
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لَقَـد كـانَ يَومـاً شَديد الأَياد
رَشـيق القَـوام نَضـير الصـبا
يَقضـي مَـع الصَحب ساع السُرور
وَيَنهـب وَالغيـد صـَفو الهَـوى
وَتَحلــو أَحــاديثه لِلرِفــاق
إِذا جَمَعتُهـــم كُئوس الطَلــى
فَنبهـــه ذات يَـــوم نِــداء
إِلى الحَرب يَدعو فَلَبى النِداء
لِيَحمـي أَوطـانه فـي الحمـاة
وَيَـــدرأ كَيــد عَــدو طَغــى
وَيَقتَحــم المَـوت مِـن أَجلِهـا
وَيَلقـى الحَديـد وَيُصلى اللَظى
وَيَأخــذ بَيـنَ الصـُفوف مَكـان
الأَلـى طحنتهـم تُـروس الرحـى
فَقاســى أَذاهــا وَأَهوالهــا
وَدافـع مـا شـاءَ أَو لَـم يَشا
وَصـادف فـي كُـل يَـوم حَمامـا
وَذاقَ مِــن الخَـوف أَلفـى رَدى
فَـإِذا كـادَت الحَرب أَن تَنجَلي
وَيَطــرح الجُنــد ذاكَ العَنـا
وَآن لَــهُ أَن يَعــود قَريــرا
لِأَوطــانه بَعــدَ طُـول النَـوى
أَتيــح لَــهُ قــاذف فَرَمــاه
بِمــارج نــار إِلَيــهِ هَــوى
فَطــاحَ بِســاق لَــهُ بَعــدَما
تَـراءى قَريبـاً بَعيـد المُنـى
وَأَي فُـــؤاد وَهِـــيَ فَأَثــار
بِــهِ الحسـرات طِـوال المَـدى
وَلَـم يَـدر ثمـت مَـن ذا رَماه
وَلَــم يَـدرِ واتـره مَـن رَمـى
وَمـا اِجتَمَعـا قَبلَها في مَكان
وَلا التَقَيـا بَعـدَ ذاكَ اللُقـا
وَلَكنهــا محــن ثُــم تَهــوى
عَلــى خائِضـيها هَـوى القَضـا
وَآب بِســـاق إِلـــى قَـــومِهِ
وَقَـد غَيبـت أُختَهـا في الثَرى
فَقلــده الحــاكِمون وِســاما
وَأَثنـوا عَلَيـهِ جَزيـل الثَنـا
وَقـالوا اِفتَـدى وَطَنـاً غالياً
بِعُضــو ثَميــن فَنعـم الفِـدا
وَأَجـروا عَلَيـهِ الكَفـاف جَزاء
عَلـى مـا سـَعى وَعَلـى ما جَنى
وَعـــادَ إِلــى دارِهِ مُفــرَدا
يَقضـي الحَيـاة إِلـى المُنتَهى
بِجـــانب مَوقـــده يَصـــطَلي
بَيـاض النَهـار وَشـَطر الـدُجى
ذوى عــوده وَاِنحَنــى رَأســه
وَجَلــل فَــوديه شــَيب بَــدا
وَحيـداً فبِالصـَحب عَنهُ اِشتِغال
بـروم الصـَفاء وَنَشـد الغِنـى
يــدخن مُستَرسـِلاً فـي الخَيـال
وَمُسـتَغرِقاً فـي قَـديم الـرُؤى
وَيَــذكُر وَسـَط دُخـان الطِبـاق
دُخـان الحُـروب وَنـار الـوَغى
وَكَيــفَ أَلَمَـت بِـهِ الغاشـِيات
فَخــاضَ دُجاهـا وَكـانَ الفَـتى
وَكَـم كَـرَ بَيـنَ صـُفوف العَـدو
فَـأَوقَع فـي القَـوم ثُمَ اِنثَنى
وَيَــروى وَقــائعه الرائِعـات
لِأَي أَصـــــــــــاب وَأَي رأى
وَيَســـردهن عَلَيـــهِ مِــراراً
وَهَيهـــات يَســأَم مِمــا رَوى
وَيَســــردهن عَلـــى نَفســـهِ
إِذا هُـوَ لَـم يَلـقَ سـَمعاً وَعى
فَـإِن راحَ يَبغى الرِياضة يَوماً
وَيَبعَـث بِالسـَير مَيـت القِـوى
فَصــاحبه كَلبـه فـي المَسـير
وَعكازاتـــاه بِحَيـــث مَضــى
فخري أبو السعود.مدرس مصري، له اشتغال بالأدب والترجمة، وله نظم كثير، فيه رقة، نشر بعضه في الصحف والمجلات، تعلم بالقاهرة واستكمل دراسته في انجلترا، وعمل في التدريس بالقاهرة ثم بالإسكندرية. وتزوج بإنجليزية، فكان له منها ولد. وابتعدت عنه مضطرة خلال الحرب العالمية الثانية، فانقطعت أخبارها. وغرق ولده في إحدى السفن، فانهارت أعصابه، فأطلق على رأسه رصاصة ذهبت بحياته في الإسكندرية، وهو في نحو الخامسة والثلاثين من عمره.له (مقارنة بين الأدبين العربي والإنكليزي- ط) نشر متسلسلا في مجلة الرسالة، و(الثورة العرابية- ط) تاريخها ورجالها، و(التربية والتعليم) لم يطبعه. وترجم عن الإنجليزية (تس، سليلة دربرفيل- ط) لتوماس هاردي.