
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا عاذراً لامرئٍ قد هام في الحضر
وعــاذلاً لمحــبّ البــدو والقفـر
لا تــذممنّ بيوتــاً خــفّ محملهـا
وتمــدحنّ بيــوت الطيـن والحجـر
لو كنت تعلم ما في البدو تعذرني
لكـن جهلـت وكم في الجهل من ضرر
أو كنتَ أصبحت في الصحراء مرتقياً
بسـاط رمـلٍ بـه الحصـباء كالدرر
أو جلـتَ فـي روضةٍ قد راق منظرها
بكــل لــونٍ جميــل شــيّق عطــر
تستنشــقنّ نســيماً طـاب منتشـقاً
يزيـد في الروح لم يمرر على قذَر
أو كنـت فـي صـبح ليل هاج هاتنه
علـوت فـي مرقـبٍ أو جلـت بالنظر
رأيـت فـي كـلّ وجـهٍ مـن بسائطها
سـرباً من الوحش يرعى أطيب الشجر
فيـا لهـا وقفـة لـم تبق من حزن
فـي قلـب مضـنى ولا كـدّا لذي ضجر
نبــاكرُ الصـيد أحيانـا فنبغتـه
فالصـيد منّـا مدى الأوقات في ذعر
فكـم ظلمنـا ظليمـا فـي نعـامته
وإن يكـن طـائراً في الجو كالصقر
يـوم الرحيـل إذا شـدّت هوادجنـا
شــقائق عمّهــا مـزنٌ مـن المطـر
فيها العذارى وفيها قد جعلن كوىً
مرقعــاتٍ بأحــداقٍ مــن الحــور
تمشـي الحـداة لها من خلفها زجلٌ
أشـهى من الناي والسنطير والوتر
ونحـن فـوقَ جيـاد الخيـل نركضها
شــليلها زينـة الأكفـال والخصـر
نطـارد الـوحش والغـزلان نلحقهـا
علـى البعـاد وما تنجو من الضمر
نـروح للحـيّ ليلا بعـدما نزلـوا
منـازلاً مـا بهـا لطـخٌ مـن الوضر
ترابهـا المسك بل أنقى وجاد بها
صــوب الغمـائم بالآصـال والبكـر
نلقـى الخيـام وقد صفّت بها فغدت
مثـل السـماء زهـت بالأنجم الزهر
قـال الألـى قـد مضـوا قولا يصدّقه
نقـلٌ وعقـلٌ ومـا للحـق مـن غيـر
الحسـن يظهـر فـي بيـتين رونقـه
بيـتٌ مـن الشعرِ أو بيتٌ من الشعَر
أنعامنـا إن أتـت عند العشيّ تخل
أصــواتها كـدويّ الرعـد بالسـحر
سـفائن الـبرّ بـل أنجـى لراكبها
سـفائن البحـر كم فيها من الخطر
لنـا المهـارى وما للريم سرعتها
بهـا وبالخيـل نلنـا كـل مفتخـر
فخيلنــا دائمــا للحـرب مسـرجةٌ
مـن اسـتغاث بنـا بشـّره بـالظفر
نحـن الملـوك فلا تعـدل بنا أحداً
وأيّ عيـشٍ لمـن قـد بـات فـي خفر
لا نحمـل الضـيم ممـن جـار نتركه
وأرضـه وجيمـع العـزّ فـي السـفر
وإن أسـاء علينـا الجـار عشـرته
نـــبين عنــه بلا ضــرٍّ ولا ضــرَر
نـبيت نـار القرى تبدو لطارقتنا
فيهـا المـداواة من جوع ومن خصر
عــدوّنا مــا لــه ملجـا ولا وزرٌ
وعنـدنا عاديـات السـبق والظفـر
شــرابها مـن حليـبٍ مـا يخـالطه
مـاء وليـس حليـب النـوق كالبقر
أمــوال أعـدائنا فـي كـلّ آونـة
نقضـي بقسـمتها بالعـدل والقـدر
مـا فـي البـداوة من عيب تذمّ به
إلّا المــروءة والإحســان بالبـدرِ
وصـحّة الجسـم فيهـا غيـر خافيـةٍ
والعيـب والداء مقصورٌ على الحضَر
من لم يمت عندنا بالطعن عاش مدى
فنحـن أطـول خلـق اللَه في العمر
عبد القادر بن محيي الدين بن مصطفى الحسني الجزائري.أمير، مجاهد، من العلماء الشعراء البسلاء. ولد في القيطنة (من قرى إيالة وهران بالجزائر) وتعلم في وهران. وحج مع أبيه سنة 1241هـ، فزار المدينة ودمشق وبغداد. ولما دخل الفرنسيس بلاد الجزائر (سنة 1246هـ-1843م) بايعه الجزائريون وولوه القيام بأمر الجهاد، فنهض بهم، وقاتل الفرنسيس خمسة عشر عاماً، ضرب في أثنائها نقوداً سماها (المحمدية) وأنشأ معامل للأسلحة والأدوات الحربية وملابس الجند، وكان في معاركه يتقدم جيشه ببسالة عجيبة. وأخباره مع الفرنسيين في احتلالهم الجزائر، كثيرة، لا مجال هنا لاستقصائها. ولما هادنهم سلطان المغرب الأقصى عبد الرحمن بن هشام، ضعف أمر عبد القادر، فاشترط شروطاً للاستسلام رضي بها الفرنسيون، واستسلم سنة 1263هـ (1847م) فنفوه إلى طولون، ومنها إلى أنبواز حيث أقام نيفاً وأربع سنين.وزاره نابليون الثالث فسرحه، مشترطاً أن لا يعود إلى الجزائر. ورتب له مبلغاً من المال يأخذه كل عام. فزار باريس والأستانة، واستقر في دمشق سنة 1271هـ، وتوفى فيها. من آثاره العلمية (ذكرى العاقل-ط) رسالة في العلوم والأخلاق، و(ديوان شعره-ط) و(المواقف-ط) ثلاثة أجزاء في التصوف.