
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أعـد ذكـر ماضي النيل للجيل مُنشِدا
فَمــا أَعـذب المَجـد الأَثيـل مـرددا
وَكَــم مفخــر للنيــل بــاق مُخَلَـد
إِذا ذُكِــرَ الأَقــوام فَخــراً مُخَلَـدا
نــتيه بِماضــينا القـديم تَفـاخُرا
وَأَحـرى بِـأَن يَـروى الحَـديث فَيحمدا
وَلَــم أَرَ يَــوم التـل عـارا وسـبة
وَلــــم أَرَه إِلّا أَعَــــز ممجــــدا
أَنَخجَـل إِن قُمنـا نَـذود عَـن الحِمـى
وَيَسـحَب أَذيـال الفَخـار مَـن اِعتَـدى
تَــدفق مِــن عَــبر المُحيـط مُهـددا
فَمــا حَفلــت آباؤنــا مَـن تَهـددا
وَقــالوا شـباة السـَيف دُون عَـدونا
وَإِن يَـك عَـرض الـبر وَالبَحـر أَيَـدا
إِبــاء تَليـد المَجـد قـر لَـهُ رضـى
وَقــر لَــهُ عَظـم الفَراعيـن ملحـدا
وَمـا شـَهِدوا مِـن قَبلِهـا بَعدَ عَهدِهم
بَنــي مَصـر جَمعـاً يَنهَـدون مُتَرَصـَدا
تَرامَـت عَلـى الثَغـر الأَميـن رُجـومه
تَناصــب عــزلا فـي المَدينـة قَعـدا
أَثـارَ عَلَيهُـم مـائج البَحـر مرغيـا
وَصــَبَ عَلَيهُـم مـارج النـار مرعـدا
تَهــاوى لَـهُ الأَنقـاض أيـان يَرتَمـي
وَتَنتَــثر الأَشــلاء فــي حَيـث سـددا
تَمـازج لَـون النـار وَالـدَم عِنـدَها
وَفـارَ لَهيـب النـار بِالـدَم مزبـدا
وَلــم يَألهــا حَتّــى كَسـاها غَلائِلا
مِـن النـار حَمرا في السَموات مصعدا
وَلـم يَثنـه فـي الشـَرق وَالغَرب ضَجة
لِأَمــر أَقــامَ الأَرض هَــولا وَأَقعَــدا
مَــتى نالَهــا فَلتَنـدُب الأَرض حَسـرة
عَلـى العَـدل وَلتبـك السـَماء تلددا
رَأَت أُمـم فـي الشـَرق وَالغَـرب أُمـة
يجـــار عَلَيهـــا جَهــرة وَتَعمَــدا
تَعــاقب أَن قــامَت تَحطــم قَيــدَها
وَتَبعَــث تاريخــاً قَــديماً وَسـُؤددا
وَتــــوأد حرياتهــــا وَحُقوقَهـــا
لِيَحكُــم الاســتعمار فيهـا مُعَربِـدا
وَلمــا أَحـال الثَغـر جُحـرا مخربـا
تَقَــدم يَبغــي مُســتزادا وَمُهتَــدى
فَأَبصــر مِــن دُون السـَبيل بَواسـِلا
جثيــا عَلــى هـام المَسـالك رقـدا
تَصــَدى إِلَيهُــم كــرة بَعــدَ كــرة
فَأَصـــلوهُ نيرانــاً فَــآب مُبَــددا
فَيـا مَن رَأى أَبناء مَصر إِذا اِنبَروا
إِلــى غُـول الاسـتعمار صـَفا مجـردا
عَلــى حيــن مــاجَت خَيلَـهُ وَسـَفينه
وَلم يُبصِروا في الشَرق وَالغَرب مسعدا
يســاقونه كَــأس الحمــام وَأَهلــه
بِمَصــر كِــرام فــي مـراح وَمُغتَـدى
فَلَمـا رَأى وَعـر الطَريـق وَلـم يَجـد
كَمــا ظَـنَ نَهجـاً حَيـث سـار مَعبـدا
تَســَلل مِــن شــَرق البِلاد محــاذرا
هَزيمتــه فــي الغَــرب أَن تَتَجـددا
وَمـال إِلـى الأَعـراب وَالختـل طَبعهم
يُريـد لَـدى القَـوم اللُصـوص مُؤيـدا
جَــرى تــبره فيهُـم وَسـالَت سـَفينه
تَمَـــزق عَهـــدا لِلقَنــاة مُؤكــدا
وَســاقَ عَلـى الأَحـرار بِالتَـل سـفلة
أَتــى بِهُــم مِــن كُـلِ فَـجٍ وَأَعبَـدا
خَميــس يَســير العـار فـي خُطـواته
وَتَتبعـه الأَوبـاء فـي حَيثمـا اِهتَدى
كَفتـــه خِيانـــات اللئام عَـــدوه
وَمـا بَـثَ مِـن جُنـد الفَسـاد وَأَرصَدا
وَلَــولا جُنــود الاثــم تَـدفَع دُونَـهُ
لَمــا مَــدَ رَجُلاً لِلقِتــال وَلا يَــدا
كَــذَلِكَ كــانَت فـي السِياسـة حـاله
وَفي الحَرب لَم يَبلُغ بِهِ النيل مَقصَدا
وَمــا نــالَ إِلا بِالجَريمــة مَغنَمـا
وَلا ســـَل إِلا فـــي الظَلام مهنـــدا
وأَقبَـــل يَزهــو بِانتِصــار وانــه
لَخـزي لَـهُ يَبقـى عَلـى الدَهر سرمدا
خَصــيمك أَسـنى فـي الهَزيمـة صـَفحة
وَأَكــرَم فـي ظُلـم الحَـوادث محتـدا
وَزادَ عَـروس الشـَرق فـي تـاج مُلكِـهِ
يَــتيهِ بِهــا فَخــراً وَيخطـر سـَيِدا
رُوَيــدك لا تَحمــد مَقامَــك بَيننــا
وَلا تَحســـبنه مــا أَقمــت ممهــدا
كَمـا جئت فـي داج مِـن النَحـس قائم
ســَتَرجع فــي داج يَغشــيك أَســوَدا
وَأَنحــى عَلـى الأَحـرار يَسـكب مَقتـه
وَقَـد كـادَ يَسـقيهم بِجهلتـه الـرَدى
وَمَـن أَحـرَق العَـذراء يَومـاً تَشـفيا
فَلَيـــسَ بِمُســتثنِ مَســنا وَأَمــردا
فَــأَرهق بَعضــاً فـي السـُجون مكبلا
وَفَــرق بَعضــاً فــي البِلاد مشــردا
ســـَلام وَرَيحـــان أَبوتنـــا عَلــى
ثَراكُـــم ســَلاماً لا يَــزال مُجَــددا
سـَلام عَلـى مَـن قَـد تَصـَلوا بِنارهـا
وَخاضــوا لَظاهــا فــائِرا مُتَوَقِـدا
سـَلامٌ عَلـى مَـن مـاتَ في حَومة الوَغى
وَمَـن مـاتَ فـي قـاص مِن الأَرض مبعدا
ســَلام عَلــى قيــل تَــولى زِمامهـا
أَعــف الـوَرى قَصـدا وَأَنقـاهُم يَـدا
أَصـابَ بِهـا نجمـاً فَلَمـا كَبـا بِهـا
وَأَدركــهُ مِنهــا العثــار تَجَلَــدا
وَزَيــد عَــن الأَوطــان عشـرين حجـة
يَــبيت عَلــى شــَوق إِلَيهـا مسـهدا
جَريرتـــه أَن رامَ مَصـــر عَزيـــزة
وَشــاءَ لَهــا أَن تَســتَقل وَتَســعَدا
وَرامَ لَهـا مِـن طَغمـة التُـرك معتقا
وَبَعـدا لِعَهـد التُـرك أَشـأم أَنكَـدا
لِتَحيـا كَمـا تَحيـا الشـُعوب طَليقـة
بِعَصـر يعـاف العَبـد فيـهِ التَقَيُـدا
ســَتذكره مصـر الفتيـة مـا اِبتَغَـت
لَدى الحَق عَهداً أَو لَدى المَجد مَوعِدا
عَسـى ذكرنـا رَغـم الهَزيمـة أَحمَـدا
ســَيَبعث فينــا لِلغَنيمــة أَحمَــدا
فخري أبو السعود.مدرس مصري، له اشتغال بالأدب والترجمة، وله نظم كثير، فيه رقة، نشر بعضه في الصحف والمجلات، تعلم بالقاهرة واستكمل دراسته في انجلترا، وعمل في التدريس بالقاهرة ثم بالإسكندرية. وتزوج بإنجليزية، فكان له منها ولد. وابتعدت عنه مضطرة خلال الحرب العالمية الثانية، فانقطعت أخبارها. وغرق ولده في إحدى السفن، فانهارت أعصابه، فأطلق على رأسه رصاصة ذهبت بحياته في الإسكندرية، وهو في نحو الخامسة والثلاثين من عمره.له (مقارنة بين الأدبين العربي والإنكليزي- ط) نشر متسلسلا في مجلة الرسالة، و(الثورة العرابية- ط) تاريخها ورجالها، و(التربية والتعليم) لم يطبعه. وترجم عن الإنجليزية (تس، سليلة دربرفيل- ط) لتوماس هاردي.