
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
نـاحَ الحمـامُ عَلـى غُصـينِ البـانِ
وَسـَطا الحِمـامُ عَلـى حمـى لُبنـانِ
هَبَّــت بِـهِ ريـحُ المَنـون زَعازِعـاً
فَعَــرى الـذبول شـَقائقِ النُعمـانِ
فَالاســدُ تَــزأَرُ وَالظِبـاءُ نَـوادِبٌ
وَرَدا الحــدادِ منقَّــطٌ بِالقــاني
وَالخَيـلُ تصـهلُ إِذ تَرى الدَمعُ دَماً
فَتخلــلُ فارســها بِيَــومِ طعــانِ
وَالهنــدوانُ يعــاف مَـأوى جفنِـهِ
حَتّــــى تُـــردَّ طَلائِعُ العُـــدوانِ
فَكَــأَنَّهُ فـي كَـفِّ مَـن كَـفَّ الـرَدى
يَـوم الـوَغى عَـن أَفـرس الفُرسـانِ
هُـوَ اللـوذعُ المَغـذوُّ مِن ثدي امّهِ
لبـان التقى وَالفَضل قَبل الشَبيبةِ
وَتَــرى وُجوهـاً كَالرَمـادِ وَمَأتَمـاً
أَبــدى الحــداد وَرايـة الأَحـزانِ
وَدُخــان لَوعــات القُلـوبِ مخيمـاً
وَتنفُّـــسَ الصـــَعداءِ كَــالنيرانِ
وَيلاهُ مـا هَـذا المصـاب لِمَـن يَرى
كنعـــان بــانَ مُــودّعَ الأَوطــانِ
وَيلاهُ مـا هَـذا الـوَداع فَهَـل لَـهُ
مِــن أَويــةٍ قَبـل إِنقِضـاء زَمـانِ
أَســَفٌ عَلــى أســفٍ لحامـلِ نَعشـِهِ
وَلنــــاظرٍ مِـــن معشـــر الخلّانِ
أَسـفاً فَلَـو بَطُـؤَ الزَمـانُ وَعـادهُ
ذاكَ الحَــبيبُ لَعـادَ كَـابنِ ثَمـانِ
لَكــنَّ غــاراتِ المَنايــا شـابَهَت
غــاراتِهِ فــي حلبَــةِ الميــدانِ
يامــا أَمـرَّ القَـولَ عَنـهُ لِسـائِلٍ
تَفــدى بِمَــن يُفــدى بِفَـردٍ ثـانِ
جـارَ الزَمـانُ بِحكمِـهِ الجاري بنا
يــا لوعــةَ الأَهليــن وَالجيـرانِ
يـا وَجـدَ أَربـاب النَهـى لِزَعيمهم
عِنــدَ إِنعِقـادِ الـرَأي بِالبُرهـانِ
تَقـــيٌّ شـــَهيٌ يوســـفّىٌ جَمــالُهُ
رَؤوفٌ عَطــوفٌ نَحــوَ أَهـلِ المَذلـةِ
مـا أَحـوج العليـا إِلَيـهِ وَآلهـا
بِمحافـــلِ الســـادات وَالأَعيــانِ
لَـم يـدنُ مِنـهُ المَـوت خشيةَ بَأسِهِ
فَهُـوَ اِرتَضـاهُ وكـانَ مِنـهُ الداني
بِــالعزِّ جــادَ بِنَفســِهِ وِبِمــالِهِ
وَشــَرى النَعيــم بِـأَنفسِ الأثمـانِ
تَبكــي اليَتـامى وَالأَيـامي جـودهُ
مَــع خــازِني الافضــال وَالاعـوانِ
يَبكيـهِ فـي حـلِّ المَشـاكل صـَعبُها
يَـوم اِزدحـام الجَمـع في الديوانِ
يـا لَيثُ مَن غادَرَتَ يَرتعُ في الحمى
فَيجيــبُ أَشــبالي تحــلُّ مَكــاني
أَودَعتهــم سـرّي كَمـا اِسـتَودَعتهم
فَضـــلي وَخلّانــي وَصــدق لِســاني
فَهُــمُ لَنـا سـَلوى القُلـوب لانهـم
فـــرعٌ لاصـــلٍ راســـِخٍ بِجنـــانِ
وَالفــرعُ يُعـرفُ نَـوعهُ مِـن أَصـلِهِ
وَثِمـــارُهُ تُجنــى مِــن الأَغصــانِ
أَبقـــاهُم المَـــولى مَلاذاً للملا
وَبِهُـــم تُخمَّــدُ جَمــرة الأَشــجانِ
ملجـا الخلافـة والعدالـةِ مَن غدا
فـي مـا بـهِ خيـر العِبـادِ مفكِرا
فَذا دانيالُ الحاذقُ الفَهم من حَكى
ســَميّاً نَبيّــاً المَعيــا بِحكمــةِ
لا كــانَ يَــومٌ فيـهِ غـابَت شَمسـهُ
لَيـتَ ابـن نـونٍ كـانَ فـي الأَكوانِ
يَـومٌ تَـوارى بِـالثَرى لَيـث الشَرى
وَبِـهِ الـوَرى أَسـفت عَلـى الشجعانِ
وَمســطر التاريــخ عــرّجَ نائِحـاً
نَـوحَ الحَمـامِ عَلـى غُصـينِ البـانِ
جرمانوس الشمالي.شاعر من سهيلة كسروان، تهذب في مدرسة مار عبدا هرهريا الإكليريكية، وبرع في معرفة اللغتين العربية والسريانية، علم هناك مدة عشر سنين بعد كهنوته سنة 1855، ثم انضوى إلى جمعية المرسلين اللبنانيين، ثم رقاه البطريرك يوحنا الحاج إلى رئاسة أسقفية حلب، فأخذ اسم جرمانوس ذكراً بنابغة حلب السيد جرمانوس فرحات.وقد اشتهر في الآداب العربية حيث ترك مجلدين ضخمين ضمنهما مجموع خطبه وعظاته، وترك ديوانه المسمى (نظم اللآلئ).