكلام إلا
حروفـه بـي لهـا انتشـاء
وبــي كلام الإلــه يتلــى
فيهتـدي مـن لـه اهتـداء
وســنة المصــطفى روتهـا
رواتهـا بـي أيـان شاءوا
وكــل معنــى لكــل لفـظ
فــانه بــي لـه اقتضـاء
لـولاي مـا بـان علـم حـق
وعلــم خلــق والأنبيــاء
ولا يكـــون اســتماع أذن
إلا وبـى النـوح والغنـاء
وحاصـــل الأمـــر أن كلاً
مـن ذا وذا للردى اندراء
ومـا لهـذا فضـلٌ علـى ذا
ولا لــذا بـل همـا سـواء
وكــل مــاء لــه مزايـا
يكـون فيهـا لنـا الهناء
ولا هــــواء إلا وفيــــه
نفــع كمــا ربنـا يشـاء
ولكــن المـاء مـع تـراب
يصـير طينـاً هـو ابتـداء
وآدم كـــان أصــله مــن
طيـن وأضـحى لـه اصـطفاء
والمـارج النـار مع هواء
ســـموم ريـــح وذاك داء
ومنـه إبليـس كـان خلقـاً
لــه افتخــار وكبريــاء
فكيـف يعلـو الهواء يوماً
والمـاء فينـا لـه العلاء
بـه الطهـارت والـذي لـم
يجــده تـرب بـه اكتفـاء
والنـار فيها العذاب حتى
لكــل شــيء بهــا فنـاء
وإنمـا نورهـا اشتعال ال
هــواء فيهــا لـه ضـياء
والـترب فيه الجسوم تبلى
فيظهــر الــذم والثنـاء
وعــز ربــي وجــل عمــا
تقــول أن يلحـق الخطـاء
بخلقـــه ربنـــا عليــم
والعلـم عنـا لـه انتفاء
والفضـل منـه يكـون لا من
ســواه حقــا ولا امـتراء
عبد الغني النابلسي.شاعر عالم بالدين والأدب مكثر من التصنيف، تصوف ولد ونشأ في دمشق ورحل إلى بغداد وعاد إلى سوريا وتنقل في فلسطين ولبنان وسافر إلى مصر والحجاز واستقر في دمشق وتوفي فيها.له مصنفات كثيرة جداً منها: (الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية - ط) و(تعطير الأنام في تعبير الأنام -ط) و(ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الأَحاديث -ط)، و(علم الفلاحة - ط)، و(قلائد المرجان في عقائد أهل الإيمان - خ)، و(ديوان الدواوين - خ) مجموع شعره وله عدة دواوين.